البودكاست في إيران.. هروب جماعي من قيود الإعلام الرسمي
تاريخ النشر: 13th, December 2025 GMT
في أستوديوهات منزلية بسيطة وبمعدات لا تتجاوز الأساسيات تشق برامج البودكاست طريقها بقوة داخل المشهد الإعلامي الإيراني مقدمة مساحة نقاش أوسع مما يتيحه الإعلام الرسمي، وبعيدة عن القيود التحريرية والرقابية التقليدية.
هذا التحول لم يعد هامشيا، بل بات يعكس تغيرا في سلوك الجمهور الباحث عن محتوى أكثر جرأة وتنوعا، وهو ما رصده مراسل الجزيرة نور الدين الدغير من طهران في تقرير يتناول صعود هذه الظاهرة وتداعياتها.
تجربة البودكاست -كما تبدو من الخارج- لا تعقيد فيها ولا بهرجة إنتاجية، لكن ما يميزها هو طبيعة النقاشات المطروحة، حيث لا قيود على نوعية الضيوف، ولا رقابة مسبقة على آرائهم، وفق ما يعجز عنه الإعلام التقليدي.
ويقول محمد أحمدي مقدم ومنتج بودكاست "آزاد" إن بساطة الأستوديو تقابلها ندرة المحتوى الذي يتم إنتاجه، موضحا أن هذه البرامج اكتسبت مكانتها من خلال تغطية قضايا لا يتناولها الإعلام الرسمي وتلبي اهتمام المتابعين.
تراجع التلفزيون الرسميفي المقابل، تتراجع نسب مشاهدة البرامج الحوارية في التلفزيون الرسمي، في حين وجد الجمهور طريقا أسهل للوصول إلى المعلومة عبر منصات البودكاست التي تتيح متابعة المحتوى في أي وقت ودون وسطاء.
وتشير بيانات متداولة داخل الوسط الإعلامي إلى وجود نحو 9 آلاف منصة بودكاست ناطقة بالفارسية يتابعها أكثر من 9 ملايين شخص، في مؤشر واضح على حجم الإقبال المتزايد.
ويرتبط هذا الانتشار بارتفاع معدلات الوصول إلى الإنترنت وتزايد استخدام الهواتف الذكية داخل إيران، مما جعل البودكاست خيارا عمليا وسهلا لمختلف الفئات العمرية.
وتقول مواطنة إيرانية التقاها التقرير إن التلفزيون لا يعرض كل ما يهم المواطن، لذلك تتابع برامج بودكاست سياسية وثقافية، في حين يشير شاب إيراني إلى متابعته برامج موسيقية وأخرى تناقش ملفات تتناولها وسائل إعلام أجنبية.
إعلانولا يقتصر حضور البودكاست على السياسة، إذ انتقلت برامج رياضية معروفة من الشاشة الرسمية إلى الفضاء الرقمي محاولة الحفاظ على جمهورها، مع تحقيق اختراقات في بعض محظورات الإعلام التقليدي.
تحديات الانتشارلكن هذا الانتشار لا يخلو من تحديات، أبرزها التمويل والاستمرارية، حيث تعتمد أغلب البرامج على مساهمات فردية أو دعم محدود من شركات تبحث عن ترويج منخفض التكلفة.
ويوضح هيوا يوسفي مقدم بودكاست "360" أن برنامجهم يحظى بدعم مختلف لارتباطه بمؤسسة إعلامية معروفة، في حين تواجه بقية البرامج صعوبات مالية تجعل المتابعات عاملا حاسما في استمرارها.
وإلى جانب ذلك، يظل غياب إطار قانوني منظم لعمل البودكاست أحد أبرز الإشكالات، مما يجعل هذه المنصات عرضة للتوقيف في أي وقت، فضلا عن تأثير الرقابة على الإنترنت وسياسات الحجب.
ورغم تلك التحديات فإنه بات واضحا أن التلفزيون الرسمي لم يعد المصدر الرئيسي للمعلومات في إيران، إذ تجاوزت منصات البودكاست ومواقع التواصل الاجتماعي حاجز الرقيب، وفتحت الباب أمام محتوى بعيد عن الدعاية الرسمية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بلا قيود تدين انتهاكات قوات الانتقالي بحضرموت وتكشف فظائع من ممارساته
أدانت منظمة صحفيات بلا قيود انتهاكات المجلس الانتقالي في حضرموت، واعتبرتها تهديداً مباشراً لحياة المدنيين وحقوقهم الأساسية، وتنذر بتفاقم الفوضى والعنف وانتشار موجات النزوح وتقويض السلم والاستقرار المجتمعي.
وقالت المنظمة في تقرير حديث لها إن التقارير والمعلومات الواردة من المحافظة تشير إلى ارتكاب قوات المجلس الانتقالي انتهاكات ممنهجة وواسعة النطاق تمثل خرقاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وترتقي في خطورتها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق المعايير الدولية ، ما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لمحاسبة المسؤولين وضمان حماية المدنيين دون تأجيل.
ونقلت المنظمة عن شهود عيان تأكيدهم بارتكاب القوات التابعة للانتقالي سلسلة من الانتهاكات الجسيمة منذ سيطرتها على محافظة حضرموت، شملت الإعدامات خارج نطاق القانون بحق أسرى عسكريين، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري للمدنيين والعسكريين، والإخلاء القسري للأسر من منازلهم، ونهب المنازل والمحلات التجارية والمؤسسات المدنية والعسكرية، وفرض قيود صارمة على حرية التنقل.
وشملت الانتهاكات وفقا للمنظمة اعتقال أربعة ضباط وجنود من المنطقة العسكرية الأولى عقب سيطرتها على موقع المنطقة دون أي مواجهات، ثم نقلتهم إلى معتقل في مطار سيئون قبل تصفيتهم، وإيصال جثثهم إلى مستشفى سيئون العام. وأوردت المنظمة أسماء الضباط والجنود وهم: العقيد الركن فتحي الضبوي، والمساعد صادق البشاري، والمساعد محمد قطيبر، والمساعد راجح الشرفي. ولا يزال مصير عشرات الأسرى الآخرين من ضباط وجنود المنطقة العسكرية الأولى مجهولاً.
وقالت المنظمة إنها رصدت ممارسات تعكس خرقاً صارخاً لقواعد حماية المصابين والمحتجزين، بما في ذلك إساءة معاملة الجرحى وترك بعضهم دون إسعاف. وتوثق مقاطع فيديو حالات يظهر فيها الجرحى وهم يستجدون المساعدة الطبية، مما يثير مخاوف جدية بشأن سلامتهم، ويستدعي إجراء تحقيق مستقل وشفاف لتحديد مصيرهم وضمان سلامتهم، كما تظهر لقطات اخرى مشاهد لمعاملة الاسرى بطريقة مهينة ومذلة.
أضافت المنظمة أن الانتهاكات شملت أيضاً تنفيذ حملة مداهمات واسعة لعشرات المنازل واعتقال عشرات المدنيين، واقتيادهم نحو جهات مجهولة، كما صاحبت تلك المداهمات عمليات نهب واسعة طالت العديد من المنازل والمحال التجارية، والمقرات الرسمية والعسكرية والمدنية، والمركبات، لاسيما في مدينة سيئون وضواحيها، كما فرضت تلك القوات نقاط تفتيش مكثفة داخل الأحياء السكنية وبدأت عمليات فرز عنصري وفقاً للهوية، واعتقال العشرات من المدنيين لا سيما من أبناء المحافظات الشمالية بما فيهم باعة متجولون وعمالاً وطلاب، وموظفون حكوميون، جرى اقتيادهم نحو مراكز اعتقال غير معلومة.
وأشارت المنظمة الى انها اطلعت على مقاطع موثقة تظهر سلسلة انتهاكات واسعة من بينها مقطع فيديو مؤلم يظهر طرد أسرة من منزلها بالقوة، ورمي محتوياتها خارج المنزل وسط صراخ وبكاء الأطفال، ومقاطع فيديو اخرى تظهر عمليات نهب طالت عدة منازل ومقرات مدنية وسياسية ومركبات في مدينة سيئون وضواحيها.
وفي هذا السياق، لفتت المنظمة إلى تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي أكد فيه شروع سلطات الدولة في توثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها محافظة حضرموت خلال الأيام الماضية، معتبرة أن هذا التصريح يُعد دلالة رسمية على الاعتراف بحجم وخطورة تلك الانتهاكات. وشددت المنظمة على أن هذا الاعتراف يستوجب خطوات عملية عاجلة تتضمن فتح تحقيق مستقل وشفاف، واتخاذ إجراءات ملموسة لضمان حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وفق المعايير الدولية.
أكدت منظمة “صحفيات بلاقيود” أن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي في محافظة حضرموت خلال الايام الماضية، تمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتعد هذه الممارسات انتهاكاً صريحاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949، بما في ذلك اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، والمادة 3 المشتركة بين الاتفاقيات الأربع، واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.
وأشارت المنظمة إلى أن الانتهاكات شملت استهدافاً ممنهجاً للأفراد على أساس هويتهم الجغرافية، بما يشكل تمييزاً عنصرياً محظوراً بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 2 و26 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويعد هذا الاستهداف العنصري جريمة مستقلة ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
وحذرت المنظمة من أن استمرار الانتهاكات سيؤدي إلى تفاقم الفوضى وانهيار الأمن المحلي، وزيادة موجات النزوح، وتعريض المدنيين، بما فيهم النساء والأطفال، لمخاطر مباشرة على حياتهم وسلامتهم. كما أكدت أن هذه الممارسات تقوض أي فرص لإحلال السلم والاستقرار الاجتماعي، وتضاعف خطر تحويل محافظة حضرموت إلى منطقة خارج سيطرة القانون، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات خطيرة على الأمن والحقوق الأساسية للسكان.
وطالبت منظمة "صحفيات بلا قيود" السلطات اليمنية المعنية، بما فيها مجلس القيادة الرئاسي والجهات القضائية، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وحماية المدنيين من أي أعمال عنف إضافية، وتقديم الدعم اللازم للضحايا وضمان عودتهم إلى منازلهم بأمان.
كما دعت المنظمة المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة آلياتها المعنية، إلى التحرك الفوري والعاجل للضغط على القوات التابعة للمجلس الانتقالي لوقف جميع الانتهاكات فوراً، وضمان حماية المدنيين، مع التأكيد على ضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف لتوثيق الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم وفق القانون الدولي.
وأكدت "صحفيات بلاقيود" في ختام بيانها على أهمية تفعيل الآليات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، للنظر في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد المدنيين وأسرى الحرب، وضمان مساءلة كل من تورط في عمليات القتل والإخفاء القسري والتمييز العنصري والنهب، محذرة من أن أي تقاعس عن اتخاذ إجراءات عاجلة سيؤدي إلى استمرار الإفلات من العقاب، وزيادة معاناة المدنيين، وتعميق الفوضى وانعدام الأمن.