عاجل : الدويري: إسرائيل وضعت 3 خيارات لإجلاء الفلسطينيين من رفح
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
سرايا - رغم تحذير جهات دولية وعربية من خطورة الهجوم على محافظة رفح جنوب قطاع غزة، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه الاستعداد لتنفيذ خطتهم العسكرية في آخر ملاذ للنازحين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة -اليوم السبت- من كارثة ومجزرة عالمية إذا اجتاحت إسرائيل المحافظة التي تضم أكثر من مليون و400 ألف مواطن فلسطيني، بينهم مليون و300 ألف نازح من محافظات أخرى.
وبحسب الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، فقد طلب نتنياهو من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي عمليتين منفصلتين، لأن الوضع في رفح يختلف عن باقي المناطق الفلسطينية.
وتحدث رئيس الأركان عن عملية الإجلاء التي ستكون قسرية وليست طوعية، وقال الدويري إن الوجهة -بحسب الإسرائيليين- ستكون عبر 3 خيارات: أن يتم إجلاء الفلسطينيين إلى الشمال التي يطالب الاحتلال بأن يكون منطقة عازلة.
والخيار الثاني أن يتم إجلاؤهم إلى منطقة المواصي الممتدة في غرب خان يونس وأطراف رفح. أما الخيار الثالث فيتمثل في ترحيلهم إلى سيناء المصرية، "ولكن، ألا تملك مصر السيادة على أرضها؟"، تساءل الدويري.
ويرغب الإسرائيليون -وفق الدويري- في تهجير الفلسطينيين من رفح إلى سيناء، وإذا فشلوا في ذلك سيحاولون السيطرة على ممر فيلادلفيا، لكن الخبير العسكري أوضح أن الموقف الإسرائيلي لا يزال ضبابيا حول الخطوة القادمة، خاصة في ظل وجود خلافات بين نتنياهو ورئيس الأركان حول آلية التنفيذ.
كما رجح الدويري أن يكون التلويح والتهديد الإسرائيلي مجرد ورقة ضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لتقديم تنازلات.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية قالت إن العملية العسكرية في رفح ستبدأ بعد الانتهاء من إجلاء واسع النطاق للمدنيين من المدينة وضواحيها. وقبل ذلك أعلن مكتب رئيس الوزراء -أمس الجمعة- أنه طلب من الجيش وضع خطة "لإجلاء السكان وتدمير 4 كتائب تابعة لحركة حماس" قال إنها منتشرة في رفح.
وعلى صعيد التطورات الميدانية في خان يونس جنوب قطاع غزة، تحدث الدويري عن حصار قوات الاحتلال للمستشفيات وللشوارع عبر القناصة، وقال إن هناك شوارع في المنطقة أطلق عليها "شارع الموت"، مؤكدا أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في تلك المنطقة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وعن تراجع آليات الاحتلال وانسحابها من منطقة جنوب غرب غزة، قال الدويري -في تحليله العسكري اليومي على قناة الجزيرة- إن فيديوهات المقاومة التي عرضت أمس وأول أمس تؤكد أن قتالا ضاريا لا يزال بين المقاومة وقوات جيش الاحتلال.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب
أحمد الفقيه العجيلي
تبدو المفارقة في المشهد العربي اليوم لافتة: فبعض الأنظمة تبدو أكثر تشددًا تجاه حركات المقاومة مما هي عليه القوى الكبرى نفسها. ولا يرتبط الأمر بخلاف سياسي محدود؛ بل بتراكم تاريخي وتعقيدات تتداخل فيها هواجس الأمن الداخلي، وتحولات الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الأولويات بعيدًا عن القضية الفلسطينية.
حركات المقاومة- وفي مقدمتها حماس- تمثل نموذجًا حساسًا لدى عدد من الأنظمة. فهي قوى شعبية تمتلك خطابًا مؤثرًا، وحضورًا ميدانيًا متماسكًا، وقدرة على الاستمرار رغم الظروف القاسية.
هذا النموذج يُثير مخاوف متوارثة من انتقال "عدوى القوة الشعبية" إلى الداخل، كما حدث حين ألهبت ثورات الخمسينيات مشاعر الشعوب العربية، أو عندما فجّرت انتفاضة 1987 موجة تعاطف وضغط شعبي هزّت المنطقة بأكملها. لذلك تصبح هذه الحركات هدفًا مزدوجًا: تُحارَب من الاحتلال لأنه يراها خصمًا مباشرًا، وتتحفظ عليها بعض الأنظمة لأنها تمثل نمطًا لا ترغب في رؤيته يتكرر.
الأحداث الأخيرة كشفت هذه المعادلة بوضوح؛ فبعد طرح "خطة ترامب"، التي تكشف عن ثغرة قاتلة: غياب الضمانات الحقيقية لوقف الخروقات الإسرائيلية. هذه الخطة لم تُبنَ على أساس موازين قوى متكافئة أو حقوق ثابتة؛ بل اعتمدت في جوهرها على أجندة أمريكية- إسرائيلية تهدف إلى تصفية المقاومة ونزع سلاحها أولًا، دون إلزام الاحتلال بضوابط ردع فعالة لوقف الاستيطان أو الاغتيالات أو التعدي على المقدسات.
وبالتالي تجعل تركيزها كله على مطالبة المقاومة بالتنازل، دون وضع آليات عقابية لإلزام الطرف الإسرائيلي.
والأدهى، أن دور الوسطاء العرب والدوليين يظل في الغالب ضعيفًا وغير فعّال عند وقوع الخروقات الإسرائيلية الكبرى؛ فبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي لفرض عقوبة على العدو، تقتصر ردود فعلهم غالبًا على بيانات حذرة أو متابعة للمشهد، ما يضعهم في موقع "المراقب" بدلًا من "الضامن الفعّال". هذا الضعف في آليات الضمان يرسخ الانطباع بأن أي تسوية تُطرح، هي بالأساس إطار قابل للتلاعب من قبل الاحتلال، يتيح له استخدام الوقت لصالحه للمزيد من القضم والتمدد.
التاريخ القريب يدل على أن أي تسوية لا تنطلق من الإرادة الفلسطينية تتحول إلى إطار قابل للتلاعب. حدث ذلك في كامب ديفيد، وفي أوسلو، ويتكرر اليوم مع خطة ترامب. فالاحتلال يملك القدرة على إعادة تفسير البنود واستخدام الوقت لصالحه، بينما تكتفي الأطراف العربية المعنية بمتابعة المشهد أكثر مما تُسهم في تشكيله.
ويبقى السؤال: هل يمكن لمثل هذه الخطط أن تنجح؟ التجربة تشير إلى أن نجاحها يتطلب قبولًا فلسطينيًا واسعًا، وهو ما لم يتحقق، خصوصًا أن الخطة بُنيت على منطق أحادي يجعل "الحل" أقرب إلى إعادة ترتيب الاحتلال بلغة سياسية ناعمة. وهكذا تبقى المقاومة- رغم اختلاف تقييم أدائها- الطرف الوحيد الذي يتحرك على قاعدة الفعل لا البيانات.
بحسب ما أتابعه من قراءات وتحليلات، فإن فرص نجاح أي خطة لا تُلزم الاحتلال بقواعد واضحة وتضمن الحد الأدنى من الحقوق، ستظل ضعيفة. فالخطة التي تستند على الضغط على المقاومة دون ردع الاحتلال، تشبه محاولة بناء بيتٍ على أرض رخوة؛ أول هبّة ريح تكشف هشاشته.
ولعل العدو يدرك- قبل غيره- أن كسر حماس ليس سهلًا؛ فالمقاومة التي صمدت تحت الحصار، وتحت النار، وتحت كل حملات التشويه، ليست مجرد تنظيم؛ إنها حالة وعي تشكّلت عبر عقود من الجراح والأمل. وهذا ما يجعل بعض الأنظمة أكثر حذرًا… وربما أكثر عداءً.
في الجوهر، الموقف المتشدد تجاه المقاومة لا يرتبط بقيم سياسية بقدر ما يرتبط برغبة عدد من الأنظمة في طيّ صفحة الصراع، أو على الأقل تحييده عن حساباتها الجديدة. لكن وجود مقاومة فاعلة يعيد تذكير الجميع بأن الملف لم يُغلق، وأن أي ترتيب لا يأخذ حقوق الفلسطينيين بجدية لن يعيش طويلًا.
لهذا تبدو المفارقة مفهومة: تُنتقد المقاومة لأنها ترفض التكيف مع المعادلات الجديدة، ولأن استمرارها يربك خطاب “الاستقرار بأي ثمن”. أما الاحتلال، فاعتاد أن يجد من يخفف عنه عبء الانتقاد، حتى وهو يمضي في خروقاته يومًا بعد يوم.
ولذلك، كلما اشتد الهجوم على حماس… ازددتُ يقينًا أن ما يؤلم خصومها ليس فعلها، بل ثباتها.
وما يزعجهم ليس قوتها، بل قدرتها على النجاة. وما يخيفهم ليس خطابها؛ بل الأمل الذي تبقيه حيًا في قلوب الناس.
هذه الصورة ليست تحليلًا سياسيًا بقدر ما هي قراءة واقعية لمشهد يتكرر عبر العقود: حين يتراجع الصوت الرسمي، تظل القوى الشعبية- مهما اختلفت التقديرات حولها- هي الكف التي تمنع سقوط القضية بالكامل.
في النهاية.. يظل الثابت أن من يحمل البندقية ومن يرفض الانحناء هو الأكثر استهدافًا. أما من يفاوض بلا أوراق قوة، أو يساير الرياح حيثما هبّت، فلن يكون موضع قلق لأي أحد.