نظام أين أبي؟ الإسرائيلي أباد عائلات بأكملها في غزة بمساعدة الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
تؤكد التقارير الصادمة التي تتوالى من غزة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في ارتكاب مجازر وعمليات إبادة ممنهجة في مخالفة لجميع المواثيق والأعراف، ويشكل هذا منعطفا خطيرا في مجال حقوق الإنسان واستخدام التكنولوجيا في القتل، وتكشف أيضا لغز اختفاء عائلات بأكملها من السجل المدني.
كشف موقعا "+972" ولوكال كول (Local Call) الإسرائيليان كيف استخدم الجيش الإسرائيلي برنامج ذكاء اصطناعي يعرف باسم لافندر لتطوير "قائمة قتل" في غزة تضم ما يصل إلى 37 ألف فلسطيني تم استهدافهم بالاغتيال دون أن يكون هناك أي إشراف بشري يذكر للتحقق من دقة المعلومات.
وليس نظام لافندر فحسب الذي استخدم الذكاء الاصطناعي بل كان هناك نظام ثانٍ يعرف باسم "أين أبي؟" (Where’s Daddy) أخطر من لافندر وصمم لمساعدة إسرائيل على استهداف الأفراد عندما يكونون في المنزل ليلا مع عائلاتهم.
أدى استخدام نظام "أين أبي؟"، بالإضافة إلى سياسة القصف "المتسامحة للغاية" في الجيش الإسرائيلي، إلى "إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها"، كما يقول يوفال أبراهام، وهو صحفي إسرائيلي كشف القصة بعد أن تحدث مع 6 من ضباط المخابرات الإسرائيلية الذين شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي.
واستضافت إيمي غودمان من موقع ديموكراسي ناو (democracynow) أبراهام في مقابلة تحدث من خلالها عن بعض ما وجد في تقريره حول التكنولوجيا المستخدمة في الحرب على غزة، وكيف أن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي العسكرية تشكل "خطراً على الإنسانية"، وأن "الحرب القائمة على الذكاء الاصطناعي تسمح للناس بالهروب من المساءلة."
فنظام الذكاء الاصطناعي الذي يُعرف باسم "أين أبي؟" مصمم لتعقب الرجال الفلسطينيين. وقد تم تصميمه عمدا لمساعدة إسرائيل على استهداف الأفراد عندما يكونون في منازلهم ليلا مع عائلاتهم كما ذكر إبراهام في المقابلة.
وقال أحد ضباط المخابرات لأبراهام: "لم نكن مهتمين بقتل العناصر فقط عندما يكونون في مبنى عسكري أو حين يشاركون في نشاط عسكري. على العكس من ذلك، قصَف الجيش الإسرائيلي بيوتهم دون تردد، كخيار أول. من الأسهل بكثير قصف منزل العائلة. وقالوا إن النظام مصمم للبحث عنهم في هذه المواقف".
يقول يوفال أبراهام حول بحثه عن هذا النظام الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي إن الغرض منه، عندما تم تصميمه، هو تمييز الناشطين ذوي الرتب الدنيا في الجناح العسكري لحماس والجهاد الإسلامي.
وبحسب إبراهام كان هذا هو القصد، فإسرائيل قدرت أن هناك ما بين 30 إلى 40 ألفا من نشطاء حماس، وهو عدد كبير جدا. وقد أدركوا أن الطريقة الوحيدة بالنسبة لهم لتحديد هؤلاء الأشخاص هي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وكان هذا هو المقصود من استخدام "أين أبي؟".
ويتابع أبراهام أن ما أخبرتني به المصادر هو أنه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، اتخذ الجيش قرارا بالموافقة على أن يتم السماح باستهداف كل هؤلاء الآلاف من الأشخاص داخل منازلهم، مما لا يعني قتلهم فقط ولكن قتل كل من معهم في المبنى بما فيهم الأطفال والعائلات.
وقد فهموا أنه من أجل محاولة القيام بذلك، سيتعين عليهم الاعتماد على آلة الذكاء الاصطناعي مع الحد الأدنى من الإشراف البشري. يقول أبراهام إن أحد المصادر قال إنه شعر أن ذلك كان بمثابة ختم بالموافقة المسبقة على قرارات الآلة.
كيف يعمل "أين أبي؟"يشرح أبراهام كيفية عمل برنامج "أين أبي؟" والذي يقوم بمسح معلومات عن 90% من سكان غزة على الأرجح. لذلك نحن نتحدث عن أكثر من مليون شخص. ويمنح كل فرد تقييما يتراوح بين واحد إلى 100، وهو تقييم يستند على طريقة تفكير الآلة وهو عبارة عن احتمالات قائمة على معلومات صغيرة تتجمع لتكون احتمالية بأن ذلك الفرد هو عضو في الأجنحة العسكرية لحماس أو الجهاد الإسلامي.
ويقول أبراهام إن مصادره أخبروه أن الجيش كان يعلم أن ما يقرب من 10٪ من الأشخاص الذين حددتهم الآلة على أنهم سيُقتلون ليسوا من مقاتلي حماس. ولم يكونوا كذلك، فبعضهم كان على علاقة بعيدة بحماس، والبعض الآخر لم يكن له أي صلة على الإطلاق بحماس.
فعلى سبيل المثال قال أحد المصادر إن الآلة كانت تجلب أشخاصا لديهم نفس الاسم واللقب وتصنفهم كعنصر في حماس، أوالأشخاص الذين لديهم ملفات تعريف اتصالات مماثلة.
مثلا، يمكن أن يكون هؤلاء عمال الدفاع المدني، أوضباط شرطة في غزة، وقال أحد المصادر إنه قضى 20 ثانية من وقته لكل هدف للتأكد منه قبل أن يأذن بقصف مقاتل حماس ذي الرتبة المنخفضة -وغالباً ما كان من الممكن أن يكون مدنيا- مما أسفر عن مقتل هؤلاء الأشخاص داخل منازلهم، بحسب أبراهام.
ويقول أبراهام إن الطريقة التي تم بها تصميم النظام هي أن هناك مفهوما في أنظمة المراقبة الجماعية يسمى "الارتباط".
فعندما تريد أتمتة -الأتمتة هي التشغيل الآلي- هذه الأنظمة، فأنت تريد أن تقوم هذه الآلة بعمل المهام بسرعة كبيرة دون النظر لاعتبارات أخرى، ولهذا تحتاج لمعرف ارتباط معين وفي هذه الحالة، المعرف هو "العلاقة مع حماس" وجهاز حاسوب وخوارزمية قادرة بسرعة كبيرة على ربط هذا المعرف بأشياء أخرى بحسب أبراهام.
هذا النظام يتغلب على مشاكل العنصر البشري التي تحتاج أن تتحقق في هويات الأهداف للتأكد قبل ضربها حتى لا يتم ملاحقتهم كمجرمي حرب في حالة حدوث خطأ في تعريف الهدف، لذلك فالأسهل أن تجعل الآلة المسؤولة عن هذه الأخطاء.
وللتأكيد على أن هذه العقلية هي وراء استخدام هذا النظام ذكر أبراهام حادثة ألقى فيها مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، وهو رئيس مركز الذكاء الاصطناعي التابع للوحدة 8200، محاضرة في جامعة تل أبيب العام الماضي، حيث قال في تلك المحاضرة: "إن نظام الذكاء الاصطناعي الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي في عام 2021 للعثور على الإرهابيين، يساعد الجيش على الخروج من عنق الزجاجة" والمراد بعنق الزجاجة هنا كمية المعلومات التي تحتاج التأكد منها والوقت الذي يحتاجه متخذ القرار البشرى لإصدار أمر القتل.
Yossi Sariel and his book pic.twitter.com/cKmWtS77EO
— Suppressed Nws. (@SuppressedNws) April 5, 2024
هل يمكن اعتبار هذه التكنولوجيا مسؤولة عن ظاهرة محو العائلات من السجل المدني؟يعتقد أبراهام أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي هنا لتحديد تلك الأهداف، والطريقة المميتة التي تحدث بها الضباط عن كيفية استخدامهم للآلة، يمكن أن يكون جزءا من أسباب أنه بعد 6 أسابيع من السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت إحدى السمات الرئيسية للحرب على غزة هي ظاهرة إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها.
ويقول أبراهام في لقائه مع أيمي: "إذا نظرت إلى إحصائيات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 50% من الضحايا، أكثر من 6 آلاف شخص في ذلك الوقت، كانوا عبارة عن مجموعة عائلات صغيرة قتلوا في قصف مركز، إنه شكل من أشكال تدمير وحدة الأسرة. وأعتقد أن تلك الآلة وطريقة استخدامها أدت إلى ذلك وقد اعتبروا "أضرارا جانبية".
كم يجب أن يقتل من عوائل من تصنفهم الآلة بمنتسبي حماس والجهاد الإسلامي؟يقول يوفال أبراهام ردا على سؤال حول طريقة استهداف منتسبي حماس والجهاد:" ما أخبرتني به المصادر هو أنه خلال تلك الأسابيع الأولى بعد شهر أكتوبر/تشرين الأول، بالنسبة للمسلحين ذوي الرتب المنخفضة في حماس، والذين تم تمييز الكثير منهم بعلامة خاصة تصنفهم على أنهم "المسلحون المزعومون" الذين تم تمييزهم بواسطة الآلة فإن أقسام القانون الدولي بالجيش أخبرت ضباط المخابرات، أنه مقابل كل هدف منخفض الرتبة تحدده الآلة، يسمح لهم بقتل ما يصل إلى 20 مدنيا، مقابل أي ناشط في حماس، وذلك بغض النظر عن رتبته أو أهميته".
وقال أحد المصادر لأبراهام إن هناك أيضا قاصرين تم وضع علامة عليهم –ليس الكثير منهم، لكنه قال إن هذا احتمال، وإنه لا يوجد حد أقصى للعمر. وقال مصدر آخر إن الحد الأقصى يصل إلى 15 مدنيا للمسلحين ذوي الرتب المنخفضة.
أما بالنسبة لكبار قادة حماس، مثل قادة الألوية أو الفرق أو الكتائب فقد كانت الأرقام، ولأول مرة في تاريخ الجيش الإسرائيلي، في خانة الـ3 أرقام، وفقا للمصادر.
لذلك، على سبيل المثال، أيمن نوفل، الذي كان قائد اللواء المركزي في حماس، قال مصدر شارك في الضربة ضد ذلك الشخص إن الجيش سمح بقتل 300 مدني فلسطيني إلى جانب ذلك الشخص.
ويقول أبراهام إنهم في موقع "+972" ولوكال كول تحدثوا مع فلسطينيين كانوا شهودا على تلك الغارة، وتحدث الشهود عن 4 مبانٍ سكنية كبيرة جدا تم قصفها في ذلك اليوم، وقصفت شقق بأكملها مليئة بالعائلات.
ويأكد أبراهام لموقع "ديموكراسي ناو" أن المصدر أكد له أن عدد المدنيين الـ300 كان معروفا مسبقا للجيش الإسرائيلي، وقال أحد المصادر له إنه خلال تلك الأسابيع في البداية، لم يكن مبدأ التناسب بين القيمة لعنصر حماس مع الأضرار الجانبية، كما يسمونها بموجب القانون الدولي،"موجودًا".
هل الجيش الأميركي أو التكنولوجيا الأميركية لديهما دور في هذه الأنظمة المصممة للقتل؟يقول يوفال أبراهام في إجابته عنما إذا كان للجيش الأميركي أو التكنولوجيا الأميركية يد في هذه المجازر: "لا أعرف. وهناك بعض المعلومات التي لا أستطيع مشاركتها بشكل كامل، مثل هذه اللحظة. أنا أحقق، كما تعلمون، فيمن يشارك في تطوير هذه الأنظمة".
ويتابع أبراهام:"ما يمكنني قوله لكم هو، بناء على الخبرة السابقة لحرب 2014 وحرب 2021، عندما تنتهي الحروب، يتم بعد ذلك بيع هذه الأنظمة للجيوش في جميع أنحاء العالم. وأعتقد، بغض النظر عن النتائج والعواقب المروعة لهذه الأنظمة في غزة، أعتقد حقا أن هناك خطرا على الإنسانية".
ويضيف: "فمثل هذه الحرب القائمة على الذكاء الاصطناعي تسمح للناس بالهروب من المساءلة. إنه يسمح بتحديد أهداف، في الواقع، على نطاق واسع – كما تعلمون، تم تحديد الآلاف، 37 ألف شخص لاحتمال اغتيالهم. وهو يسمح بفعل ذلك والحفاظ على نوع من حدود القانون الدولي، لأن لديك آلة تجعلك هدفا مع أضرار جانبية مقبولة لكن هذا يفقد القانون كل معنى".
كيفية تفاعل أنظمة الذكاء الاصطناعي مع الطائرات الهجومية المسيرة؟يوفال أبراهام تحدث عن تكامل الأنظمة والأسلحة العسكرية مع الذكاء الاصطناعي: "كما تعلمون، لا أستطيع أن أتحدث عن كل شيء، لأننا نوعا ما –علينا دائما أن نفكر في الرقابة العسكرية في إسرائيل. كصحفيين إسرائيليين، نحن ملتزمون جدًا بذلك".
وتابع: "لكن الأنظمة تتكامل مع بعضها. وكما تعلمون، إذا تم وضع علامة على شخص ما بأنه سيُقتل بواسطة الذكاء الاصطناعي، فيمكن أن يُقتل هذا الشخص بواسطة طائرة حربية، ويمكن أن يُقتل بواسطة طائرة مسيرة، ويمكن أن يقتل بواسطة دبابة على الأرض. هناك نوع من سياسة تبادل المعلومات الاستخبارية بين مختلف الوحدات. نعم، وحدات مختلفة ومشغلو أسلحة مختلفون".
يظهر التحقيق الذي قام به يوفال أبراهام أن الحرب الجارية في غزة ربما تشكل منعطفا خطيرا في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل غير أخلاقي في الوقت الذي تثار حول هذه التقنية واستخداماتها الكثير من المخاوف عالميا.
إن استخدام هذه التكنولوجيا في حرب غزة كحقل تجارب غير خاضع لسلطة القانون يجب أن يجعل العالم يقف على أرجله، خصوصا أنها تستحضر حادثة إلقاء قنبلة "الرجل البدين" على هيروشيما وناغازاكي في منتصف القرن الماضي والتي تسببت بقتل آلاف اليابانيين دون تمييز.
ومع تشابه أهداف قنبلة "الرجل البدين" الأميركية ونظام "أين أبي؟" الإسرائيلي وهو القتل دون تمييز إلا أن هناك اختلافا واضحا يجعل الجيش الإسرائيلي بحربه على غزة يفوز بجائزة أقذر إبادة جماعية عرفتها البشرية، ويجعل نظام "أين أبي؟" يفوز بجائزة أغبى سلاح عسكري.
فالرجل البدين من اسمه قنبلة غبية لم تستخدم أي تقنية سوى تقنية التدمير العشوائي وإلحاق الضرر بأكبر عدد من المدنيين بغض النظر عن انتماءاتهم، أما "أين أبي؟" ومن اسمِه أيضا فيظهر هدف مخفي قذر يقوم على إلحاق الأذى النفسي واستهداف الأسرة وليس الفرد، وكل ذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي من المفترض أن يُستخدم في تحديد أهدافه بدقة أكبر وهو مالم يحصل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات على الذکاء الاصطناعی الجیش الإسرائیلی ضباط المخابرات هذه الأنظمة وقال أحد فی حماس أن یکون أن هناک على غزة على أن فی هذه الذی ی فی غزة
إقرأ أيضاً:
فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة
تذهب السينما بعيدا فـي إدماجها ما بين القصص الواقعية وما بين التطور الرقمي الهائل والانتقال إلى زمن الذكاء الاصطناعي وحيث تتحول الحياة من شكلها المألوف إلى نسقية مبتكرة ومختلفة تغلب عليها الأدوات الفاعلة الخارجية التي هي من صنع البشر لكنها تمتلك فـي كثير من الأحيان ما هو فوق طاقة البشر، وصولا إلى التمرد على سلطة البشر.
هذه المقاربة تتعلق بزمن الذكاء الاصطناعي فـي أجواء مدن وفضاءات مستقبلية خاضعة للمراقبة وتقنية التعرف على الوجوه على مدار الساعة وتمعن فـيها طاقة الخيال إلى أقصى مداها فما كان متخيلا قبل عقود يصبح حقيقة يوما بعد يوم، ولهذا يجد الجمهور فـي هذا العالم البديل الافتراضي القائم على تسيد الذكاء الاصطناعي ما يبعث على الدهشة والإعجاب وخاصة عندما يتم إدماج ما هو واقعي ويومي وما هو خيالي والأهم من ذلك أن يكون هنالك أشخاص ذوي قدرات خارقة يعيشون فـي زمن الذكاء الاصطناعي وبحسب مقدمة الفـيلم فإنهم يشكلون نسبة 4 بالمائة من السكان ولكن جلّهم يعيشون فـي فقر مدقع رغم قدراتهم الخارقة.
وكنا قد شاهدنا الجزء الأول من هذا الفـيلم للمخرج جيف تشان وحيث إن القصة الواقعية تدور حول شخصية الشاب كونور - يقوم بالدور الممثل روبي أميل، وهو يتمتع بقدرات استثنائية وطاقة كهرومغناطيسية كامنة فـي جسده، وهو يكسب عيشه من العمل اليدوي ويحاول إعالة والدته المريضة بمرض السرطان. يجنده رجل العصابات جاريت – يقوم بالدور الممثل ستيفن أميل وهو أيضا ذا قدرة استثنائية، ليقوم بسلسلة من السرقات وعمليات السطو، مما يوفر له المال اللازم لدفع تكاليف علاج والدته، وخلال ذلك يحاول جاريت مساعدة كونور على توظيف قدراته الخاصة، ويشجعه على أن يصبح أكثر عدوانية فـي عالم مصمم على القوة والبطش، لكن شراكة الثنائي ما تلبث أن تنفرط ويضطر كونور إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن مستقبله مع تدهور حالة والدته ثم تضحية جاريت به وإلقائه فـي السجن.
أما إذا انتقلنا إلى الجزء الثاني فإن الدراما الفـيلمية وبناء السرد الفـيلمي يقوم على بنية تعبيرية اكثر عمقا وخاصة مع صعود العالم الرقمي والذكاء الاصطناعي ممثلا فـي قوة إنفاذ القانون، فبعد خمس سنوات من أحداث الجزء الأول، وبعد قيام إدارة شرطة مدينة لنكولن الأمريكية بإصلاح برنامجها التقني العسكري، واستبدلت غالبية روبوتاتها البشرية المسلحة بروبوتات مرافقة غير قاتلة من فصيلة الكلاب الروبوتية المدربة بقيادة الرقيب كينغستون – يقوم بالدور الممثل اليكس مالاري ها نحن مع صورة التحالف المشوّه والشرير بين عصابة المخدرات التي يقودها جاريت وبين رئيس الشرطة مع توظيف إمكانات الشرطة لتعقب من يريدون تصفـيته وتتحول الكلاب الروبوتية غير المسلحة والمسالمة فـي الظاهر إلى أداة شديدة الفتك بالبشر، حيث تكون محمّلة بجرعات عالية من المخدرات تحقنه فـي أجساد ضحاياها مما يؤدي إلى موتهم فـيما تعلن الشرطة أن القتيل كانت قد تعاطى جرعة زائدة من المخدرات.
فـي المقابل هنالك الفتاة باف – تقوم بالدور الممثلة سرينا غولامغوس وهي ذات قدرات خارقة متوارية وهي تشهد مقتل شقيقها على يد الكلاب الروبوتية بنفس تلك الطريقة وحيث يكون ذاهبا لتدبر بعض المال لمساعدة شقيقته فـي تغطية نفقاتها المدرسية عندما يعثر على حقيبة مال تعود لرجال المخدرات المخصصة لرشوة رئيس الشرطة.
من هنا تبدأ الشرطة والعصابات على السواء فـي تعقب باف التي تتمكن بقدراتها الخارقة على فعل الكثير عبر العديد من المشاهد الفـيلمية وهو ما اعتدنا على مشاهدته فـي أفلام سابقة إذ إن الشخصية ما أن تحرك يديها فإنها تطلق شعاعا ليزريا تفتك بواسطته بالخصم أو أن بؤبؤ العينين يكون هو مصدر ذلك الشعاع الفتاك وهو ما تستخدمه باف بكثيرة خلال إحداث الفـيلم.
وفـي هذا الصدد يقول الناقد باول ماونت فـي موقع ستار بيرست «قد يكون من السهل اعتبار هذا الفـيلم مجرد نسخة مشابهة لسلسلة «إكس مين»، لكن قوة الفـيلم تكمن فـي بنائه وتجسيده المدروس للشخصيات، وكذلك موضوعه ومعالجته التي تم تقديمها بشكل متقن، وحتى طابع الديستوبيا الذي سيطر على الفـيلم بدا مقنعا، بما منح الشخصيات مساحة للتطور، وهي تستكشف ما حولها فـي مجتمع لا ينقسم فـيه الناس ما بين الخير أو الشر، بل انهم ينغمسون فـي أعمال أكثر غموضا من الناحية الأخلاقية كما هي الحال فـي شخصية ضابط الشرطة المرتشي وعصابته».
أما الناقدة تاريا مكنمارا فـي موقع كومن سينس فتقول: «إن هذا الفـيلم ليس مثاليًا بالطبع – نعم إن هنالك ما هو مُبالغ فـيه بعض الشيء، وكونه خال من روح الدعابة - لكنه يُبدع فـي تقديم عالم بديل مُقنع على الشاشة، مستخدما موارد وميزانية محدودة بالكاد تغطي تكلفة مشهد النهاية فـي فـيلم اكس مين، ومع ذلك، فهو يتناول موضوعات وأفكارا مشابهة، ولكن بذكاء وتقديم أعمق، وفـي الواقع، هناك مهارة فـي تقديم موضوع ممتد على جزأين ونجاح فـي تقديم شخصيات قادرة على خوض المغامرة إلى النهاية وهو ما يكرس جاذبية هذا الفـيلم».
على الجهة الأخرى ولغرض الموازنة فـي البناء الدرامي ودفع الصراعات إلى نهاياتها، سوف يكون كونور فـي مواجهة غاريت صديقه السابق ومعهما باف وها هم الثلاثة يصبحون هدفا لرجل الشرطة الذي يريد الخلاص منهم.
واقعيا وجدنا فـي تنقّل شخصية غاريت ما بين عدو وصديق وما بين أناني وشرير وبين منقذ ويتمتع بالوفاء عنصرا إضافـيا فـي تصعيد هذه الدراما الفـيلمية وخاصة بعد انكشاف المواجهة مع رئيس الشرطة.
هؤلاء الذين يتمتعون بالقدرات الخارقة والاستثنائية هم الذين سوف يشعلون الصراع يعزز وجودهم استخدام كل منهم أدواته وأما بالنسبة لرجل الشرطة فإن مساعديه من الفاسدين والمرتشين هم أدواته لتحقيق أهدافه فـي سحق خصومه.
وأما أحوال تلك المدينة التي تدار بالذكاء الاصطناعي وحيث تدور فـي سمائها الحوامات ذات القدرة على تعقب الأشخاص والتعرف على الوجوه فإنها فـي تراجيديتها هي مدينة متناقضات، مدينة هي فـي غاية التطور لكن فـي الجهة الأخرى يضرب شرائح منها الفقر وتفتك بهم نوعيات متطورة من المخدرات ومن يحاول أن يعيش مستقيما لن يتركونه وشأنه وهو ما يكرسه كينغستون – رئيس الشرطة فـي شدة بطشه وانتقامه من شركاء الأمس وخصوم اليوم.
سيناريو وإنتاج واخراج: جيف تشان
مشاركون فـي كتابة السيناريو: كريس باري، شيرين لي، جيسي لافركومب
تمثيل: روبي آميل، ستيفـين آميل، اليكس مالاري، سرينا جولامغوس
مدير التصوير: ماري دافـينون
موسيقى: ريان توبيرت
التقييمات: أي ام دي بي 6 من 10، روتين توماتو 75 %، يوجر ايبيرت 4 من 5