انسحاب القوات الأمريكية.. مخاوف من ارتباك المشهد الأمني في العراق
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
المندلاوي: المجلس يدعو لإنهاء مهام القوات الأجنبية في البلاد ويحيل للحكومة مقترح قانون بهذا الشأنمنذ منتصف أكتوبر تعرضت القوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق وسوريا لـ165 هجومًاالبيدر: الحكومة مع انسحاب القوات الأمريكية لكنها لا تريد أن يكون الانسحاب بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت
تُجري بغداد وواشنطن محادثات من أجل صياغة جدول زمني "لخفض مدروس وتدريجي وصولا إلى إنهاء مهمة قوات "التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش" في العراق.
ووفق بيان صدر عن المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول، فإن هذه المباحثات تأتي في سياق تزايد الهجمات المتبادلة شبه اليومية بين الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران والقوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة في أكتوبر.
تحرك برلماني
وبالتزامن مع هذه المباحثات، يشهد العراق تحركا برلمانيا لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وذلك على إثر الاستهدافات الامريكية لفصائل مسلحة على الأراضي العراقية، حيث أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محسن المندلاوي مؤخرا، أن المجلس يدعو إلى إنهاء مهام القوات الأجنبية في البلاد ويحيل للحكومة مقترح قانون بهذا الشأن.
وكان المندلاوي دعا الحكومة العراقية في منتصف يناير الماضي، إلى تطبيق قرار مجلس النواب بإخراج القوات الأجنبية من البلاد؛ إذ اعتبر الغارة الجوية الأمريكية التي أسفرت عن مقتل قائد فيلق حرس القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومسئول في الحشد الشعبي العراقي "منطقا عدوانيا وحشيا لا تحكمه ضوابط أو قيم".
وتأتي الضربات الأمريكية، ردا على استهداف فصائل مسلحة عراقية للمصالح الأمريكية، فمنذ منتصف أكتوبر، تعرضت القوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق وسوريا، لأكثر من 165 هجوما في انعكاس مباشر للحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل و (حماس).
وتبنت معظم تلك الهجمات "المقاومة الاسلامية في العراق" التي تضم مقاتلين في فصائل موالية لإيران. وتقول الفصائل إن هجماتها تأتي تضامنا مع غزة وضدّ الدعم الأمريكي لإسرائيل في حربها مع حماس.
إرباك المشهد الأمني
المحلل السياسي والامني العراقي، علي البيدر، قال في تصريحات خاصة، إن الموقف الحكومي مع انسحاب القوات الأمريكية وإفراغ البلاد من القوات الأجنبية بشكل عام، لكن لا تريد الحكومة بأن يكون الانسحاب بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت الذي تريده الفصائل المسلحة.
ويشير المحلل العراقي إلى أن الرأي العام على المستوى الشعبي والسياسي حتى النيابي يدرك تماما أن هناك تبعات للانسحاب وأن هذا الانسحاب قد يكون مؤثرا على المشهد الأمني في العراق، خصوصا أن المنطقة تشهد اضطرابات بالجملة، وبذلك لن يكون هنالك انسحاب حقيقي.
البيدر أوضح ايضًا أن بعض الأطراف تقوم بابتزاز سياسي أو حكومي أو نيابي عندما تطالب بهذا الطلب المستحيل، كما أن هذه الاطراف تذهب إلى الاستعراض أو إثبات الولاءات لأطراف معينة، وبالتالي تقدم على مثل هذه الخطوة على الرغم من أنها تدرك تماما أنها لا تمتلك الإمكانية والنصاب لتحقيق هذا الانسحاب، سواء لمناقشته داخل البرلمان أو حتى الذهاب إلى إقرار قرار أو تشريع قانون.
فهناك قرار يطالب الحكومة بإخراج القوات الأمريكية، لكن هذا القرار غير ملزم، ويجب أن يذهب البرلمان إلى صياغة قانون، لكن من يرغبون في إخراج القوات الأمريكية ليس لديهم القدرة على تنفيذ هذا الانسحاب.
ووفق المحلل العراقي فإن الرأي العام متأرجح فالسنة والكرد والأطراف الشيعية التي لا تمتلك سلاحا ترفض هذا المطلب، مخافة هيمنة الجماعات المسلحة على المشهد، إذ أن من يرغب بانسحاب القوات القتالية في البلاد لا يمثلون أكثرية على المستوى الشعبي والسياسي والنيابي.
وهذا ما يجعل الأقلية تتحكم بخيار الأغلبية الرافضة لخروج القوات الأمريكية بهكذا توقيت وهكذا طريقة، إذا نحن أمام إشكالية يرفضها المنطق والعقل والتجربة الديمقراطية، ما يعني أن الرأي العام مع بقاء هذه القوات.
واختتم البيدر تصريحاته بالقول:" إن الخرق الأمريكي والاستهدافات التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية على الأراضي العراقية قد تؤدي إلى ردات فعل ممتعضة أو غاضبة أو رافضة لهذا السلوك، داخل العديد من المكونات العراقية.
لكن عندما يتعلق الأمر بإخراج القوات الأمريكية فإن الأمر يختلف تماما، وحتى لو خرجت القوات الأمريكية من العراق فإن هذا لا يعني عدم وجود استهدافات لبعض العناوين والشخصيات، خاصة وأن الموضوع لا يرتبط بالواقع العراقي، حيث إن هذه السلوكيات أصبحت عابرة للحدود".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العراق أمريكا الارهاب البوابة
إقرأ أيضاً:
واشنطن في ورطة.. تقارير غربية توثق الهزيمة الأمريكية أمام اليمن في البحر الأحمر
يمانيون | تقرير
في تغير واضح لنبرة الإعلام الغربي، بدأت مؤسسات أمريكية وبريطانية بارزة بالاعتراف علنًا بفشل العدوان الأمريكي على اليمن، مظهرة حجم الخسائر التي مُنيت بها واشنطن في واحدة من أكبر مغامراتها العسكرية في منطقة البحر الأحمر.
هذا التحول اللافت لم يأتِ على لسان سياسيين أو قادة عسكريين، بل تجسد في تقارير صحفية صدرت عن مؤسسات عُرفت تاريخيًا بتبرير السياسات الأمريكية الخارجية، مما يعكس عمق الأزمة التي تعاني منها الإدارة الأمريكية بعد تورطها في حرب لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة.
صحيفة وول ستريت جورنال: انهيار تكتيكي ونفسي للبحرية الأمريكية
في تقرير استثنائي من حيث الصراحة والجرأة، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر أفقدت القوات الأمريكية توازنها القتالي، وأدخلتها في حالة إنهاك دائم، معتبرة أن هذه المواجهة غيّرت وجه الحرب البحرية في القرن الحادي والعشرين.
وركز التقريرعلى أن القصف المستمر في بيئة بحرية ضيقة أدى إلى استنزاف غير مسبوق للجنود الأمريكيين، لدرجة أن بعضهم وصف التجربة بأنها الأقسى منذ الحرب العالمية الثانية.. رغم محاولة الصحيفة التخفيف من وقع الهزيمة بوصف النتائج بـ”المتعادلة”، فإنها أقرت بأنها باهظة الثمن ومرهقة للقدرات القتالية الأمريكية.
خسائر بشرية ومادية… والصمت الرسمي يتكسر
ففي اعتراف نادر، أكدت الصحيفة سقوط خسائر بشرية مباشرة في صفوف البحرية الأمريكية، مشيرة إلى فقدان جنديين مطلع عام 2024 خلال عملية في البحر الأحمر، عُثرعليهما لاحقاً جثتين هامدتين بعد بحث استمرعشرة أيام.
أما على مستوى الخسائر المادية، فقد خسرت حاملة الطائرات “ترومان” ثلاث طائرات مقاتلة بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار خلال خمسة أشهر فقط، إلى جانب إسقاط أكثر من 12 طائرة مسيّرة أمريكية متطورة.
هذه الأرقام، وفق التقرير، تكشف عجز الدفاعات الأمريكية عن مجاراة التكتيك اليمني المرن والمعقّد، الذي يجمع بين الطائرات المسيّرة والصواريخ الانزلاقية الموجهة بدقة.
ونقل التقريرعن أحد الضباط الأمريكيين قوله: “لقد أدهشنا اليمنيون بعزيمتهم وقدرتهم على التكيّف. صواريخهم تتطور بشكل جنوني، وهجماتهم أربكتنا تمامًا، خصوصًا في الليل.”
القرار السياسي نتيجة للهزيمة العسكرية
الاعتراف الأخطر جاء في ختام تقرير الصحيفة، حيث أكدت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر القبول بوقف إطلاق النار بعد تيقنه من استحالة الحسم العسكري وجدواه الاستراتيجية، وهو ما يعني أن الخيار السياسي جاء مكرهًا كنتيجة مباشرة لانهيار الأداء العسكري أمام صمود القوات اليمنية.
الخسائر الاقتصادية تفوق التصورات
وبالتوازي مع التقارير الأمريكية، نشرت صحيفة “إنترناشيونال بانكر” البريطانية المتخصصة بالشؤون المالية تقريراً حمل عنوانًا صريحًا: “أمريكا تدفع ثمناً اقتصادياً وسياسياً باهظاً للحرب على اليمن”، أكدت فيه أن العملية العسكرية الأمريكية كلّفت أكثر من مليار دولار في شهرها الأول فقط، دون أن تحقق أي من أهدافها.
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية العسكرية التي أُطلق عليها اسم “الفارس الخشن” في مارس 2025 لم تحقق شيئًا يُذكر، رغم استهدافها أكثر من 800 موقع داخل اليمن، مضيفة أن الادعاءات الأمريكية بقتل المئات من قادة أنصار الله لم تُدعّم بأي أدلة ميدانية، في حين أن الواقع يؤكد أن القصف الأمريكي ركّز في معظمه على أهداف مدنية، وأدى إلى مجازر بحق لاجئين أفارقة ويمنيين.
تأثير استراتيجي على الأمن البحري العالمي
ولم تقتصر نتائج الفشل الأمريكي على الداخل اليمني، بل امتدت إلى إرباك حركة الشحن العالمية، حيث فشلت القوات الأمريكية في وقف الهجمات اليمنية على السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال الصهيوني، ما أدى إلى تعطيل ممرات الشحن وارتفاع تكاليف النقل البحري بشكل ملحوظ.
وأوضحت الصحيفة أن القوات الأمريكية فقدت سبع طائرات مسيّرة من طراز MQ-9 ومقاتلتين من طراز F-18 خلال الحملة، ما أضاف أعباء مالية ثقيلة على كاهل البنتاغون.
وفي قراءة تحليلية للخبير السياسي “تشارلز وليام والدورف”، أشار إلى أن الضربات الأمريكية أسهمت فعليًا في تعزيز موقع أنصار الله بدلاً من إضعافهم، واعتبر أن الحملة الفاشلة أعادت رسم توازن القوى في المنطقة لمصلحة اليمن.
اليمن يفرض معادلة ردع جديدة
وما بين الاعتراف الصريح بالخسائر العسكرية في وول ستريت جورنال، والتحليل الاقتصادي والسياسي في إنترناشيونال بانكر، يظهر بوضوح أن الولايات المتحدة وجدت نفسها في مواجهة قوة يمنية جديدة، متماسكة ومرنة وذات قدرة على إدارة حرب معقدة بأسلوب هجومي وسيادي.
وأن اليمن لم يعد مجرد ساحة صراع هامشية، بل تحول إلى فاعل إقليمي يُحسب له الحساب في معادلات الردع الإقليمي والدولي.. فالإرادة السياسية المصحوبة بالتطور التقني والقدرة على المناورة أوجدت بيئة ردع حقيقية أفقدت واشنطن قدرتها على التحكم بالمشهد.
وإذا كانت هذه التقارير الإعلامية الغربية تمثل مؤشرات أولى، فإن المتوقع أن تكشف الأيام القادمة عن المزيد من الوثائق والحقائق التي ستؤرخ لهذه الهزيمة الأمريكية، في معركة خاضها اليمنيون بسلاح السيادة والكرامة الوطنية، وليس بالتفوق التكنولوجي وحده.