مقامات الغضب.. لا الترحال
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
باغتنى بسؤاله، ولماذا ننجب؟ ما الذى يريده بإنجاب طفل، أن نكرر بلاهته وجنونى، أنا إنسانة بلا حسنات، غير حسنة ألا أكرر خطايا الطبيعة، أى مأزق أوقعت نفسى فيه بقبولى الزواج منه.
– أنا مريضة.. حقًا أنا مريضة، ورغم وجود أبى على قيد الحياة فأنا كيتيمة فى ملجأ.
– من أى عبء كنت أتخلص؟ لم أكن أتخلص من أى عبء، لم تكن الأمور واضحة لى، لم أفكر فى الأمر، روحى وعقلى كانا مساحة بيضاء خالية من أى ظلال لشك أو خوف أو لهفة، مساحة ساكنة ليست لافحة حارة ولا باردة ثلجية، بيضاء وفقط ليس فيها ما يؤذى أو يجرح أو يفاجئ، دون معنى للأشياء، دون دلالات، دون حساب للخطوة والخطوات التالية.
– ما بين الألم والضعف، يسهل أن يتم غسل مخك، وتشكيلك، كما يهوى الآخرون.
يستهلك جسدى كل طاقته، فيرسل إشارات إلى مخى، وحده مخى يفهم إشارات جسدى يستجيب لها، فأبدأ فى الشعور بالنعاس وأدخل فى النوم حتى لو كنت موجودة فى أى مكان، يهزنى زوجى، يصرخ فىّ: كسفتينى. لكنى لم أعد أتأثر بصراخه، وكيف وهو الذى يصر على التعامى وعدم الشعور بى أو الانتباه إلى أن طاقتى تنفد، هل يلوم أحد السيارة إذا توقفت بعد أن نفد بنزينها؟
– لكن ألفة الأيام تتوارى، حتى إحساسى بالبيت يتلاشى، تنمحى من الذاكرة كل ألفة صنعتها البهجة، الفرحة، الصخب، الحوادث المتلاحقة.. أحداث كثيرة ومواقف وضجيج مبهج، لكنه مختلف، شىء فىّ غير متزن كأنى فى حلزونة لا أدرى هل هذه صرخات فزع أم بهجة، هناك صرخات كثيرة حولى، لكنى أعرف أننى أصرخ فعلًا، وأننى خائفة ومضطربة وفاقدة لاتزانى، حامض مر يصعد من معدتى مع كل هذه الشقلبات الجديدة، لا يبدو جسدى فى حالة اتزان، يتلقى ضربات من كل اتجاه، صفعات خفيفة تبدو مرحة لكنها تترك بصماتها على جلدى رضوض متدرجة الألوان بين:
– الأصفر والأزرق والبنفسجى الغامق.
– لم يكن صمتى كافيًا لكسر الدائرة الكهربية.. لقطع التيار.. كان وجودى ذاته هو المكمل للدائرة الجهنمية، لم يكن هناك من حل غير أن أفتح الباب وأخرج، لكنى لم أفعل.
– لم يحدث أى شىء، ولم أكن أتوقع شيئًا، ولكن بعد أن تأكدت من هذه اللا مبالاة، من هذه القسوة، تمنيت لو أنه سأل: «مالك يا ماما»، لو أنه نادى: «ماما ماما»، إنه بكى: «ماما ماما». كان كبيرًا فى الثامنة.. هل كان كثيرًا لو احتضننى ومنحنى بعضًا من حياة، بعضًا من أمل يُحيى الموتى، هل كان كثيرًا أنى تمنيت أى شىء؟ تمنيت وتمنيت ولم أجد غير دمعة واحدة طفرت من عينى اليسرى، دمعة، حارة، ثقيلة، وحيدة مثلى.. كنت بلا جدوى أو قيمة.. سوى تجهيز العشاء.
– تحاصرنى الكلاكسات أينما سرت، من سائقين يعتقدون أنهم يملكون الحارات والأرصفة، لا ألتفت لأن العالم يتسع للجميع، لكنّ السائقين الآخرين يرمقون سيارتى السوداء «التويوتا» الجديدة بغضب أعمى، تستفز رؤيتها خلاياهم المجهدة والمضغوطة، تستدعى ذكرياتهم أيام الغربة وضغوط العمل، وربما الحاجة إلى الاستيقاظ يوم الجمعة، يوم الراحة الأبدية، يلعنونى فى سرهم تلك التى تقود سيارة دون غربة أو ألم، ينفثون عن ضغطهم بالضغط على الكلاكس.
– حين تصدم أحدهم ويرتطم جسد حى بكبوت سيارتك، تدوس على البنزين بأقصى سرعة، ليست اللا مبالاة أو اللا مسئولية، فقط أنت لا تستطيع أن تتحكم فى سيارتك أو نفسك، والأدرينالين يدفعك للهروب، حتى تستوعب ما حدث، وتحاصرك سيارة ميكروباص فتضغط على الفرامل، وتقف على بعد مائتى متر من جسد حى ينزف روحه على الرصيف، وأنت لا تستطيع أن تستعيد ما حدث.. وليس لديك سوى الخوف والرغبة فى الهرب، وبعض من الندم ستريقه، ليس الآن، فيما بعد، حين تمضى الحياة دومًا كما اتفق، وتتأكد أن كل المقدمات ستؤدى للنتيجة نفسها
– تختلط الأنساب والحدود، لا تستطيع أن تتمسك بقواعدك وقوانينك طوال الوقت.
صفاء النجار – جريدة الدستور
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
زواج جيف بيزوس في البندقية يثير الغضب ولافتة تقول: "استأجرت المدينة فيجب أن تدفع"
وضع نشطاء لافتة استفزازية في مدينة البندقية قبل زفاف بيزوس كتبوا فيها: "إذا كنت تستأجر المدينة، فادفع ضرائب أكثر". ويعكس الاحتجاج غضبًا مما يعتبرونه خصخصة المواقع العامة وتجاهل الأثر البيئي والاجتماعي لأثرياء العالم. اعلان
في خطوة احتجاجية رمزية، نصّب نشطاء من منظمة منظمة السلام الأخضر الإيطالية "غرينبيس" والمجموعة البريطانية "الجميع يكره إيلون"، يوم الاثنين، لافتة ضخمة تغطي مساحة 400 متر مربع في ساحة سان ماركو التاريخية وسط مدينة البندقية السياحية.
وحملت اللافتة رسالة واضحة وجازمة: "إذا كان بإمكانك استئجار البندقية لحفل زفافك، فبإمكانك دفع ضرائب أكثر" ، وذلك في إشارة مباشرة إلى الملياردير الأمريكي جيف بيزوس، مؤسس أمازون، الذي من المتوقع أن يحتفل بزواجه قريباً في المدينة.
احتجاجاً على الاستغلال والآثار البيئيةجاء هذا التحرك الاحتجاجي قبل أيام قليلة من موعد الحدث المرتقب، والذي أثار جدلاً واسعاً بين النشطاء المحليين والمجتمع المدني، بسبب حجم التأثيرات المحتملة على البنية التحتية والبيئة والسكان المحليين.
واعتبرت منظمة غرينبيس أن بيزوس يمثل رمزاً لنظام اقتصادي يُغذي الانهيار البيئي والاجتماعي، مشيرة إلى أن استضافة حدث بهذا الحجم في مدينة تعاني من السياحة المفرطة، يُعدّ مثالاً صارخاً على خصخصة واستغلال المواقع العامة من قبل فئة الأثرياء، دون مراعاة تأثير ذلك على المجتمع المحلي.
Relatedمرور يخت جيف بيزوس العملاق يتطلب تفكيك جسر تاريخي في روترداملماذا يريد سكان روتردام الهولندية رشق اليخت الفخم لمؤسس أمازون جيف بيزوس بالبيض الفاسد؟جيف بيزوس يؤكّد أنه سيتبرع بمعظم ثروته للجميات الخيريةسفينة غرينبيس في البندقية تدعم الحملةوفي موازاة ذلك، تتواجد حالياً سفينة غرينبيس "Arctic Sunrise" في ميناء البندقية، حيث تنظم فعاليات توعوية حول أهمية الطاقة المتجددة وتدعو إلى إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو ما يتعارض مع البصمة الكربونية الكبيرة التي سيتركها الحدث بحسب التقديرات.
وأشارت التقارير إلى أن عدداً كبيراً من المدعوين إلى حفل الزفاف من المتوقع أن يصلوا إلى البندقية عبر طائرات خاصة، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الانبعاثات الكربونية. كما ذكرت وسائل إعلام أن بيزوس حجز أسطولاً من القوارب التقليدية (الجندول) وسفن النقل المائي لتوفير التنقلات خلال فترة الحدث.
تحذيرات من تأثيرات الحدث على المدينةمن جانبهم، حذر المحتجون من أن الحجم الكبير للحدث قد يفاقم الضغوط القائمة على البنية التحتية في البندقية، والتي تعاني أصلاً من الأعباء الناتجة عن الزوار والسياحة الجماعية.
كما تم توزيع لافتات وملصقات في أنحاء المدينة تحمل رسائل تنتقد استخدام المواقع العامة كأراضٍ خاصة للأثرياء، وهدد المحتجون بمنع الوصول إلى بعض القنوات والشوارع الرئيسية خلال الحدث، لكنهم أكدوا أن جميع تحركاتهم ستكون سلمية وبدون اللجوء إلى العنف.
ليس ضد الزواج.. بل ضد الاستغلالوقال المتحدث باسم المحتجين إن الهدف من هذه الاحتجاجات لا يتعلق بالزواج نفسه أو بشخص بيزوس، بل بما يرونه استغلالًا غير مبرر لمدينة تعاني من أعباء اقتصادية وبيئية ثقيلة ، مضيفاً: "المشكلة ليست في الزواج، بل في الرسالة الضمنية بأن المدن التاريخية يمكن استئجارها من قبل من يملكون المال، بينما يدفع السكان المحليون الثمن".
ويأتي هذا الحدث ضمن سلسلة من الاحتجاجات العالمية التي تستهدف الأثرياء وأثر أنشطتهم على البيئة والمجتمعات المحلية، في ظل تصاعد الدعوات الدولية لفرض ضرائب أعلى على أصحاب الثروات الضخمة وتشجيعهم على تحمل مسؤولياتهم الاجتماعية والبيئية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة