بوريطة: المغرب فاعل لا محيد عنه في إدارة الهجرة بالفضاء المتوسطي أخبار سياسية
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الأحد في روما، أن المغرب أثبت نفسه، تماشيا مع الرؤية الملكية، كفاعل لا محيد عنه فيما يتعلق بإدارة الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وصرح بوريطة لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب مشاركته، بتعليمات من الملك، في المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة، برئاسة رئيسة الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني، أن المغرب “تحت قيادة الملك محمد السادس، اكتسب خبرة مثبتة في إدارة تدفقات الهجرة على مدى أكثر من عقدين”.
وقال الوزير إن الرؤية الملكية تنعكس ليس فقط في السياسة الوطنية للهجرة واللجوء، ولكن أيض ا في الأجندة الافريقية للهجرة التي قدمها جلالة الملك بصفته رائد الاتحاد الأفريقي بشأن قضية الهجرة، مشيرا إلى أن هذه الأجندة تعتبر الهجرة عاملا من عوامل التقارب بين الشعوب والحضارات وتنحو إلى جعل الهجرة رافعة للتنمية المشتركة وركيزة من ركائز التعاون بين بلدان الجنوب.
وبحسب بوريطة، فإن “المغرب لا يتعامل مع قضية الهجرة على أنها رهان نظري، بل كواقع معيش”. وأشار إلى أن “المملكة قدمت استجابات ملموسة على المستويات الوطنية والإقليمية والقارية والمتعددة الأطراف على الرغم من العديد من التحديات”.
وقال إن المغرب طور على المستوى الوطني ممارسات جيدة في دمج المهاجرين، ولا سيما من خلال عمليتي تسوية الأوضاع، وإنشاء إدارة مسؤولة وإنسانية للحدود، وحماية صحة المهاجرين خلال وباء كوفيد 19، مضيفا أنه على المستوى القاري، استضافت المملكة المرصد الأفريقي للهجرة، الذي أنشئ عام 2021.
وعلى الصعيد البين- إقليمي، كان المغرب في عام 2006 فاعلا مبادرا في إطلاق الحوار الأوروبي الافريقي حول الهجرة والتنمية، المعروف بمسلسل الرباط، الذي يترأسه حاليا، وفي بلورة خريطة الطريق العملية الأولى لتنفيذ ميثاق مراكش، في إطار الحوار المتوسطي 5 + 5.
وأشار الوزير إلى أن المغرب على المستوى متعدد الأطراف هو الوديع المعنوي للميثاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، والمعروف باسم ميثاق مراكش، حيث استضاف مؤتمر اعتماده وتم الإشهاد له بأنه من الرواد في تنزيله.
وأكد الوزير أنه طبقا للتعليمات الملكية السامية، فإن المغرب سيساهم في مسلسل روما، مشيرا إلى أنه حافظ على تبادلات مستمرة مع الرئاسة الإيطالية للاجتماع حتى تعكس نتائج الاجتماع المواقف التي يدافع عنها.
ويتعلق الأمر، حسب بوريطة، بالأجندة الأفريقية للهجرة، التي قدمها جلالة الملك واعتمدها رؤساء الدول الأفريقية في يناير 2018، وإرساء التوازن بين الأبعاد المختلفة للهجرة، النظامية وغير النظامية، من خلال تكريس السردية الإيجابية عن الهجرة وأهمية قنوات الهجرة القانونية وتكريس الأولويات الأفريقية في هذا المجال، لا سيما عبر زيادة التضامن مع القارة.
وأضاف أن المملكة تدعم أيضا تكريس المسؤولية المشتركة للإدارة الفعالة للهجرة وعدم إلقاء المسؤولية على دول العبور، وإدماج الحوار الأوروبي الأفريقي حول الهجرة والتنمية الذي بادر إليه المغرب عام 2006، والإشارة بوضوح لمعايير القانون الدولي، لا سيما حقوق الإنسان والحقوق الإنسانية، وإزالة المفاهيم الدخيلة مثل “النقاط الساخنة”.
وأوضح بوريطة أن خلاصات المؤتمر تضمنت أيضا الاعتراف بميثاق الأمم المتحدة للهجرة، الذي تم تبنيه في مراكش في 2018 ، فضلا عن عملية المراجعة التي قدم المغرب مساهمة فعالة وكبيرة فيها.
وجمع المؤتمر الذي نظم بمبادرة من الحكومة الإيطالية، حول موضوع “التزامات وحلول مشتركة” للبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، قادة دول الضفة الجنوبية المتوسطية والشرق الأوسط والخليج، وكذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعدد من دول الساحل والقرن الأفريقي، ورؤساء المؤسسات الأوروبية والهيئات المالية الدولية.
ووفقا لمجلس الوزراء الإيطالي، يهدف هذا المؤتمر بشكل خاص إلى إطلاق خارطة طريق دولية لتنفيذ تدابير ملموسة للنمو والتنمية في جميع أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، ومعالجة الأسباب العميقة لتدفقات الهجرة غير النظامية للتغلب على الأنشطة الإجرامية للمتاجرين بالبشر وإيجاد حلول لحماية البيئة ومواجهة تحديات تنويع الطاقة وتغير المناخ.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
السودان على بعد خطوة من العودة إلى البيت الأفريقي
ظل مقعد السودان شاغرا في الاتحاد الأفريقي منذ حل حكومة الدكتور عبد الله حمدوك بواسطة الرئيس البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حيث وعد البرهان في قراراته بتشكيل حكومة غير حزبية مما اعتبرته قوى الثورة (التحالف المكون لحكومة الدكتور عبد الله حمدوك) انقلابا على الوثيقة الدستورية التي منحتها قيادة المرحلة الانتقالية وفق شراكة سياسية مع المكون العسكري، بعد مفاوضات شاقة برعاية الاتحاد الأفريقي عبر مبعوثه إلى السودان البروفيسور محمد حسن ولد لبات الذي عُين لاحقا مديرا لديوان مفوض الاتحاد الأفريقي الدكتور موسى فكي. وشهدت تلك الحقبة توترات غير مسبوقة بين المفوضية والحكومة السودانية.
لكن الواقع أن قرارات البرهان التصحيحية لم تكتمل إلا بعد أربع سنوات بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء، بعد تعديلات أجريت على الوثيقة الدستورية منحت رئيس مجلس السيادة حق تفويض رئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة لتشكيل حكومة انتقالية تقود السودان لاستعادة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، بعد خمس سنوات من التجاذبات السياسية وحالة اللا استقرار وانتهاء بحرب الخامس عشر من نيسان/ أبريل المستمرة حتى الآن.
قرارات البرهان التصحيحية لم تكتمل إلا بعد أربع سنوات بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء، بعد تعديلات أجريت على الوثيقة الدستورية منحت رئيس مجلس السيادة حق تفويض رئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة لتشكيل حكومة انتقالية تقود السودان لاستعادة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة
وساند السودان انتخاب وزير خارجية تشاد الأسبق الدكتور موسى فكي للفوز بمنصب مفوض الاتحاد الأفريقي في كانون الثاني/ يناير 2017، حيث كان السودان يلعب أدوارا مؤثرة في القارة، فضلا عن علاقته المتميزة بنظام الرئيس إدريس دبي الأب، إلا أن العلاقة توترت بين السودان وموسى فكي عقب انتخابه لدورة ثانية في شباط/ فبراير 2021، حيث سارع فكي بتعليق عضوية السودان عقب الإطاحة بحكومة الدكتور عبد الله حمدوك وفض الشراكة بين العسكريين والمدنيين. ولم تفلح كل الجهود المبذولة من الحكومة السودانية للعودة للبيت الأفريقي، واشترط فكي نقل السلطة إلى حكومة مدنية لأجل ذلك.
وشهدت العلاقة توترات جديدة عقب اندلاع الحرب في السودان، فكثيرا ما اتهمت الحكومةُ السودانية الاتحادَ الأفريقي بالسلبية والانحياز للدعم السريع والقوى السياسية المتحالفة معه في الكثير من المواقف، ودعوة الرئيس البرهان للجلوس مع قائد الدعم السريع للتوصل إلى اتفاق يعيد الأمور إلى ما قبل الحرب، وهو ما يرفضه قادة الجيش وقطاعات واسعة من الشعب السوداني الذي يرى استقراره في مبدأ الجيش الوطني الواحد، وحل ما تبقى من قوات الدعم السريع المتمردة وإحالة قادتها ومسانديهم إلى المحاكم جراء الانتهاكات التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني.
ويرى مراقبون أن أدوار الاتحاد الأفريقي الذي يعد امتدادا لمسيرة منظمة الوحدة الأفريقية المؤسسة في عام 1962 لقيادة التحرر ومناهضة الاستعمار والتدخلات الخارجية في شؤون القارة، قد تضاءلت بعد السماح لكيانات إقليمية على غرار الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية بالتدخل في قرارات الاتحاد، وبلغت التدخلات ذروتها حين تبنت بعض الدول الأعضاء منح الكيان الصهيوني صفة المراقب وأجهض المقترح بواسطة الجزائر وجنوب أفريقيا وآخرين.
وبالعودة إلى العلاقة بين السودان ومفوضية الاتحاد الأفريقي، كان الدكتور موسى فكي أول شخصية إقليمية ودولية تحط رحالها في مطار الخرطوم في نيسان/ أبريل 2019، عقب سقوط نظام البشير بأيام وتعليق عضوية السودان في الاتحاد، يرافقه مبعوثه الشخصي لاحقا للسودان الموريتاني ولد لبات، بغرض الاجتماع بالقيادة العسكرية الجديدة والقوى السياسية المدنية لبحث كيفية الانتقال والخيارات الكفيلة بالمحافظة على استقرار السودان.
وبعد سلسلة لقاءات أجراها فكي مع قادة المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين والقوى السياسية والمدنية الداعمة لثورة ديسمبر، غادر ومرافقه إلى القاهرة لإبلاغ الرئيس السيسي، رئيس قمة الاتحاد الأفريقي في ذلك العام، بمبادرته للتوسط بين السودانيين وفوّض ولد لبات للقيام بذلك، بمعاونة مكتب اتصال الاتحاد الأفريقي في الخرطوم ومندوب الإيغاد، وأثمرت تلك المفاوضات عن التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري بقيادة الرئيس عبد الفتاح البرهان والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير في السابع عشر من آب/ أغسطس 2019، بعد مفاوضات ماراثونية عاش الشارع السوداني خلالها اضطرابات وتظاهرات بسبب التعنت في المواقف بين طرفي التفاوض والتدخلات الخارجية المستمرة من الداعمين للتغيير في السودان، قرر بعدها الاتحاد الأفريقي رفع تجميد عضوية السودان بعد تعيين حكومة الدكتور عبد الله حمدوك المدنية وتفويضها بمهام الانتقال في السودان.
عادت العلاقة بين الجانبين إلى المربع الأول عقب حل الحكومة الانتقالية، وجمد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان للمرة الثانية بسبب ما أسماه الانقلابات العسكرية في السودان، واشترطت قيادة الاتحاد تكوين حكومة مدنية لرفع قرار التجميد. والواقع أن كل محاولات رأب الصدع بين العسكريين والمدنيين فشلت وانتهت بانهيار اتفاق البرهان حمدوك وانتهى باستقالة الأخير وهجرته إلى الخارج.
منذ وقتها كلف البرهان وكلاء الوزارات بتسييرها كوزراء مكلفين حتى نشوب حرب نيسان/ أبريل، وانشغال الجميع بدحر تمرد قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر على مناطق واسعة من وسط السودان وولايات دارفور قبل أن يعود الجيش السوداني ويخرجها منها بعد معارك كبيرة.
وطيلة حرب العامين شهدت أروقة الاتحاد الأفريقي تحركات خجولة لوقف الحرب في السودان؛ كانت الحكومة السودانية الغائب الأبرز عنها بسبب التجميد وتبني قيادة الاتحاد لرؤية الدعم السريع والقوى السياسية المدنية بقيادة عبد الله حمدوك، ووصل الأمر إلى حرب كلامية وتبادل الاتهامات عقب استقبال ولد لبات مبعوثا سياسيا من الدعم السريع، مما اعتبرته الحكومة السودانية تجاوزا لدستور الاتحاد الأفريقي الذي يؤكد على وحدة الدول الأعضاء ومناهضة الحركات المتمردة التي تعرض السلم والأمن في القارة للخطر.
ومع تدهور الوضع السياسي والأمني في السودان وحالة الاصطفاف الإقليمي حول السودان، كانت هنالك معركة حامية الوطيس تدور حول خلافة الدكتور موسى فكي، فهناك قوى إقليمية ذات ارتباط بالصراع في السودان أعدت العدة لترشيح رايلا أودينغا لمفوضية الاتحاد، أبرز معارضي الرئيس الكيني وليم روتو، لتحقيق جملة أهداف؛ على رأسها إبعاده عن المشهد في كينيا، حيث ظلت المعارضة في كينيا تسبب صداعا مستمرا للرئيس روتو، أبرز حلفاء قائد الدعم السريع حميدتي، في ظل السيطرة على القرار داخل أروقة الاتحاد الأفريقي من خلال رئاسة كينيا التي تقود تحركات مناوئة للسودان من خلال منظمة الإيغاد؛ التي جمد السودان عضويته فيها لاحقا أيضا بسبب عدم حياديتها وتبنيها مواقف تتطابق مع رؤية المتمردين.
وتلاحق هذه المنظمات الإقليمية اتهامات بالضعف والحاجة الملحّة للإصلاح، بسبب التدخلات الخارجية في شؤون الأعضاء نظرا لشح إمكانياتها المادية مما يضع استقلاليتها على المحك.
وعلى نحو مفاجئ خسر مرشح كينيا رايلا اودينغا انتخابات مفوضية الاتحاد الأفريقي التي جرت في شباط/ فبراير من العام الحالي لصالح وزير خارجية جيبوتي الدكتور محمود علي يوسف، ليصبح الرئيس الخامس لمفوضية الاتحاد الأفريقي، المخصصة في هذه الدورة لإقليم شرق أفريقيا، في صدمة كبيرة لحلفاء الدعم السريع في المنطقة.
يعد بيان المفوضية بمثابة الضوء الأخضر لعودة السودان إلى بيته الأفريقي، وربما أُعلنت عقب تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس في الأيام المقبلة
وفور تسلمه مهام المفوضية أكد مفوض الاتحاد الأفريقي الجديد دعمه اللامحدود للجهود الرامية لإحلال السلام في السودان ووحدة أراضيه، ورفضه القاطع للحكومة الموازية التي أعلن الدعم السريع وتحالف "صمود" الشروع في تكوينها في مناطق سيطرة الدعم السريع في إقليم دارفور وقوبلت برفض دولي وإقليمي واسع.
وفي خطوة تعتبر تحولا جديدا في مواقف الاتحاد الأفريقي تجاه السودان، هنأ رئيسُ المفوضية ممثلَ السودان بانتصارات القوات المسلحة في محاور القتال المختلفة، وذلك خلال اجتماع ضم إلى جانبه؛ الأمين العام للأمم المتحدة وأمين الجامعة العربية على هامش قمة بغداد الأخيرة، مما اعتبرته قوات الدعم السريع وحليفتها "صمود" انحيازا لأحد أطراف الحرب.
وغداة تعيين البرهان للدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان، رحبت مفوضية الاتحاد الأفريقي بالقرار ووصفته بأنه خطوة نحو حَوكمة مدنية شاملة في السودان، وبارقة أمل نحو استعادة النظام الديمقراطي في البلاد. ويعد بيان المفوضية بمثابة الضوء الأخضر لعودة السودان إلى بيته الأفريقي، وربما أُعلنت عقب تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس في الأيام المقبلة، بجانب الأدوار الإيجابية لسفير السودان في أديس أبابا، الزين إبراهيم.
ولعب الاتحاد الأفريقي أدوارا مقدرة خلال رفضه لقرار المحكمة الجنائية ضد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وقبوله بمقترح السودان بتشكيل بعثة مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للفصل بين المتنازعين في إقليم دارفور، بدلا عن بعثة أممية أقرها مجلس الأمن ورفضتها الحكومة السودانية حينها واعتبرتها الدول الأفريقية استعمارا جديدا للقارة.