طرطوس-سانا

حافظ أنمار تقلا من مدينة طرطوس على نشاطه الفني رغم عمله كطبيب أسرة وضيق وقته، متميزاً في الرسم وكتابة الخط وصنع المجسمات من المخلفات الطبية.

وخلال حديثه لـ سانا الشبابية، قال تقلا: موهبتي بدأت منذ الصغر لكن لم أهتم بها خلال فترة الدراسة في المدارس، وبعد المرحلة الجامعية أيقظت موهبتي الدفينة معتمداً على التطوير الذاتي، ومن خلال المتابعة تمكنت من الرسم وإبراز موهبتي.

وأضاف إنه عندما يرى مشهداً جميلاً يرسمه على القماش مستخدماً أقلام الرصاص والرمل الملون والبحري الذي يحتاج إلى دقة ووقت أطول، والألوان الخشبية والزيتية، ومبيناً أنه يعتمد في الرسم على الفطرة في مزج الألوان للحصول على اللون الذي يريدها فهو يستخدم الألوان بطريقة تخدم اللوحة التي تأخذ قرابة الشهرين من الوقت وسطياً لإنجازها.

وأشار تقلا إلى أن الفن من مهمته أن ينشر التفاؤل فلوحاته تضج بالحياة والألوان التي تنشر البهجة، مبيناً أن المرأة تشكل الموضوع الرئيسي في لوحاته، ويحب أن يقدمها بشكل محترم ومفرح، وأن أكثر ما تأثر به هو المدرسة الكلاسيكية والانطباعية وبالرسام محمود فرشجيان الرائد في رسم المنمنمات الفارسية “المنياتور”.

وبين تقلا أنه يروج لأعماله الفنية من خلال مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال مرسم أخيه، ويعتبر الرسم هواية وحرفة، ولكنه كهواية أقرب إليه لأن فيها متعة وإبداعاً، مؤكداً أنه يطمح للأفضل دائماً وهدفه الوصول للعالمية، كما أنه شارك بمعارض فردية في طرطوس ودمشق.

إضافة إلى الرسم يجيد تقلا كتابة الخط الكوفي بالدرجة الأولى، ويعتبره من أجمل الخطوط، إضافة إلى الفارسي والديواني، مستخدماً أقلاماً حبرية خاصة بطريقة البخ على الزجاج، وأيضاً من خلال الضرب بالرمل، كما أنه يتقن حفر الخط العربي على الرخام.

وربط تقلا بين مهنته كطبيب وبين الفن، حيث استفاد من المخلفات الطبية وقام بإعادة تدويرها في صنع المجسمات فبنى برجاً من عبوات الأنسولين الفارغة، وصنع بيتاً من الخافضات، وبدأ بإدخال المخلفات الطبيعية والصناعية مثل الأقمشة والأسلاك والقصدير في عمله، وفق ما ذكر.

ويعتبر تقلا المنتسب إلى نقابة الفنانين التشكيليين منذ عام 2023 أن الموهبة بحاجة إلى صقل، والذي ساعده على صقلها دراسته للطب التي جعلته يستوعب ما يصنع من دون مساعدة، وينمي موهبته ويستغلها في الرسم.

رانيا شما

 

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

موهبة مدفونة

 

 

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

ورد في الأثر الإسلامي عن حفيد الرسالة المحمدية الإمام جعفر بن محمد الصادق: "إِنَّ اَللَّهَ مَنَّ عَلَى قَوْمٍ بِالْمَوَاهِبِ فَلَمْ يَشْكُرُوا فَصَارَتْ عَلَيْهِمْ وَبَالًا".

 لدينا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أفراد يتميزون بمواهب إبداعية وعلمية وفنية، بما يملكونه من قدرات خاصة جدًا وربما خارقة أحيانا، ومما يؤسف له أن تبقى تلك المواهب في بعض الأحيان مهمشة، لا تعرف إلا على نطاق محدود في المجتمع، بسبب غياب الفرص الكافية لإبراز قدراتها وطاقاتها. ويعود ذلك لأسباب متعددة، ومن أبرزها ضعف الدعم الأسري والمجتمعي، وهو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى دفن الموهبة وتعطيلها في المجتمع، فتفقد بذلك قيمتها وتأثيرها.

إن الموهوبين، مهما كانت قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية كالتقنية والرقمية أو الرياضية والحركية أو القيادية والاجتماعية أو العلمية الأخرى كالابتكار والاختراع وسواها، إلا أنهم بحاجة ماسة إلى البيئة الحاضنة التي تعينهم على الوصول إلى أهدافهم المنشودة، ولا يأتي ذلك إلا بالتشجيع المستمر، ويكون ذلك بزرع الثقة الكاملة في نفوسهم، وهو دعم ينبغي أن يكون سخيا من قبل الاسرة والمجتمع، ولكن عندما يغيب ذلك الدعم لتلك المواهب والطاقات حتما ستبدأ بالذبول والأفول والاختفاء من المجتمع في صمت مريب ومؤسف.

عندما تضعف رعاية الموهوبين ولا توجه مواهبهم وطاقاتهم توجيها سليما، فإن ذلك يشكل خطورة بالغة على المجتمع؛ إذ قد يُسيء الموهوبون استغلال مواهبهم فيما يضرهم ولا ينفع مجتمعهم، خصوصًا في ظل توفر بيئات تنافسية فاسدة في الداخل أو الخارج.

لقد باتت دولنا بحاجة ماسة إلى أن تحذو حذو الدول المتقدمة التي تولي اهتماما بالغا بالموهوبين، مثل سنغافورة وهي من الدول التي تهتم بالموهوبين، خاصة في مهارات وقدرات الناشئة في مجالات الرياضيات والعلوم، إذ تقوم بتأسيس مدارس وجامعات عالية المستوى يلتحق بها الموهوبون ويجدون فيها من التأهيل والتعليم ما يساعدهم على الابتكار وإيجاد الحلول لمشاكل وتحديات الواقع، ما يجعلهم شركاء في الخطط الوطنية للتنمية محليا وعالميا. وهكذا هو الحال في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المتقدمة.

ويعد اكتشاف المواهب المدفونة في المجتمع أمرًا في غاية الأهمية، وذلك للإسهام في بناء مجتمع ناجح وعليه، ينبغي أن نسأل أنفسنا: كيف نستطيع أن نكون من الداعمين للموهوبين في المجتمع؟

يتطلب دعم الموهوبين وعيا عميقا وجهودا متكاملة ومتواصلة من مختلف الأطراف، بدءا من الأسرة والمدرسة، مرورا بالمجتمع المحلي وانتهاءً بالمجتمع العالمي والانساني، بكل مؤسساته الاجتماعية.

وهنا نذكر بعض الأمثلة التي توضح سبل هذا الدعم:

أولًا: لا بُد من اكتشاف الموهبة بشكل مبكر وذلك من خلال ملاحظة مهارات الأطفال والناشئة حتى يتمكن الأهل من معرفة ميول الطفل الموهوب وتوجيهه بشكل أفضل. ثانيًا: تكثيف الرعاية الأسرية وذلك بتشجيع الأبناء الموهوبين وعدم التقليل أو الاستخفاف بمواهبهم وامكانياتهم، وتوفير البيئة المناسبة والمحفزة التي تجعلهم يسيرون بخطى موجهة ومدروسة نحو أداء واجبهم بشكل أفضل وأجمل في خدمة مجتمعهم ووطنهم. ثالثًا: توفير البرامج التعليمية الخاصة وذلك من خلال اعداد مناهج وأنشطة متكاملة تتناسب مع طاقاتهم ومستوياتهم العقلية والإبداعية، سواء داخل الأسرة أو خارجها. رابعًا: ربط الموهوبين بالمربين والمرشدين من الكادر التعليمي، من خلال المعلمين والمتخصصين في مجالات ميولهم وتوجهاتهم، وهي خطوة مهمة لتنمية قدراتهم بالشكل الصحيح الذي يليق بهم وبإمكانياتهم الإبداعية. خامسًا: دعم الموهوبين ماليًا ومعنويًا واشراكهم في المسابقات المختلفة والإشادة بإنجازاتهم وإمكانياتهم وعدم تجاهلهم على مستوى الاسرة والمجتمع. سادسًا: تسليط الأضواء الإعلامية على الموهوبين والتعريف بهم وإبراز إسهاماتهم العلمية والعملية. سابعًا: إنشاء المراكز المتخصصة لرعاية الموهوبين وذلك لتنمية مواهبهم وقدراتهم العقلية بشكل أفضل مما هو عليه الآن.

اليوم وأكثر من أي وقت مضى يحتاج عالمنا العربي والإسلامي إلى مضاعفة الجهود لاحتواء المواهب واكتشاف الطاقات والإمكانيات وصقلها، والاستفادة من قدراتها في دفع عجلة الابتكار والتطور العلمي. الموهوبون هم من يستطيعون المساهمة في التقدم العلمي بشكل أفضل وأسرع، مما يجعل الوطن في مستوى الدول المتقدمة علميا. وبذلك يتم تحقيق الإنتاجية ورفع كفاءة المؤسسات الوطنية، مما يرفع من سمعة الوطن ويعلي من رصيده الحضاري بين سائر الأمم المتقدمة والمتحضرة.

أخيرًا.. وحتى لا تكون المواهب الإنسانية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وبالًا على الجميع علينا شكر الله تعالى على نعمة وجودها بيننا كما ينبغي على الجميع معاملة الموهوبين ليس كطلاب يمتلكون إمكانات عقلية جبارة فحسب؛ بل كمشروع إنساني ووطني يجب استثماره استثمارًا جيدًا، وذلك من خلال رعاية الموهوبين والاهتمام بهم. وليس هذا من باب البطر أو الترف الاجتماعي أو الأسري كما يظن البعض، بل هو مسألة في غاية الأهمية يفرضها الاستعداد لبناء مستقبل واعد تقع مسؤوليته علينا جميعا في داخل مجتمعاتنا واوطاننا، لذا علينا إدراك هذه الحقيقة أن من يستثمر الإنسان الموهوب اليوم سيصنع فرقًا ملموسًا غدًا.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • محافظ بني سويف يتفقد مجزر ناصر ضمن استعدادات استقبال عيد الأضحى المبارك
  • تنفيذ خطة صيانة في أقسام رئيسية بمرفأ طرطوس وفق أولويات فنية وتشغيلية
  • بيطري الشرقية يُنظم ورشة عمل عن التفتيش على اللحوم خلال عيد الأضحى
  • العنزي: الجمهور الاتحادي لا يرغب بترشح أنمار الحائلي.. فيديو
  • محافظ القليوبية يشهد حملة مكبرة لازالة "التراكمات" أسفل محور الفريق العصار
  • محافظ القليوبية يبحث مع مساعد وزيرة البيئة تطوير منظومة إدارة المخلفات
  • محافظ القليوبية يبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات وإزالة تراكمات أسفل محور الفريق العصار
  • موهبة مدفونة
  • وقفة في ساحة كلية الطب البشري بجامعة حلب إحياءً لذكرى المظاهرة الكبرى التي شهدتها الجامعة ضد ممارسات النظام البائد وتقديراً لتضحيات الشهداء.
  • بالفيديو.. لحظة طريفة تجمع أردوغان وماكرون تسرق الأضواء في قمة تيرانا