التاريخ، كمادة مدرسية أكاديمية، ثقيل على معظم النفوس، وفي العالم العربي، من حق الأجيال المعاصرة أن تسيء الظن بالتاريخ، لأنهم لا يجزمون بصحة الوقائع، التي تتعلق بتاريخ بلدانهم القريب والمعاش. ولِم لا، والكتب المدرسية، وحتى وسائل الإعلام ـ مثلا ـ تسمي الهزيمة الساحقة والماحقة لثلاثة جيوش عربية في حزيران/ يونيو من عام 1967 "نكسة": خسارة الضفة الغربية ومعها القدس، وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان "نكسة"، وليست النكبة 2، التي نشهد ذيولها اليوم في الحرب الفاجرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، الذي يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحويله إلى منتجع سياحي.
تزوير التاريخ يؤدي إلى النفور منه، والجهل بالتاريخ، يؤدي سقطات سياسية واقتصادية وعسكرية، فدراسة التاريخ أو الإلمام بالتاريخ ضرورة حياتية، لأن ما هو واقع اليوم، هو نتاج وقائع "تاريخية"، ودروس الماضي تجعلنا ندرك كيف آلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم، وتجعلنا قادرين على تفادي الأخطاء، وسلوك دروب جديدة تؤدي الى حياة أفضل، فوقائع الماضي أدت إلى تشتيت جماعات بشرية، مما أدى بدوره إلى تغييرات في الخارطة الإقليمية والمناطقية، وظهور أشكال مختلفة من أنظمة الحكم، التي استمر بعضها عبر القرون والأجيال، وعالمنا المعاصر يحمل بصمات كل ذلك.
يعلمنا التاريخ لماذا ازدهرت مجتمعات معينة، بينما ذبلت وهزلت مجتمعات أخرى، ولماذا حدثت الحروب الكبيرة والصغيرة، ويعلمنا أن "من نسي قديمه تاه"، انظر كيف تفجرت نوافير العلوم والفلسفات في ظل الدولة العباسية، وكيف كان العرب والمسلمون مصدرين للمعارف إلى أوروبا في عصور ظلامها، وانظر حالهم اليوم: يستوردون حصائل أوروبا والغرب من العلوم والمخترعات، بل أوكلوا للأوروبيين استكشاف جغرافية وطبوغرافية بلدانهم، ثم يستجدونهم المدد في كل نازلة تحيق بهم.
يعلمنا التاريخ لماذا ازدهرت مجتمعات معينة، بينما ذبلت وهزلت مجتمعات أخرى، ولماذا حدثت الحروب الكبيرة والصغيرة، ويعلمنا أن "من نسي قديمه تاه"، انظر كيف تفجرت نوافير العلوم والفلسفات في ظل الدولة العباسية، وكيف كان العرب والمسلمون مصدرين للمعارف إلى أوروبا في عصور ظلامها، وانظر حالهم اليوم: يستوردون حصائل أوروبا والغرب من العلوم والمخترعات، بل أوكلوا للأوروبيين استكشاف جغرافية وطبوغرافية بلدانهم، ثم يستجدونهم المدد في كل نازلة تحيق بهم.التاريخ يعلمنا كيف عاش الناس قبل عقود أو قرون، وكيف أن ما قاموا، أو لم يقوموا به يؤثر على الواقع الراهن، فالأحداث التي تبدو كأرقام على صفحات الكتب، تركت تأثيرا مباشرا على حياتنا اليوم، وكما قال وليام اتش ماكنيل، الرئيس السابق لجمعية التاريخ الأمريكية "المعرفة التاريخية هي، لا أقل أو أكثر، من الذاكرة الجمعية لبني البشر"، وعندما ندرس التاريخ نتعلم كيف وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، وكيف تشكل نمط حياتنا المعاصرة، ومن لا يدرس التاريخ بعقل ناقد، يصعب عليه إدراك لماذا حدثت انتصارات هنا وخيبات هناك، وسيظل يعيد اختراع العجلة، ويظل مرابطا في عصر العجلة والحصان، عوضا عن استنباط مسارات جديدة للحياة تؤدي إلى ما هو أفضل.
يقول الفيلسوف الإسباني جورج سانتايانا، إن من لا يتذكرون الماضي، سيعيدونه، والتاريخ لا يعيد نفسه إلا في هيئة مهزلة او مأساة، وصحيح أن العالم الذي نعيش فيه اليوم هو نتاج أحداث وقعت في زمان بعيد، ولكن فهم تلك الأحداث، وليس تكرارها بما قد يكون فيها من سلبيات، هو الذي ينبغي ان يحدد لنا ما ينبغي ان نفعله لنمضي الى الامام، فالتاريخ يبصرنا بالنقلات الكبيرة التي حدثت في مسارات حياة الناس عبر القرون، واستنباط العظات والعبر من كل ذلك، هو الذي يمنع التكرار الهازل أو المأساوي للتاريخ.
تعلم الجنس البشري الكثير من سقوط الإمبراطورية الرومانية، ومن بعدها الإمبراطورية الإسلامية، وكانتا الأكبر في زمانهما، ومن حركة الحقوق المدنية التي كان أبطالها ذوي الأصول الأفريقية في الولايات المتحدة، والتي استلهمت نضالات وتضحيات أجيال عديدة من ضحايا الاسترقاق في أمريكا، تعلَّم سود جنوب افريقيا كيف ان النضال السلمي أجدى من العمل المسلح، لانتزاع السلطة من أيدي أقلية بيضاء عنصرية استعلائية دخيلة على افريقيا.
التاريخ معلم يعطي دروسا لمن يرغب أو لا يرغب في التعلم: تفهم الدرس، وتعرف لماذا أخفق الناس هنا ونجحوا هناك، وتخطط لحاضرك ومستقبلك وأنت على بصيرة من أمرك. وإذا لم ترغب في التعلم، ستكرر أخطاء وقع فيها أسلافك، وتبقى مرابطا في محطات قديمة، ويفوتك قطار العصر، وتبقى في خُسْر، فلا يكون عندك ما تتباهى به، كما هو حادث للعرب اليوم غير:
زمانٌ تولى كان فيه جدودنا
ليوثا يقودون الخميس العرمرما
إذا بسموا فالخُلْد في وجناتهم
وإن عبسوا فالكون صار جهنما
عندما استعاد نظام البوربون الملكي في فرنسا في عام 1815، قال السياسي الفرنسي شارل تاليران عن البوربون: "إنهم لم يتعلموا أي شيء"، فآل البوربون الذين أطاحت بعرش ملكهم العائلي المتوارث "الثورة الفرنسية"، استطاعوا بسقوط حكم نابليون، استعادة عرش فرنسا، ليبدأوا فصلا إنتقاميا عنوانه، تصفية الحساب مع الثورة التي عصفت بملكهم، رموزا وقادة ومنجزات، في محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء، فاستدعى ذلك موجة ثانية من الثورة ألقت بهم في مزبلة التاريخ.
وهكذا ذهب آل البوربون، الذين لم يتعلموا من دروس التاريخ ماذا تعني "ثورة"، فيما بقيت "الثورة" قبسا ملهما يضيء دروب التغيير إلى يومنا هذا، لكافة شعوب الأرض.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه التاريخ العربي دروس تاريخ عرب رأي دروس مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
النشامى يكتبون التاريخ.. الأردن تحتفل بالتأهل الأول لـ«كأس العالم 2026»
شهدت شوارع المدن الأردنية مساء الخميس احتفالات عارمة عقب تأهل منتخب “النشامى” إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، في إنجاز تاريخي يتحقق لأول مرة في تاريخ المملكة.
وجاء تأهل المنتخب الأردني بعد فوزه الساحق على نظيره العماني بثلاثية نظيفة في العاصمة مسقط، بالتزامن مع خسارة العراق أمام كوريا الجنوبية بهدفين دون مقابل في بغداد، ضمن الجولة الأخيرة من المرحلة الثالثة لتصفيات آسيا المؤهلة للمونديال.
وتحوّلت العاصمة عمّان ومدن المملكة إلى ساحات فرح، حيث انطلقت مسيرات السيارات التي رفعت الأعلام الأردنية، وعلت أصوات الأناشيد الوطنية وأبواق الفرح، وشهدت سماء عمّان عروضاً ضوئية مبهرة باستخدام طائرات الدرون، رسمت أشكال لاعبي كرة القدم وشعارات مثل “عبي الملعب نشميين” و”كلنا معكم” و”قربت يا نشامى”، قبل دقائق من نهاية مباراة العراق وكوريا الجنوبية.
اللاعب علي علوان كان نجم اللقاء أمام عمان، بتسجيله ثلاثية تاريخية (هاتريك) في الدقائق (45+7)، و51، و64، مانحاً فريقه فوزاً ثميناً مكّنه من تصدّر المجموعة وضمان بطاقة التأهل المباشر إلى المونديال.
وبموجب نظام التصفيات الآسيوية، يتأهل المنتخبان صاحبا المركزين الأول والثاني في كل مجموعة من المجموعات الثلاث في المرحلة الثالثة إلى كأس العالم مباشرة، فيما يخوض أصحاب المركزين الثالث والرابع مواجهة فاصلة لحصد بطاقتين إضافيتين وبطاقة للملحق العالمي.
وعبّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن فخره الكبير بتأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم 2026، في إنجاز غير مسبوق بتاريخ الكرة الأردنية.
وفي تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، مساء الخميس، قال الملك: “أهنئ من قلبي أبناء وبنات شعبنا العزيز بتأهل منتخبنا الوطني لكرة القدم لنهائيات كأس العالم”، مضيفًا أن “هذا التأهل التاريخي مستحق لمنتخبنا، الذي يضم نجوما وكوادر نعتز ونفخر بهم”.
ووجه العاهل الأردني شكره الخاص للجمهور الأردني، واصفًا إياه بـ”الوفي، الذي كان السند والداعم”، مؤكداً أن “النشامى كانوا وسيبقون على العهد”.
ماذا فعلت يا جمال السلامي؟!
منتخب النشامى على بعد خطوة واحدة من صناعة التاريخ؛ فهزيمة أو تعادل المنتخب العراقي أمام كوريا الجنوبية، يضمن تأهل المنتخب الأردني مباشرة إلى نهائيات كأس العالم 2026، في إنجاز غير مسبوق لكرة القدم الأردنية.
????جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين،… pic.twitter.com/MSgAN53prg
???? من داخل الملعب ردة فعل لاعبي المنتخب الأردني لحظة صافرة الحكم واعلان تأهل منتخب النشامى ???????????????? #الاردن_كوريا #كأس_آسيا2023
pic.twitter.com/va7v4nICCk
الف مبروك لسيد البلاد وولي العهد ????????????????????????
الف مبروك للشعب الاردني العظيم ????????????????????????
الف مليون تريليون مبروك تأهل المنتخب الاردني، منتخب النشامى ولأول مرة لكأس العالم ٢٠٢٦ ????????????♥️????????
كل عام وانتم بألف خير ، عيد أضحى مبارك
وعيدنا عيدين ????????♥️#الأردن_في_كأس_العالم#الأردن ????????????????????????♥️ pic.twitter.com/gJD6oXSdsR