ما مظاهر رفع الحرج والتيسير في العبادات ؟ .. علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: لقد من الله على الأمة الإسلامية برفع الحرج، وجهل لها أمر الدين سهلا ميسورا، لا كما كان في الأمم السابقة عند اليهود حيث وضع عليهم إصرهم وأغلالا كانت في أعناقهم، وتحيط بهم من كل جانب حتى جاء المسيح عليه السلام فقال : ﴿وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران :50].
وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يزيل باقي تلك الأغلال، قال تعالى : ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف :157].
وبين أن رفع الحرج والتيسير جزء من مكونات المسلم لا يستطيع أن ينفك عنها، وهذا ما يتضح من البيان الرباني السابق، فحق للمسلم أن يفخر بدينه وبشرعه وبنبيه، فيباهي العالمين بأنه لا يشرب الخمور والمخدرات، ولا يأكل الخنزير والخبائث.
وأكمل علي جمعة: لقد عم التيسير ورفع الحرج أحكام الشريعة الإسلامية حتى يرى الناظر إليها أنها كلها مبنية على اليسر والمستطاع، وذلك في أركان الدين وفروعه بدء من النطق بالشهادتين، فإن كان سيواجه التعذيب والقتل لإسلامه فلا حرج عليه أن ينطق بكلمة الكفر، قال تعالى : ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل :106].
وكذلك مبنى أداء الصلوات على التيسير وقد نقلنا كلام ابن كثير فيها، وكذلك الزكاة لا تجب إلى على المستطيع، وكذلك الصوم أساسه التيسير، قال تعالى : ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة :184].
وشدد أن الحج بني على التيسير كذلك، ثبت من هديه صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل، فقال : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح. فقال : اذبح ولا حرج. فجاء آخر، فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي. قال : ارم ولا حرج، فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج» [رواه البخاري ومسلم].
واختتم قائلًا: “ها نحن قد علمنا أن اليسر هو شريعة الله، وأن الله راعى التيسير ورفع الحرج عن عباده، ومن باب التخلق بالرحمة ينبغي على المسلم أن يراعي التيسير ورفع الحرج عن المؤمنين دائما، وأن يزداد تمسكا بشرع الله وحبا لدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة صلى الله علیه وسلم رفع الحرج علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: طريق الإنسان مقيد بـ «الذكر والفكر» لله تعالى
أوضح الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن طريقنا هذا مقيد بـ «الذكر والفكر»، موضحًا أن الفكر يكون لله سبحانه وتعالى، أي إن مقصده ووجهته إلى الله، وينبغي أن يكون في ملكوت الله، وفي ملك الله؛ في السماوات والأرض، وفي النفس، وفي الحيوان، وفي النبات، وفي كل ما يتأتى للإنسان أن يستشعره، ويدركه، ويفهمه، ويعلمه، ويطلع عليه، ويحصل معناه؛ أي أن يتفكر الإنسان في كل شيء.
الذكر والفكر
وأضاف فضيلة الدكتور أن لا بد أن يؤدي هذا الفكر إلى علم، وهذا العلم يؤدي إلى يقين، وهذا اليقين يؤدي إلى مشاهدة، وهذه المشاهدة تؤدي إلى حضور، وفي الحضور أنس بحضرة القدس؛ فهذه مراتب متتابعة، غاية الفكر فيها أن يسوق صاحبه إلى حضرة القدس سبحانه وتعالى، فهذا هو هدف الفكر.
وقال فضيلته إن هدف الفكر ليس التكبر والتعالي على الناس، ولا الضلال، ولا الإيذاء، بل إن هدف الفكر دائمًا هو الله.
وأكد الدكتور علي جمعة أنه ينبغي علينا أن نوجه فكرنا ليدفعنا إلى الله؛ فكل شيء حولناه في نفوسنا إلى دلالة على الله صار علمًا، وكل ما لم يكن كذلك لا يكون علمًا، وإنما يكون معرفة لا تنفع، أي إدراكًا لا يثمر قربًا من الله، والجهل بها لا يضر.
الفكر
واستشهد فضيلته بحديث رسول الله ﷺ، حيث قال: «العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة».
وأشار فضيلته إلى أن السالك في سيره إلى الله تعالى عليه أن ينظر، ويتأمل، ويتفكر، ويستنبط من هذا الترتيب العجيب في العالم العلوي والعالم السفلي ما يوقن معه بالله سبحانه وتعالى يقينًا لا يتزعزع، لا يكون بعده ريب، ويتفكر في مخلوقات الله تعالى، ويتفكر في نفسه، وقديمًا قالوا: «من عرف نفسه فقد عرف ربه».