سلط المحلل السياسي الإسرائيلي، يونا جيرمي بوب، الضوء على مستقبل التطبيع المحتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن الفريق الإسرائيلي، الموكل إليه مهمة إنجاح الصفقة قد يعمل بشكل أفضل في عام 2024 مما كان عليه في عام 2020، عندما جرى توقيع اتفاقيات إبراهيم لتطبيع علاقات الدولة العبرية مع الإمارات والبحرين.

وذكر بوب، في تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" وترجمه "الخليج الجديد"، أن تقديره بشأن مستقبل التطبيع بين السعودية وإسرائيل هذا العام يتعلق بإسناد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمهمة إلى مسؤولين مختلفين عن صفقة اتفاقيات إبراهيم الأولى، وعلى رأسهم وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، المقرب من نتنياهو منذ فترة طويلة.

وأوضح أن ديرمر يدير المسار الأمريكي للمفاوضات، وهناك عدد قليل من الإسرائيليين الذين يمكنهم مضاهاة معرفته بتعقيدات السياسة الأمريكية ولديهم القدرة على حشد الدعم في واشنطن مع الاحتفاظ بثقة نتنياهو أيضًا.

ومن جانب آخر، يلعب مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، ديفيد برنياع، دورًا رئيسيًا في الحفاظ على رؤية صفقة التطبيع، سواء في الرياض أو في واشنطن، إذ اضطلع في مرات عديدة بتوجيه المسؤولين الأجانب إلى التركيز على السبب الأكبر لإبرام الصفقة، وهو: المصالح المشتركة بين إسرائيل والسعودية، خاصة بعد التحركات والتصريحات الاستفزازية من بعض أعضاء الائتلاف الحكومي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

اقرأ أيضاً

سوليفان يلمح إلى إمكانية إتمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل

وينسق رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أيضًا مع نتنياهو بشأن صفقة التطبيع، وهو على اطلاع بتطورات الملف، وإن لم يمثل نفس القدر من أهمية الدور القيادي الذي يلعبه ديرمر وبرنياع.

وإضافة لذلك، تلعب وزارة الخارجية الإسرائيلية دورًا رئيسيًا في بعض القضايا، بحسب بوب، إذ أن بعض الخلافات بين مسؤولي الموساد ومستشاري نتنياهو تتعلق بفكرة "العلنية"، إذ أن طرح العلاقات مع إسرائيل في الفضاء العام يفترض عادة أن يكون بمثابة لعنة للموساد، الذي اعتاد العمل في الظل، ولطالما أجرى اجتماعات سرية مع القادة العرب الذين لا يقيمون علاقات رسمية مع إسرائيل قبل سنوات من خروج العلاقات إلى العلن.

تصديق الشيوخ

ويأمل هؤلاء المسؤولون الإسرائيليون معًا أن يصدق مجلس الشيوخ الأمريكي على مطالب السعوديين للتوصل إلى اتفاق التطبيع قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، ويأملون أن تكون المصالح المشتركة كافية للتوصل إلى اتفاق.

ويشير بوب، في هذا الصدد، إلى أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، ساعد في ترسيخ اتفاقيات إبراهيم لعام 2020 وسيكون متحمسًا بلا شك لإلحاق السعودية بها إذا عاد إلى البيت الأبيض، "لكنه قد يكون أقل قدرة من الرئيس الحالي، جو بايدن، على حشد أصوات الثلثين من الحزبين في مجلس الشيوخ".

ففي عهد بايدن، من المرجح أن يدعم الديمقراطيون مثل هذه الصفقة لدعم محاولته لإعادة انتخابه، كما سيدعمها الجمهوريين لأسباب أيديولوجية، وهو ما لا يمكن ضمانه في عهد ترامب حال عودته إلى البيت الأبيض.

اقرأ أيضاً

خط إمداد بري يمر بالإمارات والسعودية لإنقاذ إسرائيل من حصار الحوثيين

ويلفت بوب إلى احتمال أن لا يصوت أي نائب ديمقراطي لصالح صفقة طرحتها إدارة ترامب لأسباب تتعلق بتصاعد العداء تجاه ترامب حينئذ، ووجود أفق محدود لمكاسب سياسية للديمقراطيين، إضافة إلى المشاعر العامة حول تعزيز العلاقات مع السعودية ومنح إسرائيل فوزًا دون تحقيق سلام نهائي مع الفلسطينيين.

وأيا ما كان سيناريو الاعتماد الأمريكي لصفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية فإن "اتفاقيات إبراهيم المنطقة إلى الأبد، بغض النظر عن كيفية تحقيقها"، حسبما يرى بوب، مشيرا إلى أن الخلافات بين المسؤولين عن إبرامها في إسرائيل باتت أقل مما كان عليه الحال في عام 2020 وقت إبرام الاتفاق الإبراهيمي.

فقد أكدت مصادر عديدة، وقت إبرام صفقة التطبيع الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين، وجود توتر خطير بين رئيس الموساد آنذاك، يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي، مائير بن شبات، ورونين ليفي، كبير مخططي التطبيع في عهد بن شبات.

وتبادل الطرفان السجال بشكل علني ومتكرر من أجل السيطرة على مساري التطبيع مع المغرب والسودان، وكان على نتنياهو أن يتدخل لحل الخلافات بينهما، بحسب بوب، مشيرا إلى أن بعض التوترات كانت ناجمة عن ترك كوهين خارج الصورة في جولات التفاوض النهائية، والتي تعامل معها ديرمر (سفير إسرائيل بالولايات المتحدة آنذاك) حتى سبتمبر/أيلول 2020، رغم أن كوهين وأسلافه هم من وضعوا الأساس لصفقات التطبيع بالمنطقة.

مذكرات نتنياهو

وفي مذكراته التي نشرها عام 2022، أشار نتنياهو إلى استبعاد كوهين ورفاقه بالموساد من مرحلة الاتفاق النهائي مع الإمارات، رغم اعترافه بدور كوهين وجهاز الاستخبارات الخارجية في العديد من جوانب اتفاق إبراهيم.

ووفقاً لنتنياهو، فإن 3 مسؤولين إسرائيليين فقط كانوا على علم بالمفاوضات النهائية في واشنطن في ذلك الصيف، والتي أدت إلى التوقيع على اتفاق إبراهيم، هم: ديرمر، وبن شبات، ووزير العدل الحالي، ياريف ليفين.

ولم يذكر نتنياهو أبدا سبب إبقاء الموساد خارج الصورة في الجولة الأخيرة من المفاوضات مع الإمارات، لكن "جيروزاليم بوست" نقلت عن مصادرها ترجيحا بأنه "قد يكون من الصعب على بعض المسؤولين الأمنيين الحفاظ على الأسرار المتعلقة بالدبلوماسية، بينما قد يكون المسؤولين المقربين من نتنياهو أقل عرضة لتسريب تلك الأسرار".

لذا يرجح بوب مشاركة أكبر لبرنياع في حال إبرام اتفاق للتطبيع مع السعوديين، مشيرا إلى أنه شخصية مختلفة عن كوهين، الذي ترجح المصادر توليه منصبا عاما، بل ويتحدث البعض عنه علنًا باعتباره الرئيس المستقبلي لحزب الليكود.

ويُنسب لكوهين الفضل في العمليات الاستخباراتية الناجحة ضد إيران وتقديم مساهمات كبيرة في اتفاقيات إبراهيم حتى صيف عام 2020، وفي المقابل يعرف برنياع كيفية قيادة أدواته لكنه لا يسعى إلى تسليط الضوء على نفسه بالقدر الذي يسعى إليه كوهين، الأمر الذي قد يبقيه على اطلاع بتفاصيل الصفقة مع السعوديين حتى مرحلتها النهائية، حسبما يرى بوب.

اقرأ أيضاً

السعودية مستعدة لقبول "التزام سياسي" من إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع

المصدر | يونا جيرمي بوب/جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إسرائيل التطبيع غزة الإمارات البحرين نتنياهو الموساد اتفاقیات إبراهیم صفقة التطبیع مشیرا إلى أن مع الإمارات عام 2020

إقرأ أيضاً:

مناقشات مكثفة في إسرائيل قبل ساعات من توجّه نتنياهو إلى واشنطن

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مناقشات مكثفة ستجرى في إسرائيل قبيل توجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب- إلى واشنطن صباح غد الأحد، وذلك بعدما تلقت تل أبيب رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مقترح وقف إطلاق النار.

ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) مساء اليوم السبت لدراسة الملاحظات على المقترح، بعدما أعلنت حماس مساء الجمعة أنها سلمت الوسطاء ردها وأنه "اتسم بالإيجابية".

ونقلت صحيفة هآرتس عن مصدر إسرائيلي أنه "من المقرر أن يجتمع الكابينت الساعة 22:00 (19:00 بتوقيت غرينتش) لمناقشة المقترح ومستقبل القتال في غزة".

ولم تتحدث مصادر رسمية عن تفاصيل المقترح، لكن وسائل إعلام إسرائيلية قالت إنه يتضمن الإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء في غزة (10 أسرى)، إضافة إلى جثامين 18 أسيرا على 5 مراحل خلال وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما.

3 نقاط رئيسية

وقالت هيئة البث الإسرائيلية -نقلا عن مصادر لم تسمها- إن حماس تتمسك بـ3 مطالب أساسية لتعديل بنود الاتفاق.

وأوضحت أن المطلب الأول يتعلق بالعودة إلى نموذج توزيع المساعدات الإنسانية السابق، والثاني يتعلق بما سيحدث بعد انقضاء فترة الـ60 يوما من وقف إطلاق النار، إذ ترى إسرائيل أن انتهاء المدة من دون اتفاق يسمح لها باستئناف الحرب، في حين تتمسك حماس بتمديد وقف إطلاق النار ما دامت المفاوضات مستمرة.

أما المطلب الثالث، فإنه يركز على خريطة انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، إذ تطالب حماس بانسحاب واضح وملموس من المناطق التي ينتشر فيها الجيش داخل القطاع.

ووفقا للإعلام الإسرائيلي، فإن المقترح يتضمن الإفراج عن 8 أسرى إسرائيليين أحياء في اليوم الأول لسريان الاتفاق، وأسيرين في اليوم الـ50.

إعلان

في المقابل، تفرج إسرائيل عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين الذين تحتجزهم، وتسحب قواتها تدريجيا من مناطق متفق عليها داخل غزة.

وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها آلاف الفلسطينيين الذين يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة عديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

مظاهرات عائلات الأسرى

ودعت عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة إلى التظاهر للمطالبة بإبرام اتفاق شامل يعيد الأسرى دفعة واحدة من غزة.

وقال ممثلو هذه العائلات -في بيان خلال وقفة احتجاجية في تل أبيب مساء اليوم- إن "سياسة حكومة نتنياهو تسببت في مقتل عدد من المخطوفين، وتجب إعادة الأحياء فورا".

وأضافوا: "ندعو للخروج إلى الشوارع للضغط على حكومة نتنياهو لإبرام صفقة شاملة وإنهاء الحرب"، كما ناشدوا الرئيس الأميركي دونالد ترامب ألا يسمح "لقوى الشر في إسرائيل باستمرار الحرب".

وقالت عائلات الأسرى إنها تنظم الليلة مظاهرة وصفتها بالحاشدة في "ساحة المخطوفين" في تل أبيب.

إلى واشنطن

ومن المقرر أن يتوجه نتنياهو صباح غد الأحد إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي في البيت الأبيض يوم الاثنين، وفقا للإعلام الإسرائيلي.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين -لم تسمهم- أن ترامب قد يعلن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة خلال لقائه مع نتنياهو.

وقال ترامب في تصريحات للصحفيين: "قد نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع، لكني لم أطلع على الوضع الحالي للمفاوضات".

ورأى أنه "من الجيد" أن حماس أعلنت تسليم ردها بروح إيجابية على مقترح وقف إطلاق النار.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال حرب إبادة على سكان قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 57 ألف شخص وإصابة أكثر من 135 ألفا، وتشريد كل سكان القطاع تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، وفقا لما وثقته تقارير فلسطينية ودولية.

مقالات مشابهة

  • كيف سعت إيران لتجنيد جواسيس داخل إسرائيل؟ تقرير لـ”الغارديان” يكشف: “طلبت اغتيال نتنياهو”
  • مفتي سلطنة عمان يهاجم الدول الراغبة في التطبيع مع إسرائيل
  • هذا ما قاله نتنياهو بشأن الصفقة في غزة قبل لقائه ترامب
  • دراسة: إسرائيل تخسر في ميدان العولمة وتربح في التطبيع
  • نتنياهو يوافق على إرسال وفد مفاوض إلى الدوحة| هل اقتربت نهاية الحرب على غزة .. تفاصيل
  • إسرائيل تقرر إرسال وفد التفاوض لقطر الأحد
  • مناقشات مكثفة في إسرائيل قبل ساعات من توجّه نتنياهو إلى واشنطن
  • "بنك قطر الوطني": تطبيع السياسة النقدية في اليابان ليس مصدرا للمخاطر المالية العالمية
  • إسرائيل تدرس رد حماس مساء قبل توجه نتنياهو إلى واشنطن
  • هند الضاوي: اليهود قرروا مقاطعة الظهور معي بعد مناظرتي مع إيدي كوهين