لندن: موسكو استخدمت صاروخ تسيركون الفرط صوتى لأول مرة منذ بدء الحرب
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
عواصم " وكالات ": أعلن الجيش الأوكراني اليوم الأربعاء أنه "دمر" سفينة حربية روسية قبالة شواطئ شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها روسيا.
وقالت هيئة أركان الجيش عبر تلجرام دمرت القوات المسلحة الأوكرانية مع وحدات الاستخبارات العسكرية سفينة انزال كبيرة "سيزار كونيكوف".
وفي لقطات نشرتها الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تظهر كرة نار وأعمدة دخان تتصاعد مما بدا أنه سفينة.
وأضاف المصدر "هاجمت مسيّرات بحرية هجومية من طراز ماغورا في5 سفينة العدو قبالة ساحل القرم المحتلة موقتا قرب مدينة ألوبكا".
ولم تصدر وزارة الدفاع الروسية أي تعليق على هذه المسألة لكنها أكدت أنها أسقطت ست مسيّرات أوكرانية "فوق مياه البحر الأسود" قبالة سواحل شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014.
وتستهدف أوكرانيا بالمسيّرات والصواريخ القرم بشكل كثيف منذ الصيف.
وتؤكد أوكرانيا أن هجماتها عطلت ثلث سفن اسطول البحر الأسود الروسي منذ بدء الحرب فيما تسعى لحماية طرق الشحن البحري ومنع هجمات من البحر.
وفيما تسجل الجبهة على الأرض جمودا منذ سنة تقريبا، تفيد أوكرانيا أنها وضعت روسيا في موقع الدفاع في البحر الأسود الذي يعتبر ممرا حيويا للصادرات الأوكرانية.
وفي السياق ايضا، أعلن القائد الأعلى الجديد للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي اليوم الأربعاء، أنّ الوضع في ساحة المعركة "معقّد للغاية" في أول زيارة له إلى الجبهة، في حين تحتاج أوكرانيا إلى مزيد من المقاتلين والأسلحة لمواجهة التدخل الروسي.
وقد تزداد صعوبات أوكرانيا في الحرب لعدم تلقيها مساعدات عسكرية أميركية إضافية تشكل أهمية بالغة لتجديد ترسانتها، بسبب الخلاف بين الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الأميركي منذ أشهر حول هذه مسألة.
وعُيّن سيرسكي في منصبه الأسبوع الماضي، إذ دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى "تغييرات" بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا في صيف 2023.
وتوجه سيرسكي برفقة وزير الدفاع رستم أوميروف الى منطقتي أفدييفكا وكوبيانسك وهما نقطتان من الأكثر سخونة على الجبهة الشرقية، في زيارته الأولى لهما بعد تعيينه في منصب القائد الأعلى الجيش.
وقال سيرسكي "نتخذ كلّ الإجراءات الممكنة لتقليل خسائرنا وإنقاذ حياة جنودنا"، مؤكداً أن الجيش الروسي في المقابل "لا يحصي خسائره" في أفدييفكا.
وبحسب الجيش الأوكراني، ينتشر نحو 50 ألف جندي روسي في المنطقة.
الكرملين: انتقادات ترامب "ليست جديدة"
وفي الشأن الروسي، قال الكرملين اليوم الأربعاء إن شكوى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من عدم إنفاق بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) نسبة 2 % من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع "ليست بالشيء الجديد".
وأثارت تصريحات ترامب انتقادات شديدة من الرئيس الأميركي جو بايدن بعدما أشار المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية 2024 إلى أنه سيشجع روسيا على مهاجمة الحلفاء الذين لم لم يفوا بالتزاماتهم المالية.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوسائل إعلام "كانت هذه إحدى رسائل ترامب الرئيسية التي استخدمها في علاقاته مع أعضاء الحلف".
وأضاف "في الواقع، كان يتحدث باستمرار عن نسبة 2 % هذه... لذلك لا يوجد شيء جديد في نهجه تجاه هذه المسألة".
وفي تجمع انتخابي في ساوث كارولاينا السبت، أشار ترامب إلى محادثة قال إنه أجراها مع رئيس إحدى دول الناتو، دون أن يذكر اسمه.
وقال ترامب "وقف رئيس دولة كبيرة وقال: حسنا يا سيدي، إذا لم ندفع وتعرضنا لهجوم من روسيا، هل ستحموننا؟ فقلتُ: لم تدفع إذا أنت متأخر في السداد. لا، لن أحميك، بل سأشجعهم على القيام بما يريدون. عليك أن تدفع. عليك أن تسدد فواتيرك".
ودان بايدن امس تصريحات سلفه قائلا إنها "غبية" و"مخزية".
من جهة اخرى، أشار أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرج، اليوم الأربعاء، إلى زيادة "غير مسبوقة" بواقع 11 % في الإنفاق الدفاعي من دول الحلف على مدار العام الماضي، من كندا والحلفاء الأوروبيين.
ويتوقع ستولتنبرج أنه بحلول نهاية 2024 سوف ينفق حلفاء الناتو 2 % من إجمالي الناتج المحلي على شؤون الدفاع، مضيفا: "هذا رقم قياسي آخر".
وقال الأمين العام إن هذا الرقم سيكون أكبر بنحو ستة أمثال مقارنة بعام 2014 عندما حققت ثلاث دول أعضاء فحسب هدف الإنفاق.
واتفق أعضاء الناتو منذ 2006 على إنفاق 2 % من إجمالي الناتج المحلي لكل دولة على الدفاع، ولكن القليل فقط حقق هذا الهدف.
وفي عام 2014، أكد الناتو مجددا هذا الالتزام، ووقف خفض موازنات الدفاع عقب التدخل الروسي لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا.
في هذه الاثناء، أصدر فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء قانونا يهدف إلى مصادرة أموال وممتلكات أشخاص مدانين بنشر "معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي، في مثال جديد على القمع الذي يستهدف منتقدي التدخل الروسي لأوكرانيا بعد عامين من بدايته.
صنفت موسكو الانتقادات الموجهة إلى الجيش على أنها مخالفة للقانون بعد وقت قصير من بدء الحرب.
وجرى التصويت على النص الجديد الذي اعتمد نهاية يناير في مجلس الدوما، ثم مطلع في مجلس الاتحاد.
ونشرت السلطات الروسية اليوم الأربعاء المرسوم الرئاسي الذي وقعه فلاديمير بوتين.
وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن هذا القانون الجديد لا يمكن مقارنته "بتاتا" بالقوانين التي كانت سارية خلال الحقبة السوفياتية.
وأضاف لوسائل إعلام "ستتاح لنا الفرصة لتقييم تطبيق القانون. لكننا نعتبر أن المخاوف التي أعرب عنها بشكل مسبق لا أساس لها".
وقال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين لدى تقديم هذا النص للنواب إن هذا القانون "يتعلق بالفاسدين" مشيرا إلى أن "هذا القرار سيسمح بمعاقبة من يعمل ضد وطنه (...) ومصادرة ممتلكاته وأمواله".
في الواقع، لا ينص القانون بوضوح على مصادرة كل ممتلكات الشخص المدان بل تلك "المستخدمة أو المخصصة" لتمويل النشاطات "الإجرامية"، وهي مصطلحات مبهمة.
وبموجب النص، يُسمح للقضاء بسحب كل الأوسمة الفخرية من المدانين بالترويج لـ "معلومات كاذبة".
واقرت موسكو قانونا عند بدء النزاع في أوكرانيا، يعاقب على انتقاد الجيش. ويقضي بند في هذا القانون بفرض عقوبة السجن لمدة أقصاها 15 عاما على المدانين بتهمة نشر "معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي.
تعليق مشاركة روسيا في منظمة الأمن والتعاون
الى ذلك، أعلن رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) فياتشيسلاف فولودين أن البرلمان الروسي سيصوت يوم 21 فبراير على تعليق مشاركة البلاد في الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وتعد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تضم أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا بين أعضائها البالغ عددهم 57 عضوا، خليفة لمنظمة تعود إلى حقبة الحرب الباردة شارك فيها الاتحاد السوفيتي ودول غربية. ومنذ بدء الحرب بين روسيا واوكرانيا أصيبت المنظمة بالشلل إلى حد كبير بسبب استخدام موسكو المستمر لحق النقض الذي تتمتع به كل دولة.
وقال فولودين في اجتماع لمجلس النواب، وفقا لبيان نشر على الموقع الإلكتروني للمجلس، "حان وقت أن نودع الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا".
وقال فولودين إن مجلسي البرلمان الروسي، الدوما والاتحاد، سيصوتان في وقت واحد على تعليق المشاركة وعلى وقف مدفوعات موسكو للمنظمة.
وقال البيان إن مجلس الدوما قد يدرس أيضا إمكانية انسحاب روسيا من منظمات دولية أخرى، دون تسمية أي منها.
ورفضت أوكرانيا وحلفاؤها في منطقة البلطيق، وهم جيران روسيا، حضور الاجتماع السنوي لوزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أواخر العام الماضي بسبب حضور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
لندن: موسكو استخدمت صاروخ الفرط صوتى لأول مرة
وفي اطار التصريحات الاعلامية، أفاد تقييم استخباراتي صادر عن وزارة الدفاع البريطانية بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، اليوم الأربعاء، بأنه وفقا للتحليل الذي أجراه "معهد كييف للبحث العلمي لفحوص الطب الشرعي"، فقد استخدمت روسيا صاروخها من طراز "تسيركون"، الفرط صوتى، لأول مرة منذ بدأ الحرب بين روسيا واوكرانيا.
وجاء في التقييم الاستخباراتي اليومي المنشور على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أن مقطع فيديو للحطام يُزعم أنه يُظهر شظايا من المحرك وآليات التوجيه التي تحمل علامات محددة، "مميزة لصاروخ زيركون 3 إم 22"، بحسب ما ورد في التقرير.
وكان قد تم تطوير الصاروخ "تسيركون"، الذي يتردد أنه قادر على الانطلاق بسرعة 9 ماخ، إلى مدى إطلاق فعال يصل إلى 1000 كيلومتر، وكان قد تم تطوير "تسيركون" في البداية للاستخدام من جانب البحرية الروسية، بحسب ما ورد في التقييم.
ويثير غياب السفن المعروفة بحمل الصواريخ في البحر الأسود، التساؤلات بشأن طريقة الإطلاق.
ومن المحتمل أن يكون قد تم تهيئة نظام الدفاع الساحلي الروسي من طراز "كيه300-"، لهذا الغرض.
وفي حال تم تأكيد استخدامه، فإن ذلك سيشكل تحديا كبيرا بالنسبة للدفاعات الجوية الأوكرانية، بسبب سرعته وقدرته على المناورة.
ألمانيا ترحب بحزمة المساعدات الامريكية
من جهة ثانية، رحبت الحكومة الألمانية بموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على حزمة مساعدات بمليارات الدولارات لأوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت في برلين اليوم الأربعاء إن "الموارد المتضمنة في هذه الحزمة ذات أهمية كبيرة حتى تتمكن أوكرانيا من الاستمرار في الدفاع عن نفسها في مواجهة الحرب العدوانية الروسية".
في الوقت نفسه، أعرب هيبشترايت عن أمله في أن يوافق مجلس النواب (الحجرة الثانية في الكونجرس الأمريكي) أيضا على هذه الحزمة.
تجدر الإشارة إلى أن موافقة مجلس النواب على هذه الحزمة تعتبر غير محسومة إذ إن الجمهوريين يمتلكون أغلبية بسيطة داخل هذا المجلس، وهناك نواب من الجناح اليميني داخل الحزب الجمهوري يعارضون منذ فترة طويلة تقديم المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا.
وحسب تصريحات هيبشترايت، فإن من الممكن أن يروج المستشار الألماني أولاف شولتس لموافقة حزب النواب وذلك على هامش مؤتمر ميونخ للأمن حيث أوضح هيبشترايت أن شولتس سيعقد لقائين على هامش المؤتمر يوم السبت المقبل مع ما مجموعه أكثر من 100 نائب من الكونجرس الأمريكي.
وتنص الحزمة التي وافق عليها مجلس الشيوخ على تخصيص مساعدات لأوكرانيا تبلغ قيمتها قرابة 60 مليار دولار.
قصف روسي على سيليدوف في شرق أوكرانيا
وعلى الارض، قُتل ثلاثة أشخاص هم امرأة وابنها وامرأة حامل في قصف روسي أصاب ليل الثلاثاء لأربعاء مستشفى في مدينة سيليدوفه الواقعة قرب دونيتسك في شرق أوكرانيا، بحسب ما أوضحت النيابة العامة الأوكرانية.
وفي وقت سابق أفاد المجلس البلدي في سيليدوفه في منشور على تطبيق تلجرام، بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 12 آخرين في المدينة الواقعة على بعد عشرين كيلومترا تقريبا من خط الجبهة.
وأوضحت النيابة العامة أن الجيش الروسي شن أولا هجوما صاروخيا على المدينة فأصاب مبنى سكنيا دُمر جزء كامل منه. وأفادت عبر تلغرام بأن ستة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال أصيبوا في هذه الضربة.
وأضاف المصدر نفسه أن قرابة الواحدة بالتوقيت المحلي أصابت ضربة أخرى مستشفى ما أدى إلى مقتل امرأة تبلغ السادسة والثلاثين وابنها البالغ تسع سنوات وامرأة حامل في الثامنة والثلاثين.
وأشارت إلى إصابة ستة مرضى آخرين تراوح أعمارهم بين ستة أشهر و76 عاما.
وقال حاكم منطقة دونيتسك فاديم فيلاشكين في بيان إن روسيا أطلقت أربعة صواريخ على سيليدوفه.
وأشار إلى نقل نحو خمسين مريضا من المستشفى المتضرر إلى مستشفيات أخرى في بوكروفسك وميرنوغراد مشددا على أن "على الأقل تسعة" أبنية سكنية تضررت في القصف.
تقع سيليدوفه التي كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 21 ألف نسمة، في محيط مدينة دونيتسك الكبيرة التي تسيطر عليها روسيا منذ 2014 وعلى بعد حوالى ثلاثين كيلومترا غرب أفديفكا التي يسعى الروس إلى السيطرة عليها منذ أكتوبر.
بالمقابل، نقلت وكالة ريا نوفوستي للأنباء عن وزارة الدفاع في موسكو قولها إنّ الدفاعات الجوية الروسية اعترضت ليل الثلاثاء-الأربعاء طائرتين مسيّرتين أوكرانيّتين فوق منطقة بيلغورود، بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، وطائرة ثالثة فوق فورونيج وستّ مسيّرات أخرى فوق البحر الأسود.
وبحسب حاكم منطقة بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف فإنّ اعتراض المسيّرتين أسفر عن إصابة امرأة بجروح استدعت نقلها إلى المستشفى.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمن والتعاون فی أوروبا الیوم الأربعاء البحر الأسود الجیش الروسی مجلس النواب بدء الحرب مسی رات
إقرأ أيضاً:
ما رسائل ومآلات تصعيد روسيا حربها على أوكرانيا؟
بين رسائل القوة وضغوط الاستنزاف عادت روسيا إلى واجهة المواجهة عبر هجوم عسكري وُصف بأنه الأوسع والأعنف منذ بداية حربها على أوكرانيا، وهو تصعيد بدا في ظاهره ميدانيا، لكنه في العمق يعكس تموضعا سياسيا جديدا تسعى موسكو إلى فرضه في لحظة إقليمية ودولية معقدة.
فقد تعرضت العاصمة كييف ومقاطعات أوكرانية عدة لسلسلة ضربات بالصواريخ والمسيّرات خلفت قتلى وجرحى وخسائر في البنية التحتية.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها صدت هجمات أوكرانية استهدفت 13 مقاطعة داخل روسيا، مؤكدة أن منظوماتها الدفاعية أسقطت عشرات الطائرات المسيرة.
وبحسب الباحث في الشؤون الروسية محمود حمزة، فإن هذا التصعيد لا يمكن قراءته كرد فعل مؤقت فقط، بل يأتي في سياق دورة متكررة من الكر والفر، إذ تشهد الحرب مراحل من التراجع والهدوء يعقبها تصعيد واسع، ولا سيما بعدما وصلت الطائرات المسيرة الأوكرانية إلى عمق الأراضي الروسية، بما في ذلك مناطق حساسة مثل مقاطعة كورسك الحدودية.
وأوضح حمزة في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" أن إحدى هذه الضربات الأوكرانية تزامنت مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتلك المنطقة، وهو ما اعتبرته موسكو مسا مباشرا برمز سيادتها ودافعا إضافيا نحو تنفيذ هجوم واسع يحمل طابعا انتقاميا ورسالة قوة في آن معا.
إعلانلكن تلك العمليات لا تخرج -وفق المتحدث ذاته- عن السياق السياسي العام الذي يشهد فشلا في مسارات التفاوض، ويرى أن موسكو تحاول عبر التصعيد العسكري فرض شروطها كمدخل لتسوية شاملة، في ظل برود أميركي واضح تجاه جهود الوساطة، وتردد أوروبي في اعتماد مسار تفاوضي جاد.
نمط ثابتمن جانبه، أشار أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي إلى أن موسكو باتت تمارس نمطا ثابتا عبر تصعيد عسكري عند كل منعطف تفاوضي.
واعتبر عبيدي أن الضربات الأخيرة استهدفت زرع الرعب داخل كييف، باعتبارها مركز القرار السياسي والعسكري، وهو ما يؤثر في تماسك الجبهة الداخلية الأوكرانية.
وأكد أن الهدف الروسي يتعدى الضغط العسكري، ليصل إلى محاولة إعادة تشكيل معادلة القوة النفسية والمعنوية عبر إضعاف الروح المعنوية للمدنيين والسياسيين على السواء، ودفعهم إلى القبول بصيغ تفاوضية جديدة.
ورغم هذا التصعيد فإن الرواية الغربية تروج أن موسكو في حالة تراجع، ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين غربيين أن روسيا تسيطر على أقل من 0.6% من الأراضي الإضافية منذ بدء الحرب، وتواجه نقصا حادا في الجنود والعتاد، وسط خسائر قدرتها كييف بما يفوق نصف مليون قتيل روسي.
وأقر حمزة بوجود آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة تركتها الحرب على روسيا، مشيرا إلى ارتفاع الأسعار وشيوع أجواء التقشف، لكنه شدد على أن القيادة الروسية بكاريزميتها المعهودة لا تزال ترفض الاعتراف بالهزيمة، وتصر على استمرار القتال حتى تحقيق اتفاق دائم.
من ناحيته، استبعد عبيدي أن يكون هناك اختراق قريب في مسار التفاوض، مشيرا إلى أن المواقف لا تزال متباعدة، وأن الأوروبيين يعوّلون على استثارة موقف أميركي أكثر حزما، وربما على تغير محتمل في موقف الرئيس دونالد ترامب.
وفي هذا السياق، اعتبر أن الهجوم الأخير يسعى كذلك إلى إحراج إدارة ترامب عبر إثبات أن الرئيس الروسي لا يملك نية حقيقية للتفاوض، وأشار إلى أن تصريحات السيناتور الأميركي ليندسي غراهام بشأن ضرورة استغلال عائدات النفط لتسليح أوكرانيا تمثل تصاعدا في الخطاب الغربي الهادف لردع موسكو.
إعلانلكن حمزة رأى في التحركات الدبلوماسية الروسية -مثل تبادل الأسرى والتأكيد على إعداد وثيقة تفاوضية- مؤشرات على رغبة مضمرة بإنهاء الحرب، شرط توافر ضمانات كافية لموسكو بشأن أمنها وموقع أوكرانيا المستقبلي في علاقاتها مع الغرب وحلف شمال الأطلسي.
صفقة شاملةووسط غياب الثقة بين الطرفين، قال عبيدي إن الدعوات الأوروبية لوقف إطلاق نار مؤقت تمهد لمفاوضات تصطدم بإصرار بوتين على صفقة شاملة تسبق أي هدنة، وهو ما يجعل فرص التهدئة محدودة في ظل غياب وسيط موثوق لدى الطرفين.
ويبدو أن موسكو تراهن على الوقت رغم أنها لم تحقق تقدما نوعيا منذ أكثر من 3 سنوات، وفق عبيدي.
وأضاف عبيدي أن الثابت الوحيد في المشهد هو تصميم أوروبا على دعم كييف، في حين يبقى الموقف الأميركي -ولا سيما من جانب ترامب- هو المتغير الذي قد يقلب موازين الحرب أو يمددها.
أما حمزة فرأى أن الطابع "الصبور والمثابر" للشعب الروسي وقيادته يجعلهما أقل ميلا للتراجع، حتى مع تصاعد الخسائر.
واعتبر أن التغير الحقيقي لن يأتي إلا إذا نجحت أوروبا في دفع ترامب نحو موقف أكثر وضوحا، سواء بالضغط السياسي أو بتحريك الرأي العام الأميركي.
ورأى عبيدي أن التطورات الأخيرة كاستهداف منطقة كورسك أثناء وجود مروحية الرئيس بوتين تمثل تجاوزا رمزيا لخط أحمر، وقد تدفع موسكو نحو مزيد من التصعيد بدل التهدئة، محذرا من أن مثل هذه الضربات قد تفسَّر كرسائل استهداف مباشر للقيادة الروسية.
ومع اقتراب موعد حضور ترامب لقمة حلف الأطلسي في يونيو/حزيران المقبل، وتزامنه مع زيارة مرتقبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعتقد عبيدي أن الشهرين المقبلين قد يشهدان تغيرات في المعادلات السياسية والعسكرية، لكنها تظل رهينة بمدى انخراط واشنطن الجدي في ملف التسوية.
وفي ظل هذا المشهد المتداخل يبقى التصعيد الروسي الأخير علامة على أن الحرب تتجه نحو مزيد من التعقيد، في وقت تُجمع فيه معظم الأطراف على أن الحلول الجزئية لم تعد ممكنة، وأن أي تسوية محتملة لن تكون إلا وفق صيغة قاسية على أحد الطرفين، أو ربما عليهما معا.
إعلان