غزة-رام الله- يكتنف الغموض ما كشفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية حول شروع مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بالعمل على بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة.

وبينما نفى المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشكل قاطع تشكيل مثل هذه القوى على الأرض، كان رد أوساط قريبة من دوائر جهاز المخابرات بالسلطة الفلسطينية "غامضاً" ما بين "نفي وتأكيد" بداية تشكيل قوة تابعة له في القطاع.

وكانت القناة 14 الإسرائيلية قد قالت -أمس الثلاثاء- إن مدير المخابرات الفلسطينية بدأ العمل على بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة، مضيفة أن "قوة فرج -التي يعمل عليها- تتكون من عائلات لا تؤيد حركة حماس لتوزيع المساعدات من جنوب القطاع إلى شماله".

ومنذ يونيو/حزيران 2007، وانهيار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية أمام حماس في مواجهة مسلحة انتهت ببسط هذه الحركة الإسلامية سيطرتها على القطاع الساحلي الصغير، لا يوجد أي قوى رسمية مسلحة تابعة للسلطة، أو ظواهر مسلحة سواء فصائلية أو عائلية موالية لحركة التحرير الوطني (فتح).

وفي سبيل تحقيق ذلك، تعاملت القوى الأمنية التابعة لحماس -والتي تشكلت بعد هذا التاريخ الذي تطلق عليه "الحسم" وتصفه فتح بـ "الانقلاب"- بقبضة أمنية قاسية مع عائلات موالية لغريمتها فتح، ونجحت في تحييدها ونزع سلاحها إلى حد كبير.

مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة (مواقع التواصل) حماس تنفي

وفي هذه الأثناء، يعيش القطاع ما يمكن تسميته "الفراغ الأمني" جراء غياب القوى الأمنية والشرطية التابعة لحماس، خشية التصفية الجسدية إثر عمليات الاستهداف الإسرائيلي المباشر لها، وآخرها الأربعاء حيث اغتيل اثنان من عناصرها في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.

ونفى مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة -للجزيرة نت- بشكل قطعي رصد أي ملامح لتشكيل مجموعات مسلحة في القطاع تابعة لمخابرات السلطة في رام الله، ومؤلفة من عائلات مناوئة لحركة حماس.

ولا ترتبط حماس بعلاقة جيدة مع رئيس الجهاز فرج المقرب جداً من رئيس السلطة محمود عباس، ودأبت الحركة خلال سنوات ماضية على اتهامه وشخصيات أمنية قريبة منه بالمسؤولية عن أحداث في غزة تهدف خلق الفوضى وعودة ما تصفه بـ "الفلتان الأمني".

ولم يعط مصدر صحفي قريب من دائرة فرج للجزيرة نت رداً حاسماً فيما يخص تشكيل قوى مسلحة في غزة، وقال "من بداية الحرب تم تشكيل قوى ناعمة" وتقوم على تأمين المساعدات التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بالسلطة وتوزيعها على مستحقيها، ونظراً للحالة الأمنية تسلحت هذه القوى لحماية المساعدات.

لكن المصدر نفسه لم يعترف صراحة بتبعية أو ولاء هذه القوى لجهاز المخابرات، أو صدقية ما كشفت عنه القناة 14 الإسرائيلية عن مساع سياسية وأمنية إسرائيلية لتولي فرج المسؤولية عن القطاع وبناء جسم بديل عن حماس يحكم غزة اليوم التالي للحرب.

مراقبون: السلطة الفلسطينية تعود للقطاع عبر بوابة توزيع المساعدات (الجزيرة) دور لـ"فتح"

وقالت أوساط فلسطينية من مراقبين ومحللين ليسوا من المنتمين لحماس -وقد استطلعت الجزيرة نت آراءهم- إن السلطة وعبر تيارات وشخصيات عدة، بما فيها حسين الشيخ  وزير الشؤون المدنية وأمين سر اللجنة التنفيذية وأحد المقربين من عباس، بدأت تعود إلى غزة من باب المساعدات الإنسانية، ولكن من دون إعلان رسمي أو مظاهر فجة.

وفي أول رد فعل رسمي فلسطيني، نفى قيادي في "فتح" ما نشر عن تأسيس  فرج قوة عسكرية في رفح وتفضيله لإدارة القطاع، واصفا توزيع المساعدات بأنه "تشويه وتخريب وتهرب إسرائيلي من الحل السياسي". وتابع "هذا نوع من أنواع التمييع للقضية وتخريب وتشويه للوضع السياسي الذي نطالب به، ودق للأسافين بين مكونات الشعب الفلسطيني، أبو بشار (فرج) أعرفه عن قرب، هو رجل وطني محترم ولا يلعب هذه الأدوار".

في الوقت نفسه، أشار هذا القيادي إلى دور لعناصر "فتح" في توزيع مساعدات تقدمها السلطة، وتحدث عن دور لجهاز المخابرات في توزيع مساعدات على أهالي القطاع، موضحا "حتى لو كان له (الجهاز) دور في توزيع المساعدات عن طريق أهلنا في قطاع غزة، فإن هذه المساعدات لتعزيز صمود الناس، وليس من أجل السيطرة على قطاع غزة".

وأضاف "حتى لو تم توزيع مساعدات من السلطة الفلسطينية سيوزعها أهلنا في قطاع غزة التابعين للتنظيم (فتح) وليس العشائر".

وكانت السلطة الفلسطينية قد شددت على ضرورة أن يتم إدخال المساعدات وتوزيعها في قطاع غزة بالتنسيق الكامل معها باعتبارها "القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني".

وقالت الخارجية الفلسطينية، في بيان صدر الأربعاء، إن "آلية إدخال المساعدات وتوزيعها يجب أن تتم بالتنسيق الكامل مع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ومن خلال الآليات الدولية المعتمدة وغير القابلة للاستبدال كالأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الدولية ذات الصلة".

وأضاف البيان أن إدخال المساعدات بكل الطرق يشكل أولوية إلى جانب وقف إطلاق النار ومنع التهجير القسري.

قيادي بفتح: بالفعل السلطة بقيت وبقيت كل التزاماتها في غزة (الجزيرة)  حل سياسي

وقال منير الجاغوب القيادي -المقرب من دوائر صنع القرار بالسلطة ومنهم فرج- إن لدى الكل الفلسطيني خطوط عريضة لا يمكن تجاوزها لا سياسيا ولا وطنيا وهي أن "قطاع غزة جزء من الدولة الفلسطينية، ونحن نبحث عن حل سياسي شامل".

وتابع أن الإسرائيليين "يحاولون القضاء على الحلول السياسية وتحديدا داخل قطاع غزة، وألا يكون هناك تمثيل سياسي، وأن تذهب القصة للعشائر وتوزيع مساعدات عن طريق فلان وعلان…".

وجدد الجاغوب تأكيده على الموقف السياسي للقيادة الفلسطينية بشأن اليوم التالي للحرب وهو أن "قطاع غزة جزء من الدولة الفلسطينية التي ننشدها ونريدها".

وأشار القيادي بفتح إلى تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن السلطة فقدت السيطرة الأمنية على قطاع غزة وسيطرت عليه حركة حماس "لكن فعليا السلطة بقيت وبقيت كل التزاماتها هناك".

وكانت هيئة البث الإسرائيلية (كان) قالت إن رئيس مجلس الأمن تساحي هنغبي التقى مؤخرا فرج بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأشارت إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة مؤقتا بعد انتهاء الحرب، مضيفا أن إسرائيل تدرس استخدامه "لبناء بديل لحركة حماس في اليوم التالي للحرب".

بينما قال زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد إنه "من الطبيعي أن نذكر اسم فرج، فهو في السلطة الفلسطينية من أكثر الشخصيات التي عملت معنا ضد حماس".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات السلطة الفلسطینیة توزیع المساعدات توزیع مساعدات قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

إليك ما نعرفه عن آليات إدخال المساعدات لغزة والبروتوكول الإنساني

تحدثت تقارير إسرائيلية خلال الأيام الماضية عن نقاط خلافية بشأن الرد الذي سلمته حركة حماس بشأن مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبينها نقطة متعلقة بآلية إدخال المساعدات الإنسانية على القطاع، ووصفتها بعض وسائل الإعلام العبرية بأنها "النقطة الأصعب والأكثر تعقيدا".

وتتواصل المفاوضات غير المباشرة في الدوحة بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى، استنادا إلى مقترح الوسطاء الأخير، والذي يتضمن هدنة مدتها 60 يوما.

وركزت جولة المفاوضات التي عقدت الأحد، على بحث إلغاء آلية توزيع المساعدات في قطاع غزة، والتي تضطلع بها "مؤسسة غزة الإنسانية"، بناء على طلب من حركة حماس، فيما استعدت حكومة الاحتلال إلى تقليص مراكزها في غزة، لا إلغائها بالكامل، وفق تقارير إسرائيلية.



وجددت حركة حماس اليوم الاثنين، إدانتها الشديدة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين العزّل في قطاع غزة، مؤكدة أن ما وصفته بـ"آلية المساعدات القاتلة" التي تديرها قوات الاحتلال تحت غطاء أمريكي، تحولت إلى مصائد موت تفضي إلى ارتفاع أعداد الشهداء يومياً.

وأكدت حماس أنّ استمرار العمل بهذه الآلية القاتلة يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع ويعكس الطبيعة الإجرامية لمنظومة الاحتلال، مشددة على ضرورة العودة إلى آليات أممية تحت إشراف الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة لمراقبة وتوزيع المساعدات بشكل آمن.

آلية مساعدات الاحتلال
يتمسك الاحتلال في مقترح وقف إطلاق النار في آلية قامت بتفعيلها مؤخرا وتعتمد بشكل أساسي على ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، والتي تقع مراكزها في مناطق سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا في شمال مدينة رفح، وجنوب محور "نتساريم" وسط قطاع غزة، إلى جانب مركز آخر في شمال القطاع.

⬛️ يعد التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات محفوفا بالمخاطر، ويسفر بشكل يومي عن شهداء وإصابات، نتيجة استهدافهم بشكل مباشر من جنود الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتيد برس"، فإن آلية توزيع الغذاء تقتصر على عدد صغير من المراكز تحت حراسة متقاعدين أمريكيين مسلحين، ويتعين على الناس التوجه لاستلام المساعدات.



وذكر مؤسسة "غزة" الأمريكية أنها تعتزم زيادة مراكز المساعدات لتلبية احتياجات مليوني شخص، لكن الفلسطينيين الذين يرغبون في الاستفادة من هذه الوجبات الغذائية يتعين عليهم الاقتراب من مناطق سيطرة جيش الاحتلال، ما يشكّل خطرا على حياتهم.

⬛️ لم تفلح هذه الآلية حتى الآن في الحد من مظاهر المجاعة التي عادت لتتفشى في قطاع غزة، نتيجة الحصار المطبق الذي يفرضه جيش الاحتلال منذ استئناف حرب الإبادة في آذار/ مارس الماضي.

الآلية القديمة والبروتوكول الإنساني
من جهتها، رفضت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية الآلية التي يتمسك بها الاحتلال، وطالبت بشكل متكرر بالعودة إلى الآلية القديمة، والمتمثلة بإدخال المساعدات إلى غزة، وتوزيعها عن طريق المؤسسات الأممية والإغاثية.

تضمن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بروتوكولا إنسانيا حرصت حركة حماس على وجوده في الاتفاق، لضمان دخول مساعدات إنسانية وإغاثية بشكلٍ كافٍ للقطاع، رغم تعطيله من قبل الاحتلال والتنصل من الالتزام به.

⬛️ ينص البروتوكول على أنّ مزودي المساعدات يشملون الأمم المتحدة ومنظمات دولية وهيئات غير حكومية، ويؤكد على دخول المساعدات بمعدل 600 شاحنة يوميا، مع دخول معدات للدفاع المدني وصيانة البنية التحتية.

⬛️ يدعو إلى إدخال 60 ألف كارافان "بيوت متنقلة" و200 ألف خيمة إلى غزة لاستيعاب النازحين، إضافة إلى ضمان دخول مواد إغاثية ومعدات إنسانية من حكومات ومنظمات دولية.

مقالات مشابهة

  • إليك ما نعرفه عن آليات إدخال المساعدات لغزة والبروتوكول الإنساني
  • كاتس: نخطط لتركيز أهالي غزة في منطقة جديدة برفح الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في قطاع غزة
  • 9 شهداء بينهم 5 من منتظري المساعدات شمال رفح
  • غزة بعد هدنة الستين يوما: من يحكم القطاع في "اليوم التالي"؟
  • سموتريتش ينتقد دخول المساعدات إلى غزة: خطأ جسيم تستفيد منه حماس
  • المقاومة الفلسطينية: أبو شباب وعصابته دمهم مهدور من كافة الفصائل
  • "الكابينيت" يُصادق على خطة إنشاء مناطق مُخصصة لتقديم المساعدات في غزة
  • حماس: المشاورات مع القوى الفلسطينية أنتجت الرد على مقترح الهدنة
  • اشتباكات مسلحة بينية في مليشيا الإنتقالي بنقطة جبايات في أبين