تراجع حجم تجارة أفغانستان مع جارتها باكستان نحو 70% بسبب القيود التي فرضتها الأخيرة على البضائع الأفغانية عبر موانئها، مما دفع رجال الأعمال الأفغان والتجار إلى إيران ودول آسيا الوسطى، وفق غرفة التجارة والصناعة الأفغانية.

تتاجر أفغانستان عادة مع جيرانها، وتعتبر باكستان شريكها الرئيسي في التجارة، إذ تستقبل إلى جانب الهند نحو 75% من الصادرات الأفغانية، تليها الإمارات والصين وتركيا.

وبلغت قيمة التجارة بين باكستان وأفغانستان 1.513 مليار دولار خلال العام الماضي.

ضريبة إضافية

ويقول خان الكوزي نائب غرف التجارة الأفغانية للجزيرة نت "فرضت باكستان ضريبة إضافية بنسبة 10% على أكثر من 200 نوع من بضائع التي تستوردها أفغانستان عبر باكستان، ولا يحق لأحد أن يفرض ضرائب على بضائع الترانزيت، وهذا الأمر ليس له أي أساس في المعاملات التجارية".

وتقول مصادر في وزارة التجارية الأفغانية للجزيرة نت إنه بعد فرض إجراءات جديدة على السلع التي تستوردها أفغانستان عبر الموانئ الباكستانية قرر رجال الأعمال البحث عن بدائل وطرق جديدة، وأثر القرار في الوضع المعيشي على السكان الذين يعيشون على طرفي خط ديورند الفاصل بين أفغانستان وباكستان، حيث خسر العديد منهم أعمالهم وتوقفت شركات النقل.

وأضافت المصادر أن 47% من الشاحنات التي تعمل بين البلدين توقفت بسبب الإجراءات الباكستانية الأخيرة.

وثمة تساؤلات عن توقيت القرار، خاصة أن القيود المفروضة على استيراد بعض هذه البضائع قد تم تخفيفها منذ فترة، وأن القرار جاء بالنتيجة العكسية، إذ تتعامل الحكومة الأفغانية بالمثل ولا تسمح للشاحنات الباكستانية بالعبور من أراضيها إلى أسواق وسط آسيا، مع وجود نحو 18 نقطة تجارية على طول الخط الفاصل بين أفغانستان وباكستان، ومن أهمها معبر طورخم شرق أفغانستان وسبين بولدك جنوبها، وقد أغلقت السلطات الباكستانية معبر سبين بولدك منذ 5 أشهر.

شاحنات مكدسة على الجانب الباكستاني من المعابر البرية مع أفغانستان (رويترز) ورقة ضغط

بدوره، يقول الكاتب والباحث في الشؤون التجارية رفيع جبارخيل للجزيرة نت "هذه القرارات والإجراءات سياسية، ولا تمت إلى الاقتصاد بصلة، كلما تفشل السلطات الباكستانية في الضغط على كابل بغض النظر عمن يحكمها تلجأ إلى استخدام الموانئ والمعابر كورقة الضغط ولكنها غير مجدية في تغيّر موقف كابل".

ويقول رجال أعمال أفغان إنهم عانوا من التوترات السياسية بين كابل وإسلام آباد التي شكلت ضغوطا عليهم وعلى الذين يعملون في قطاع المواصلات والجمارك، مضيفين أنهم توجهوا إلى الموانئ الإيرانية رغم بعدها وقلة إمكانياتها.

من جهته، يقول رجل الأعمال الأفغاني صالح الكوزي -الذي يعمل في ولاية قندهار ويصدر الفواكه المجففة- للجزيرة نت "منذ 4 أشهر قررت تصدير البضائع من موانئ إيران ودول آسيا الوسطى بدلا من باكستان"، لأن المعابر الباكستانية تتأثر بالمواقف السياسية بين كابل وإسلام آباد، مشيرا إلى أنه صدّر 156 طنا من الفواكه المجففة عبر ميناء بندر عباس في إيران و50 طنا عبر أوزبكستان إلى الصين رغم أن المسافة طويلة ومكلفة ولكن البضاعة لا تنتظر على الحدود.

وتؤكد مصادر في وزارة التجارة الأفغانية على تراجع حجم التجارة مع باكستان في الأشهر الماضية، وعزوف رجال الأعمال الأفغان عن استخدام الأراضي الباكستانية كترانزيت رغم قرب ورخص خدمات ميناء كراتشي الباكستاني، لكن المشاكل التي تسببها باكستان أجبرت التجار على البحث عن بدائل.

بدوره، يقول رجل الأعمال الأفغاني هاشم أكبري للجزيرة نت "تأخرت نحو 4 آلاف حاوية تحمل بضائع رجال الأعمال الأفغان في ميناء كراتشي أكثر من 4 أشهر حتى اضطر بعض التجار لنقل بضائعهم المعلقة من ميناء كراتشي إلى ميناء عباس الإيراني عبر السفن، كما غيّر بعضهم وجهة السفن التي تحمل بضائعهم من ميناء كراتشي إلى بندر عباس".

من جهة أخرى، تصف غرف التجارة والصناعة الباكستانية أفغانستان بالطريق الذهبي للتجارة بين باكستان ودول آسيا الوسطى، لكن إغلاق المعابر مع أفغانستان أدى إلى تكدس آلاف الشاحنات المحملة بالبضائع التجارية على جانبي معبر طورخم بين البلدين.

منظر عام للحاويات في ميناء تشابهار الإيراني (الجزيرة نت) نحو موانئ إيران

ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في إقليم خيبر بختونخوا الباكستاني، لأن جزءا كبيرا من الأعمال والتجارة في الإقليم يعتمد على التبادل التجاري مع أفغانستان.

ويقول منسق الغرف التجارية الأفغانية الباكستانية المشتركة ضياء سرحدي للجزيرة نت "70% من التجار الأفغان لجؤوا إلى استخدام الموانئ الإيرانية، وإضافة إلى ذلك تراجعت كمية الصادرات من باكستان إلى أفغانستان ودول آسيا الوسطى وخسر آلاف الناس عملهم وتوقفت بعض المصانع وتوقفت عملية الاستيراد والتصدير إلى آسيا الوسطى، تعود ما بين 150 إلى 200 حاوية فارغة يوميا من الحدود مع أفغانستان".

ولتقليل الاعتماد على الموانئ الباكستانية ركزت الأنظمة الأفغانية -بما في ذلك الحكومة الأفغانية السابقة برئاسة أشرف غني وحتى بعده الحكومة التي تقودها حركة طالبان– على الطرق البديلة واختارت ميناء تشابهار الإيراني الذي يبعد 172.2 كلم عن ميناء غوادر الباكستاني، وهكذا حاولت أفغانستان لأسباب أمنية وسياسية إستراتيجية خاصة بها زيادة اعتمادها على إيران من أجل الحد من اعتمادها على باكستان، لأنه في حسابات كابل فإن الاعتماد على باكستان يمنح إسلام آباد نفوذا إستراتيجيا في أفغانستان.

وطالبت حركة طالبان بـ"إنشاء مكتب تمثيلي" في ميناء تشابهار الإيراني للتجارة الحرة، ويقول وزير التجارة الأفغاني نور الدين عزيزي للجزيرة نت "بلغ حجم تجارتنا مع إيران ملياري دولار، ونريد زيادتها إلى 10 مليارات دولار سنويا، وهذه القدرة موجودة في كلا البلدين".

وحاليا، تعد باكستان أكبر شريك تجاري لأفغانستان، في حين أن أفغانستان هي ثاني أكبر سوق لصادرات باكستان.

ومن المتوقع أن تواجه كل من باكستان وأفغانستان تحديات كبيرة في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية على مدى السنوات المقبلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات ودول آسیا الوسطى رجال الأعمال مع أفغانستان للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: قيود إدخال المساعدات تفاقم معاناة النازحين في غزة

جدد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، الدعوة إلى رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وعدم تعطيل عمل الأونروا والمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.

وأوضح المتحدث أن مئات الآلاف من النازحين ما زالوا معرضين لمخاطر الأمطار والسيول في ظل غياب وسائل الإيواء الملائمة، مشيراً إلى أن الخيام والمنازل المتنقلة والعاملين الإنسانيين يُمنعون من دخول القطاع.

ودعا إلى تسهيل وصول المساعدات العاجلة وتوفير الحماية للمدنيين في ظل استمرار تدهور الوضع الإنساني.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

الصحة العالمية: قطاع غزة يشهد تحسناً طفيفاً في توافر الرعاية الصحية الكرملين: المطلوب في أوكرانيا هو سلام دائم

وقالت منظمة الصحة العالمية إن قطاع غزة يشهد تحسناً طفيفاً في توافر الرعاية الصحية، لكنه ما يزال يعاني من تدهور حاد ونقص كبير في الإمدادات والمعدات الطبية، فيما يفاقم فصل الشتاء مخاطر الأمراض والعدوى.

وأوضح ممثل المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة، الدكتور ريك بيبركورن، في مؤتمر صحفي من غزة، أن نحو 50% من مستشفيات القطاع تعمل جزئياً، بينما لا يستطيع نحو 37 ألف شخص في شمال غزة الوصول إلى المرافق الصحية.

وأشار بيبركورن إلى أن المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة يقعان خارج "خط وقف إطلاق النار"، في حين يقع مستشفى الشهيد كمال عدوان داخله. وكشف أن المنظمة حاولت إنشاء مركز رعاية صحية داخل مستشفى كمال عدوان، لكنها مُنعت من بدء العمل، ما دفعها لتحديد موقع بديل في بيت لاهيا سيُباشر العمل فيه قريباً.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادرها داخل الدولة العبرية أن جيش الاحتلال يُخطط لعملية عسكرية ضد حزب الله قد تؤدي إلى التوصل لتسوية مع لبنان.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم، أن أي جيش يخوض معركة ويصل إلى طريق مسدود يلجأ بعد ذلك إلى خيار التفاوض.

وأشار إلى أن قرار حصر السلاح بيد الدولة قد اتُخذ وأن تطبيقه جارٍ بشكل مستمر لضمان سيطرة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية.

وأضاف الرئيس أن لبنان مستعد لترسيم حدوده مع سوريا، مع التأكيد على أن مسألة مزارع شبعا ستُترك للنقاش في المرحلة الأخيرة، بما يراعي التوافقات السياسية والأمنية.

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الجمعة، بلدتي فقوعة وقباطية في محافظة جنين، وسط حالة توتر ومواجهات محدودة مع المواطنين.

وأكدت مصادر محلية أن جنود الاحتلال أطلقوا قنابل الصوت في فقوعة، وانتشروا في شوارع البلدة الرئيسية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع السكان.

وفي قباطية، نشرت قوات الاحتلال فرق المشاة بالقرب من منطقة المقاهي، فيما لم ترد تقارير عن اعتقالات حتى الآن.

وحذّرت المنظمة الدولية للهجرة، اليوم الجمعة، من أن مئات آلاف النازحين في قطاع غزة يواجهون خطر غرق خيامهم وملاجئهم بمياه الأمطار الغزيرة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يلتقى نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية باكستان
  • البودكاست في إيران.. هروب جماعي من قيود الإعلام الرسمي
  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • الأمم المتحدة: قيود إدخال المساعدات تفاقم معاناة النازحين في غزة
  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • مقتل معلمتين جراء إطلاق نار نفذه مسلحون غرب باكستان
  • إسلام زكي لبودكاست "كاسيت": لحنت "مليش بديل" من ١٠ سنين وعمرو دياب مبينساش الأغاني الحلوة
  • بينها تحديد السكن والحسابات البنكية.. قيود أميركية على بعثة إيران الأممية
  • الجزيرة نت تكشف تفاصيل اجتماع علماء دين أفغان وعلاقته بباكستان
  • وصول الشحنة السابعة من المساعدات الإنسانية الباكستانية لغزة إلى مطار العريش