الرأى اليوم

صلاح جلال

رد على مقال دكتور عبدالله علي إبراهيم

لعناية دكتور عبدالله علي إبراهيم يجده صائما بخير

اطلعت على المقال المنشور لك تحت عنوان (هل للأمة قوات مسلحة أم للقوات المسلحة أمة)، الذي اتهمت فيه القوى المدنية بعدم فهم طبيعة القوات المسلحة، وتريد فيه توطين فهم ثقافة العسكر (القوات المسلحة) لدى المدنيين، حتى يتمكنوا من التعامل معهم بمعرفة وفهم.

لعلمك، لقد متنا وشقينا المقابر، واطلعنا إلى حد التخمة عن ثقافة العسكر في السياسة من تجارب الجيوش المحيطة بنا خاصة الجيش المصري الذي لم يخرج من السياسة منذ ثورة يوليو إلى اليوم قرابة ٨٠ عاماً حسوما وتجربة وتوصل المجتمع المدني المصري لمعادلة تعايش معه في الحالة السياسية المصرية، وكذلك اطلعنا على تجربة الجيش العربي السوري في تقلباته المختلفة منذ انقلاب أديب الشيشكلي ضد القدسي والأتاسي إلى أن تحول الجيش السوري لجيش أيدلوجى في عهد حافظ الأسد (البعث العربي) وصنوه جيش العراق العظيم ورديفه تجربة الجيش اليمني الذي ترقى فيه شاويش لرئاسة الجمهورية تجارب متصلة ومؤصلة أمام أعيننا للجيوش التي تحزبت وقادة الدولة من فشل إلى فشل مجيد بلا نموذج واحد يشفع لهم بنصف نجاح.

(2)

آخر كتاب اطلعت عليه قبل عامين إمبراطورية الضباط في مصر للكاتب الإخواني محمود جمال

الكتاب الأهم عن ثقافة الجيوش والحكم للباحث المجيد د.عزمي بشارة الجيش والسياسة نماذج عربية جاء الكتاب في ثلاثة فصول بين العسكرية والمجتمع المدني وحالات تطبيقية امتدت على خريطة الجيوش والسلطة في العالم العربي وبعض النجاحات وأسبابها وأخيرا الانزلاق للفشل ثم الانهيار بالدولة درس فيها نماذج لتجارب الجيوش العربية الفاشلة التي تحقق تنمية مؤقتة، وتهزم التحول الديمقراطي، وتنتهي بفشل الدولة وسقوطها.

(3)

وهناك دراسات عديدة وعميقة عن تجارب القوات المسلحة السودانية في كل جوانبها العسكرية، وفي السلطة منها كتاب الجيش والانقلابات في السودان العميد عصام الدين مرغني الذي طُبِع في قاهرة التسعينات، لقد تجرأت عدة مرات وزرت المكتبة العسكرية بالقوات المسلحة التي كان يقودها فرع التاريخ العسكري بدرجة لواء مليئة بالبحوث والدراسات عن طبيعة القوات المسلحة وتطورها ومفاهيمها، القوى المدنية السودانية يا دكتور عبدالله ليست جاهلة بمعرفة العسكر كما تقول اهتمت باكراً بدراسة القوات المسلحة ومحاولة فهم ظاهرة الانقلابات العسكرية

(هذا المجتزأ منقول من كتاب “من أجل التوثيق- مذكرات العم فضل النور عليه رحمه الله” ص، 101 مدير مكتب الأمير عبدالله نقد الله وزير الداخلية 1966) وهي متاحة الآن في أمازون ذكر أن الأمير عبدالله نقد الله بعد أدائه القسم استدعى القائد العام الفريق الخواض، وناقش معه فكرة حل القوات المسلحة وإعادة تكوينها بطريقة محترفة وقومية متوازنة هو العلاج الوحيد لجرثومة الانقلابات في داخلها وقابليتها للتآمر منذ ذلك التاريخ بعد ثاني انقلاب في البلاد بقيادة إبراهيم عبود، أما عن أدلجة القوات المسلحة، فقد كانت تجربة تمت تحت نظرنا ١٩٩٠م إلى ٢٠١٩م بعد تفريغها من الضباط الوطنيين وأيلولة قيادتها لمحاسيب التنظيم السياسي الحاكم وآخر شهادة بهذه الحقيقة انقلاب مفتش عام القوات المسلحة الفريق أول ركن هاشم عبدالمطلب الذي ذكر أنه يتلقى تعليماته من د. نافع والجاز وعلى كرتي إلى انقلاب اللواء بكراوي.

(4)

كما أن القوى الوطنية والمدنيين ليست خلو من دراسة ظاهرة الجيش المؤدلج في البلاد فهناك كان نقاش عميق للظاهرة في التسعينات ابتدره دكتور عبدالله بولا ببحث مبذول في الإنترنت بعنوان (نسب أمنا الغولة) لتأصيل ممارسات الكيزان الأصولية وعبثهم بمؤسسات الدولة وقواتها المسلحة المؤدلجة لصالح التنظيم بقيادة عسكرية (الحزب تحت الكاب)، لقد ساهم في ذلك النقاش د. فاروق محمد إبراهيم النور والرفيق باقان أموم وشخصي صلاح جلال والمناقشات موجودة في أرشيف صحيفة الخرطوم الصادرة بالقاهرة في التسعينات، القوات المسلحة يا دكتور عبدالله كتاب مفتوح للدراسة والنقد وهناك معرفة حقيقية بها لا كما ادعيت ورميت الأحزاب السياسية والقوى المدنية بالجهل وعدم المعرفة بالجيش، وأذكر مقولة لدكتور حسن الترابي -رحمه الله- أرسل له شخص مقاله ناقدة قدمها له صديق مشترك بينهم سأله هل تذكرت هذا الكاتب رد عليه قائلاً (هل ينسى أحد منا غريمه) القوات المسلحة هي غريمنا الذي باسمه تمت مصادرة حرياتنا وزُج بنا في السجون والمنافي وباسمها تم تعذيبنا وقتلنا عدة مرات فهي غريمنا الذي لن ننساه ولا نغفل عنه.

(5)

ختامة

هذا الرد العفوي والتدفق التلقائي جاء على عجل في شكل خواطر من سطح الذاكرة، ولكن سأعود إلى هذا الموضوع الهام يوماً ليس ببعيد، برد أكثر تأصيلاً في الموضوع والاتهام والنفي له بالدليل الذي لا يقبل الجلجة، نعترف لك دكتور عبدالله بحق الأستاذية علينا والاجتهاد في البحث، ولكن نختلف معك في هواك تطفيف وعي القوى المدنية قرباناً للعسكر، الذين قاومتهم في شبابك، وتواددهم في شيخوختك الراهنة نتفهم تعبك وإرهاقك من النضال الطويل ورغبتك في الاستراحة والابتعاد عن مصادر القلق والإزعاج، رجائي أن تذهب وحدك دون تنظير لجر الآخرين معك، هناك قانون في القوات المسلحة يسمى (الوقاحة وعدم الانقياد) مخالفته تقود العسكري إلى الإعدام والتجريد من الخدمة، أنا عاصي سيادتك جنابو دكتور عبدالله لا أشتري مقالك أعلاه بشروي نقير لجرنا لفهم جديد للقوات المسلحة الانقلابية دون المطالبة بتقويمها ومعالجتها، الجيش لا يصلح للحكم يجب أن يعود إلى الثكنات نقطة سطر جديد وقناعة ترسخت لدينا منذ الصبا إلى الكهولة، كما قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين المجلد الثاني في وصفه الإيمان الراسخ (بإيمان العجائز)، نحن *نؤمن بضرورة إعادة تأسيس القوات المسلحة لتكون قوات قومية التكوين مهنية ومحترفة وموحدة تحتكر العنف في الدولة بلا شريك وحل جميع المليشيات والحركات المسلحة وتصفية وجودها العسكري وفق ترتيبات أمنية والدمج والتسريح (DDR) ، وأن تبتعد القوات المسلحة وبقية القوات الأمنية عن السياسة والاقتصاد هذا هو الوعي الذي أكدته مجريات الحرب العبثية الراهنة التي يجب أن تقف فوراً أو الطوفان والحرب الأهلية الشاملة وهي القاصمة التي لا تبقى لنا عمود في دولة.

الوسومصلاح جلال

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح جلال القوات المسلحة القوى المدنیة

إقرأ أيضاً:

نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك

قال ‏المركز الأمريكي للعدالة ACJ إن نحو 100 قتيل سقطوا في سيئون بمحافظة حضرموت، شرق اليمن، في الهجوم الذي شن الإنتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، خلال الأيام الماضية.

وكشف المركز إن التقديرات الأولية تشير إلى أن قتلى قوات الانتقالي وصل إلى 34، و حلف حضرموت 17 قتيلاً، والمنطقة العسكرية الأولى 24 قتيلاً، كما تم رصد قتيل مدني واحد. على الرغم من أن المواجهات لم تكن واسعة النطاق، بل كانت ‎محدودة في أماكن معينة فقط في بداية المواجهات.

وأعرب المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عن إدانته وقلقه البالغ إزاء ‎الهجوم لمنظم الذي نفذته قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، قادمة من محافظات الضالع وأبين وشبوة، وعدن على مدينة سيؤون وعدد من مديريات وادي حضرموت ومحافظة المهرة خلال الأيام الماضية. 

وأظهرت المعلومات التي تلقاها المركز إلى أن المواجهات التي أدت الى سقوط عشرات ‎القتلى والجرحى ارتكبت خلالها القوات التابعة للانتقالي ارتكبت انتهاكات جسيمة تمثلت في الاعتقالات ونهب ‎المقرات الحكومية والمحال التجارية ومنازل المواطنين خصوصاً المنتمين إلى المحافظات الشمالية، في اعتداءات اتخذت طابعاً تمييزياً خطيراً يقوم على استهداف المدنيين وفق ‎الهوية الجغرافية.

وبحسب المعلومات فقد طالت هذه الانتهاكات ‎مدنيين وعسكريين، وأسفرت عن سقوط ضحايا واحتجاز العشرات ممن جرى نقلهم إلى معتقلات مستحدثة افرج عن بعضهم خصوصاً ممن ينتمون إلى محافظة حضرموت و أُجبر آخرون ينتمون إلى المحافظات الشمالية على الرحيل ولم يتمكن المركز من معرفة مصير ‎المعتقلين.

وأكد المركز أن استمرار هذا النمط من الاعتداءات يشكل ‎تهديداً مباشراً للسلم الاجتماعي، ويمسّ أسس التعايش بين مكونات المجتمع اليمني، كما يعمّق ‎الانقسامات الداخلية ويفتح الباب أمام احتمالات توسع دائرة العنف في حال عدم اتخاذ إجراءات عاجلة لوقفها.

ووفق المركز برزت انتهاكات قوات الانتقالي أثناء ‎اقتحام حضرموت، حيث بدأت تلك القوات باقتحام مؤسسات الدولة بالقوة، إذ دخلت ‎المقرات الحكومية والعسكرية دون أي غطاء قانوني وفرضت سيطرتها عليها بقوة السلاح. كما أقدمت على اقتحام مقر المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح، والعبث بأثاثه وجميع محتوياته، بالتزامن مع الاعتداء على الحراس وترويعهم ونهب ‎مقتنيات شخصية، في استهداف مباشر للحياة السياسية.

وامتدت الاعتداءات إلى مداهمة ‎منازل مسؤولين، بما في ذلك منزل وزير الداخلية ومنزل الوكيل الأول لوزارة الداخلية، كما داهمت تلك القوات منازل الجنود والضباط القريبة من المنطقة العسكرية الأولى، كما تسببت في ‎ترويع الأهالي، إضافة إلى نهب ممتلكات شخصية تخص الجنود وعائلاتهم.

ولم تتوقف الانتهاكات عند ذلك، إذ أجبرت القوات بعض التجار على فتح محلاتهم بالقوة قبل أن تتركها للعصابات لنهب محتوياتها، كما اعتدت على مصادر رزق البسطاء من خلال اقتحام الدكاكين والبسطات في سيئون ونهبها في وضح النهار. كما طالت الانتهاكات الممتلكات الخاصة للسكان، حيث قامت عناصر تابعة للانتقالي بنهب أغنام عدد من الأسر في منطقة الغرف بسيئون، في ‎انتهاك صريح لحقوق المواطنين وممتلكاتهم. وبلغت خطورة الأفعال حد فتح ‎مخازن الأسلحة والذخيرة وتركها للنهب، الأمر الذي يثير مخاوف حقيقية من أن يؤدي نهب الأسلحة إلى مفاقمة حجم الانتهاكات وزيادة احتمالات استخدامها في ‎أعمالعنف جديدة، وخلق حالة من الفوضى.

إلى جانب ذلك، عملت تلك المجموعات على نشر ‎خطاب الكراهية وإثارة الانقسام المجتمعي من خلال استخدام لغة عدائية ومناطقية ضد أبناء حضرموت، ما أدى إلى رفع مستوى الاحتقان والتوتر الاجتماعي الأمر الذي قد يؤدي إلى ‎موجة عنف في محافظة ظلت آمنة وبعيدة عن الصراع طيلة فترة الحرب.

وأشار المركز إلى أن هذه الاعتداءات تمثل ‎انتهاكاً صارخاً للمبادئ والاتفاقيات الدولية، إذ تحظر اتفاقيات جنيف لعام 1949 أي اعتداء على المدنيين، وتمنع ‎الاعتقال التعسفي ونهب الممتلكات أثناء النزاعات المسلحة، فيما يقرّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بحظر الحرمان من الحرية دون أساس قانوني وتجريم ‎التمييز العرقي وسوء المعاملة. كما يؤكد القانون الدولي العرفي على أن استهداف المدنيين على أساس الهوية يشكل ‎جريمة حرب، بينما يصنف ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الاعتقال التعسفي واسع النطاق والاضطهاد القائم على الهوية ضمن ‎الجرائم_الإنسانية.

ودعا المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى ‎#وقف_الاعتداءات فوراً، وتحمل المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة، وعن سلامة المدنيين والعسكريين المختطفين. كما يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين، ووقف ‎#الاعتداءات_الهوياتية، وفتح تحقيق مستقل وشفاف لضمان محاسبة المنتهكين، وتوفير الحماية للمدنيين بما يمنع تكرار مثل هذه الجرائم التي تهدد ‎السلم المجتمعي في اليمن.

وشدد المركز الأمريكي للعدالة على أن حماية السكان وعدم استهدافهم على أساس مناطقي يُعد ‎التزاماً قانونياً وأخلاقياً، وأن استمرار الإفلات من العقاب يساهم في تكرار الانتهاكات ويعرّض ‎الاستقرار الاجتماعي لمخاطر جادة، الأمر الذي يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المحلية والدولية لضمان إنصاف الضحايا وتعزيز سيادة القانون.

مقالات مشابهة

  • جوتيريش يعرب عن اعتزازه بالتعاون القائم مع العراق
  • الجيش الروسي يستهدف مواقع للصناعة العسكرية والطاقة في أوكرانيا
  • الأمطار والكهرباء..البارومتر الموسمي للفشل الحكومي في العراق !!
  • الدفاع الروسية تعلن القضاء على مجموعة من القوات المسلحة الأوكرانية في غوليايبولي
  • الجيش الروسي يشن ضربات حاسمة ويحرر مناطق بأوكرانيا
  • الجيش الأوكراني: قوات روسية قليلة دخلت مدينة سيفيرسك
  • القوات الروسية تُحرر بلدتين في مقاطعة خاركوف
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • الأردن وألمانيا يعززان التعاون العسكري المشترك
  • الخدمات الاجتماعية العسكرية تكرّم عددا من ذوي الإعاقة من منتسبي القوات المسلحة