جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-12@15:32:17 GMT

حين يُجهد المواطن!

تاريخ النشر: 6th, July 2025 GMT

حين يُجهد المواطن!

سعيد بن حمد الناعبي

 

في زمن تتسابق فيه الدول نحو التحول الرقمي، ويُروَّج فيه للإدارة الذكية والقيادة التحويلية، لا يزال المواطن في بعض الجهات الحكومية يعيش تجربة مرهقة تُذكّره بأن الواقع لا يشبه ما يُقال في المؤتمرات أو ما يُنشر في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي الرسمية.

فرغم كل التصريحات عن وجود "ربط إلكتروني شامل" بين المؤسسات، لا تزال رحلة المواطن في إنهاء أبسط معاملاته تمر عبر أبواب متعددة، وطلبات مكررة، وانتظار طويل… والنتيجة في كثير من الأحيان: لا شيء.

 

في بداية عام 2023، تقدَّم أحد المواطنين في ولاية قريات التابع لها إداريًا وولاية العامرات التابع لها خدميا بطلب بسيط للمديرية العامة للبلدية: شق طريق خدمي يصل إلى قطعة أرض زراعية يمتلكها قانونيًا، وقد استوفى في سبيلها كل الشروط ودفع الرسوم. لكن المفاجأة كانت أن تلك الأرض، الموثقة والمخططة، لا يصلها طريق.

بدأت حينها رحلة التنقل بين الجهات: البلدية تقترح، والإسكان تعتذر، ثم تُرفع المعاملة إلى بلدية مسقط قسم الدراسات، ثم تعود مجددًا إلى بلدية العامرات، ومنها إلى الإسكان، ليأتي الرد مرة أخرى بالاعتذار. ولا جديد.

ما يثير الحيرة أن المواطن لم يطلب مشروعًا تنمويًا ضخمًا، بل طريقًا بسيطًا يربط أرضه بأقرب شارع، ليس لأجل رفاهية، بل لأجل حياة كريمة، تتطلب الحد الأدنى من البنية الأساسية.

 

ورغم ذلك، استمرت المراسلات والتقارير وزيارات المهندسين واللجان، وتكررت الوعود والاعتذارات، ليُطلب من المواطن في النهاية أن "يبحث عن حل" مع البلدية، وكأن الجهات المعنية لا تملك صلاحية اتخاذ القرار في أمر خدمي واضح، تمليه الحاجة والمنطق والمصلحة العامة.

 

وهنا، يطرح السؤال نفسه:

هل هذه هي الحكومة الإلكترونية التي نطمح لها؟

أين هو ذلك "الربط الذكي" الذي يُقال إنه يُغني المواطن عن التنقل بين المؤسسات؟ وأين هي الكفاءة المؤسسية التي تجعل من خدمة المواطن أولوية لا مجرد شعار؟

 

لسنا هنا بصدد التقليل من الجهود، فهناك جهات أثبتت قدرتها على مواكبة التحول الرقمي وسهّلت الإجراءات على الناس والمواطن، ونرفع لها القبعة تقديرًا. لكن التجارب المتكررة لبعض المواطنين تُظهر بوضوح أن الطريق ما زال طويلًا، وأن ما يُعلن لا يُترجم دائمًا على أرض الواقع.

 

الأمر لا يتعلّق بمشكلة فردية، بل بمنهج عمل. فحين يُترك المواطن وحيدًا وسط دوامة إدارية معقّدة، ويُطلب منه أن يكون "الحل" بدل أن يكون "الطالب"، فهنا لا بد من وقفة.

إن من حق المواطن أن يجد صوته مسموعًا، ومطالبه مُقدَّرة، ومعاملته مؤتمتة ومترابطة، كما يُقال. ومن حقه أن يكون شريكًا في وطنه، لا عابرًا في دهاليز إداراته.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شوقي علام: «استفتِ قلبك» لا تعني أن يكون الإنسان مفتي نفسه

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن مقولة «استفتِ قلبك» لا تعني أن يكون الإنسان مفتيًا لنفسه، مشددًا على أن الفتوى ليست ساحة للاجتهاد الشخصي أو الاختيار بين الآراء على الهوى، وإنما تحتاج إلى علم عميق وفهم دقيق للسياق والواقع، وهو ما لا يتوافر إلا عند أهل الاختصاص.

وأوضح، خلال حلقة برنامج "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن المستفتي عندما يأتي إلى المفتي، فهو أشبه بالمريض الذي يلجأ إلى الطبيب بحثًا عن تشخيص دقيق وعلاج مناسب، فكما لا يملك المريض أن يختار الدواء من تلقاء نفسه بين عشرات الأنواع، كذلك لا يجوز للمستفتي أن يختار بين الأقوال الفقهية دون علم، لأن المفتي هو الذي يمتلك أدوات الفهم والترجيح بناءً على حال المستفتي وظروفه وملابسات مسألته.

وأشار الدكتور شوقي علام إلى أن الفقه الإسلامي ثري بالمذاهب والآراء، وهو ما يمثل «إناءً مليئًا بالأقوال» للمفتي، يستخرج منه ما يناسب حالة السائل، لا ليضعه أمامه ويترك له حرية الاختيار، لأن ذلك يفقد الفتوى معناها ودقتها، ويحوّلها إلى حالة من الفوضى الدينية.

وأضاف أن المفتي يقوم بدور الطبيب الذي يوازن بين النصوص الشرعية والواقع العملي والاجتماعي للمستفتي، فيختار له القول الأرجح والأصلح، وفق ضوابط علمية ومنهجية راسخة، مشددًا على أن هذا الحسم هو من جوهر عمل المفتي.

وتابع: «الأقوال الفقهية المتعددة هي خميرة للمفتي، وليست مجالاً لتخيير المستفتي، والمفتي وحده من يملك الترجيح بين هذه الأقوال بما يحقق المصلحة ويدفع المفسدة».

وأكد على أن ترك الناس لاختيار الفتوى بأنفسهم يفتح باب الاضطراب في الدين ويهدد استقرار المجتمع، داعيًا إلى الثقة في أهل العلم المؤهلين الذين يملكون أدوات الفهم الشرعي، والفصل بين الأقوال على أساس من العلم والورع، لا من الهوى والانطباع الشخصي.

اقرأ المزيد..

باحث: اتفاق غزة ينص على بقاء 53% من مساحتها تحت سيطرة الاحتلال مؤقتا أستاذ علوم سياسية: مصر قالت "لا" لأمريكا وفرضت إرادتها السياسية والدبلوماسية خبير علاقات دولية: الدور المصري بمفاوضات غزة «جبار» وثبات الموقف سر نجاح الوساطة هند الضاوي: مصر نجحت في فرض أجندتها الوطنية خلال مفاوضات غزة كاتب صحفي: اتفاق غزة انتصار للدبلوماسية المصرية وإعادة لدورها التاريخي في حماية السلام بسمة وهبة: الرئيس السيسي حوّل الحلم الفلسطيني إلى واقع بوقف الحرب عاطف عبد الغني: مصر أجهضت مخطط تهجير الفلسطينيين وأنقذت غزة من الإبادة عاطف عبد الغني: شرم الشيخ أعادت رسم خريطة السلام في الشرق الأوسط أستاذة علوم سياسية: مفاوضات شرم الشيخ حول غزة امتداد لروح نصر أكتوبر خبير أمني: شرم الشيخ أصبحت منصة دبلوماسية لإدارة أزمات الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • إلى وزارة العمل.. كفى انحيازًا!
  • حين يكون المفاوضُ مقاوما!
  • إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي على طريق الصحراوي الغربي بالفيوم
  • شوقي علام: «استفتِ قلبك» لا تعني أن يكون الإنسان مفتي نفسه
  • أيلا (رحل السياسي العضوي المضاد)
  • متى يشملك الدعم؟.. استفسارات مهمة لا تفوتك من حساب المواطن
  • من دولة «المكوّن» إلى دولة المواطن
  • الزكاة والجمارك توضح الجهات التي تطبق عليها ضريبة الدخل والفوترة الإلكترونية
  • ترامب: قد يكون من الصعب العثور على بعض جثث الرهائن
  • الخارجية : وصول الأردنيين المحتجزين على متن “أسطول الحرية” إلى المملكة