أثار قرار مجلس النواب تخصيص مبلغ 69 مليار دينار ليبي (نحو 12.5 مليار دولار) لصندوق تنمية وإعمار ليبيا، جدلا في أروقة المجلس، وخارجه. وقد تأسس الصندوق في يناير 2024م، وبقانون تضمنت مادته الثامنة عدم خضوع الصندوق للرقابة والمساءلة من قبل جهات الاختصاص في الدولة، مثل ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية. ويتفق كثيرون على أن هذا الاستثناء ليس لطبيعة عمل الصندوق ومهامه، بل لأن من تم تعيينه لإدارته هو بلقاسم حفتر، ابن الشخصية الأكثر نفوذا في الشرق، والذي له تأثير كبير على خيارات مجلس النواب، أو كتلة وازنة فيه.



الصندوق أشرف على إعمال بناء وتشييد وصيانة عديدة، خاصة في مديني بنغازي ودرنة، غير أن اقترابه من عائلة حفتر يجعله غير قابل للتوجيه والاستدراك والمراجعة وتقييم الأداء، حتى في حال تقرر إلغاء المادة الثامنة من قانون إنشاء الصندوق، وهنا تنشأ إشكالية أساسية حول ضبط أعماله وإخضاع سياساته وقراراته للدراسة والتقويم، والوقوف على مصادر تمويل أنشطته، وكيفية إدارة الأموال الهائلة التي تدخل حساباته.

اليوم النقاش احتدم حول الميزانية التي قررت رئاسة البرلمان منحها للصندوق، والقول بأن الرئاسة هي من قررت ذلك يستند إلى اعتراضات عديد الأعضاء، الذين طعن بعضهم في الألية التي أدير بها الملف، في ظل غياب دور اللجنة المختصة، وهي لجنة الشؤون المالية، وفي ظل غياب بيانات دقيقة عن كيفية إدارة هذا المبلغ، والمشروعات التي ستنفذ، وأماكن تنفيذها.

اللافت أن أغلب الاعتراضات جاءت من نواب ينتسبون إلى مدن ومناطق الغرب الليبي، وهذا في حد ذاته بمثابة إسفين دق في جسم مجلس النواب المنهك والهزيل، ويبدو أن صدى التدافع الجهوي الذي حركه نواب ونشطاء من الشرق خلال السنون الماضية وجد طريقه إلى نواب الغرب ونشطاء منه، وأن النزوع الجهوي تطور وبلغ مرحلة متقدمة قد يصعب معه لملمة شعث الدولة والمجتمع.

اليوم النقاش احتدم حول الميزانية التي قررت رئاسة البرلمان منحها للصندوق، والقول بأن الرئاسة هي من قررت ذلك يستند إلى اعتراضات عديد الأعضاء، الذين طعن بعضهم في الألية التي أدير بها الملف، في ظل غياب دور اللجنة المختصة، وهي لجنة الشؤون المالية، وفي ظل غياب بيانات دقيقة عن كيفية إدارة هذا المبلغ، والمشروعات التي ستنفذ، وأماكن تنفيذها.إذاً بات سؤال كيف ستنفق هذه المخصصات الضخمة التي لم تعرفها أي موازنة في ليبيا حتى في الفترة الذهبية التي بلغ فيها سعر برميل النفط قرابة 150 دولار، وذلك منتصف العشرية الأولى من الألفية الثالثة، محل شك وخلاف قابل للتأثير على بقايا السلطة التي يتمتع بها مجلس النواب، غير أن السؤال الأهم هو كيف ستمول هذه الميزانية الكبيرة؟!

إن اعتماد هذه المخصصات من قبل مجلس النواب يعني أن تمويلها سيأتي من خزانة الدولة وعبر المصرف المركزي، الذي واجه تحديات كبيرة في إدارة سياسته النقدية، واعتبر محافظه أن الاستقرار النقدي ثم الاقتصادي في البلاد إنما يتأتى من خلال ضبط الانفاق، وكان قد طالب مطلع العام الجاري بوقف الإنفاق على مشروعات التنمية، إلى حين ضبط الأوضاع والمحافظة على مستوى جيد لسعر الدينار الليبي ومقاومة الضغوط التضخمية التي أثقلت كاهل المواطن.

لابد أن المصرف المركزي قد تفاجأ كغيره بهذا التوجه غير المدورس، وسيكون أمام المصرف صعوبة في توفير هذه المبالغ، وفي حال وفرها بالطرق المعروفة للتمويل الإضافي والاستثنائي، فإن أثرها سيكون عسكيا على المستوى العام للاسعار وعلى الاستدامة المالية.

البعد الاقتصادي والاجتماعي السلبي في هذا التوجه هو أن مشروعات التنمية ستنحصر في المناطق الخاضعة لسلطة النواب والقيادة العامة، وهي الشرق والجنوب، وربما كان هذا العامل المباشر لاعتراض عديد النواب من المنطقة الغربية، والذين صرح بعضهم بهذه مسألة بوضوح.

البعد السياسي في المسألة هو الإمكانيات التي يتمتع بها الصندوق أمام صلاحيات أقل للحكومة، ونعلم كيف أن الصراع في جوهره على فائض الأموال التي تكون ميسرة من خلال ميزانية التنمية أكثر من غيرها من البنود، هذا اذا افترضنا بأن المخصصات برمتها ستذهب لمشروعات التنمية، وليس لأوجه أنفاق أخرى، وهذا ما لا يمكن القطع به كليا، فستكون هناك مشروعات تنموية وحركة بناء وصيانة ملحوظة بلا شك، ولكن لا يعني أن جهات أخرى يمكن أن تستفيد بشكل غير مباشر، ليكون لهذه الاستفادة أثر عكسي على الوضع السياسي والامني في البلاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ليبيا البرلمان ليبيا برلمان مشاريع جدل مقالات سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس النواب فی ظل غیاب

إقرأ أيضاً:

طلب احاطة فى النواب لمواجهة انتشار مخدر الشابو حفاظاً على الشباب

تقدم النائب أشرف أمين عضو مجلس النواب بطلب احاطة إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزراء الصحة والسكان والشباب والرياضة والتضامن الاجتماعي، بشأن الانتشار المتزايد لمخدر “الشابو” المعروف بالكريستال ميث وخطورته البالغة على الشباب والمجتمع المصري موجهاً التحية والتقدير لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية على جهودها الناجحة فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.

أخطر أنواع المخدرات

وقال " أمين " : لقد أصبح “الشابو” أحد أخطر أنواع المخدرات انتشارًا في الآونة الأخيرة، نظرًا لتأثيره المدمر على الصحة العقلية والجسدية، وسرعة الإدمان عليه، وارتباطه بجرائم العنف والسرقة والانتحار، خاصة بين فئة الشباب. وتفيد التقارير الميدانية بانتشاره في عدد من المحافظات، لا سيما في المناطق الشعبية والقرى، مما ينذر بكارثة اجتماعية وصحية إن لم يتم التصدي لها بشكل عاجل وفعال مشيراً إلى أن هناك قصورًا في التوعية المجتمعية بشأن هذا المخدر تحديدًا، إضافة إلى ضعف الرقابة على منافذ تهريبه وتداوله، وغياب برامج إعادة التأهيل الكافية للمدمنين.

 الحملات الأمنية على أوكار ترويج

وطالب النائب أشرف أمين بضرورة تكثيف الحملات الأمنية على أوكار ترويج وتوزيع هذا المخدر وتوفير دعم أكبر لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان للتعامل مع هذه الظاهرة المتفشية.
مؤكداً على ضرورة إطلاق حملات توعية إعلامية ومجتمعية موجهة عن خطورة “الشابو” وآثاره المدمرة وإدراج مادة الشابو ضمن أولويات برامج العلاج المجاني ومراكز التأهيل بالمستشفيات الحكومية مع دراسة أسباب انتشار هذا المخدر تحديدًا في بعض المحافظات، ومعالجة الظروف الاجتماعية المسببة لذلك.

قبل عيد الأضحى.. تفاصيل جديدة فى تطوير حديقة الحيوان بالجيزةبروتوكول تعاون بين بنها للصناعات الإلكترونية وأكاديمية النقل البحري

كما طالب النائب أشرف أمين من رئيس مجلس النواب احالة طلب الاحاطة إلى لجنة مشتركة من لجان الصحة والتضامن الاجتماعى والشباب والرياضة لمناقشته مع استدعاء الوزراء المعنيين للرد عليه حفاظاً على الشباب

طباعة شارك النواب مجلس النواب البرلمان اخبار البرلمان اخبار مجلس النواب

مقالات مشابهة

  • عقيلة صالح: إنجازات صندوق إعادة إعمار ليبيا غير مسبوقة  
  • الصندوق الوطني للتجهيز من أجل التنمية : 50 مشروعا كبيرا لضمان نجاعة الانفاق
  • واشنطن تدرس تخصيص نصف مليار دولار لمؤسسة مساعدات جديدة في غزة
  • دوغة: الانتخابات البلدية هي الوحيدة التي نجحت في ليبيا
  • قانون الإسكان الاجتماعي .. التزامات صارمة ومزايا تمويلية لذوي الدخل المحدود
  • عاجل | إيلون ماسك: بدوني كان ترامب سيخسر الانتخابات وكان الديمقراطيون سيسيطرون على مجلس النواب
  • تفاصيل اختصاصات "المدير التنفيذي" لصندوق التأمينات الخاصة
  • بالصورة... عون وقّع على مرسوم دعوة مجلس النواب الى عقد إستثنائي
  • طلب احاطة فى النواب لمواجهة انتشار مخدر الشابو حفاظاً على الشباب