حين ذكَرَ الله تعالى فَلاحَ المؤمنينَ ذكَرَ سبحانه أنَّ أولى الصفاتِ التى بِسببِها أفلحوا خشوعُهم فى صلاتِهم: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ» [المؤمنون: 1، 2]، وليسَ هذا معناهُ أنهم خاشعونَ فى الصلاةِ فقط، وإنما ذكرَ خشوعهم فى الصلاةِ لأنَّ أَوْلَى الحالاتِ بالخشوعِ الحالةُ التى يُناجِى فيها العبد مولاه سبحانه، ووصفُ (خاشعون) يُشيرُ بمبناهُ إلى ثبوتِ وصفِ الخشوعِ لهم، فالاسمُ يدلُّ على ثبوتِ الوصفِ، ولو جاء الوصف بالفعل (يخشعون) لما تحقَّقَ هذا المعنى.
وقد يَتخشّعُ البعضُ فى الظاهرِ أمامَ الناس، وليسَ فى قلبِه من الخشوعِ شىءٌ، وهذا نفاقٌ مذمومٌ، وقد رأَى البعضُ رجلاً مُنقبضَ الظاهرِ قد زوَى منكبَيْهِ فقال: يا فلانُ الخشوعُ ها هُنا [وأشارَ إلى صدرهِ] لا ها هُنا [وأشار إلى منكبيه].
وقد يستشعرُ البعضُ شيئاً من الخشوعِ فى قلبِه، فيبالغُ فى إظهارِ خشوعِهِ أمامَ الناسِ، فيُبدِى على ظاهره أكثرَ ممَّا فى قلبِهِ، وهذا أيضاً نفاق مذموم، وقد رُوِى أنَّ سيدَنا عمرَ بنَ الخطابِ، رضى الله عنه، نظَرَ إلى شابٍّ قد نكّسَ رأسَهُ، فقال له: يا هذا ارفعْ رأسَك، فإنَّ الخشوعَ لا يَزيدُ على ما فى القلبِ، فمَن أظهرَ للناسِ خشوعاً فوقَ ما فى قلبِه فإنما أظهرَ نفاقاً على نفاقٍ.
فعلى المرء إذاً ألا يرائى أحداً بإظهار خشوع أو خضوع، وعليه أن يحقق هذا الخشوع الصادق فى قلبه، فالخشوع محلُّه القلب، وقد بين هذا الجنيدُ، رضى الله عنه وأرضاه، حين سُئِلَ عن الخشوعِ، فقال: تَذلّلُ القلوبِ لِعَلامِ الغيوبِ. فالقلوبُ تتذللُ لِمَن علِمَت كمالَهُ واقتدارهُ، وإذا امتلأتِ القلوبُ بهذهِ المعرفةِ أثَّرتْ فى الجوارحِ، ومِن هنا قيل: خشوعُ القلبِ قيَّدَ العيونَ عن النظَرِ. أى: منَعَها من النظرِ إلى ما حُرّمَ عليها.
والخشوعُ بهذا نافعٌ للمرءِ الخاشعِ وللمجتمعِ كلِّه من حولِهِ، ولذا كان مِن المهمِّ أنْ نعرفَ كيفَ نُحققُ الخشوعَ؟
وقد بيَّن هذا بعضُ الصالحينَ حين بيَّنَ لنا ما يتصفُ به العبدُ الخاشعُ فقالَ: الخاشع من خمِدَتْ نيرانُ شهوتِهِ، وسكَنَ دُخَانُ صَدرهِ، وأشرَقَ نُورُ التعظيمِ فى قلبِهِ، فماتَتْ شهوتُهُ، وحىَّ قلبُهُ، فخشعَتْ جوارحُهُ.
ومعنى خمودِ نيرانِ الشهوةِ أن صاحبَها سَكّنَها، فلم تَسُقْهُ إلى معصيةِ اللهِ تعالى. ومعنى سكونِ دخانِ الصدرِ أنَّ هواهُ خمِدَ فلم يَمِلْ به إلى باطلٍ. ومعنى قوله: (أشرقَ نورُ التعظيمِ فى قلبِه) أى: تَنوّرَ قلبُهُ بتعظيمِ اللهِ تعالى وتعظيمِ أمْرِ حُرماتِهِ، وهذا نورٌ تموتُ به الشهوةُ الآثمةُ التى تجرُّ العبدَ إلى ما نُهِىَ عنه، وبهذا النورِ يصيرُ قلبُهُ حياً، وفى هذا إشارةٌ إلى أنَّ القلبَ الذى ليس فيه تعظيمٌ للهِ قلبٌ ميّتٌ! وإذا حصلتْ حياةُ القلبِ بما تقدَّمَ خشعَتِ الجوارحُ، فخشوعُ الجوارحِ نتيجةٌ لمراحلَ سابقةٍ شديدةٍ يُقاسِى فيها المرءُ سيطرةَ الشهوةِ عليه، وغَلبَةِ الهوَى له، ثم يَملأُ قلبَهُ بعدَ أنْ طهّرهُ من الشهواتِ والأهواءِ بنورِ معرفةِ صفاتِ الله تعالى التى تملأُ قلبَهُ تعظيماً له، فتموتُ عن قلبِه دواعى الإثمِ، فيَحيا قلبُهُ، وحينئذٍ يتحققُ خشوعُ الجوارحِ! إنها كلمةٌ عظيمةٌ تُبينُ كيفَ يكونُ جهادُ النفسِ الذى يَتهذّبُ به باطنُها وظاهرُها فيسعدُ العبدُ، ويسعدُ به الكونُ مِن حولِهِ.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الخشوع التقوى الرضا القناعة
إقرأ أيضاً:
بسبب فستان البطانة.. رد قوى من ريا أبي راشد على مقارنتها بـ رانيا يوسف
علقت الإعلامية ريا أبي راشد على فستانها الذى أثار حالة من الجدل الواسع بسبب جرأته والذى ظهرت به فى إحدى دورات مهرجان الجونة السينمائى.
وقالت ريا أبي راشد فى لقاء ببرنامج “الفصول الأربعة” للإعلامى على ياسين: لم أقصد الظهور بهذا الشكل.
وأضافت ريا أبي راشد : “الفستان لما كنا في الأوتيل مكنش شفاف، ومكناش عارفين أن في هواء ولا أن فيه ضوء كتير، لما وصلت على الريد كاربت كان فيه هواء مع الضوء ظهر شيء مكنتش عايزة أظهره”.
وأوضحت ريا أبي راشد : “كتبوا فضيحة ريا أبي راشد، وقارنوها بأزمة فستان رانيا يوسف، لكن أنا مكنتش أزمة عدت، أنا معرفهاش بشكل قوي لكن أنا بشوف أن هي عندها الحرية تلبس اللي هي عايزاه، أنا منزعجتش لكن مكنتش نيتي أني أظهر بالشكل دا”.
ريا أبي راشد تكشف سبب تجاهل المصورين الى إليسامن ناحية أخرى كشفت الإعلامية ريا أبي راشد عن سبب تجاهل المصورين للفنانة إليسا، وفى المقابل اهتمامهم التام بالفنانة نجوى كرم على السجاد الحمراء بمهرجان كان السينمائى الدولى فى إحدى الدورات.
وقالت ريا أبي راشد، فى لقاء ببرنامج “الفصول الأربعة” للإعلامى علي ياسين على قناة “الجديد”: "أتذكر مرة حضرت إليسا في ريد كاربت مهرجان كان السينمائي، وكانت جاية بفستان جميل وقالوا إن محدش صورها، هذا الشي بيحصل مع جينفر لوبيز ومع كل الناس لأنها جت في الوقت غير المناسب، يعني في وقت مناسب لأني بعرف أي ساعة أطلع على الريد كاربت، يعني نجوى كرم جت في الوقت المناسب، الموضوع مش في إليسا لأن ده بيحصل مع كل الفنانين العالميين".
أعمال ريا أبي راشدتعتبر ريا أبي راشد من أبرز الشخصيات الإعلامية في العالم العربي، وقد بدأت مسيرتها المهنية كصحفية في بيروت قبل انتقالها إلى المملكة المتحدة عام 1999.
وتحمل درجات علمية في الاقتصاد، والسينما، والصحافة والإذاعة من جامعة وستمنستر في لندن.
كما تتحدث خمس لغات بطلاقة: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والإسبانية .
انضمت ريا إلى شبكة MBC، في 2003 حيث قدمت برنامج “سكووب” الذي يغطي آخر أخبار هوليوود ويستضيف أبرز نجوم السينما العالمية.
كما شاركت في تقديم برنامج المواهب الشهير “Arabs Got Talent” إلى جانب مغني الراب السعودي قصي خضر .
بالإضافة إلى ذلك، قدمت برنامج الأعمال الأسبوعي “World Business” الذي يُعرض على قنوات CNBC في أوروبا وآسيا، وعلى قناة BPS في أمريكا، وعلى قناة العربية في العالم العربي.
حياتها الشخصيةتزوجت ريا من رجل الأعمال الإيطالي فاليريو كامارانو، في عام 2011 ورُزقا بابنتهما “لولا” عام 2016.