أحداث حدود المكسيك.. كيف يؤثر ملف الهجرة على انتخابات الرئاسة الأميركية؟
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
تعد الهجرة غير الشرعية مسألة خلافية متفاقمة في الولايات المتحدة بالتزامن مع استعداد المرشحين للرئاسة خوض غمار السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض المقرر في نوفمبر 2024.
ويستغل هذا الملف بشكل كبير في الحملات للانتخابات الرئاسية التي تقترب على الأرجح من جولة إعادة بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب الذي يقترب من نيل ترشيح الحزب الجمهوري.
يتوجه بايدن وترامب، الخميس، إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة في إطار محاولتهما كسب تأييد الناخبين حول واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في الولايات المتحدة.
سيسافر الرئيس الديموقراطي (81 عاما) إلى براونزفيل في ولاية تكساس حيث سيجتمع مع عناصر من شرطة حرس الحدود ومسؤولين محليين، وفقا للبيت الأبيض.
أما الرئيس الجمهوري السابق ترامب (77 عاما) الذي ما زال يصر على تحميل منافسه مسؤولية أزمة الهجرة، فسيتوجه إلى بلدة إيغل باس في تكساس، على مسافة نحو 500 كيلومتر من براونزفيل.
ما الذي يحدث على الحدود مع المكسيك؟يتهم المعسكر الجمهوري بايدن وإدارته بالتسبب في زيادة تدفق المهاجرين من خلال سياسات اللجوء التي اعتمداها.
وسجلت هيئة الجمارك وحرس الحدود الأميركية أكثر من 2,5 مليون عملية عبور في العام 2023، فيما يتحدث الجمهوريون عن أرقام أكبر من ذلك بكثير.
في الأسابيع الأخيرة، دخلت ولاية تكساس في مواجهة مع إدارة بايدن مع اتهام حاكمها الجمهوري غريغ أبوت المؤيد لترامب ، الحكومة الفيدرالية بالسماح بـ"غزو" مهاجرين غير شرعيين الحدود الجنوبية للبلاد.
ومراقبة الحدود هي من وظيفة السلطات الفيدرالية في الولايات المتحدة، لكن ولاية تكساس كثفت الإجراءات الرامية إلى مكافحة الهجرة، مع وجود العديد من النزاعات القضائية الجارية حول هذه القضية.
ومن المقرر أن يدخل قانون جديد في ولاية تكساس حيز التنفيذ في الخامس من مارس، يسمح لسلطات الولاية باعتقال وترحيل الأشخاص المشتبه في عبورهم الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بشكل غير قانوني، مما يختبر الحدود القانونية لسلطة الولاية.
من جهته، يؤكد البيت الأبيض أن الحزب الجمهوري يتعمد تخريب أي محاولة للتوصل إلى تسوية بشأن هذه القضية وأن ترامب لا يرغب في منح انتصار سياسي لبايدن في عام الانتخابات.
فالرئيس اليميني السابق الذي بنى شعبيته خلال حملته الانتخابية الأولى من خلال وعوده ببناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، استخدم نفوذه للضغط على النواب الجمهوريين في الكونغرس لمنع تبني مشروع قانون بشأن الهجرة.
ويتفاوض أعضاء مجلس الشيوخ منذ أشهر على اتفاق لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث يصر الجمهوريون على تعزيز أمن الحدود مقابل الموافقة على طلب بايدن تخصيص تمويل لأوكرانيا وإسرائيل.
يقول الباحث والمحلل السياسي حسن منيمنة إن توافد المهاجرين عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وصل لأرقام قياسية في السنوات الأخيرة.
ويضيف منيمنة لموقع "الحرة" أن "هذه الأرقام تمثل أزمة فعلية وبات من الصعب على المجتمع الأميركي استيعابها".
ويتحدث منيمنة عن وجود "تقصير وقصور في نظام الهجرة الأميركي على مدى عقود"، مشددا أن الوضع "وصل لنقطة تصاعد فيها الخطر، وربما يتجاوز الأمر ونصل لنقطة الخطر الحقيقي والشديد".
الهجرة والانتخاباتعلى مدى شهور، أظهرت الاستطلاعات بأن الأميركيين يعتبرون أزمة الهجرة في مقدمة مخاوفهم، ويحمّلون الديموقراطيين بالمجمل مسؤولية ازدياد الأعداد.
وتسعى أعداد قياسية من المهاجرين إلى دخول الولايات المتحدة، معظمهم من أميركا الوسطى وفنزويلا، هربا من الفقر والعنف والكوارث التي تفاقمت بسبب تغير المناخ.
وعبرت أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة منذ تولى بايدن، منصبه في عام 2021، بما في ذلك عدة ملايين عبروا إلى تكساس.
وأظهر استطلاع أجرته رويترز/إبسوس مطلع فبراير تزايد المخاوف المتعلقة بالهجرة، ووصفها 17 بالمئة من المشاركين بأنها المشكلة الأكثر أهمية التي تواجه الولايات المتحدة اليوم، مقارنة مع 11 بالمئة اعتبروها القضية الأكثر إلحاحا في ديسمبر.
وظل الاقتصاد هو الشغل الشاغل للأميركيين عموما، وعبر عن ذلك 22 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع مع المعاناة من التضخم وغيره من توابع جائحة كوفيد-19.
وقال نحو ثلثي المشاركين، بينهم 47 بالمئة من الديمقراطيين، إن البلاد تسير على المسار الخاطئ.
ويؤكد منيمنة أن الطرفين الجمهوري والديموقراطي يحاولان استغلال قضية الهجرة لأغراض انتخابية.
فعلى صعيد الجمهوريين يقول منيمنة إن هناك "مبالغات ومحاولات لتصوير الواقع وكأنه كارثة واجتياح واحتلال للولايات المتحدة في محاولة لإثارة عواطف الناخبين".
"بالمقابل هناك في الجانب الديمقراطي من يقول أن الأمر طبيعي وهو جزء من طبيعة وقوة المجتمع الأميركي".
ويلفت منيمنة إلى أن "ترامب عرقل التوصل لاتفاق في ملف الهجرة، من خلال تأثيره على أعضاء في الكونغرس، لأنه يريد أن تكون هذه الأزمة شعارا انتخابيا له ولا يرغب برؤية بايدن ينجح في معالجتها".
ويضيف قائلا: "على الأرض ليس هناك فرق كبير بين سياسات ترامب وسياسات بايدن في التعامل مع أزمة الهجرة، وفي كلا الحالتين هناك تقصير وقصور، ولكن ترامب أكثر براعة في استغلال هذه المسألة من أجل حشد الناخبين".
ويشير منيمنة إلى "ملف الهجرة الى جانب المواضيع الاقتصادية عادة ما تكون مواضيع رئيسية في الانتخابات الرئاسية"، مبينا أن "ترامب نجح لغاية الآن في استغلال ملف الهجرة الوافدة لصالحه وفي حال تراجع الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة فأعتقد أن حظوظه (ترامب) ستكون قوية للفوز".
ويضيف "في حال حصل العكس وظل الاقتصاد يستمر في التحسن والصعود، فهذا يصب لصالح بايدن ويعني أن المنافسة في انتخابات نوفمبر ستكون محتدمة مع ترامب".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة ولایة تکساس ملف الهجرة
إقرأ أيضاً:
تحرسه التماسيح والثعابين.. ترامب يفتتح أشرس معتقل في العالم ويصرّح: بايدن كان يريدني هنا
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على الساحة الأمريكية والدولية، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فتح سجن ألكاتراز الشهير، الواقع في قلب خليج سان فرانسيسكو، والذي لطالما ارتبط في الذاكرة الأمريكية بالسجناء الأكثر خطورة في العالم. السجن الذي أغلق في الستينات بسبب تكاليف التشغيل العالية وعزلته القاسية، عاد مجددًا للحياة ولكن هذه المرة في سياق مختلف تمامًا؛ إذ أصبح مقرًا لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين.
عودة “الكاتراز”.. من الماضي إلى الحاضريقع سجن ألكاتراز على جزيرة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 22 فدانًا، وهو محاط بمياه باردة وشديدة التيارات، مما جعله في السابق منيعًا على الهروب. وبإعادة فتحه من قبل إدارة ترامب، يعود هذا السجن إلى الواجهة ولكن في إطار حملة أمنية مشددة تستهدف الحد من الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، خاصة القادمين من المكسيك.
وقد تم افتتاح نسخة جديدة من السجن في ولاية فلوريدا، بالتعاون مع الحاكم الجمهوري رون دي سانتيس، في منطقة نائية غرب ميامي، حيث البيئة الاستوائية القاسية والتمساح والثعابين تشكل حائط ردع طبيعي، فيما أطلق عليه ترامب مازحًا اسم "الكاتراز التمساح".
ترامب في جولة تفقدية.. رسائل صارمة وأسلوب ساخرزار الرئيس ترامب المركز الجديد وحرص على توجيه رسالة قوية للمهاجرين عبر وسائل الإعلام، مؤكدًا أن هذا النموذج سيكون بداية لسلسلة مراكز احتجاز مشابهة في العديد من الولايات. وقال بسخرية عن محاولات الهروب: "إذا حاول أحدهم الفرار، فليتعلم كيف يهرب من التمساح... لا تركضوا في خط مستقيم، بل بشكل متعرج!".
هذا التصريح لم يكن مجرد دعابة، بل يحمل في طياته رسالة رادعة للمهاجرين غير الشرعيين، مفادها أن الحدود الأمريكية لم تعد فقط جغرافية، بل نفسية وجسدية أيضًا.
على خطى القضاة.. الحرس الوطني بديلًا للقضاءفي تطور مقلق، أبدى ترامب دعمه لفكرة تولي قوات الحرس الوطني مهام القضاء في قضايا الهجرة، لتسريع عملية الترحيل. هذه الخطوة، وإن بدت فعالة من حيث تقليص الوقت والإجراءات، إلا أنها أثارت مخاوف دستورية واسعة النطاق، حيث قد تمثل خرقًا واضحًا لمبدأ فصل السلطات في النظام الأمريكي.
من ألكاتراز إلى فلوريدا.. تاريخ السجن الأخطربدايات ألكاتراز:تأسس سجن ألكاتراز في خمسينات القرن التاسع عشر كموقع عسكري، وسرعان ما تحول إلى منشأة احتجاز شديدة الحراسة بحلول عام 1933 تحت إدارة مكتب السجون الفيدرالي.
عرف السجن بكونه مأوى للمجرمين الأشد خطرًا في التاريخ الأمريكي مثل آل كابوني، وألفين كاربيس، وروبرت ستراود، وقد اشتهر بعزله التام وصعوبة الهروب منه، حيث لم تُسجل أي عملية فرار ناجحة طيلة سنوات تشغيله.
التسمية والأسطورةأُطلق على الجزيرة في البداية اسم "جزيرة البجع" من قبل المستكشف الإسباني خوان مانويل عام 1775، وتطورت التسمية لاحقًا إلى "ألكاتراز" التي تعني "الطائر الغريب" أو "البجع" وفقًا للترجمة الشائعة.
الحماية الطبيعية.. التماسيح والثعابين كحراسالنسخة الجديدة من السجن، الواقعة في فلوريدا، صُممت بعناية كي تكون أكثر رعبًا وردعًا من النسخة الأصلية. فبدلاً من الاعتماد فقط على الحراسة البشرية، تعتمد المنشأة على الطبيعة القاسية لحماية أسوارها: مستنقعات تغص بالتماسيح والثعابين السامة.
ويُعد هذا النموذج الأول من نوعه عالميًا، حيث تُستخدم البيئة الطبيعية كجدار منيع ضد الهروب، في استراتيجية تمزج بين الردع النفسي والخطر الفعلي.
تصريح مثير للجدل: هل يرحّل المواطنون الأمريكيون أيضًا؟أثار ترامب الجدل مجددًا عندما تساءل صراحة عن إمكانية ترحيل من وصفهم بـ "الأشخاص الخطرين" المولودين في أمريكا، قائلاً: "كثير منهم ولدوا في بلدنا... أعتقد أنه يجب علينا إخراجهم من هنا أيضًا".
تصريحات أثارت موجة من الانتقادات الحادة، إذ اعتبرها البعض تهديدًا صريحًا لحقوق المواطنين الأمريكيين، وفتحًا لباب خطير نحو ممارسات تعسفية باسم الأمن والهجرة.
مهاجمة سياسات بايدن وتسييس ملف الهجرة
أثناء الزيارة، لم يفوّت ترامب الفرصة لمهاجمة خلفه، جو بايدن، قائلًا بسخرية: "بايدن كان يريدني هنا"، في إشارة إلى رغبة الديمقراطيين في محاسبته أو حبسه. كما استغل الموقف لتصوير إدارته السابقة على أنها الوحيدة التي "نجحت في خفض عدد المتسللين إلى البلاد"، في مقابل سياسات بايدن التي وصفها بـ"الفاشلة".
في ظل تصاعد الجدل، دافع البيت الأبيض عن خطوة إعادة تشغيل ألكاتراز، معتبرًا أنها "ضرورية لضبط الأمن وتطبيق القوانين"، مشيرًا إلى أن الموقع الجغرافي المنعزل والمنطقة غير المأهولة تشكلان بيئة مثالية لاحتجاز المهاجرين الخطيرين دون تهديد للمدنيين.
من جانبها، وصفت منظمات حقوقية ومشرعون ديمقراطيون الإجراءات بأنها "غير إنسانية" وتشكل "سابقة دستورية خطيرة"، داعين إلى مراجعة عاجلة للسياسات المعتمدة في مراكز الاحتجاز الجديدة.
عودة سجن ألكاتراز للحياة ليست مجرد إجراء إداري أو أمني، بل تعكس فلسفة كاملة تنتهجها إدارة ترامب في التعامل مع ملف الهجرة. إنها رسالة واضحة بأن الدخول غير الشرعي إلى الولايات المتحدة ستكون له عواقب لا تُطاق، ولكنها في الوقت ذاته تفتح نقاشًا جادًا حول حدود الأمن وحقوق الإنسان.
في الوقت الذي يرى فيه البعض أن "الكاتراز التمساح" هو الحل الحازم لردع المهاجرين، يراه آخرون بدايةً لمسار مظلم في تاريخ العدالة الأمريكية... وما بين الخوف من التماسيح ومخاوف الترحيل الجماعي، تبقى أمريكا على مفترق طرق أخلاقي وسياسي جديد.