الوطن:
2025-08-01@15:36:42 GMT

الدكتور يوسف عامر يكتب: في الخشوع

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

الدكتور يوسف عامر يكتب: في الخشوع

 حين ذكَرَ الله تعالى فَلاحَ المؤمنينَ ذكَرَ سبحانه أنَّ أولى الصفاتِ التى بِسببِها أفلحوا خشوعُهم فى صلاتِهم: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ» [المؤمنون: 1، 2]، وليسَ هذا معناهُ أنهم خاشعونَ فى الصلاةِ فقط، وإنما ذكرَ خشوعهم فى الصلاةِ لأنَّ أَوْلَى الحالاتِ بالخشوعِ الحالةُ التى يُناجِى فيها العبد مولاه سبحانه، ووصفُ (خاشعون) يُشيرُ بمبناهُ إلى ثبوتِ وصفِ الخشوعِ لهم، فالاسمُ يدلُّ على ثبوتِ الوصفِ، ولو جاء الوصف بالفعل (يخشعون) لما تحقَّقَ هذا المعنى.

وقد يَتخشّعُ البعضُ فى الظاهرِ أمامَ الناس، وليسَ فى قلبِه من الخشوعِ شىءٌ، وهذا نفاقٌ مذمومٌ، وقد رأَى البعضُ رجلاً مُنقبضَ الظاهرِ قد زوَى منكبَيْهِ فقال: يا فلانُ الخشوعُ ها هُنا [وأشارَ إلى صدرهِ] لا ها هُنا [وأشار إلى منكبيه].

وقد يستشعرُ البعضُ شيئاً من الخشوعِ فى قلبِه، فيبالغُ فى إظهارِ خشوعِهِ أمامَ الناسِ، فيُبدِى على ظاهره أكثرَ ممَّا فى قلبِهِ، وهذا أيضاً نفاق مذموم، وقد رُوِى أنَّ سيدَنا عمرَ بنَ الخطابِ، رضى الله عنه، نظَرَ إلى شابٍّ قد نكّسَ رأسَهُ، فقال له: يا هذا ارفعْ رأسَك، فإنَّ الخشوعَ لا يَزيدُ على ما فى القلبِ، فمَن أظهرَ للناسِ خشوعاً فوقَ ما فى قلبِه فإنما أظهرَ نفاقاً على نفاقٍ.

فعلى المرء إذاً ألا يرائى أحداً بإظهار خشوع أو خضوع، وعليه أن يحقق هذا الخشوع الصادق فى قلبه، فالخشوع محلُّه القلب، وقد بين هذا الجنيدُ، رضى الله عنه وأرضاه، حين سُئِلَ عن الخشوعِ، فقال: تَذلّلُ القلوبِ لِعَلامِ الغيوبِ. فالقلوبُ تتذللُ لِمَن علِمَت كمالَهُ واقتدارهُ، وإذا امتلأتِ القلوبُ بهذهِ المعرفةِ أثَّرتْ فى الجوارحِ، ومِن هنا قيل: خشوعُ القلبِ قيَّدَ العيونَ عن النظَرِ. أى: منَعَها من النظرِ إلى ما حُرّمَ عليها.

والخشوعُ بهذا نافعٌ للمرءِ الخاشعِ وللمجتمعِ كلِّه من حولِهِ، ولذا كان مِن المهمِّ أنْ نعرفَ كيفَ نُحققُ الخشوعَ؟

وقد بيَّن هذا بعضُ الصالحينَ حين بيَّنَ لنا ما يتصفُ به العبدُ الخاشعُ فقالَ: الخاشع من خمِدَتْ نيرانُ شهوتِهِ، وسكَنَ دُخَانُ صَدرهِ، وأشرَقَ نُورُ التعظيمِ فى قلبِهِ، فماتَتْ شهوتُهُ، وحىَّ قلبُهُ، فخشعَتْ جوارحُهُ.

ومعنى خمودِ نيرانِ الشهوةِ أن صاحبَها سَكّنَها، فلم تَسُقْهُ إلى معصيةِ اللهِ تعالى. ومعنى سكونِ دخانِ الصدرِ أنَّ هواهُ خمِدَ فلم يَمِلْ به إلى باطلٍ. ومعنى قوله: (أشرقَ نورُ التعظيمِ فى قلبِه) أى: تَنوّرَ قلبُهُ بتعظيمِ اللهِ تعالى وتعظيمِ أمْرِ حُرماتِهِ، وهذا نورٌ تموتُ به الشهوةُ الآثمةُ التى تجرُّ العبدَ إلى ما نُهِىَ عنه، وبهذا النورِ يصيرُ قلبُهُ حياً، وفى هذا إشارةٌ إلى أنَّ القلبَ الذى ليس فيه تعظيمٌ للهِ قلبٌ ميّتٌ! وإذا حصلتْ حياةُ القلبِ بما تقدَّمَ خشعَتِ الجوارحُ، فخشوعُ الجوارحِ نتيجةٌ لمراحلَ سابقةٍ شديدةٍ يُقاسِى فيها المرءُ سيطرةَ الشهوةِ عليه، وغَلبَةِ الهوَى له، ثم يَملأُ قلبَهُ بعدَ أنْ طهّرهُ من الشهواتِ والأهواءِ بنورِ معرفةِ صفاتِ الله تعالى التى تملأُ قلبَهُ تعظيماً له، فتموتُ عن قلبِه دواعى الإثمِ، فيَحيا قلبُهُ، وحينئذٍ يتحققُ خشوعُ الجوارحِ! إنها كلمةٌ عظيمةٌ تُبينُ كيفَ يكونُ جهادُ النفسِ الذى يَتهذّبُ به باطنُها وظاهرُها فيسعدُ العبدُ، ويسعدُ به الكونُ مِن حولِهِ.

 

 

 

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الخشوع التقوى الرضا القناعة

إقرأ أيضاً:

تكليف الدكتور علي أبو شوشة نائبا لرئيس جامعة كفر الشيخ الأهلية

قرر مجلس جامعة كفر الشيخ، برئاسة الدكتور عبد الرازق دسوقي، خلال اجتماعه اليوم، تكليف الدكتور علي أحمد أبو شوشة بمنصب نائب رئيس جامعة كفر الشيخ الأهلية، وذلك في إطار جهود الجامعة لتعزيز كفاءة القيادة الأكاديمية ودعم منظومة التعليم الجامعي الأحدث.

ويُعد الدكتور علي أبو شوشة من الكفاءات العلمية والإدارية المتميزة في الجامعة، حيث شغل عددًا من المناصب القيادية أبرزها نائب رئيس جامعة كفر الشيخ لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وأسهم من خلال هذا المنصب في وضع وتنفيذ خطط تنموية ساهمت في توطيد العلاقة بين الجامعة والمجتمع المحلي، وتفعيل دور الجامعة في معالجة القضايا البيئية والتنموية في محافظة كفر الشيخ.

كما قاد الدكتور أبو شوشة العديد من المبادرات النوعية التي استهدفت تنمية الوعي البيئي والصحي لدى المواطنين، وعمل على تطوير آليات التواصل المجتمعي، فضلًا عن مساهمته في تنظيم قوافل تنموية شاملة في مختلف مراكز المحافظة، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة، بما عزز من دور الجامعة التنموي والخدمي.

وتُعد جامعة كفر الشيخ الأهلية واحدة من الجامعات الحديثة التي تمثل نموذجًا متطورًا للتعليم الجامعي الذكي، حيث تُسهم في تقديم برامج أكاديمية مبتكرة تتماشى مع متطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي، وتستهدف إعداد كوادر قادرة على المنافسة في مختلف التخصصات.

ويأتي تكليف الدكتور أبو شوشة بهذا المنصب ليُسهم بخبراته الإدارية والأكاديمية في دعم رؤية الجامعة الأهلية، وتعزيز جودة العملية التعليمية، والارتقاء بخدمات التعليم والبحث العلمي، بما يتماشى مع استراتيجية الدولة للتوسع في التعليم الأهلي والجامعات الذكية.

وأكد الدكتور عبد الرازق دسوقي، رئيس الجامعة، أن قرار المجلس يأتي انطلاقًا من حرص الجامعة على الاستفادة من الكفاءات المتميزة في مواقع القيادة، مشيرًا إلى أن الدكتور علي أبو شوشة يمتلك رؤية واضحة وخبرة كبيرة تؤهله للإسهام الفاعل في بناء وتطوير الجامعة الأهلية، وتحقيق أهدافها التعليمية والمجتمعية.

كما أعرب المجلس عن خالص تمنياته للدكتور أبو شوشة بالتوفيق والسداد في مهمته الجديدة، مؤكّدًا استمرار دعم الجامعة الكامل لكافة القيادات التي تُسهم في تطوير الأداء الأكاديمي والإداري، بما يخدم الطلاب ويعزز من مكانة الجامعة على المستويين المحلي والدولي.

مقالات مشابهة

  • الدكتور محمد خالد النور يرزق بمولوده الأول
  • اللواء شقير استقبل رئيس جامعة القديس يوسف
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: والحرب الحقيقية تبدأ الآن
  • المهندس عمر الكساسبة نهنئكم بتخريج الدكتور يوسف من كلية الطب
  • نجاح عمليتين لزراعة مضخات قلبية في مدينة الملك عبد الله بمكة
  • باسل الطراونة يكتب : عن شخص معالي يوسف العيسوي رئيس الديوان الملكي العامر
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (رصف الدخان)
  • الدكتور احمد زياد الحجاج .. مبارك التخرج
  • القضاء يكتب السطر الأخير في فوضى خور عبد الله.. ما هو قانوني وما هو مزايدة
  • تكليف الدكتور علي أبو شوشة نائبا لرئيس جامعة كفر الشيخ الأهلية