مجزرة ميدان مصطفى محمود بالقاهرة.. الحذر، وإلاّ فإنّ المآسي قد تعيد نفسها
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
بقلم: إبراهيم سليمان
مع تكدس أعداد النازحين واللاجئين السودانيين بالقاهرة، مجبرين لا أخيار، بسبب ويلات الحرب اللعينة، التي باغتت الجميع، دون سابق إنذار، ظلت وتيرة الشكاوى من سوء معاملة السلطات المصرية، تثير القلق بصورة، حرّضت الذاكرة اللجوء على اجترار إحداث مجزرة ميدان مصطفى محمود بحي المهندسين بالقاهرة قبل، وقعت في صبيحة الجمعة 30/12/2005م راح ضحيتها 27 قتيلاً كما ورد في بيان وزارة الداخلية المصرية، وكالعادة تم إلقاء اللوم على الضحايا من قبل الحكومة المصرية.
ولكن حسب تقديرات الناجين من المجزرة ان عدد القتلى حوالي 150 وإصابة 300، جميعهم كانوا من دارفور والجنوب وجبال النوبة، أجبرتهم ظروف مماثلة لما يواجهها السودانيين كافة بمصر.
وقعت المأساة بسبب اقتحام نحو ألفي شرطي من مكافحة الشغب المصرية ميدان مصطفى محمود بمنطقة المهندسين، حيث كان يعتصم نحو 3500 لاجئ منذ ثلاثة أشهر، بالقرب من مكاتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، احتجاجاً على ما وصفوه بالمعاملة السيئة من المفوضية والسلطات المصرية كذلك. وقال شهود ان الشرطة المصرية ضربت المعتصمين بالهراوات، واستخدمت مدافع المياه لإخراجهم من الحديقة، بعدما فشل مسؤولون في إقناعهم بمغادرة الموقع.
• السلطات السودانية تؤيد والمفوضية تأسف
وحسب قناة العربية، أعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن "أسفها" لوفاة لاجئين، واصفة المسألة بالمأساة. وقال متحدث باسم المفوضية انها حثت مصر على التعامل مع الموقف سلميا. مضيفة، اعتبر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس في بيان، أنه "ليس هناك مبرر لمثل هذا العنف والخسارة في الأرواح". لكن مسؤولاً سودانياً قال أن من حق مصر أن تنهي الاعتصام، وأشار المستشار الرئاسي السوداني محجوب فضل، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى انه "من الحكومة المصرية ان تعيد النظام وتفرض هيبتها، كما هو حق كل سلطة في السيادة على أرضها. ومن حقها ان تفض الاعتصام الذي نظمه اللاجئون السودانيون".
• جريمة بشعة
وحسب إفادات علي عبدالله من أبناء جبال النوبة، لصحيفة التيار السودانية، وهو أحد الناجين من المجزرة، يقول على: " اعتصمنا في ميدان مصطفى محمود نحو أربعة أشهر وكنت من ضمن الثلاثة المسجلين في مكاتب الأمم المتحدة ، وعند المجزرة الدموية التي ارتكبتها أجهزة الأمن المصرية كنا في حدائق ميدان مصطفى محمود في العراء وسط موجة برد قارسة. وفي يوم الثلاثاء (28) ديسمبر 2005م جاءت قوة مسلحة كبيرة من قوات الأمن المصري عقب نداءات بفض الاعتصام. برغم الوجود الأمني الكثيف إلا أننا ظللنا نرابط في الاعتصام في الساحة الصغيرة ووصل إلينا ثلاثة آلالاف معتصم جديد.
• قبل ساعة الصفر
أحكمت القوات المصرية الخناق علينا وفرضت سياجاً أمنياً محكماً على ساحة الاعتصام وكانت هناك أعداد كبيرة من القنوات ومنصات الإعلام تتابع الموقف. وفي يوم الخميس وتحديداً في الساعة الحادية عشر وصل لساحة مصطفى محمود حبيب العدلي الذي كان يتولى حينها منصب وزير الداخلية وقال بنص العبارة، يا سودانيين يا لاجئين لازم تغادروا الموقع ده) وردينا عليه نحن في معية الأمم المتحدة ونطالب بحقوقنا من مكتب الأمم المتحدة كما أن هناك الكثير من الأسر لا تملك أي مسكن وليس لديها استطاعة لجلب قطعة خبز واحدة. وهنا أمهلنا وزير الداخلية ساعة بيد أنها لم تأتي بأي نتيجة وظل الجميع متمسكين بحقوقهم المتعارف عليها باعتبار أننا لاجئين.
• مُلاسنات ومشاحنات
ظل الوضع محتقناً في ساحة الاعتصام ولمسنا جنوح العدلي لاستخدام العنف المفرط وبعد دقائق قال بنص العبارة :" أنا أكبر سلطة أمنية في مصر وعليكم الذهاب من هنا فوراً". أجبناه بواسطة ممثلينا بأننا لا نملك مكاناً للذهاب إليه وعلى الأمم المتحدة أن تهيئ لنا أي موقع.
بعد ذلك توجه حبيب العدلي إلى الناحية الشرقية من جامع مصطفى محمود وبعد لحظات توجهت القوات نحونا وهي تلقي النشيد الوطني المصري و من جانبنا أيضا رددنا النشيد الوطني السوداني.
• مداهمة سريعة
وهنا بدأت عمليات رش المعتصمين بالمياه القذرة والأجواء كانت باردة وكان معنا حوالي (500) طفل. تواصلت عمليات رش المتظاهرين بالمياه لقرابة الساعة وبدأت القوات المصرية في ضرب المعتصمين. وتبادلت القوات عديمة الضمير الإنساني الأدوار فما أن تنتهي قوة من ضرب المعتصمين تأتي القوة الأخرى وهكذا من الساعة الثانية والنصف صباحاً وحتى الرابعة صباحاً.
ومع هذه الأجواء المتوترة قاموا بالمداهمة السريعة، الفوج الأول من الشرطة جنود وضباط اعتدوا علينا من كل الجهات وبدون تمييز انهالت علينا الضربات، على الصغير والكبير وعلى الرجال والنساء والعجزة والأطفال، فأصبح لنا كأن يوم، يوم القيامة.
على آلاف الأسر التي وجدت نفسها مجبرة على النزوح لمصر، لاجئين ومقيمين، عدم التعويل كثيراً على مفوضية اللاجئين، وعدم الوثوق بالسلطات المصرية، وعليهم التحلي بالصبر، وتفادي عناد السطات الأمنية، وتحمّل الأذى من الشارع المصري، ومن غادر داره، قل مقداره، لأن مصر غدّارة، ولا تعرف العهود، ولن يتسامح الشعب المصري مع من يقاسمه لقمة عيشه، أو يضايقه في رفاهيته.
نسأل الله أن يعّجل إطفاء نيران الحرب في بلادنا، ويعود أهلنا إلى ديارهم ومنازلهم معززين مكرمين، وليس ذلك على الله بعزيز.
أقلام متّحدة ــ العدد ــ 140//
ebraheemsu@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: میدان مصطفى محمود الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
وفاة الفنانة المصرية سميحة أيوب عن عمر 93 عامًا
توفيت اليوم الفنانة المصرية الكبيرة سميحة أيوب، عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد مشوار فني حافل بالأعمال، وفق ما أعلنه نقيب الفنانين الدكتور أشرف زكي.
والفنانة الراحلة من مواليد (8 مارس 1932)، بحي شبرا بمدينة القاهرة، وتعد صاحبة أطول مسيرة فنية في تاريخ السينما العربية، وبدأت حياتها الفنية عام 1947 في فيلم “المتشردة”، وكان عمرها 15 عامًا، ثم في فيلم “حب” سنة 1948″، والتحقت بعدها بالمعهد العالي للتمثيل الذي أسسه الفنان الراحل الكبير زكي طليمات، وتتلمذت على يديه، عام 1949، وتخرجت في العام 1953م.
وبلغ رصيد الفنانة سميحة أيوب على خشبة المسرح طوال مشوارها الفني نحو 170 مسرحية، من بينها: (الأيدي الناعمة، كسبنا البريمو، تلميذ الشيطان، العباسة، كوبري الناموس، سكة السلامة، بير السلم، مصرع كليوباترا، مقالب عطيات، حبيبتي شامينا، العمر لحظة، أنطونيو وكليوبترا، ست الملك، كوبري الناموس، الخديوي، الناس اللي في التالت، في عز الظهر، قريب وغريب، الشبكة، يا إحنا يا هي).
كما كان للفنانة الراحلة رصيد من الأعمال السينمائية، حيث تميزت من خلال أفلام (أرض النفاق، فجر الاسلام، مع السعادة، بين الأطلال)، ومن أهم أعمالها التلفزيونية البارزة (محمد رسول الله (ج5)، المحروسة 85، الوريث، مصرع المتنبي، الكتابة على لحم يحترق، المرأة الأخرى، الزائرة، قابيل وقابيل، حفنة من رجال، السبنسة، مملوك في الحارة، بين ثلاثة، الخطر، البريمو، مغامرات زكية هانم، ساعة ولد الهدى، حصاد الحب، حكاية شفيقة ومتولي، أمهات في بيت الحب، وتمضي الأحزان، موعد مع الغائب، مشوار، عودة السيد، اللعب في الوقت الضائع، عدل الأيام، رابعة تعود، عباسية واحد، سعد اليتيم، ذو النون المصري، السيرة الهلالية (ج1)، أحلام الفجر الكاذب، غابت الشمس ولم يظهر القمر، الضوء الشارد، ميراث الريح، مذكرات ضرة، في بيتنا كنز، حرث الدنيا، اللعبة، الخديعة، يا فرحه ما تمت، عفوا هذا حقي، سلمى يا سلامة، زمن العطش، أوان الورد).
ونالت الفنانة الراحلة العديد من التكريمات المحلية والدولية من رؤساء مصر؛ الرئيس جمال عبدالناصر، والرئيس محمد أنور السادات، بالإضافة إلى الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان.
وانضمت الفنانة سميحة أيوب إلى المسرح القومي المصري، وعينت مديرة له مرتين بين عامي 1975 و1989، كما تولت إدارة المسرح الحديث بين عامي 1972 و1975.
وكانت بدايتها الاحترافية من خلال فيلم المتشردة سنة 1947، وتجاوزت سنوات عملها السينمائي والتلفزيوني 77 عامًا، تم تكريمها من قبل رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي.
وكانت آخر مشاركاتها السينمائية في فيلم “ليلة العيد”، الذي عرض 2024، وهو من بطولة يسرا اللوزي، ريهام عبدالغفور، عبير صبري، نجلاء بدر، هنادي مهنا، وغيرهم من الفنانين، ومن تأليف أحمد عبدالله، وإخراج سامح عبدالعزيز.
اقرأ أيضاًالمنوعاتبتداولات بلغت 3.5 مليار ريال.. مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا 17.66 نقطة
وتزوجت سميحة أيوب في بداية حياتها، من الفنان محمود مرسي، وكان زواجهما تقليديًا قصير الأمد، وانفصلا سريعًا بسبب اختلافات في الطباع والرؤية.
ثم تزوجت من محسن سرحان، نجم السينما في الخمسينيات والستينيات، وكانت العلاقة بينهما قوية في البداية، لكن سريًا ما انتهت العلاقة بالطلاق بعد فترة قصيرة.
وتزوجت للمرة الثالثة من سعد الدين وهبة، الكاتب والمثقف المصري، والذي تولّى عدة مناصب ثقافية، وكان له تأثير كبير على المسرح، استمر زواجهما أكثر من 20 عامًا، وشكّل ثنائيًا فنيًا وثقافيًا بارزًا في الأوساط الفنية.
ووصفته سميحة أيوب بأنه «حب العمر»، وأنه كان داعمًا كبيرًا لها في مشوارها الفني، وتحدثت كثيرًا عن عشقهما المشترك للمسرح، وأنه منحها الأمان والاحترام.
وأخيرًا، تزوجت سميحة أيوب من أحمد النحاس، واتهمته لاحقًا بخيانتها والاستيلاء على ممتلكاتها وأموالها، وقالت في أحد اللقاءات: «كان عندي ثقة فيه، لكنه باع كل حاجة باسمي، واكتشفت الخيانة في أواخر العمر»، ورفعت عليه قضايا قانونية بعد أن خدعها ماليًا، واعتبرت هذه الزيجة من أكبر خيبات أملها الشخصية.
والفنانة الراحلة لها ابن واحد هو علاء محمود مرسي من زوجها الفنان محمود مرسي، وهو الابن الأكبر للفنانة سميحة أيوب ويعمل معالجاً نفسياً، وقد شارك في عدد من الأعمال الفنية، ومنها مسلسل كوكب الشرق، ولكنه لم يستمر في عالم الفن، في حين توفي ابنها محمود محسن سرحان في حياتها.