رغم ما قد نواجهه من تحديات، وما نعاني منه من أزمات؛ إلا أن الإرادة، والعزيمة، التي خلقها اللهُ – تعالى - في نفوسنا، ناهيك عن القيم النبيلة، التي قد ترَّسخت في وجدانياتنا، كل ذلك قد ساهم في مقْدرتنا على تحويل المحن، التي نمرُ بها إلى منح، نجني ثمارها جيلاً، تلو الآخر، وهذا ما عليه الإنسان على المستوى الفرديّ، أو في خضمّ عمل جماعيّ؛ حيث إن فلسفة الحياة لا تعترف بالانكسار، ولا تتقبل الاستسلام.

الأمُّة المصرية في ظل تاريخها المجيد، كثيرًا ما مرّت بشدائد؛ لكن طبيعة مجتمعاتها تُوصف بالمرونة، والإيجابيّة؛ ومن ثم تخلق فرص الخلاص، من سياج الخُنوع، أو الخُضوع؛ لتعتليَ سُلَّم التقدم، والازدهار، وتصبح في مقدمة الأمم، التي تحمل حضارة زاخرة بالبطولات، وشُروفات المواقف، والأحداث، بل، هناك تراث يتحدث عن منْعة، وقوة، وإرادة، وعطاء هذا الشعب العظيم في مكنونه، ومُكوّنه.

من باطن الأزمة تتفجر الأفكار المُلْهمة، وتطْفو الابتكارات، التي تحدث نقلاتٍ نوعيّة في شتَّى مجالات الحياة، وفي هذا بيانٌ واضحٌ، يؤكد على صلابة، وصمود المواطن المصريّ، وتعاطيه بمنتهى المرونة مع التغيرات، والأحداث الشائكة المليئة بالتحديات؛ لكن عزيمته، وإقدامه نحو المواجهة، يخلق الأمل، والطموح، ويُعزّز من الثقة بالنفس بأنه قادر على تحقيق الغاية، وهذا يستند على وعي صحيح تجاه النفس، وكل ما يحيط بالإنسان.

التربية على مواجهة الأزمات، نستلهما دون مواربة من شعب مصر العظيم، الذي يمتلك الوعي الرشيد تجاه كل ما يمرُّ به من تحديات، أو صعوبات على كافة المستويات، كون هذا الشعب الأصيل لديه قناعةٌ تامةٌ بأن ما يجري في ملك الله- عزوجل- بإرادته؛ ومن ثم يثابر، ويعمل ويجتهد، ويبذل الغالي، والنَّفيس من أجل بناء الوطن، وصوْن مُقدّراته والحفاظ على أمنه، وأمانه؛ لذا تجد أن الرباط بين المجتمع المصريّ، ومؤسساته، وقيادته السياسيّة قويّة، لا تنْفكُّ عُقْدتها، ووثاقها.

النضج المجتمعيّ نراه في اندماجه، حينما تتفاقم الأزمات، وتصل إلى مستويات، لا يتحمَّلها غير المصريين؛ فهناك قيم، ومبادئ حاكمة، تؤكد على أن هذا الشعب قد تربَّي على التحمّل، والصبر الجميل، بل، قد عزّز لدى أجياله إعمال ميزان العقل في التصرف، والحكمة في مُدارسة الأمور؛ فلا مجال للسّقوط في دائرة الصراعات، والخلافات بين أبناء المجتمع الواحد، ولا استثناء لفئة على حساب أخرى في شراكة بناء الوطن، والخطوط الحمراء في قضايا الوطن المصيريّة، تُطبَّقُ على الجميع، ويدركها القاصي، والدَّاني.

التربية على مواجهة التحديات، والصعوبات، والأزمات والنَّوازل لدى الإنسان، ليست من قُبيل التَّرف، أو الاختيار؛ لكنّها ضرورة قصوى، تصْقل في النفس ماهيّة مفاهيم، يصعب الاستغناء عنها في خضمّ، عالم مُتقلِّب؛ حيث تبدأ بالثبات، حال التموّجات، التي تمر بها المجتمعات، والتمسك بقيم أصيلة، تؤكد على اللُّحمة، والتلاحم، وقوة النَّسيج، بداية من تحمُّل المسئولية، والاهتداء بطريق المعرفة العلمية، الرصينة؛ ليترَّسخَ في النفوس المنهجية القويمة، التي تسهم في تحقيق نجاحات، غير مسبوقة بالطبع تقوم على العمل، والجدِّ، والاجتهاد، والإتقان.

في التربية على مواجهة الأزمات، تتضاعف أهميّة التضامن، والاندماج بين أطياف المجتمع المصريّ؛ ومن ثم تقوى العزيمة، وتزداد الهمم، وتتضافر الجهود من أجل تحقيق الهدف، وهنا ندركُ أن قوّة المجتمع في تماسك جبْهته الداخليّة، التي لا تتقبل الوصاية، ولا تتسمَّع  إلى بعض الشائعات، التي تودُّ الفتْك بالمجتمع، وإضعاف الثقة بين مكوّنه؛ ومن ثم نرصد حالة من التواصل الفعّال بين الجميع، ونشاهد تضاعف في الطاقات، التي تسْتثمر بشكل إيجابيّ من أجل خدمة المصالح العُلْيا للدولة؛ حينئذٍ نوقن أن العاطفة المصريّة الجيّاشة، قد أخذت طريقها نحو الرَّغبة الجامحة في بُلوغ النَّصر المُبين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

طباعة شارك فلسفة الحياة الاستسلام الأمُّة المصرية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فلسفة الحياة الاستسلام الأم ة المصرية التربیة على مواجهة ومن ثم

إقرأ أيضاً:

محمد سعيد حميد يكتب : يا بلادي

يا بلادي

يا بلادي،

كلُّ قطرةِ دمٍ في ثراكِ

من دمي،

كلُّ نسمةٍ في هوائكِ

من شذى أُمّي وأبي.

يا بلادي،

أغرِسْ قلبي في وريدك،

يُزهِرِ العزُّ في رحابك،

أزرعْ قبلةً في جبينك،

تُنشِرِ البهجةُ في سماكِ.

يا بلادي،

لكِ أسرارُ وُدِّي،

فافرحي،

لكِ فؤادي،

فانهضي،

أنتِ أغلى من دمي.

يا بلادي،

هائمٌ أنا بعشقك،

دون عطرِ أرضك،

دون نَسمةِ بحارك،

دونكِ لا أرضَ لي...

هكذا علّمني أبي.

يا بلادي،

ما أجملَ قلبي

حين صار منزلَك،

ينشدُ عزّةَ اسمك.

فما العيشُ دونك؟

غيرُ لَظى روحي وروحك.

يا بلادي،

صوتكِ الملتاعُ ينادي،

سُمُّ الأفاعي في دمي،

كالبسوسِ مزّقَ دربي.

يا بلادي،

فؤادي قُربانُ مجدك،

ما خُلِقَ من سيُذِلُّك!

أبذلُ الروحَ رخيصاً،

إن سقطتُ يوماً شهيداً،

فاهتفوا:

نسرٌ في السماءِ حلّق،

هامَتُهُ في العُلا تخفق.

يا بلادي،

كلُّ أوجاعكِ

أوجاعي،

كلُّ قطرةِ دمٍ في ثراكِ

من دمي.

أغرِسْ روحي برُوحك،

هكذا علّمني أبي...

يا بلادي،

يا بلادي.

طباعة شارك شعر يا بلادي يا بلادي شعر عربي شعر وطني قصيدة يا بلادي

مقالات مشابهة

  • التقدم والاشتراكية يحذر من تداعيات الأوضاع الدولية التي باتت تتسم بالتوتر والاضطراب
  • رد مفاجئ من عصام الحضري بشأن رواتب رباعي الأهلي
  • محمد سعيد حميد يكتب : يا بلادي
  • أحمد عبد القادر يعطل انتقال محمد شكري إلى الأهلي
  • كتّاب ومختصون: مواجهة الأفكار المتطرفة مسؤولية مجتمعية ومؤسسية
  • تدشين الجولة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية المراوعة
  • الصبيحي يكتب .. الضمان في مواجهة الخطر الاجتماعي
  • البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي لفتح تحقيق مستقل في جرائم الاحتلال
  • ناصر الدين: لا تراجع في مواجهة التحديات الصحية رغم الأزمات المتراكمة