٢٦ سبتمبر نت:
2025-07-06@06:45:37 GMT

(نص) المحاضرة الرمضانية الثانية لقائد الثورة

تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT

(نص) المحاضرة الرمضانية الثانية لقائد الثورة

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

حديثنا عن أهمية التقوى، التي هي الثمرة التربوية لفريضة الصيام، وما تعنيه لنا التقوى؛ ليتضح لنا مدى حاجتنا إلى التقوى، وماذا تعنيه بالنسبة لنا، لنركز عليها، ونسعى لأن نحصل على هذه الثمرة، من خلال أدائنا لفريضة الصيام المباركة، ومن خلال سعينا للاستفادة الواسعة من بركات الشهر الكريم (شهر رمضان المبارك).

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" بيَّن لنا كثيراً في القرآن الكريم عن أهمية التقوى بالنسبة لنا، وعن حاجتنا إليها، وفي واقع الحال فالسعي للتقوى، والحرص على التقوى، والاهتمام بأمر التقوى هي مسألةٌ فطريةٌ لدى الإنسان، الإنسان هو بفطرته يحب الخير والسلامة لنفسه كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عن الإنسان: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}[العاديات: الآية8]، يحب لنفسه الخير، ويريد لنفسه الخير؛ ولذلك نحتاج مع الفطرة التي تؤثِّر عليها مؤثرات هذه الحياة، ويؤثر أيضاً جهلنا بما هو الذي يشكِّل وقايةً لنا، وسلامةً لنا، وخيراً لنا، كما يؤثِّر على الإنسان ما يعانيه من الضلال، وسوء الفهم، والتصورات الخاطئة عمَّا هو الذي يحقق له الخير، ويشكِّل وقايةً له من الشرور والشقاء، وضنك المعيشة، وعن الخزي في الدنيا، وعن العذاب في الآخرة، نحتاج إلى هداية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، نحتاج إلى الإيمان الواعي، الذي يتحقق لنا من خلاله التقوى، مع هداية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" رسم لنا في توجيهاته، وتعليماته، وأوامره، ونواهيه، ما يمثل وقايةً لنا في الدنيا، وفي الآخرة:

في الدنيا: من الشقاء، من ضنك المعيشة، من الخزي، من القهر، من الظلم، من الذل، من كل الشرور.
وفي الآخرة: من العذاب العظيم، من سوء الحساب، من الخسران الكبير، الخسران لرضوان الله، ولجنته، وللنعيم الأبدي، والاتجاه نحو العذاب الأبدي والعياذ بالله.
ما ينقص المسلمين مع انتمائهم للإسلام هو التقوى، وهذا النقص له أثرٌ خطيرٌ على حياتهم، في كل شؤونهم: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، وغير ذلك، ومن الواضح مدى الخسارة التي يعانيها المسلمون، بسبب هذا النقص في التقوى، لو أن المسلمين التزموا التقوى، وبنوا واقعهم على أساسها، لكان وضعهم مختلفاً تماماً عمَّا هو عليه، ولما حصلت لهم ما حصلت من المآسي والكوارث والويلات، ولا يعني ذلك ألَّا يكون هناك معاناة وتضحيات في إطار عملي، فهذا شيءٌ طبيعيٌ في ظروف هذه الحياة، التي هي ميدان اختبار وميدان مسؤولية، ولكن المسألة تختلف كثيراً عن تضحيات ومتاعب لها ثمرة، ولها نتائج مهمة جداً، وعن معاناة تنتج المزيد من المعاناة، ومآسٍ تنتج المزيد من المآسي، وعن تتابع الكوارث والمآسي والويلات التي عانت منها الأمة على مدى تاريخها.

النقص في التقوى كان خطيراً ومؤثراً، والأخطر أيضاً من نتائجه وآثاره في هذه الحياة الدنيا: العواقب الخطيرة في الآخرة؛ فلذلك ندرك من خلال التأمل في آيات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم الأهمية الكبيرة لمعالجة هذا النقص، والسعي لتلافي هذا النقص.

الخطر الذي يسبب للإنسان أن يقع في المصائب الكبرى، والعواقب الخطيرة جداً، هو بمخالفة توجيهات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ لأنها هي التي تُشَكِّل وقايةً لنا، وشملت مختلف شؤون حياتنا، فعندما يخالفها الإنسان كشخص، أو كمجتمع، أو كأمة، لذلك تابعات، ومخاطر، وأضرار، وآثار، وعواقب وعقوبات، جزءٌ منها يأتي في الدنيا، والجزء الأوفى، والجزء الكبير، والجزء الخطير يأتي في الآخرة.

والمسلمون فَرَّطُوا في كثيرٍ من تعليمات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، التي تشكِّل وقايةً لهم من الضعف، والهوان، والشتات، والذل، والقهر، والظلم، فَرَّطُوا في تعليمات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" وتوجيهاته، التي تبنيهم كأمةٍ قويةٍ عزيزة.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أمرهم في القرآن الكريم بالاعتصام بحبله، وحذرهم من التفرُّق، فتفرَّقوا وفرَّطوا في هذه التعليمات، أمرهم بالجهاد في سبيله، أمرهم بأن يكونوا أمةً قائمة بالقسط في عباده وبلاده، حمَّلهم مسؤوليات فيها الشرف الكبير لهم، بها نهضتهم، وعزتهم، وقوتهم، وريادتهم بين الأمم؛ ولذلك فرَّطوا في ذلك، بدلاً من أن يكونوا الأمة التي تتحرك في إطار تلك المسؤوليات العظيمة، وتحظى بنصر الله، ومعونته في أدائها لتلك المسؤوليات الكبرى: في الدعوة إلى الخير، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في السعي لإنقاذ البشرية وإصلاح واقعها، التفريط في ذلك، التفريط في الجهاد في سبيل الله، التفريط في الدور الحضاري وتقديم النموذج الحضاري الإسلامي، الذي يعمر هذه الحياة على أساسٍ من هدي الله وتعليماته، على أساسٍ من القيم والأخلاق العظيمة، فرَّطوا في كل ذلك، فرطوا في إعداد ما يستطيعون من القوة، فكانت النتائج عليهم خطيرة؛ لأن تفريطهم في ذلك كله امتد على مدى قرون من الزمن، على مدى مئات السنين، فكان الاتجاه هو اتجاه انحدار بين الأمم، الأمم الأخرى تنهض، تكبر، تقوى، وأمتنا الإسلامية تهبط في مسار هبوط على مدى التاريخ؛ لاستمرارها في ذلك التفريط، ولتفاقم وتعاظم هذا النقص في التقوى، والإصرار عليه، فكانت النتيجة في هذه الحياة نتيجة مؤسفة جداً، بعد امتداد التفريط لقرون من الزمن تغير واقع الأمة، هبطت في مستواها بين الأمم، وطمع فيها أعداؤها.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" وعد المسلمين، وعد المؤمنين على الالتزام بالتقوى بالنور والفرقان؛ ليكونوا أرقى أمة في وعيهم، في حكمتهم، في بصيرتهم، في فهمهم، في معرفتهم، ولكن فرَّطوا في التقوى؛ فخسروا ذلك، بدلاً من أن يكونوا أمةً ترى بنور الله، تمتلك الوعي العالي، والبصيرة، والحكمة، والفهم، خسروا ذلك، وأصبحوا أمة ينقصها الوعي، يتمكن أعداؤها من إغوائها وإضلالها، وتضييعها في اتجاهات مختلفة، وأهواء مختلفة، وأفكار مضطربة، تزيدها ذُلاً، وتزيدها هواناً وضعفاً، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال: من الآية29]، فقدوا الفرقان؛ فالتبست عليهم الأمور، وتمكّن أعداؤهم من التأثير عليهم، في رؤاهم، في ثقافاتهم، في أفكارهم، بما يخدم أعداؤهم، ويؤثر عليهم سلباً.

وعدهم الله على الالتزام بالتقوى أن يكون معهم، وهذا شيءٌ جامع، جامعٌ لكل خير، لكل فلاح، لكل عزة، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا}، {أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: من الآية123]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل: الآية128]، فلا يضر بهم ولا يؤثر عليهم مكر أعدائهم كيفما كان، {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل: 127-128].

وعدهم- كما وعد الأمم من قبلهم- على الالتزام بالتقوى بالبركات والخيرات، في أرزاقهم، في متطلبات حياتهم، في معيشتهم، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: من الآية96].

وعودٌ كثيرة تحدث عنها في القرآن الكريم، تتعلق بعاجل الدنيا، وأيضاً في الآخرة الجزاء الأوفى، الحساب اليسير، الأمن في يوم الفزع الأكبر، الفوز برضوان الله تعالى، الوصول إلى نعيم الله، إلى أرقى نعيم، إلى جنة الله، إلى السلامة من عذاب الله، ومن الشقاء والعذاب الأبدي.

ولذلك فالتقوى ذات أهمية كبيرة للإنسان، وحاجة ضرورية للإنسان، البديل عنها: هو ما يقع فيه الإنسان من الشقاء، من العذاب، من الهوان، من الخزي، من المصائب، من الشرور، فالتقوى ذات أهمية للإنسان، وإذا كان الإنسان قد يجازف بالتقوى، في حساب ما يحسبه من شقاء في هذه الحياة، وشرور في هذه الحياة، وأراد أن يجازف، وأن يستهتر بنفسه ولا يبالي بذلك، فماذا عن الآخرة؟ ماذا عن العذاب الأبدي، الشقاء الأبدي، الحسرات والندم، والعذاب النفسي والعذاب الجسمي الرهيب جداً في الآخرة، هل يمكن أن يفكر الإنسان بأنه شيء عادي، بأنه شيءٌ بسيط، بأنه شيءٌ يمكن أن يجازف وأن يورط نفسه فيه؟ هذا ما ينبغي أن نتأمله أيضاً من خلال القرآن الكريم.

العواقب والعقوبات في الآخرة رهيبة جداً، فظيعة وشديدة للغاية، وتداعيات، وعواقب، وعقوبات، إخلال الإنسان في هذه الدنيا بالتقوى، بما يشكل وقايةً له، لا تقتصر عند شرور ومصائب هذه الحياة، ما يواجه الإنسان في هذه الحياة من شرور ومصائب ومخاطر، بل الخطير جداً أنها تمتد إلى عالم الآخرة، إلى عالم الآخرة بشكلٍ رهيبٍ جداً يفوق تخيل الإنسان، فهي لا تقتصر على الدنيا، بل تمتد إلى الآخرة، وجزاء عظيم، جزاء كبير جداً، يُبيِّن لنا أهمية مسؤولية الإنسان كإنسان، وأهمية أعماله، وما يترتب على أعماله من جزاء، عِظَمُ الجزاء يدل على أهمية العمل، وآثار هذا العمل، ونتائج هذا العمل بالنسبة للإنسان.

ولذلك فالإيمان بالآخرة، واليقين بالآخرة، من أهم ما يساعد الإنسان على التزام التقوى في هذه الحياة، والاستقامة في هذه الحياة؛ لأن الإنسان يدرك أنَّ مستوى العقوبات والعواقب خطيرة جداً على الإخلال بالتقوى، ومهولة، ورهيبة، وليست فقط في ما قد يصيب الإنسان في هذه الحياة من شرور، ومن آلام، ومن مخاطر، ومن أضرار، ومن مصائب، بل أكبر بكثير، رهيبةٌ جداً، فهذا يمثِّل حافزاً له على الاستقامة في هذه الدنيا، فهذه مسألة مهمة.

ولهذا قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم في أوصاف المتقين: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}[البقرة: من الآية4]، وصلوا في مستوى إيمانهم بالآخرة إلى درجة اليقين، واليقين له أثره الكبير على الإنسان، عندما يكون موقناً بكل تلك التفاصيل عن عالم الآخرة، التي ذكرها الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن، ويدرك أنَّه سيتَّجه إليها، وإذا عاش تلك التفاصيل ووصل إليها بإخلاله بالتقوى، بتفريطه في تعاليم الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فهي حالة خطيرة جداً.

فالإنسان بحاجة إلى هذا الإيمان، وهذا اليقين، وبحاجة إلى الاستحضار؛ لأننا في واقعنا كأمةٍ مسلمة نقر في إيماننا بالآخرة، إيمان إقرار، نحتاج أولاً إلى أن يكون إيمان يقين، وإيمان راسخ، ووعي، وبصيرة، وفي نفس الوقت الاستحضار والتذكر لما ذكره الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عن عالم الآخرة، من خلال تلاوة الإنسان للقرآن الكريم، وينبغي أن تكون هذه العلاقة مع القرآن الكريم، في الاهتمام بتلاوته علاقة دائمة، علاقة مستمرة، علاقة يومية، والإنسان يقرأ في القرآن الكريم وفي القرآن مساحة واسعة جداً للحديث عن عالم الآخرة، فالإنسان عندما يتلو كتاب الله، ويتلو آيات الله، ويرى تلك التفاصيل المؤثِّرة جداً، والمهمة للغاية، هذا يزيده دافعاً للتقوى، ويدرك أهميتها باستمرار، فالغفلة، وعدم الاستحضار، عدم التذكر، عدم الانتباه، يسبب للإنسان قسوة القلب، وإذا قسى قلب الإنسان؛ كان جريئاً على المخالفة لتوجهات الله، وتعليمات الله، التي هي تشكِّل وقايةً له، فيفرِّط في التقوى، وهي حالة خطيرة جداً.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال عن عباده المتقين المفلحين؛ ليبيِّن هذا الاستحضار للآخرة، هذا التذكر، هذا الإيمان، هذا اليقين، يحكي عنهم: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}[الإنسان: الآية10]، هذا التذكر، وهذا الاستحضار مثَّل دافعاً عملياً، وكان شعوراً حياً يحملونه في قلوبهم، ومشاعرهم، ووجدانهم.

يقول عن أهل الجنة في الجنة، عن المتقين الذين لم يفرِّطوا بالتقوى، فوصلوا إلى الغاية العظمى، والسعادة الأبدية، وهم يتحدثون عن أسباب نجاتهم في الدنيا: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ}[الطور: الآية26]، لم يكونوا في حالة غفلة دائمة مستحكمة، وإعراض، وتجاهل، واستهتار، كان هناك حالة إشفاق، محاذرة من الوقوع في سخط الله، وعذاب الله، والعقاب الإلهي.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ذكر أيضاً حتى عن ملائكته، وعن أنبيائه، كيف هي مشاعرهم حيَّة، كيف يعيشون حالة الحذر من المخالفة لتوجيهات الله، وتعليمات الله؛ لأنهم يؤمنون أنَّ ذلك يوقعهم في العذاب، أنَّ ذلك تفريطٌ في التقوى، فيما يشكِّل وقايةً لهم، فيقول عن ملائكته، وهم ملائكته: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل: الآية50].

يتحدث عن أنبيائه كذلك، عن مخافتهم: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الإسراء: من الآية57]، يخافون من عذاب الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يحملون مشاعر الخوف من أن يفرِّطوا في توجيهاته، في تعليماته؛ لأنهم يدركون أنَّ ذلك هو تفريطٌ فيما هو وقايةٌ لهم.

يقول عن خاتم أنبيائه وسيِّد رسوله محمد بن عبد الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزمر: الآية13]، رسول الله "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" يحمل مشاعر الخوف من أن يفرِّط في التقوى، من أن يخالف تعليمات الله، من أن يعصي الله؛ لأنه يدرك ما وراء ذلك من العذاب العظيم.

هؤلاء هم ملائكة الله وأنبياؤه، كيف بنا نحن؟! كيف بالإنسان الجاهل، الغافل، المستهتر، الذي لا يدرك الخطر الكبير الناتج عن تفريطه بالتقوى؟!

يوم القيامة وأهواله، هو مرتقبٌ ومنظور، وله ثقله في السماوات والأرض، يومٌ عظيم، ينبغي أن يلتفت الإنسان إليه، له شأنٌ يعنيه، ويتعلق به؛ ولهذا يقول الله عن القيامة، عن الساعة: {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: من الآية187]، شأنها كبير، مشهد رهيب جداً، مرتقب بين ملائكة الله، وبين خلق الله، وسيأتي حتماً، ويترتب عليه نتائج كبيرة جداً؛ ولهذا بهذه الأهمية الكبرى، كان من أهم أدوار الرسل والأنبياء ومسؤولياتهم ومهامهم: أن يكونوا مبشِّرين، وأن يكونوا منذرين؛ لإقامة الحجة على الناس، ولهذا يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: من الآية165]؛ لأن ما يأتي أمر رهيب، وأمر عظيم جداً.

فعالم الآخرة، ويوم القيامة، ليس مجهولاً، بل أتى الحديث عن تفاصيله الكثيرة جداً في القرآن الكريم، وعن مراحله، مرحلةً بعد مرحلة، وبحديثٍ تفصيليٍ عجيب، يُشَخِّص للإنسان في حالة تقريبية- إذا تأمل الإنسان ذلك- ما يرى منه مشهداً رهيباً جداً، يدرك أنَّ من الخسران، وأن من الحمق أن يتجاهل الإنسان هذا المستقبل الآتي حتماً، الذي هو مصيرك المحتوم، ستتجه إليه، ويتقرر فيه أيضاً حياتك في عالم الآخرة، الحياة الأبدية، إمَّا بخيرٍ خالص، وإمَّا بشرٍ خالص.

عالم الآخرة مرتبطٌ ومترابطٌ مع عالم الدنيا، فمنذ بداية التكوين في تدبير الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، أن يكون هناك عالم الدنيا (العالم الأول)، وعالم الآخرة، وليس فقط عالماً واحداً، وحياة الإنسان- كذلك- في تدبير الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" منذ البداية، الإنسان مخلوق لحياتين: الحياة الأولى، والحياة الآخرة، بينهما فاصلٌ قصيرٌ جداً، هو الموت، والإنسان سيستشعر حين البعث كم كان الموت فاصلاً قصيراً جداً، قد يتصوَّره الإنسان بمقدار ساعة واحدة، أو بعض يوم، فالإنسان منذ البداية في تدبير الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو مخلوقٌ لحياتين بينهما ارتباط، حياة محدودة، بأجل محدود، قصيرة جداً في مقابل الحياة الأخرى، التي هي أبدية، لا نهاية لها؛ ولذلك ينبغي على الإنسان بما أنَّ مصيره في الحياة الأخرى مرتبطٌ بهذه الحياة، وبما يعمله في هذه الحياة، ينبغي أن يحسب حساب حياته الأخرى، وليس فقط يتَّجه إلى هذه الحياة ناسياً ذلك المستقبل الأبدي، حسابات الإنسان واهتماماته ينبغي أن تكون مبنيةً على ذلك.

أتى الحديث عن عالم الآخرة، وعن نهاية هذه الحياة في القرآن الكريم بعناوين مهمة جداً، عناوين تبيِّن لنا رهبة وعِظَم ذلك المستقبل الآتي حتماً: القيامة، والساعة، والواقعة، والقارعة، والطامة الكبرى، والصاخة، والحاقة، هذه من الأسماء والعناوين التي تعبِّر عن هول المرحلة الثانية للوجود، هذه المرحلة الآتية في جزئيها: نهاية هذه المرحلة الأولى، وبداية المرحلة الأخرى في النفخة الأولى والنفخة الثانية، الصيحة الأولى والصيحة الثانية.

في مقدمة ما ينبغي أن نعرفه عن القيامة، وعن أهوالها: أنَّها قد اقتربت، أنها قريبةٌ جداً، وأنها بالنسبة لنا في هذا العصر أقرب من أيِّ زمنٍ قد مضى، نحن آخر الأمم، نحن على مقربةٍ- فعلاً- من قيام الساعة، من نهاية المرحلة الأولى من الوجود، ومجيء المرحلة الثانية في عالم الآخرة، نحن على مقربة- نحن أهل الأرض بشكلٍ عام- نحن على مقربة أكثر من كل الأجيال البشرية التي قد مضت في التاريخ، فنحن على مقربة من نهاية هذه الحياة، على قربٍ من قيام القيامة والساعة، نحن على مقربةٍ من نهاية التاريخ، نحن في حقبة نهاية التاريخ، في المراحل المتأخرة جداً، وهذا ما أكَّده الله في القرآن الكريم؛ ولذلك ختمت رسالات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" بخاتم النبيين، وسيِّد المرسلين محمد بن عبد الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، فكان ختام الأنبياء، وكانت رسالة الله إليه هي نهاية الرسالات، وختام الرسالات؛ لأن البشر على مقربة من القيامة، من الحساب والجزاء.

ومع قربها، هي ستأتي بغتة، ليس هناك وقت محدد يتصوَّر الإنسان أنه في يوم كذا، في ساعة كذا- سواءً من ليلٍ أو نهار- تقوم الساعة، ستأتي بغتة، في وقتٍ غير متوقع، معنى مجيئها بغتة: أنها ستأتي في مرحلة، في وقت، في لحظة لا يتوقع المجتمع البشري حتى بالرغم مما يمتلكه البشر في هذا العصر من تقنيات، من إمكانات، وقد تطوَّرت العلوم بمختلفها، علوم الفلك... وغيرها من العلوم، تطوَّرت وامتلك البشر فيها أيضاً وسائل وتقنيات، وإمكانات متطورة، مع كل ذلك ستأتي في وقتٍ غير متوقع، خارج الحسابات والقراءات، ولو كان لدى البشر مراصد فلكية، وحسابات رياضية لحركة الأفلاك، وحركة الكواكب، وحركة الأرض، ولكن ستأتي في وقتٍ لا يتوقعونها أبداً، بغتة، وهذا ما أكَّده القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة، فلا يعرف أحدٌ اللحظة التي تحصل فيها، تجيء فيها الساعة، وتقوم فيها القيامة، إلَّا الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}[الأعراف: من الآية187]، فهي قريبة، كما قال عنها: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم: 57-58].

النفخة الأولى كما في التعبير القرآني، والصيحة الأولى أيضاً كما في تعبيرات قرآنية، يختل بها نظام عالمنا هذا، في سمائه وأرضه، وتدمِّر الأرض بكلها تدميراً كلياً هائلاً، بزلزالٍ عظيمٍ شامل، يسحق جبالها بكلها، بالرغم من كثرة الجبال في الأرض، من قوتها، مما فيها من الصخرات، وهي أوتاد للأرض، هذه الجبال الشامخة، الممتدة على مساحات ورقعة واسعة في الأرض، تنسف بشكلٍ نهائي نتيجةً لذلك الزلزال العظيم، وتتحول إلى هباء، إلى غبار يتطاير في الجو وتنتهي؛ ولهذا يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة: الآية13]، واحدة فقط، {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}[الحاقة: الآية14]، يعني: لا يحتاج كل جبل إلى نفخة، وإلى صيحة، وإلى حادث منفرد به، ثم ينتقل إلى الجبل الآخر، فيبدأ بها جبلاً ثم جبل، إلى آخر الجبال في الأرض، بل في نفحةٍ واحدة تدك كل الجبال، تنسف كل الجبال التي على الأرض، {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الحاقة: الآية15].

الزلزال الذي يُدمِّر الأرض بكلها، وبكل ما عليها من الجبال، فما بالك بالعمران! إذا كانت الجبال بكل قوتها، وشموخها، وثقلها، وكبرها، وصخراتها الصلبة، وجبال كثيرة هي بذاتها صلبة، تدمَّر وتنسف في لحظةٍ واحدة، في نفحةٍ واحدة، في صيحةٍ واحدة، فما بالك بما على الأرض من عمران، من مدن، من قرى، من منشآت عمرها الإنسان على كوكب الأرض، كلها ستنسف، لا يتخيل الإنسان هذه الحالة الرهيبة، هذا المشهد المهول جداً، من الدمار والخراب الذي ينسف كل ما على الأرض من المدن والقرى في لحظةٍ واحدة، في لحظة واحدة يتم تدمير كل ما على الأرض، من مدن، من منشآت، من عُمران، من مبانٍ، كل ما عمره الإنسان، وتنتهي كل معالم الحياة على الأرض، كل ما على الأرض من معالم للحياة؛ ولهذا يقول الله: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}[الزلزلة: 1-5]، في بداية الأمر يصاب الإنسان بالذهول، بالدهشة، بالحيرة، بالخوف؛ لكنه سيهلك، يهلك كل البشر الذين تأتي الساعة وهم على قيد الحياة، يهلكون بأجمعهم، كل الكائنات الحية على وجه الأرض كلها تنتهي، كلها تموت، كلها تهلك.

{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن: الآية26]، يفنى كل ما على وجه الأرض من كائنات حية، الأرض التي كانت تنتشر فيها الكائنات الحية باختلافها وأنواعها، في برها وبحرها، كل تلك الكائنات الحية تموت، كل ما على الأرض يفنى، لا يبقى ولا كائنٌ حي على وجه الأرض.

تنسف الجبال بكلها، تمحى كل معالم العمران على الأرض، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا}[الكهف: الآية8].

حتى البحار والمحيطات، التي تغطي نسبة واسعة من كوكب الأرض، تتبخر وتتلاشى، {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}[الانفطار: الآية3]، {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير: الآية6]، تتلاشى وتنتهي، لا يبقى على الأرض لا مياه، ولا جبال، ولا عمران... ولا أي معالم من معالم الحياة التي كانت قائمةً عليها، تتحول الأرض إلى صعيد، إلى جُرُز، ليس فيها أي نبات، ولا أي غابات، ولا أي معالم من معالم الحياة، ولا ماء... ولا أي شيء، {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا}، لا نبات فيه، ولا حياة فيه.

يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا}[طه: 105-107]، لا ترى في الأرض تتحول إلى ساحة مستوية تماماً، وصعيدٍ مستوٍ، ليس فيها لا جبال، ولا منخفضات، ولا وديان، ولا أنهار، ولا بحار... ولا أي معالم من معالم الحياة، ينمحي كل ما عليها من معالم الحياة، ومن العمران، تصبح صعيداً جُرُزاً، وقاعاً صفصفاً مستوياً تماماً، ليس فيه أي شيء آخر.

{لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا}: مستوية بشكلٍ تام، بشكلٍ تام، يتغير وضع الأرض بشكلٍ كامل، ومعالمها، صورتها وشكلها، كل شيء يتغير، يتغير، الآن للأرض شكلها، ولها لونها، بالبحار والمحيطات التي تغطيها، بالغابات التي تغطِّي مساحةً منها، وفي أماكن منها أيضاً معالم العمران الذي عمره البشر، من مدن وقرى، كل ذلك ينتهي، ولا مزارع، ولا نباتات... ولا أي شيء، شكل مختلف تماماً.

ليس فقط هذه المتغيرات التي تأتي على الأرض، في نهاية المرحلة الأولى من الوجود، وتمهيداً للمرحلة الثانية، بل يشمل السماء، السماء في بداية أمرها تنشق، السماء يقول الله عنها: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}[الانفطار: الآية1]، {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}[الانشقاق: الآية1]، {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}[الحاقة: الآية16]، يتغير لونها {كَالدهَانِ}[الرحمن: من الآية37]، كما ورد في الآية المباركة، ثم تطوى وتتلاشى وتنتهي، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}[الأنبياء: من الآية104]، تطوى وتنكمش وتتلاشى.

الشمس التي هي نجمٌ ملتهبٌ، متوقدٌ، مستعرٌ، هائل، كبير الحجم جداً، تنتهي، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير: الآية1]، النجوم تتساقط {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}[التكوير: الآية2]، كذلك يطمس نورها وينمحي، ويظلم العالم ظلاماً مطبقاً وبشكلٍ تام، وهكذا الشمس والقمر تصطدم ببعضها البعض، {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}[القيامة: الآية9].

فينتهي هذا العالم بكل ما فيه، ويعيد الله صياغته من جديد؛ لتبدأ المرحلة الثانية من الوجود فيما بعد ذلك، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {يَوْمَ تُبَدلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم: من الآية48]، يعيد الله صياغة الأرض وتشكيلها، وتشكيل السماوات والأرض، لمهمة مختلفة، الأرض عندما يغيِّر الله حالها، لا يبقى فيها الجبال، ولا البحار، ولا النباتات، وتتحوَّل إلى صعيدٍ مستوٍ تماماً؛ لأن لها مهمة، مهمة أخرى، غير المهمة السابقة، مهمة الحشر عليها، والحساب عليها، تمهيداً للانتقال إلى عالم الجزاء.

ما بين المرحلتين: مرحلتي القيامة والساعة، في مرحلتها الأولى التي هي نهايةٌ للوجود، وخرابٌ لنظام العالم لإعادة تشكيله وصياغته، إلى المرحلة الثانية، التي أعيد فيها تشكيل هذا العالم من جديد؛ لتبدأ مرحلة جديدة هي الحياة الأخرى، وليبدأ الناس في البعث والحشر إلى عالم الآخرة، هي مرحلة ليست بعيدةً جداً قياساً بما قد مضى من الزمان؛ ولهذا يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ}[النازعات: 6-7]؛ ليبيِّن القرب ما بين النفخة الأولى والنفخة الثانية، والله أعلم كم هو قياساً بالنسبة للزمن.

يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}[الزمر: من الآية68]، هذا الاستثناء لما خارج الأرض، أمَّا الأرض فهو قال عنها: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن: الآية26]، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر: من الآية68]، بعد إعادة تشكيل الأرض والسماوات والعالم من جديد، تأتي النفخة الثانية، والصيحة الثانية، صيحة البعث، صيحة الحشر والنشور، في يوم النشور، في يوم البعث.

نستكمل الحديث على ضوء بعضٍ من الآيات المباركة القرآنية عن مرحلة الحشر، والنشر؛ والحساب، والجزاء؛ والجنة، والنار، باختصارٍ- إن شاء الله- في محاضرة الغد.

نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: فی القرآن الکریم المرحلة الثانیة کل ما على الأرض فی هذه الحیاة کما قال الله ى الإنسان أن یکونوا فی الدنیا فی الآخرة خطیرة جدا فی التقوى ت ع ال ى س ب ح ان ه ع ل ى آل الأرض من ینبغی أن إلى عالم فی الأرض على مدى ات الله التی هی من خلال فی لحظة إ ذ ا ال ال أ ر ض أن یکون ل وقایة م او ات ة الله ات الل فی ذلک ولا أی فی وقت الذی ی ر الله فی یوم التی ت

إقرأ أيضاً:

أنظمة التطبيع معاول هدم لكل مقومات النهوض الإسلامي

 

 
يمن الأنصار سيظل دوما إلى جانب محور القدس حتى تطهير كامل الأرض العربية من التواجد الاستعماري. 
 “الثورة” ترصد تفاعل يمن الإيمان والجهاد مع قضية المقدسات في السطور التالية: 
الثورة / أمين العبيدي

 

كانت البداية مع الأخ حسين محمد المهدي الذي تحدث قائلا : إن اليهودَ المتصهينين باعتدائهم على أرض فلسطين وسوريا ولبنان يكشفون للعالم عن وجوههم القبيحة، فقد سلكوا طريق الهلاك والبوار، وركبوا مطية البغي والاستكبار، ومن ركب مطية البغي لم ينل بغيته، ولم يحصل على أمنيته، فدولة المجاهدين في حزب الله ولبنان وسوريا وغزة فلسطين يحوطها الدين، وكلّ دولة يحوطها الدين لا تغلب، كما أن كُـلّ نعمة يحرسها الشكر لا تسلب.
مضيفاً أن الصهيونية اليهودية التي يقودها “نتن ياهو” وأمثاله قد هبطت إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الأخلاقي والخُلُقِي، وبَنَتْ جيشها من شذاذ الآفاق، ودربتهم على سفك الدماء وقتل الأبرياء، واحتلال أرض العرب والمسلمين، وزرعت في أفكارهم خيال قيام دولة يهودية على أرض العرب والمسلمين وهيهات أن يتم لهم ذلك.
وتابع: إن الذي يقبل بقيام دولة صهيونية متوحشة تنتهك الحرمات، وتحتل الأرض، وتريد الاستيلاء على المقدسات، فليس على وجه الأرض عاقل يقبل بما ترمي إليه الصهيونية، ولا يوجد قانون يسمح لهؤلاء الشذاذ المتصهينين بشيء مما يطمحون إليه، ومن المستحيل أن يوجد على وجه الأرض عاقل يؤمن بالله ويعترف بحقوق الإنسان، يسمح للصهيونية المتوحشة التي تسفك الدماء ليل نهار بالاستيلاء على غابات مليئة بالسباع الضواري والحيات والأفاعي، فضلًا عن أن يسمح لهذه العصابة الصهيونية المتوحشة بالاستيلاء على شعوب ذات حضارة وأخلاق إنسانية وإسلامية، فكما لا يمكن أن تكون للقضايا صورة مخصوصة ثم تظهر منها بعد ترتيبها نتيجة غير ما تستدعيه القضايا وترتيبها بوجه خاص، كذلك فَــإنَّه لا يمكن أن تكون للأجزاء الكيمائية خصائص ثم يظهر بعد امتزاجها وتركيبها شيء تختلف خصائصه عما يقتضيه تركيب تلك الأجزاء، هذه سنن ثابتة، وترتيباً على ذلك فلا يمكن للصهيونية أن تتحدث عن حقوق الإنسان وهي تقتل الإنسان وتسفك دمه، ولا يمكن أن تتحدث عن دولة يهودية تحمي الحقوق والحريات وتبني نهضة عمرانية وهي تسعى إلى هدم العمران وانتهاك الحقوق والحريات واحتلال الأرض واغتصاب الديار وسفك الدماء على مرأى ومسمع من العالم! وتسعى إلى محاربة الثقافة التي تصونُ القيم وتحترم المشاعر والمعتقدات وتحافظ على بنية الإنسان ثم تزعُمُ أنها تريدُ للإنسان خيراً وهي تحشوه بكل عوامل الشر.. لعمر الحق إن ما تسعى الصهيونية إليه لا يمكن أن يتحقّق أبداً، إن دين الإسلام وحده هو المرشح الوحيد لإقامة دولة إسلامية على الأرض كلها؛ لأَنَّه جاء بنظام يقوم على إصلاح كُـلّ شؤون الحياة الدينية والدنيوية؛ فقد أناط الفلاح بمن يعمل الصالحات ويحمي الحقوق والحريات، ووعد الله الإنسان فيه بالاستخلاف في الأرض (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، فالآية الكريمة توضح نظرية الدولة في الإسلام إيضاحاً مبنيًّا على الإيمان بالله وقواعد المنطق والعقل بعمل الصالحات؛ فالإسلام لا يسعى إلى تعطيل القوى الفكرية والبشرية والتحكم في مصالح الناس والإضرار بعقيدتهم ومصالحهم كما تفعل الصهيونية، فهو يحجم الفساد ويسعى إلى إزالته فَــإنَّما جاء الإسلام ليقيم نظام العدالة الاجتماعية على أَسَاس ما أنزله الله من البينات (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) (لَقَدْ أرسلنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ).
وتابع قائلاً: الدولة التي جاء بها الإسلام ليس لها غاية سلبية، بل إن هدفها الأسمى هو نظام العدالة الاجتماعية والنهي عن المنكرات واجتثاث شجرة الشر من جذورها، وَالأمة الإسلامية هي المؤهلة لذلك كله، دل على ذلك قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ) أما بنو “إسرَائيل” فقد أخبر الله عن فسادهم ووعد المسلمين باجتثاثهم ودخول المسجد الأقصى وتطهيره من دنسهم ووعد بالنصر عليهم وأمر بقتال من يقاتل المسلمين أَو يحتل أرضهم فقال سبحانه وتعالى: (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) ولن يثني عزائمهم أبداً استهداف زعمائهم من قبل الصهيونية، بل يزيدهم قوة وعزيمة فكل فرد من أفراد هذه الأُمَّــة يؤمن بما جاء به القرآن وبما جاء به محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وكلّ مؤتمن على ذلك وَإذَا عمل به يكون مرشحاً لقيادة الجيوش ومؤهلاً لقتال اليهود والمنافقين؛ فقادة المسلمين كثر في الأُمَّــة فهم كالنجوم كلما غرب نجم سطع آخر وفي الأُمَّــة اليوم بحمد الله ملايين الدكاترة والعلماء في مختلف التخصصات الذين يدينون بدين الإسلام وهم قادرون ومؤهلون على النهوض بالأمة وقيادة الجيوش وبناء دولة إسلامية قادرة على اجتثاث الصهيونية من جذورها وفي مقدمة هؤلاء أنصار الله وحزبه العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والهزيمة والخزي لليهود والمنافقين، ولينصرن الله من ينصره أن الله لقوي عزيز..
طُـوفان الأقصى انتصار للأمة
واكد الأخ شهاب الرميم بقوله : عملية “طُـوفان الأقصى” وما حملته معها من انتصار للقضية الفلسطينية، عمدته دماء الآلاف من الشهداء والجرحى، وسطرته حركات الجهاد وفصائل المقاومة في غزة بانتصارات وتضحيات وصمود ،أثبتت فشل قوات العدوّ الإسرائيلي بعملية الزحف العسكري البري، وعجزه عن تحقيق أي نصر ميداني يذكر على الأرض؛ ما دفعه لتعويض تلك الانتكاسة والفشل بارتكاب المزيد من المجازر المروعة بحق المدنيين من النساء والأطفال إضافة إلى استهداف البنية التحتية والمرافق الخدمية، أهمها القطاع الصحي وفرض حصار مطبق، مستغلاً الصمت الأممي المخزي والخذلان العربي الرهيب، وأمام هذه المستجدات كان على أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية في محور المقاومة دون غيرهم أن يتحملوا شرف القيام بمسؤوليتهم الدينية والأخلاقية لنصرة غزة وفلسطين عُمُـومًا، والمساهمة بشكل كبير في فرض معادلة الضغط على العدوّ ما أمكن والعمل على خنقه اقتصادياً وضربه عسكريًّا، حتى يوقف جرائمه ويرفع حصاره عن غزة والذهاب نحو توسيع دائرة الحرب على مستوى المنطقة كاملة، شاملة الأهداف العسكرية والحيوية للكيان والقواعد الأمريكية المساندة له المتمركزة في ربوع المعمورة، وجعلها مسرحاً للعمليات العسكرية للمحور.
ظاهرة النفاق وخطورتها
من جانبه أشار د. محمد عبدالله شرف الدين إلى أنه ليس (اليهود / المنافقون) ظاهرة عصرية طارئة، ولا قضية تَرَفِيَّةً، لا تمس متغيرات الواقع، وللموضوع ثلاثة محاور، وهي: (المعطيات -العلاقات -النتائج).
أولا: المعطيات:
ملفوظ (اليهود)؛ عبارة عن مفهوم ومصطلح، ولعل أول ظهور للمفهوم (اليهود) في أعمق تأثيل على إثر الانقسام بين أبناء نبي الله يعقوب، فيعد الأبناء المخالفون أول تشكل لتيار منحرف بين أظهر بني “إسرائيل”، واتسع مع مرور العصور حتى بلغ الانحراف الكامل حين دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وعن المصطلح (اليهود) ارتبط بالمنحرفين عن دعوة الإسلام لنبي الله موسى عليه السلام، وقرن القرآن الكريم بين المصطلح والمفهوم لليهود، ليعبر عن فريق الشر المحض وعند مفهمة مصطلح (النفاق)، وما يشتق منه، قد يتبادر في الذهن ارتباطه بالقاموس القرآني؛ لكن إنعام النظر يشف عن كون الحديث الواسع في القرآن الكريم عن ظاهرة النفاق، وخطرها، والتحذير منها، ليس؛ لأَنَّها وليدة الواقع العربي في مرحلة نزول القرآن الكريم، وإنما لكونها خطر كَبير أسقط ممالك قبل دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله لقد عانى بنو “إسرائيل” أشد العناء من هجمات قوميات أُخرى عليهم قبل عهد مملكة نبي الله داوود، وكان الأخطر من المهاجمين هم منافقون، يرفعون المعلومات الاستخباراتية للقوميات الأُخرى؛ إذ قلوبهم موالية لأُولئك.
ثانياً: العلاقات:
أما العلاقة بين اليهود وأدوات النفاق العربي؛ فتبدأ من أرض الشام، وتنتهي في أرض الشام، لقد نفي أمية من مكة؛ لفجوره، وحط به المقام عشرين عامًا في الشام بالذات، الشام التي كان يخصها بزيارات سنوية في رحلة الصيف، وهذا يكشف عمق العلاقة بين أمية، وأهل الشام، ولكن من منهم بالتحديد؟
خصت علاقة أمية من أهل الشام بيهودها خَاصَّة، ومن الشام تقاطر اليهود إلى حول المدينة قبل البعثة النبوية، وهي منفى مِن أجلِي من اليهود في عهد النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله، من حول المدينة، فالشام بؤرة خطيرة، وبيئة خصبة لتنامي العلاقة بين النفاق واليهود لقد وجه النبي محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- قبل وفاته جيش أسامة جهة الشام، ففتح الله الشام على أيدي تلاميذ رسول الله، من ربتهم سورة التوبة، ورفع من معنوياتهم غزوة تبوك وفتحت الشام؛ ليختطفها منافقو العرب؛ إذ ولى عمر بين الخطاب يزيداً بن أبي سفيان، وبعد موته ولى أخاه معاوية لعشر سنوات، فضجت العرب من فساده وإفساده، فقال عمر: دعوه، إنه كسرى العرب، لقد اختيرت الشام مهبط منافقي الإسلام، وهو اختيار بعناية تمتد إلى تلك الجذور لقد كان معاوية المتراس الأول لمنع امتداد الفتح الإسلامي إلى الغرب الكافر، ومن بعده بنو أمية كان لمعاوية طبيب، وكان مكيناً في مكانته، وقدره، ناهيك باليهود المجليين من حول المدينة، فهم للاستشارة، وحلحلة المعضلات، وقلب مفاهيم الدين الإسلامي، فلهم خبرة تمتد لآلاف السنين، ولذا قد جعلوا لكل قائم مائلًا، وكان مجلس هشام بن عبد الملك يرتاده يهوداً، للمنادمة، وهتكوا عرض رسول الله في ذلك المجلس، أصبح سرجون بن منصور النصراني كاتب معاوية، واستمر متنقلاً حتى عهد عبد الملك بن مروان، فمثل دوره، كدور سفراء دول الغرب الكافر في عالمنا الإسلامي، وهناك عدد من النصارى عمال على أمصار ولاهم بنو أمية.
إن طبيعة العلاقة بين اليهود والمنافقين تتمثل في أواصر (الأخوة)، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، [سُورَةُ الحَشرِ: ١١] وهذه اللفظة ذاتها، نطقها من يطلق عليه رئيس رابطة العالم الإسلامي في السعوديّة العيسي أثناء حديثه عن طبيعة علاقة السعوديّة باليهود؛ إذ قال: وقف أنا وإخوتي من اليهود وفي معاصرتنا قادة النفاق النظام السعوديّ يعطي كيان العدوّ الإسرائيلي في معركة (طُـوفَان الأقصى) ملايين الدولارات، كدعم في مواجهة الحرب ويشارك النظام الإماراتي مع العدوّ الإسرائيلي الاجتياح البري لغزة بفرق متعددة، ناهيك بمشاركة الطيران
ثالثا: النتائج:
ولكن ما نتائج تلك العلاقات؟
قطعاً قطعاً؛ قال تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}، [سُورَةُ الحَشرِ: ١٢] لقد أدبر السعوديّ والإماراتي عند الاعتداء على اليمن لإرضاء اليهود والنصارى، وهَـا هو يدبر في قطاع غزة، فثمة أكثر من أسير إماراتي في قبضة حركة حماس ولا قلق من تجمعهم، فهم في خلاصة جمعهم لا يخرجون من دائرة حزب الشيطان الذي قال الله عنه: {أولَـٰۤىِٕكَ حِزبُ الشَّيطَـانِ ألا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَـانِ ٰنِ هُمُ الخَـاسِرُونَ}، [سُورَةُ المُجَادلَةِ: ١٩] لقد اجتمع ثلاثي الشر في غزو العراق، وفشلوا، وفي اليمن تقهقروا، وها هم اليوم في فلسطين ولبنان يجرون ويلات الهزيمة وهَـا هي قمة الرياض المخزية للمرة الثانية، تجر أذيال الذل والعمالة، والتآمر على قضية فلسطين، ولذا ليست بقمة إسلامية؛ إنما قمة النفاق: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، [سُورَةُ المَائـِدَةِ: ٥٢]، فخاتمتهم الندم الشديد، وما خاتمة زعماء عرب سبقوهم تولياً لليهود والنصارى عنهم ببعيد، فيرونه بعيدًا، ونراه قريباً وكما سجل التاريخ منافقي الأُمَّــة الأوائل في صفحات المقت، والخزي، والعار، والفناء؛ فلن يكون منافقو الأُمَّــة في المعاصرة ببعيدين عن ذلك، والندم على جرائرهم أشد وطأة عليهم واليهود حالهم المزري لا ينفك عن ملاحقتهم، الذل، والخزي، والخوف، والقلق، ويكفيهم جميعًا العذاب النفسي اليوم، فسينفقون، ثم تكون عليهم حسرة، ويغلبون، وهم جميعًا في النار: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَاٰفِقِينَ وَالكَاٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٤٠] أما نحن أُمَّـة الإسلام؛ فقد حدّدنا مسارنا، وبدقة متناهية، وبتوجيهات مكللة بالعون الإلهي، فقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٧٦].
الإبادة الجماعية وأنظمة التطبيع
وفي هذا السياق يقول الأخ أحمد المتوكل: الإبادة الجماعية والاستهداف الشامل لكل مقومات الحياة، ومنع دخول الماء والغذاء والدواء هو ما يقوم به العدوّ الإسرائيلي اليهودي بحق الفلسطينيين واللبنانيين في قطاع غزة ولبنان وبمساعدة ودعم من أمريكا والأنظمة العربية المتصهينة،  لم يكن (طُوفَان الأقصى) في السابع من أُكتوبر وشماعة استعادة الأسرى هو الدافع الإسرائيلي لاستهداف غزه ولبنان، بل هو امتداد لسلسلة جرائمه الصهيونية على مدى خمسة وسبعين عامًا من احتلاله لفلسطين وتنفيذًا لمخطّطه الإجرامي الخبيث في السعي لإنشاء دولته المزعومة والتي يسميها بدولة “إسرائيل الكبرى”، والتي تمتد من النيل في مصر إلى الفرات في العراق، وتضم جزءًا من مصر وثلثَي السعوديّة وتشمل مكة والمدينة ودول الشام والعراق كان لا بُـدَّ للعدو الإسرائيلي لتحقيق هدفه وإنشاء دولته المزعومة أن يقوم بتغييرات جيوسياسية في المنطقة العربية، وإشعال الثورات والحروب الأهلية لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وتهيئة الأنظمة العربية للتطبيع، وصناعة القاعدة وداعش والجماعات التكفيرية لتهيئة البلدان للاحتلال الأمريكي والإسرائيلي الجدير بالذكر أن النظام السعوديّ هو النظام السبَّاق في قتل المسلمين قبل العدوّ الإسرائيلي، فقد قتل أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني فيما تُعرف بمجزرة تنومة، وذلك قبل احتلال اليهود لفلسطين، وهو أول من سارع في إهداء فلسطين لليهود وسمَّاهم بالمساكين، وهو من شنَّ عدوانه لأكثر من عشر سنوات على اليمن؛ بهَدفِ إفشال ثورة الواحد والعشرون من سبتمبر وإعادة اليمن لحضن التطبيع ومنع سيطرة أنصار الله لمضيق باب المندب وكل ذلك يصب في حماية العدوّ الإسرائيلي ومساعدته في إنشاء دولته المزعومة، ولم يكتفِ النظام السعوديّ عند هذا الحد، بل قام بدعم الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق، وإشعال الاقتتال في السودان بمساندة من شريكه الإماراتي.

مقالات مشابهة

  • تدشين المرحلة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية الوحدة
  • وقفة للتأمل
  • سيناريو الحرب الثانية على إيران
  • مالك عقار: الأرض أرض الله، ولا كأننا سمعنا حاجة
  • أنظمة التطبيع معاول هدم لكل مقومات النهوض الإسلامي
  • الرئيس الشرع: الهوية تعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج
  • «دي سُنة الحياة».. شيكابالا يكشف أسباب اعتزاله كرة القدم
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • كلمة مرتقبة لقائد الثورة حول آخر المستجدات
  • كلمة مرتقبة لقائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الدولية والإقليمية