ثورة النانوتكنولوجي والطاقة المتجددة: تحول جذري نحو مصادر الطاقة النظيفة
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
في عالم يعيش تحولات هائلة في مجال الطاقة والتكنولوجيا، يبرز تحالف قوي بين النانوتكنولوجيا ومجال الطاقة المتجددة كأساس لثورة جديدة في مصادر الطاقة النظيفة. أظهرت الإنجازات الحديثة في مجال البحث والتطوير أن استخدام التكنولوجيا على مستوى النانو يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين كفاءة واستدامة أنظمة الطاقة المتجددة.
مقالنا يستعرض التطورات الأخيرة في هذا المجال، حيث استعرضنا كيف يُمكن استغلال النانومواد والتقنيات ذات الأبعاد الصغيرة في تعزيز أداء الأنظمة الطاقية المتجددة. تركّز تلك الجهود على تحسين كفاءة الخلايا الشمسية، وتطوير تقنيات تخزين الطاقة، واستخدام المواد النانوية في تحسين أداء الوحدات الشمسية.
في إطار جهود مستمرة للبحث عن حلول بيئية مستدامة، اكتسبت تقنيات الفصل الكيميائي الكهربائي باستخدام النانومواد أهمية كبيرة في معالجة المياه بالطاقة الشمسية، وقد أظهرت النتائج نجاحًا واعدًا في فصل الملوثات وتحسين جودة المياه.
تعكس هذه المقدمة جانبًا من الثورة الطاقية الحديثة، حيث يبدو أن النانوتكنولوجيا تمثل الركيزة الأساسية في تطوير مصادر الطاقة النظيفة وفتح أفق جديد للابتكار والاستدامة. في الفقرات التالية، سنستعرض بتفصيل مجموعة من التقنيات والابتكارات التي تحمل إمكانيات كبيرة لتحسين الكفاءة الطاقية وتسريع وصولنا نحو مستقبل طاقوي أكثر استدامة.
نجح فريق من الباحثين الأميركيين في تحقيق إنجاز ملموس في مجال تنقية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، من خلال تطوير تقنية تعرف بـ "الفصل الكهربائي الكيميائي". هذه التقنية تلعب دورًا حيويًا في معالجة وتنقية المياه من الشوائب، مما يسهم في تعزيز الأمان المائي للدول.
تقع هذه الجهود ضمن سياق استثمارات ضخمة في مجال الطاقة النظيفة، حيث تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أنه من المتوقع أن تصل تمويلات صناعة الطاقة النظيفة إلى تريليونات الدولارات خلال العام الماضي (2023).
الفصل الكيميائي الكهربائيتعتمد استراتيجية "الفصل الكيميائي الكهربائي" على استخدام الكيمياء الكهربائية لفصل الجسيمات المختلفة في المحلول، وهي تعتبر إستراتيجية ذات كفاءة بيئية عالية في تنقية المياه باستخدام الطاقة الشمسية.
أظهر علماء الكيمياء في جامعة إلينوي في إربانا-تشامبين أنه يمكن تشغيل عمليات معالجة المياه جزئيًا أو حتى حصريًا عبر مصادر الطاقة المتجددة، ما يشكل تقدمًا هامًا في مجال الاستدامة.
وتستخدم هذه التقنية مادة شبه موصلة لدمج الطاقة الشمسية في عملية الفصل الكيميائي الكهربائي، حيث تعمل على تنقية المياه من خلال تفاعلات الأكسدة والاختزال "ريدوكس"، التي تعالج الشحنات الكهربائية لفصلها عن المحلول، وبذلك يتم فصل الزرنيخ المخفف وإزالته من مياه الصرف.
تعد هذه الابتكارات نموذجًا تصوريًا للجدوى العملية لتكنولوجيا النانو في تحسين أداء أنظمة معالجة المياه وحماية البيئة. يشير الأستاذ المساعد شياو سو من معهد بيكمان للعلوم المتقدمة والتكنولوجيا إلى أن دمج الطاقة الشمسية يساهم في تطوير استدامة عمليات الفصل الكيميائي الكهربائي ويفيد قطاع المياه بشكل خاص.
وفي سياق متصل، تشهد صناعة الطاقة النظيفة زخمًا متسارعًا، حيث تتجه استثماراتها نحو مستويات تقارب التريليونات من الدولارات خلال العام الحالي (2023). تعتبر هذه الاستثمارات الكبيرة في مصادر الطاقة المتجددة بمثابة إشارة واضحة نحو تبني التكنولوجيا النظيفة والابتعاد عن الاعتماد على وقود الأحفوري.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مصادر الطاقة النظيفة الماء الطاقة المتجددة الطاقة النظیفة الطاقة الشمسیة مصادر الطاقة فی مجال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في مجال الهندسة المعمارية
في خطوة مهمة نحو تقليل البصمة الكربونية لقطاع البناء، نجح فريق بحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأميركي «MIT» في تطوير نظام ذكي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف بدائل أكثر استدامة للإسمنت، المادة التي تُعتبر من أكبر مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسببة لتغير المناخ.
قاد الباحث ما بعد الدكتوراه سروش محجوبي من قسم الهندسة المدنية والبيئية الفريق في تصميم إطار علمي يعتمد على التعلم الآلي لتقييم وتصنيف المواد البديلة بناءً على خصائصها الكيميائية والفيزيائية. وقال محجوبي: «من بين المواد الواعدة كبدائل جزئية للإسمنت، تبرز الخزفيات مثل البلاط والطوب والفخار القديم، نظرًا لتفاعلها الكيميائي العالي».
أزمة مواد بديلة للإسمنت
لطالما استخدمت صناعة الخرسانة مواد ثانوية مثل رماد الفحم و«خبث الحديد» لتقليل كمية الإسمنت، لكن الطلب المتزايد جعل هذه المصادر غير كافية، مما دفع الفريق للبحث بين آلاف المواد المحتملة.
في مختبرات MIT، وتحديدًا في مجموعة أوليفيتي ومركز استدامة الخرسانة، حلل الفريق ملايين الصفحات من الأدبيات العلمية وأكثر من مليون عينة صخرية، ووجد أن المشكلة ليست قلة الخيارات، بل كثرتها، ما استدعى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإيجاد الحل.
الذكاء الاصطناعي مفتاح النجاح
في 17 مايو، نشر الفريق ورقة بحثية في مجلة Nature Communications Materials، عرضوا فيها نظامًا يستخدم نماذج لغوية ضخمة لتقييم وفرز المواد البديلة.
يوضح محجوبي: «كان أمامنا بحر هائل من البيانات، وفرزها يدويًا كان سيستغرق حياة كاملة».
ركز النظام على خاصيتين أساسيتين: التفاعل الهيدروليكي، أي قدرة المادة على التصلب عند تفاعلها مع الماء، والبوزولانية، التي تعزز صلابة الخرسانة بمرور الزمن عبر التفاعل مع هيدروكسيد الكالسيوم.
نتائج واعدة من إعادة التدوير
صنّف الفريق المواد إلى 19 فئة تشمل المخلفات الحيوية، نفايات التعدين، وركام الهدم، واكتشف أن كثيرًا منها يمكن إدماجه في خلطات الخرسانة بمجرد طحنها، مما يقلل التكاليف والانبعاثات دون الحاجة لمعالجة معقدة.
يشير محجوبي إلى أن «الخزفيات والطين المحروق كانت تُستخدم منذ العصور الرومانية لتحسين مقاومة الخرسانة للماء، وهذا يعطينا فرصة للاستفادة من الخبرات القديمة في بناء مستقبل أفضل».
الخرسانة ودور الاقتصاد الدائري
تمثل هذه الدراسة نموذجًا عمليًا لتطبيقات الاقتصاد الدائري، حيث تُعاد استخدام النفايات الصناعية والزراعية والعمرانية كمكونات أساسية للبناء. ويخطط الفريق لتوسيع النظام لتقييم مزيد من المواد مع اختبار أفضل البدائل ميدانيًا في المستقبل.
قالت البروفيسورة إلسا أوليفيتي، الباحثة الرئيسة ومديرة مجموعة أوليفيتي في MIT: «أدوات الذكاء الاصطناعي سرّعت البحث بشكل غير مسبوق، ونحن متحمسون لما ستقدمه النماذج الجديدة من إمكانيات».
وأضاف الدكتور راندولف كيرتشاين، مدير مركز استدامة الخرسانة: «الخرسانة هي حجر الأساس للبنية التحتية. عبر دمج علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، نسعى لبناء مستقبل أكثر استدامة دون التنازل عن القوة والأمان والمتانة».
شمل فريق البحث إلى جانب محجوبي وأوليفيتي وكيرتشاين كلًا من الباحث ما بعد الدكتوراه فينيث فينوغوبال، والباحثة إيبك بنسو مناف، والدكتور حسام أزري جعفري، نائب مدير مركز استدامة الخرسانة.
أسامة عثمان (أبوظبي)