يمانيون – متابعات
منذ العدوان الصهيوني على غزة في السابع من أكتوبر، وكبرى العلامات التجارية تشهد حرباً موازية ليست بالقنابل ولا الرصاص ولا الصواريخ التي تدور رحاها على جبهات أوسع شنها المواطنون في مختلف أنحاء العالم بمقاطعة شركات عالمية كبرى، وبالفعل تأثرت العديد من العلامات التجارية العالمية الكبرى مثل “ماكدونالدز وستاربكس” بحملات المقاطعة الشعبية، في كثير من دول العالم نتيجة إعلان دعمها لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الصهيوني ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق ما الدور الذي لعبته حملات المقاطعة في فضح جرائم الكيان الغاصب وإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته للعالم خصوصاً مع استمرار انتشار حملات المقاطعة ووصولها إلى الدول الغربية إذ امتدت المقاطعة خارج العالم العربي، على الرغم من الجهود التي تبذلها العلامات التجارية المستهدفة للدفاع عن نفسها والحفاظ على أعمالها التجارية من خلال العروض الخاصة.

من الجدير بالذكر أن سلاح المقاطعة استخدم عبر التاريخ ضد شركات ودول متعددة فالغرب بقيادة الولايات المتحدة لا يفتأ أن يستخدم هذا السلاح ضد كل من لا يمشي على صراطهم أو من يهدد مصالحهم حتى أن الكونغرس سعى لتجريم من يقاطع أو يدعو لمقاطعة كيان الاحتلال وداعميه وهكذا كانت مساعي الطرف المقابل لمقاطعة حتى من يحاول وقف قتل الأبرياء في غزة.

حقيقة مساهمة الشركات الكبرى في صناعة القرار

من المهم تسليط الضوء على مساهمة الشركات الكبرى و”الماركات” العالمية في صناعة القرار الدولي حيث توثق نظرية هيمنة الشركات، للبروفيسور الأمريكي دومهوف، التغلغل الواضح لرؤوس الأموال في مفاصل صنع القرار فيما يعرف اصطلاحاً بمؤسسات الدولة (Establishment) ويتخذ هـذا التغلغل شكلاً شبه موحد في جميع الدول الغربية الليبرالية، ورغم أنه يتستر تحت غطاء التعددية وإتاحة الفرصة للجميع، إلا أنه نظام يحرم الناس من حرية التفكير خارج إطاره، بل يحاربهم ويسمهم بمعاداة مؤسسات الدولة (Anti-establishment)، ويشرع القوانين لتقويض أي جهود تسعى للتغيير حتى لو كانت ضمن إطار الديموقراطية وحرية التعبير.

وقد أدت العولمة إلى توسع نطاق سيطرة هذا النظام لتشمل مناطق كثيرة حول العالم، كما بنى لنفسه أطراً دولية تضمن له دوام السيطرة على الدول والشعوب على حد سواء، لكن اليوم يواجه هـذا النظام تحديات جمة تتمثل بانكشاف سوءاته على عامة الناس بسبب فقدان الإعلام المساند له (mainstream media ) ميزة الهندسة الاجتماعية التي كانت تشكل الوعي الجمعي للشعوب، وظهور وسائل الإعلام البديل التي توثق بعفوية بالغة معظم أحداث العالم.

الأثر الاقتصادي للمقاطعة

تواجه العديد من العلامات التجارية الغربية حملة مقاطعة في دول عربية بسبب الحرب بين جيش الاحتلال الصهيوني وحركة حماس، ومنذ بدء انتشار حملة المقاطعة اتسع نطاق دعواتها المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشمل عشرات الشركات والمنتجات، وشارك نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قوائم تشمل أسماء منتجات تابعة للشركات التي تدعم الحرب في غزة، مع دعوات بمقاطعتها وشراء منتجات محلية بديلة، ما دفع المتسوقين فعلاً إلى التحول نحو بدائل محلية، فيما تعتمد ثقافة المقاطعة التجارية على انتشار المعلومات والوعي بين المستهلكين، كان للتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي الفضل الكبير في تسهيل الأمر على المستهلكين فيما يخص تبادل المعلومات وتنسيق جهودهم في المقاطعة.

واقتصادياً، خيبت نتائج الأعمال للعديد من الشركات للربع الأخير من العام الماضي الآمال الاقتصادية حيث كشفت بعض تلك الشركات عن جانب من التأثر بشكل مباشر من المقاطعة على أرباحها وانتشارها، لتبدأ بعض الشركات في تعديل سياستها وتنفي دعمها لكيان الاحتلال الصهيوني في الحرب على غزة.

فشركة ستاربكس والتي كانت أول المستهدفين بالمقاطعة اعترفت بأن أعمالها تأثرت بسبب الحرب على غزة حتى في داخل الولايات المتحدة فقد شهدت تباطؤ نمو الإيرادات، لتسجل إيرادات بقيمة 9.4 مليارات دولار، أقل من التوقعات التي تشير إلى 9.6 مليارات دولار، وقد سعى وكيل الشركة في منطقة الشرق الأوسط لبيع نحو ثلث حقوق الامتياز في المنطقة.

أما العملاق الأمريكي الآخر ماكدونالدز فقد كشفت تقارير مالية عن تراجع مبيعاته في الشرق الأوسط وآسيا بمقدار 4.8% وتراجعت عالمياً بنسبة 5.4 بالمئة فيما تراجعت مبيعات شركات أخرى مثل كنتاكي وبيتزا هات وغيرها بنسب متفاوتة ما بين 3-5%

من الجدير بالذكر أن الاقتصاد الصهيوني يعتمد بشكل كبير على التجارة والاستثمار الدوليّين، ما يجعل كيان الاحتلال عرضةً للمزيد من الضغط عبر المقاطعة الاقتصادية الدولية.

الأثر المعنوي للمقاطعة

على الرغم من أن حملات المقاطعة على الشركات الداعمة للكيان الصهيوني كانت حتى قبل أحداث السابع من أكتوبر إلا أن رحاها اشتد مع بدأ العدوان الغاشم الذي لم يفرق بين حجر وبشر، صغير أو كبير الأمر الذي ولد لدى الملاييين حول العالم إحساساً بالعجز عن مساعدة الضحايا أمام تواطؤ دولي علني ما جعل نطاق المقاطعة العالمية ينتشر بشكل واسع جدا في أنحاء العالم وانضم إليها آلاف الناشطين والمؤثرين في محاولات للضغط على الاحتلال والدول الداعمة له.

و على الرغم من مساعي الشركات العالمية للتقليل من أثر المقاطعة إما إعلامياً أو من خلال القيام بعروض وتخفيضات وإغراءات للمشترين إلا أنها لم تستطع أن تثني المقاطعين عن مواصلة الطريق لا بل جاء بنتائج عكسية حيث اعتبرها المقاطعون سبباً للاستمرار.

في أول أسبوعين بعد السابع من أكتوبر، كان عدد المتظاهرين من غير العرب والمسلمين لا يتجاوز 20٪ بشكل تقريبي. وبعد ذلك، أصبح عدد المسلمين والعرب لا يشكل إلا أقلية من حجم المظاهرات الضخمة التي تخرج في معظم عواصم العالم، وما يلفت الانتباه أن أكثر الشعارات ترديداً من قبل المتظاهرين هي التي تتعلق بالحرية والعدالة من قبيل “فلسطين حرة” و”غزة حرة” و”وفلسطين حرة من النهر إلى البحر” و”نتنياهو لا يمكنك الاختباء، سنحاسبك على جرائم التطهير العرقي” و “إسرائيل وأمريكا كم طفل قتلتم اليوم؟”.

وفي هذا السياق بدأت نتائج المقاطعة وإظهار حقيقة الكيان الغاصب أمام الرأي العام العالمي تجني ثمارها، ففي أعقاب حملة قادتها مجموعات التضامن مع القضية الفلسطينية بالشراكة مع “بي دي اس اليابان”، ألغت شركة Itochu Aviation اليابانية مذكرة التفاهم التي وقعتها منذ عام مع شركة Elbit Systems، أكبر شركة صهيونية لتصنيع الأسلحة، والتي تشارك في جريمة الإبادة الجماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر، ويأتي هذا الإعلان عقب قرار محكمة العدل الدولية بمعقولية ارتكاب “إسرائيل” لجريمة الإبادة الجماعية، ما يفرض مسؤولية قانونية على الدول الأطراف بإنهاء تواطؤها ومنع الإبادة الجماعية بشتى الطرق، بما يشمل إلزام الشركات التي تتخذ من تلك الدول مقراتها بإنهاء تواطؤها في أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

من جهة أخرى أعلنت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية للكيان الإسرائيلي (PACBI)وهي جزء مهم من حركة مقاطعة “إسرائيل” BDS، انتصار حملتها المستمرة منذ سنوات بالشراكة مع حركات التضامن عالميا ضد شركة “بوما PUMA” الألمانية للألبسة الرياضية حيث أعلنت الشركة عن إنهاء عقدها مع اتحاد كرة القدم “الإسرائيلي”، واستجابت العديد من الفرق الرياضية حول العالم للنداء، فكان أبرز إنجازات الحملة، إعلان نادي قطر عدم نيته تجديد عقده مع “بوما”، وإنهاء أكبر جامعة ماليزية اتفاقية رعاية “بوما” لفريق كرة القدم التابع لها، وقرار نادي “تشستر” الإنجليزي عدم التعاقد مع “بوما”، وإنهاء نادي “لوتن” الإنجليزي عقده مع “بوما”، وتعهد نادي “فوريست غرين” بعدم التعاقد مع “بوما”، واختيار نادي “ليفربول” لراعٍ آخر بعد بدئه خوض محادثات مع “بوما”.

كيف تكون المقاطعة فعالة؟

المقاطعة التجارية قد تكون فعالة إذا تم تحقيق مشاركة واسعة من الناس والمنظمات والحكومات في جميع أنحاء العالم، قد تتضمن المقاطعة تجاهل أو عدم شراء المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني، وتجنب الاستثمار في شركات الكيان الصهيوني إذا تم تنفيذها بشكل فعال، يمكن أن تؤثر المقاطعة على اقتصاد الكيان وتجبره على إعادة النظر في سياسته أو حتى الدول الداعمة له، ويجب أن تكون المقاطعة جزءاً من إستراتيجية شاملة للتأثير السياسي والاقتصادي، وتعتمد على تعاون وتأييد واسع من الأفراد والمجتمعات المعنية بالقضية الفلسطينية، وعندما يتم تنفيذ المقاطعة بشكل واسع ومنسق، يمكن أن يؤثر على الشركات الداعمة للكيان الصهيوني الغاصب بعدة طرق، بما في ذلك:

1- الأثر المالي: إذا قامت جماهير واسعة النطاق بمقاطعة المنتجات أو الخدمات المقدمة من قبل الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، فقد يحدث ضغط على هذه الشركات من ناحية الإيرادات والأرباح قد تتجاوب الشركات مع هذا الضغط من خلال إعادة النظر في سياساتها أو اتخاذ تدابير لتجنب فقدان العملاء أو العقود.
2 – الضغط العام والسمعة: تنتشر المقاطعة عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعريض الشركات لضغط عام وتأثير سلبي على سمعتها. قد يؤدي ذلك إلى خسائر في العملاء، وتأثير سلبي على القيمة السوقية والعلاقات التجارية للشركة.
3 – الضغط السياسي: قد تؤدي المقاطعة إلى زيادة الضغط السياسي على الشركات الداعمة للكيان من قبل الحكومات والمؤسسات الدولية، وقد تتعرض هذه الشركات للعقوبات أو التقييدات التجارية، ما يؤثر على قدرتها على العمل والتوسع في الأسواق الدولية.

هل كانت تجارب المقاطعة في العالم العربي والإسلامي مفيدة؟

في الحقيقة نعم، فالغرب والشركات العالمية عموما يحترمون القوة والنفوذ والمال ولا يحترمون أي شيء آخر وهذه هي الحقيقة المُرة، يجب ألا نستهين نحن بالمقاطعة ولو كانت ذا أثر بسيط، دعونا نستذكر أشهر حملتي مقاطعة التزمت بهما معظم الشعوب الإسلامية تقريباً، حملة مقاطعة البضائع الدنماركية والفرنسية بعد نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في «شارلي إبدو»، وكذلك إعادة نشر الرسوم في صحيفة فرنسية، هل تعلم كم كلفت تلك المقاطعات الاقتصاد الفرنسي والدنماركي.
فحسب تقرير مصرف «يسكي بانك»؟ تكبدت الدنمارك خسائر بلغت 134 مليون يورو، أي ما يعادل 170 مليون دولار، وتأثير المقاطعة على الاقتصاد الدنماركي وصل الى إجمالي 7.5 مليارات كورون دانماركي، وتراجعت الصادرات الدنماركية إلى الشرق الأوسط بمقدار النصف فيما انخفضت صادراتها إلى الأسواق الإسلامية بنحو 47 في المئة، أما الحكومة الفرنسية فصحيح أنها لم تعلن عن حجم الأضرار لأسباب سياسية ولكن لو حللنا أرقام منظمة التجارة العالمية لعام 2020 لوجدنا تراجعاً ملحوظاً في الصادرات الفرنسية للدول الإسلامية، وخصوصاً مع ضخامة أرقام التبادل التجاري بين فرنسا والدول الاسلامية، حيث تتجاوز قيمة الصادرات الفرنسية 46 مليار دولار سنويا منها 31 مليار دولار للدول العربية حسب قاعدة بيانات «كومتريد» التابعة للأمم المتحدة، ولو دققنا بحجم هذا الرقم فسنجد أن صادرات فرنسا للعالم فقط 15 مليار دولار بينما للدول الاسلامية 31 ملياراً.
وحسب بعض المصادر المعلنة سابقاً، تراجعت الصادرات الفرنسية إلى قطر إلى 1.73 مليار دولار في عام 2020 مقابل 4.29 مليارات في عام 2019، وتراجعت إلى السعودية من 3.43 مليارات دولار إلى 2.64 مليار وفي الإمارات تراجعت إلى 3.61 مليارات دولار مقابل 3.64 مليارات دولار. كما تراجعت صادرات فرنسا إلى سلطنة عمان إلى 294 مليون دولار، مقابل 475 مليوناً، وفي البحرين تراجعت إلى 142 مليون دولار مقابل 471 مليوناً.

* المصدر : موقع الوقت التحليلي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الداعمة للکیان الصهیونی الشرکات الداعمة للکیان العلامات التجاریة الإبادة الجماعیة ملیارات دولار المقاطعة على ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

فساد الكهرباء في عدن.. مليارات مهدورة وثورة شعبية تلوح في الأفق

يمانيون | تقرير
في ظل صيفٍ لاهبٍ وحرارة لا تُطاق، تغرق مدينة عدن في ظلام دامس، ومع كل ساعة انطفاء، يتراكم الغضب الشعبي ويقترب المشهد من لحظة الانفجار.. أزمة الكهرباء في عدن لم تعد أزمة خدمية عابرة، بل أصبحت تجلّياً صارخاً لحالة الانهيار والفساد الذي ترعاه دول العدوان السعودي الإماراتي، وتغطي عليه حكومة الفنادق، وسط معاناةٍ تنذر بانتفاضة قادمة ضد أدوات الاحتلال ومشاريعه التدميرية.

فساد ممنهج وغياب للرقابة
تفاصيل الفساد في قطاع الكهرباء بعدن تكشف عن شبكة معقدة من الصفقات المشبوهة، والنهب المنظّم الذي يتم تحت أعين، بل بمباركة، من التحالف السعودي الإماراتي.. تقارير صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الموالي لحكومة الفنادق أظهرت بوضوح كيف تم التعاقد مع شركة أجنبية تدعى “برايزم إنتر برايس” لتوفير طاقة على متن سفينة عائمة بقدرة 100 ميجاوات مقابل 128 مليون دولار، بعقد مدته ثلاث سنوات.

ما يثير الدهشة في هذا العقد أنه تم تمريره دون مناقصة عامة، وبشروط مجحفة تهدر المال العام، أبرزها دفع 12.8 مليون دولار مقدماً دون ضمانات بنكية، ما يفتح الباب واسعاً أمام التلاعب والتنصل من الالتزامات، في وقت لا يجد فيه المواطنون في عدن قوت يومهم ولا كهرباء تقيهم حر الصيف.

سباق على النهب
ليست هذه الصفقة سوى رأس جبل الجليد. فقد كشفت مصادر إعلامية في وقت سابق أن حكومة ما يسمى بـ”الشرعية” المقيمة في الرياض تورطت في مناقصتين مشبوهتين لتوريد الوقود لمحطات الكهرباء، بتكلفة تجاوزت 15 مليون دولار، ضاعت في دهاليز الفساد، وتحديداً عبر شخصيات مقربة من رئيس الحكومة السابق معين عبدالملك، أبرزهم المدعو أنيس باحارثة، مدير مكتب رئيس الوزراء الحالي، الذي أصبح اسمه مرادفًا للسمسرة والابتزاز.

كما تكررت حالات التعاقد غير القانوني لتوريد مشتقات نفطية بمبالغ وصلت إلى 285 مليون دولار خلال العام 2022، وسط تجاهل تام لقوانين المناقصات، الأمر الذي يعكس مستوى الفوضى والعبث المسيطر على القطاعات الحيوية في المناطق المحتلة.

عقود وهمية ومشاريع دون جدوى
الفساد لم يقف عند عقود الطاقة، بل امتد إلى مشاريع تحديث مصافي نفطية بقيمة 180.5 مليون دولار مع شركة صينية، رغم عدم الحاجة الفعلية لها، إلى جانب تشغيل سفن مثل “أميرة عدن” و”لؤلؤة كريتر” دون أي إنتاج حقيقي، مع دفع أجور باهظة مقابل خدمات معدومة، ما يكشف عن هدر مالي ممنهج.

كل هذه الوقائع، إلى جانب عقد شراء الطاقة من “برايزم إنتر برايس” بشروط تضمن الربح الكامل للشركة على حساب الشعب، رسمت صورة متكاملة للفساد العميق الذي ينخر قطاع الكهرباء في عدن، ويكشف في الوقت ذاته الدور التخريبي لدول العدوان السعودي والإماراتي، التي تصر على إبقاء الجنوب في دوامة الفوضى والحرمان.

عدن تختنق.. والغضب يتصاعد
أمام هذا المشهد الكارثي، لم يجد أبناء عدن سوى الشارع للتعبير عن سخطهم. التظاهرات التي اجتاحت المدينة في الأسابيع الأخيرة جاءت كرد فعل طبيعي على تراكم الأزمات، وعلى رأسها الانقطاع المتواصل للكهرباء في ذروة الصيف، وسط تجاهل تام لمعاناة الناس وانعدام شبه كامل للخدمات الأساسية.

محاولات قمع المتظاهرين لم تفلح في إسكاتهم، بل زادت من حجم الغليان، ورفعت من سقف المطالب التي تجاوزت حدود تحسين الخدمات لتصل إلى رفض الاحتلال وأدواته، والدعوة إلى إسقاط منظومة الفساد التي استباحت الجنوب وموارده.

ثورة تلوح في الأفق
بات من الواضح أن ما يجري في عدن ليس مجرد أزمة خدمية، بل مقدمات لثورة شعبية عارمة، خاصة وأن الشارع بات يدرك أن معاناته ليست قدراً، بل نتاج مباشر لسياسات الاحتلال ونهب التحالف السعودي الإماراتي للثروات، وتغطيته لحكومة لا تمتلك قراراً وطنياً، ولا ترى في المواطن سوى أداة للتربح والنهب.

عدن اليوم تقف على حافة التحول، ومن رحم المعاناة يولد الوعي، ومن بين ركام الانطفاءات تولد شرارة الرفض، وما لم يتم التوقف الفوري عن هذا النهب المنظم، فإن ثورة الجياع والمقهورين قادمة لا محالة، ولن تميز بين فاسد وآخر، بل ستجتث كل منظومة الاحتلال والفساد التي أوصلت الجنوب إلى هذا المصير المظلم.

مقالات مشابهة

  • "اتفاقية الأفضليات التجارية" بين عُمان وإيران تعزز الشراكة الاقتصادية
  • أبل تكشف أرقامًا ضخمة: متجر App Store حقق 406 مليارات دولار في 2024... و90% منها دون عمولة
  • فساد الكهرباء في عدن.. مليارات مهدورة وثورة شعبية تلوح في الأفق
  • مصدر بوزارة الدفاع: على المستثمرين والشركات العاملة لدى الكيان الصهيوني سرعة المغادرة
  • التوأمة الاقتصادية بين عمان ودمشق.. بوابة لإحياء العلاقات التجارية التاريخية
  • “المجاهدين الفلسطينية” تثمن قرار بلدية برشلونة قطع العلاقات المؤسسية مع الكيان الصهيوني
  • “رويترز”: كبرى الشركات خسرت 34 مليار دولار بسبب حروب ترامب التجارية
  • الرئيس المشاط: وجهنا بتحديد مسارات العدو الصهيوني للاعتداء على بلدنا كمناطق خطرة لجميع الشركات
  • بعد جمع 5 مليارات دولار من بيع سندات.. أرامكو قد تلجأ لأسواق الدين مجدداً
  • كبرى الشركات خسرت 34 مليار دولار بسبب حروب ترامب التجارية