هل ستخضع أميركا وإسرائيل لشروط حماس؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
رغم نبرة التفاؤل التي يتحدث بها المسؤولون الغربيون في أوروبا والولايات المتحدة، بقرب التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، في جولة المفاوضات الجديدة التي انطلقت في القاهرة، فإنّ هذا التفاؤل ليس في محله؛ لأن هذه المفاوضات لا تقوم على أي أسس جادة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، إنما هي محاولة للالتفاف على حركة حماس من أجل تحقيق أهداف الحرب التي تحطمت على صخرة المقاومة والصمود الاستثنائي للشعب الفلسطيني، في وجه الإبادة التي يتعرض لها منذ ستة أشهر متواصلة.
فكيف نفهم هذه الجولات التفاوضية المكوكية للمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين في الدوحة والقاهرة؟ وهل ستخضع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لشروط حركة حماس؟ وما دلالات ذلك؟ وما انعكاساته على أطراف الحرب التي راهنت على تصفية حماس؟
الولايات المتحدة شريك كامل للكيان الصهيوني في حرب الإبادة الشاملة في قطاع غزة، وتدافع عنه في كل ما يقوم به من أعمال، وتؤكد دائمًا على حقّه في الدفاع عن نفسه، ولم يصدر عنها حتى الآن أي فعل إدانة أو تنديد أو استنكار، حتى لا تدين نفسها بذلك
المعطيات الفاضحةتنشغل الوسائل الإعلامية والخبراء والمحللون والأوساط المعنية والمهتمة هذه الأيام بما يتم تناقله من معلومات وتصريحات، حول ازدياد حدة الخلاف بين قيادتي التحالف الصهيو-أميركي، مجرمَي الحرب: الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو.
وقد وصل مستوى الانشغال إلى الحديث عن ربط المساعدات الأميركية العسكرية القادمة بمدى تجاوب نتنياهو مع الإدارة الأميركية في التوقف عن القيام بالعملية العسكرية المنتظرة في رفح، والتعجيل بإرسال الوفد الصهيوني للتفاوض على هدنة إنسانية، مع توسيع صلاحياته التفاوضية.
إنَّ هذا الانشغال ينسى، أو يتناسى، المعطيات الفاضحة التي يقوم عليها الموقف الأميركي والغربي بوجه عام، والتي تدعونا إلى ألا نندفع وراء بعض المعلومات والتصريحات أو القرارات التي تتناقلها وسائل الإعلام عن المسؤولين الغربيين، تحت ضغط الشارع، والحسابات السياسية الداخلية، وفي مقدمة هذه المعطيات:
اعتبار الولايات المتحدة والدول الغربية أن حماس حركة إرهابية، لا بدّ من مواجهتها وحصارها والتخلص منها. اتفاق الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا مع الكيان الصهيوني على هدف التخلّص من حركة حماس، والحيلولة دون وجود أي كيان عسكري أو سياسي أو اجتماعي لها في المشهد الفلسطيني، في مرحلة ما بعد الحرب. أن طلب الولايات المتحدة ينحصر في وقف إطلاق نار إنساني مؤقت لمدة ستة أسابيع؛ بهدف الإفراج عن الأسرى، وإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. أن الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى، لا تطالب رئيس وزراء الكيان الصهيوني بإلغاء عملية رفح، وإنما تأجيلها لحين إجلاء المدنيين من ساحة المعركة، وقد زودت الولايات المتحدة الكيان الصهيوني مؤخرًا بالمزيد من القنابل والقذائف والطائرات وقطع الغيار، ومازالت تكرر باستمرار التزامها المبدئي بالدفاع عن الكيان الصهيوني. أن الولايات المتحدة شريك، كامل الشراكة للكيان الصهيوني، وتدافع عنه في كل ما يقوم به من أعمال حرب الإبادة الشاملة في قطاع غزة، وتؤكد دائمًا على حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه. ولم يصدر عنها حتى الآن أي فعل إدانة أو تنديد أو استنكار، حتى فيما يتعلق بالمجازر الإنسانية المباشرة ضد المدنيين والمستشفيات وأماكن إيواء النازحين، لأنها ستكون بذلك قد أدانت نفسها. أن الولايات المتحدة لو أرادت فرض إيقاف إطلاق النار، فإنها تستطيع القيام بذلك فورًا، فهي الشريك الكامل للكيان الصهيوني في هذه الحرب، وهي تقود النظام العالمي، وعضو دائم العضوية في مجلس الأمن، وهي العضو الوحيد الذي مازال يرفض التصويت على إيقاف إطلاق نار دائم في غزة. أن طول الحديث عن معركة رفح ليس سوى غطاء لما يجري من ترتيبات صهيونية- أميركية- أوروبية- عربية على الأرض، مازالت بحاجة إلى المزيد من الوقت لإنجازها، كالرصيف العائم ومخيمات إيواء النازحين، والتقسيم الجاري لقطاع غزة.ما تقوم به الإدارة الأميركية من تحركات، وما يصدر عنها من تصريحات، إنما هو لذرّ الرماد في عيون المجتمع الدولي، واسترضاء للناخبين المحليين، ومحاولة للظهور بمظهر الحريص على القيم الإنسانية
المصيدة!إن المعطيات السابقة تكشف بشكل واضح، أن ما تقوم به الإدارة الأميركية من تحركات وما يصدر عنها من تصريحات، إنما هو لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي، واسترضاء للناخبين المحليين، ومحاولة للظهور بمظهر الحريص على القيم الإنسانية. كما تدفعنا هذه المعطيات إلى النظر إليها باعتبارها مصيدة جديدة يتم تحضيرها للقيام بأعمال المرحلة القادمة، وعلى رأسها:
الإفراج عن الأسرى لدى حماس، وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة وصفها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنهم يعملون لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية. إخلاء النازحين من رفح، وهي لا تزال عملية يشوبها الكثير من الغموض، حول الأهداف الحقيقية من ورائها. فإذا كان الهدف من الإخلاء عسكريًا، فلماذا لم يقم الكيان الصهيوني حتى الآن بإنشاء مخيمات الإيواء المؤقتة على الساحل غرب مدينة رفح، أو في أراضيه على الشريط الحدودي الشرقي لمدينة رفح؟ ولا أجد مبررًا للتأخير حتى الآن سوى رغبة الكيان الصهيوني بأن يتم الإخلاء باتجاه الحدود المصرية. القضاء على حركة حماس والمقاومة المسلحة، وهو الهدف الذي يعتبر عدم تحقيقه هزيمة نكراء للتحالف الصهيو-أميركي، وحلفائه من الدول الأوروبية والعربية. ولذا فإنهم يصرّون على إيقاف إطلاق نار مؤقت؛ لأنهم يعدّون للمعركة القادمة؛ لتكون المعركة الحاسمة ضد حماس.وليس من المستبعد أن تكون القيادات العسكرية الأميركية والصهيونية، قد انتهت من وضع سيناريوهات هذه المعركة، ليس في رفح وحدها، وإنما في عموم قطاع غزة، وستعتمد على تكتيكات عسكرية جديدة تحقق لها الأهداف الرئيسية الثلاثة التالية:
الأول: القضاء على حماس في الأنفاق، بعد أن يكون قد تم فصلهم عن المدنيين. وربما تكون العملية الجارية لتقسيم غزة إلى عدة مناطق معزولة عن بعضها بعضًا؛ تسهيلًا لتحقيق هذا الهدف. الثاني: التدمير الشامل لقطاع غزة؛ لتسهيل عملية إعادة تخطيطه وإعماره، لأنه لم يعد صالحًا للحياة، وهو يحتاج إلى ما لا يقل عن عشر سنوات ليصبح كذلك. الثالث: فتح الباب أمام الهجرة الطوعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بعد أن يكون قد تم إجلاؤه ونقله إلى مخيمات الإيواء الجديدة القريبة من الساحل.وطبعًا، فإن هذه الأهداف الثلاثة يستطيع التحالف الصهيو-أميركي تحقيقها في حالة واحدة؛ انهيار المقاومة وتحطيم صمود الشعب الفلسطيني. ولكن لا يبدو أن هذه الحالة قابلة للحدوث، بعد ستة أشهر متواصلة من البطولة والثبات والنصر، رغم حرب الإبادة الجماعية الشاملة الضارية التي قام بها التحالف ضد حماس والشعب الفلسطيني، في كافة المجالات العسكرية والإنسانية والاجتماعية.
لم تغلق حركة حماس الباب في وجه جولات المفاوضات غير المباشرة مع التحالف الصهيو-أميركي في القاهرة والدوحة، ومازالت تتمسك بشرطَيها الرئيسيين، وهما: الإيقاف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب الصهيوني الكامل من قطاع غزة، وهو ما لن يقبل به ممثلو التحالف الصهيو-أميركي في هذه المفاوضات، ما يعني فشل المفاوضات من جديد.
فهل ستنتهي هذه الجولة بتنازل حماس عن هذين الشرطين والوقوع في المصيدة؟ أم ستخضع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لشروط حماس؟
إن الإجابة عن هذين السؤالين تعني الجزم بهزيمة طرف وانتصار الطرف الآخر، وهو ما يعزز احتمال فشل هذه الجولة من المفاوضات وعودة الشعب الفلسطيني لحراسة صموده، وعودة حماس إلى الميدان لمواصلة انتصاراتها.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة الکیان الصهیونی إطلاق النار فی قطاع غزة یصدر عنها حرکة حماس حتى الآن
إقرأ أيضاً:
“حماس”: سلاح التجويع الصهيوني في غزة إبادة جماعية ممنهجة
الثورة نت /..
اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الأربعاء، سلاح التجويع جريمة حرب مكتملة الأركان وإبادة جماعية ممنهجة يرتكبها جيش العدو الصهيوني بحق أهالي قطاع غزة.
وأكدت “حماس”، في تصريح صحفي، أنّ قطاع غزة يواجه مجاعة كارثية بفعل حصار شامل مستمر، في أخطر مراحل الإبادة الجماعية، منذ أكثر من خمسة أشهر.
وقالت إن أخطر مراحل الإبادة الجماعية، تشمل إغلاق المعابر، ومنع حليب الأطفال، والغذاء والدواء عن أكثر من مليوني إنسان، بينهم 40 ألف رضيع مهدّدون بالموت الفوري، بالإضافة إلى 60 ألف سيدة حامل.
وأشارت إلى أن العدو الصهيوني حوّل الغذاء إلى سلاح قتل بطيء، والمساعدات إلى أداة فوضى ونهب، بإشراف مباشر من جيشه وطائراته.
ولفتت “حماس” إلى أن غالبية شاحنات الإغاثة التي تدخل غزة تتعرض للنهب والاعتداء، في إطار سياسة ممنهجة يتبعها العدو الصهيوني، تقوم على “هندسة الفوضى والتجويع” بهدف حرمان المدنيين من المساعدات القليلة، وإفشال توزيعها بشكل آمن ومنظّم.
وأضافت: “وفي حين يحتاج القطاع إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات ووقود يوميًا لتلبية الحد الأدنى من احتياجاته، فإن ما يُسمح بدخوله فعليًا لا يمثل سوى نسبة ضئيلة”.
وتابعت: “لقد بلغت الكارثة حدًا أن أمهات غزة أُجبرن على إرضاع أطفالهن الماء بدل الحليب، وسُجّل حتى الآن استشهاد 154 فلسطينيًا بسبب الجوع، بينهم 89 طفلًا، مع مئات الإصابات اليومية بسوء التغذية، وسط انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية”.
ولفتت “حماس” إلى أنه ورغم تصاعد الإدانات الدولية، يروّج العدو الصهيوني لمسرحيات إنزال مساعدات جوية وبرية محدودة، بينما تسقط معظمها في مناطق خطرة سبق أن أمر العدو بإخلائها، ما يجعلها عديمة الجدوى وتهدد حياة المدنيين.
وذكرت أنه وفي سلوك إجرامي متكرر، يستهدف العدو الصهيوني فرق تأمين المساعدات، ويفتح الممرات لعصابات النهب تحت حمايته، ضمن خطة ممنهجة لإدامة المجاعة كأداة حرب.
ودعت حركة “حماس”، المؤسسات الدولية إلى فضح سلوك العدو القائم على “هندسة التجويع” وتعريته قانونيًا وأخلاقيًا، باعتباره جريمة حرب مركبة ومتعمدة، لا تقل خطورة عن القصف والتدمير المباشر.
وأكدت أن كسر الحصار وفتح المعابر فورًا ودون شروط هو الحل الوحيد لإنهاء الكارثة في غزة، وأن أي تأخير في ذلك يعني المضي نحو مرحلة إبادة جماعية، خصوصًا بحق الفئات الهشة من أطفال ومرضى وكبار سن.
كما دعت، الشعوب الحرة والمنظمات الحقوقية والإنسانية حول العالم إلى تصعيد تحركاتها، والعمل على فرض آلية أممية مستقلة وآمنة لإدخال وتوزيع المساعدات، بعيدًا عن تحكّم الاحتلال وسياساته الإجرامية.