سلط تقرير "حلول للسياسات البديلة" الضوء على أثر ارتفاع أسعار الأغذية على الأسر الفقيرة في مصر، حيث يمثل الغذاء السواد الأعظم من مجموع استهلاكها، وبالتالي له تأثير مباشر في صحة وسلامة أفرادها نتيجة اضطرارهم لتغيير أنماط إنفاقهم.

منذ بدء تحرير سعر الصرف نهاية عام 2016 اتجهت الحكومة المصرية إلى تقليص دعم السلع الغذائي بشكل كبير على الرغم من زيادة القيمة الاسمية له في الموازنة العامة الجديدة، إلا أنه تراجع كنسبة من الإنفاق العام والناتج المحلي الإجمالي.



زيادة اسمية في قيمة الدعم
خصصت الحكومة المصرية في الموازنة المقبلة 2023-2024 حوالي 529.7 مليار جنيه لمنظومة الدعم، أي ما يعادل 17.7 بالمئة من حجم الإنفاق الحكومي فقط مقارنة بتخصيص 201 مليار جنيه في موازنة 2016-2017 أي ما يعادل 26.8 بالمئة من حجم الإنفاق العام.

بالتالي فإن الإنفاق الحكومي على الدعم تراجع من 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016-2017 إلى 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة الحالية.


ورغم أهمية الدعم السلعي في خفض معدلات الفقر عن طريق توفير المنتجات الأساسية بأسعار مناسبة في ظل ارتفاع معدلات التضخم بشكل مستمر، فإن ما تحصل عليه الأسرة من دعم للسلع الغذائية لا يتجاوز 7.4 بالمئة من إجمالي استهلاكها الغذائي، بحسب التقرير الصادر عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

توفر الحكومة المصرية 23 مليون بطاقة تموينية يستفيد منها 64 مليون مواطن، إلا أنه قيمة الدعم عليها زهيدة لا تزيد عن 50 جنيها شهريّا لكل فرد، ولم تشهد أي زيادة منذ عام 2017 رغم ارتفاع معدلات التضخم أكثر من 500 بالمئة منذ ذلك الوقت.

ويرى الباحثون في التقرير، أن من الضروري زيادة المبالغ المخصصة للبطاقات التموينية والاستمرار في تقديم الدعم السلعي لأنه يوفر الحد الأدنى من الأمن الغذائي في ظل ارتفاع نسب الفقر لتبلغ 35.7 بالمئة، بإجمالي 37.05 مليون مواطن عام 2023.

كيف تعامل الفقراء مع صدمة الأسعار؟
يشير التقرير إلى أرقام صادمة بخصوص أثر صدمة الأسعار على الفقراء على الشكل التالي:

84 بالمئة من الأسر توقفت عن سداد الديون.

47 بالمئة من الأسر لجأت لتناول بدائل غذائية أقل تكلفة وتقليها.

43 بالمئة خفضت الإنفاق على الصحة.

25 بالمئة خفضت الإنفاق على التعليم.



جاءت أرقام خفض الاستهلاك للّحوم والدجاج والبيض والأسماك والبيض مقلقة إذ تراوحت بين 85 بالمئة للّحوم، و60 بالمئة للألبان، ما يجعل صحة ملايين المصريين على المحك وعرضة لأمراض مزمنة وخطيرة مثل سوء التغذية والتقزم والهزال والأمراض غير المعدية المرتبطة بالنظام الغذائي (مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري والسرطان).

ارتفاع عدد الذين يعانون من نقص التغذية عام 2022 نحو 7.8 مليون
كما تعاني أكثر من ثلث النساء المصريات من فقر الدم؛ بسبب  صعوبة وصول الشرائح الأفقر من المجتمع إلى نظام غذائي متوازن؛ مما يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة، وتفاقم المضاعفات الصحية أثناء فترة الحمل والولادة.

"التضحية بالأغلبية من أجل الأقلية"
وصف مستشار وزير التموين سابقا، إسماعيل تركي، الإحصائيات الواردة في التقرير بأنها "مفزعة ولكنها في الوقت نفسه كاشفة عن تدهور أوضاع ملايين الأسر المصرية، وتلقي الضوء على معاناتهم مع فشل الحكومة في حمايتهم وتوفير بدائل، بل أرى أنها تضحي بهم لصالح الأقلية".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن هذه الأرقام المقلقة تدل على تدني المستوى المعيشي لمعظم المصريين، وسيؤدي ذلك إلى انهيار الوضع الصحي، وإلى عواقب صحية ومجتمعية خطرة للغاية مثل تفشي الأمراض وزيادة معدل الجريمة والتفسخ الأسري، وقد يؤدي الوضع إلى انفجار شعبي غير معروف عواقبه".

وبخصوص جهود الحكومة المصرية في تقليل أثر الغلاء وارتفاع الأسعار وحماية الطبقات الأقل فقرا، يرى تركي أن "الحكومة تقدم حلولا إعلامية للأزمة الراهنة ولا تقدم حلول حقيقية، بل هي تعمل فقط على تخدير الشعب ومحاولة تأجيل الانفجار الشعبي الناتج عن المجاعة التي تحدثها سياساتها الخرقاء، ولا أتوقع أن تنتهج سياسة غير سياستها الحالية".

"الفقراء بين شقي رحى الأسعار وتراجع الدعم"
يقول الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، إن "انخفاض القيمة المحلية لأي دولة يؤدي إلى تعاظم الأسعار خاصة الغذائية لا سيما إذا كانت هذه الدولة مستورد صاف للسلع الأساسية وخصوصا السلع الغذائية، وهذا ما ينطبق على الحالة المصرية؛ ارتفاع كبير في الأسعار نتيجة انهيار قيمة الجنيه ولا يصاحب ذلك زيادة في الأجور إلا بشكل قليل، لذلك نجد الأجر مقوما بالدولار يقل ولا يزيد حتى بعد زيادته 50 بالمئة".


ونتيجة لما سبق يرى في حديثه لـ"عربي21" أن "تزايد الفقر وتساقط شرائح كبيرة في براثن الفقر أمر غير مستغرب، وتعديل الأسر الفقيرة سلوكها في الإنفاق أمر لا مفر منه، وبالتالي فإن هذه الإحصائيات هي كاشفة للوضع المتردي لنحو 60 بالمئة إلى 70 بالمئة من المصريين، والطبقة المتوسطة تراجعت إلى نحو 20 بالمئة، ولم تنج من آثار الصدمات السعرية سوى شريحة قليلة ضمن الطبقة العليا التي تضم طبقات متفاوتة".

عملية تعديل الأساليب الغذائية، وفق الخبير الاقتصادي، تذهب في الأغلب إلى إحلال سلع أقل جودة وأقل قيمة غذائية من السلع الأخرى، ومن هنا فإن هذه السلع لا توفر إلا الحد الأدنى من الفائدة، وربما تتسبب في أضرار كبيرة تنعكس على الصحة العامة، وهو ما أشار إليه التقرير أيضا.

وفند ذكر الله دور الحكومة في الأزمة مؤكدا أن "الحكومة تملصت من أداء دورها في دعم الفقراء؛ لأنها رفعت يدها عن كل أنواع الدعم سواء السلعي أو الخدمي، ما يتعلق بالدعم السلعي تحول من عيني إلى نقدي وبالتالي تراجعت قيمته بشكل كبير، وجزء كبير من مخصصات الإنفاق لدى الفقراء ذهب لسداد فرق الأسعار في الحصول على الدعم الخدمي مثل الغاز والكهرباء والوقود والمياه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أسعار مصر صحة التغذية مصر صحة أسعار تغذية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة المصریة بالمئة من

إقرأ أيضاً:

البلدي بـ 410 جنيهات.. ارتفاع أسعار اللحوم قبل أيام من عيد الأضحى

يترقب الكثير من المواطنين تطورات أسعار اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، متسائلين عما إذا كانت الأسعار ستشهد ارتفاعات جديدة أم ستبقى مستقرة.

وللإجابة عن هذه التساؤلات، تواصلت «الأسبوع» مع شعبة القصابين ونقيب الفلاحين للوقوف على أسعار اللحوم ومدى تأثرها بقرب حلول عيد الأضحى.

من جانبه قال مصطفى وهبة، رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية: إن أسعار اللحوم في السوق تشهد ارتفاعًا طفيفا قبيل عيد الأضحى المبارك، حيث ارتفع سعر الكيلو الواحد بمقدار عشرة جنيهات.

مشيرًا إلى أن شعبة القصابين بالغرفة التجارية تتخذ عدة إجراءات للاستعداد للعيد، بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية، وتشمل هذه الإجراءات رفع كفاءة المجازر، حيث يتم العمل على تحسين وتطوير المجازر بالتعاون مع وزارتي التنمية المحلية والزراعة، إضافة إلى ضخ كميات كبيرة من السلع واللحوم بأسعار مخفضة في المجمعات الاستهلاكية، بهدف زيادة المعروض في السوق ومنع المزيد من الارتفاع في الأسعار، وسيتم تخصيص مناطق لإقامة شوادر لبيع الأضاحي لتسهيل عملية الشراء على المواطنين.

وأوضح أن أسعار اللحوم تتأثر بنوع القطعية، فاللحوم المجمدة الهندي تسجل نحو 260 جنيهًا للكيلو، أما عن اللحوم البرازيلي فتصل إلى نحو 300 جنيه للكيلو، أما أسعار اللحوم البلدي البقري فتتراوح بين 410 جنيهات (للأجزاء الأقل سعرًا في العجل) و٤٦٠ جنيهًا (للأجزاء الأعلى سعرًا)، وبالنسبة للحوم السوداني فتبلغ نحو 285 جنيهًا للكيلو، والجاموسي البلدي تتراوح بين 350 و٤٠0 جنيه للكيلو، والعجول الكولومبي المستوردة تتراوح أسعارها بين 350 و400 جنيه للكيلو.

وأشار رئيس شعبة القصابين إلى أن متوسط سعر الكيلو القائم من الأضاحي يتراوح بين 180 و190 جنيهًا، وذلك بالنسبة للبقري البلدي من الدرجة الأولى، مع الأخذ في الاعتبار أن السعر يختلف باختلاف كل عجل وحسب التصفية.

وقال: يبلغ الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء في مصر نحو 40% فقط من إجمالي الاستهلاك، بينما يتم استيراد 60% لتغطية الفجوة، وأرجع سبب ذلك إلى أن مصر ليست دولة منتجة للحوم بالدرجة الكافية، بالإضافة إلى عدم توفر زراعة كافية ومستقرة للأعلاف، مؤكدا أنه في حال الاكتفاء الذاتي من زراعة الأعلاف، لن تكون هناك حاجة لاستيراد اللحوم، مما سيؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وتوقع رئيس شعبة القصابين أن تشهد أسعار اللحوم والأضاحي انخفاضًا في الفترة المقبلة، وذلك بسبب توقعات بزيادة وفرة المعروض.

وفيما يخص القوة الشرائية، أوضح أنها ثابتة مقارنة بالعام الماضي، ومستقرة على مدى السنوات الخمس الماضية، مشيرا إلى أن القوة الشرائية شهدت تراجعًا كبيرًا في أواخر عام 2022 نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار اللحوم، إلا أنها استقرت منذ سنتين تقريبًا، وهو ما يعزوه إلى تعود المواطنين على مستويات الأسعار الجديدة.

في سياق متصل، كشف حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، أن أسعار اللحوم شهدت ارتفاعًا طفيفًا بلغ خمسة جنيهات للكيلو، تزامنًا مع اقتراب عيد الأضحى، قائلا: إن أسعار اللحوم البقري تتراوح بين 180 و190 جنيهًا، بينما تتراوح أسعار اللحوم الجاموسي بين 160 و165 جنيهًا، واللحوم المستوردة بين 160 و170 جنيهًا.

وفيما يتعلق بأسعار الأضاحي، أشار إلى أن أسعار العجول البقري التي تزن 500 كيلو تبدأ من 80 ألف جنيه وتصل إلى 100 ألف جنيه، مؤكدًا أن هذه الأسعار مماثلة لمتوسط العام الماضي.

وأرجع نقيب الفلاحين سبب هذا الاستقرار في الأسعار إلى عدة عوامل، منها ضعف القوة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى انشغال الكثير منهم بموسم حصاد القمح.

كما أشار إلى أن ارتفاع تكلفة المعيشة دفع العديد من المواطنين إلى التخلي عن شراء الأضاحي الكبيرة والاتجاه نحو شراء الأغنام والماعز.

واستعرض نقيب الفلاحين جهود وزارة الزراعة للاستعداد لعيد الأضحى، والتي تتضمن إقامة الشوادر في جميع المحافظات لطرح الأضاحي بأسعار مخفضة تتراوح نسبتها بين 10 و15% مقارنة بالأسواق، بهدف تعزيز التنافسية ومنع الاحتكار والاستغلال.

اقرأ أيضاًالفلتو بـ420 جنيهًا.. أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025

وش الفخدة بـ300 جنيه.. أسعار اللحوم اليوم الإثنين 26 مايو 2025

مقالات مشابهة

  • غلوبس العبرية: قطاع السياحة ينهار تحت ضغط الصواريخ اليمنية
  • الانخفاض الحاد في عائدات النفط يُجبر السعودية على "تقييم" أولويات الإنفاق
  • تقرير يظهر فجوة خطرة في مراقبة الجفاف عالميا
  • متحور جديد لكورونا يظهر بآسيا.. المصل واللقاح تحذر المصريين بالحج
  • 600 يوم من الإبادة في غزة.. أرقام صادمة لم تحرك الضمير العالمي
  • تقرير تحليلي سياسي: أموال هائلة تُصرف بلا رقيب… فأين الشفافية والمحاسبة؟
  • موعد حجز شقق سكن لكل المصريين 7 لمتوسطي الدخل.. اعرف الأسعار ونظام السداد
  • ارتفاع أسعار الذهب
  • البلدي بـ 410 جنيهات.. ارتفاع أسعار اللحوم قبل أيام من عيد الأضحى
  • 70 مليون ليرة في مهب الريح… فضيحة صادمة تهز جامعة تركية