الجزيرة:
2024-06-12@03:59:12 GMT

لماذا فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

لماذا فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟

انتهت جولة المفاوضات بين حركة حماس والتحالف الصهيو-أميركي في القاهرة دون أن تحقّق شيئًا، وانبرى كل طرف لتوجيه الاتّهامات إلى الطرف الثاني، وتحميله المسؤولية عن فشل المفاوضات، وإزاء المواقف المتشددة لكلا الطرفين، باتت فرص التوصل إلى إيقاف إطلاق النار منعدمة، وعاد التحالف الصهيو-أميركي للتهديد من جديد باستخدام أشدّ أنواع القوّة لديه، من أجل إجبار حماس والمقاومة المسلحة على الإذعان لشروطه.

فما الأسباب التي أدَّت إلى فشل المفاوضات؟

إنّ حركة حماس بحاجة ماسّة إلى تبنّي مشروع سياسي واضح ومحدد وقابل للتطبيق في ظلّ السياقات الإقليمية والدولية الراهنة، والتي قد تمتدّ لعشرات أو مئات السنين، مع التسليم بأن هذا التضمين لا يعني بالضرورة أنه سيقود إلى النجاح في جولة المفاوضات القادمة

البند الغائب في عرض حماس التفاوضي

تمتلك حركة حماس، ومن ورائها المقاومة الفلسطينية المسلحة، ثلاث أوراق رئيسية تعتمد عليها في قوّة موقفها التفاوضي، وجعلتها تقف موقف الندّ للندّ في المفاوضات، رغم البون الشاسع بين الطرفين سياسيًا وعسكريًا، وهذه الأوراق الثلاث، هي:

القوة القتالية التي يتمتع بها المقاتلون بأبعادها الإيمانية والتأهيلية والنفسية، والتي لم يعتد عليها الكيان الصهيوني من قبل. صمود الشعب الفلسطيني الباسل، رغم حرب الإبادة الجماعية الشاملة التي يتعرض لها، ووقوفه إلى جانب المقاومة، وإصراره على الاستمرار في هذا الموقف مهما بلغ الثمن. الأسرى الصهاينة الذين لم يستطع التحالف الصهيو-أميركي حتى الآن العثور عليهم، رغم كافة المحاولات العسكرية والأمنية والسياسية التي استخدمها من أجل ذلك.

هذه الأوراق الثلاث دعمت موقف حركة حماس التفاوضي بشكل كبير حتى الآن، ولكن هذا الدعم لم يمكّن حماس من فرض شروطها الجوهرية على التحالف الصهيو-أميركي، ولم تقلل من إصراره على إنهاء الوجود السياسي والاجتماعي والعسكري لحركة حماس والمقاومة المسلحة في قطاع غزة.

واستثمارًا لهذه الأوراق الثلاث، وضعت حماس شروطها التفاوضية التي اتسمت بثلاث سمات رئيسية، وهذه السمات، هي:

التمسك التام بالوقف الشامل والنهائي لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الصهيوني الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم. تبادل الأسرى، وعودة النازحين والمساعدات الإنسانية، ومرحلة ما بعد انتهاء الحرب. خلوّها من أي طرح سياسي يؤكد للتحالف الصهيو-أميركي، رغبة حماس في السلام وتعزيز الاستقرار، ويضمن له أنها لن تعود لبناء قدراتها العسكرية من جديد؛ استعدادًا لشن هجمات أخرى في المستقبل على غرار "طوفان الأقصى" و"سيف القدس"، وهذا يعني استمرار الأعمال العدائية بين الطرفين، والتي من شأنها زيادة معاناة الشعبين: الفلسطيني واليهودي، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، وإعاقة تنفيذ الخطط السياسية والاستثمارية والأمنية في المنطقة.

وإذا كانت النقطتان؛ الأولى والثانية تبدوان بديهيتين، فإن النقطة الثالثة ليست بديهية على الإطلاق، فالنقطة الأولى هي جوهر العملية التفاوضية، أما الثانية فهي التي ستقدم شيئًا من التعويض للشعب الفلسطيني عن الإبادة التي تعرّض لها طيلة فترة الحرب، وتعزز صورة حركة حماس والمقاومة المسلحة في نظره.

أما النقطة الثالثة؛ فإن خلو عرض حماس منها، حتى الآن، يمكن تفسيره من طرف التحالف الصهيو-أميركي بأن حماس ستظل مصدر التهديد الأكبر للكيان الصهيوني والمشروعات الأميركية في المنطقة، وسيزيد ذلك من إصرار التحالف على القضاء على حركة حماس. وفي المقابل؛ فإن من شأن تضمين هذه النقطة في عرض حماس التأكيد على ما يأتي:

أن حماس ليست كيانًا إرهابيًا، وإنما هي كيان سياسي ترسّخت جذوره في المجتمع الفلسطيني، ويتطلع إلى الحرية والاستقرار والبناء والتنمية. أن حماس حركة تحرر قانونية تستند في مشروعية مقاومتها إلى الوثائق التاريخية الثابتة، وعلى قرارات الشرعية الدولية. أن حماس حركة فلسطينية وطنية وواحدة من المكوّنات الرئيسية للخارطة السياسية الفلسطينية، وهي تسعى لاستعادة حقوق شعبها وتحقيق أهدافه في الاستقلال والحرية، بعد أن أدار لها الاحتلال ظهره، وداس عليها بغطرسته غير مكترث لا لشرعية دولية ولا لمواثيق قانونية وإنسانية. أن حماس مستعدة لإيقاف الأعمال العدائية ضد الكيان الصهيوني بعد الحرب، والدخول في مشروع سياسي يجمع الصفّ الوطني الفلسطيني على مشروع مشترك يحقق أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني. أن حماس ترفض الاتهامات التي يرددها أعداؤها وخصومها من أنها تريد إبادة الشعب اليهودي.

وهنا ستجد حركة حماس نفسها بحاجة ماسّة وبقوّة؛ لتبنّي مشروع سياسي واضح ومحدد وقابل للتطبيق في ظل السياقات الإقليمية والدولية الراهنة، والتي قد تمتد لعشرات أو مئات السنين. وهنا ستجد حماس نفسها من جديد، أمام صيغتين رئيسيتين تتعدد أشكال كل منهما:

الأولى: صيغة حل الدولتين؛ واحدة فلسطينية وأخرى يهودية. الثانية: صيغة حل الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني واليهودي.

وقد أفضتُ الحديث حول هاتين الصيغتين في عدة مقالات سابقة، يمكن الرجوع إليها في هذه الزاوية من الموقع. ولكن، وبغض النظر عن التعقيدات البالغة التي تحيط بكل من هاتين الصيغتين، فإن حماس اليوم بحاجة ماسّة إلى تبنّي إحداهما ضمن أي شكل من الأشكال، ليكون منطلقها السياسي في المرحلة القادمة، وتضمين ذلك في عرضها التفاوضي. مع التسليم بأن هذا التضمين لا يعني بالضرورة أنه سيقود إلى النجاح في جولة المفاوضات القادمة، أمام هذا الإصرار العجيب على القضاء على حركة حماس.

إن إصرار التحالف الصهيو-أميركي على شرط إيقاف مؤقت لإطلاق النار، يشير إلى أن ما يجري على الأرض، إنما هي خطوات تنفيذية في خطط ما بعد الحرب، التي لم يعلن قادة التحالف عنها بشكل واضح حتى الآن، ولا عن الأهداف التي تعمل على تحقيقها

الشرط المتوحّش

عمل التحالف الصهيو-أميركي كثيرًا على إحراق أوراق الضغط التفاوضية الثلاث التي تملكها حركة حماس: (القوة القتالية، والصمود الشعبي، والأسرى)، ولما عجز عن الفوز بأي منها، لجأ إلى رفضِ شرطِ حماس، الإيقاف الدائم لإطلاق النار والانسحاب من جميع الأراضي التي احتلها جيش الكيان الصهيوني، وأصرّ على إيقاف مؤقت يحرق له هذه الأوراق على النحو التالي:

تحرير الأسرى ضمن صفقة تبادل يتم الاتفاق على تفاصيلها. تحييد المدنيين، وعزلهم في مراكز إيواء آمنة تتوفر فيها الخدمات الإغاثية الأساسية تحت إشراف الأمم المتحدة. معاودة القتال ضد حماس وفصائل المقاومة المسلحة بأشد مما كان عليه الوضع في السابق بأضعاف مضاعفة، بحيث يتم القضاء عليها أو إجبارها على الاستسلام.

وبإصرار حماس على رفض شرط الإيقاف المؤقت لإطلاق النار، يكون التحالف الصهيو-أميركي قد فشل من جديد في إحراق الأوراق الثلاث عن طريق التفاوض، كما فشل من قبل عن طريق القتال.

ولذا نجده قد عاد ليتحدث بشكل أكثر وضوحًا من قبل عن ضرورة تسليم حماس للأسرى دون قيد أو شرط، وعن إلقاء حماس السلاح والاستسلام، وعن الاستعداد الكبير لمعركة رفح القادمة، وفي حال حدوث ذلك؛ فهو يعني أنه لن يكون هناك جولات مفاوضات جديدة.

إن الإصرار على هذا الشرط الصهيو-أميركي المتوحش، يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن ما يجري على الأرض، إنما هي خطوات تنفيذية في خطط ما بعد الحرب التي لم يعلن قادة التحالف الصهيو-أميركي حتى الآن بشكل واضح عن طبيعة هذه الخطط والأهداف التي تعمل على تحقيقها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات لإطلاق النار هذه الأوراق حرکة حماس حتى الآن أن حماس من جدید

إقرأ أيضاً:

مسؤول في حماس: تم الرد رسميا على المقترح الأمريكي بشأن اتفاق الهدنة في غزة

أكد مسؤول في حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الحركة ردت رسميا على المقترح الأمريكي بشأن اتفاق الهدنة في غزة.

وأعلنت مصر العربية وقطر عن تسلمهما رداً من حركة " حماس" والفصائل الفلسطينية، حول المقترح بشأن صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين. 

ويؤكد الجانبان، أن جهود وساطتهما المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة إلى حين التوصل إلى اتفاق، حيث سيقوم الوسطاء بدراسة الرد والتنسيق مع الأطراف المعنية حيال الخطوات القادمة.

اقرأ أيضاً : حمدان: بلينكن أحد العقبات لتعطيل التوصل الى اتفاق

وكان القيادي في الحركة حماس سامي أبو زهري أكد أن الحركة قبلت قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار والانسحاب وتبادل الأسرى وجاهزة للتفاوض حول التفاصيل.

وأضاف أبو زهري أن الإدارة الأميركية أمام اختبار حقيقي للوفاء بتعهداتها بإلزام الاحتلال بالوقف الفوري للحرب كتنفيذ لقرار مجلس الأمن.

وفي وقت سابق رحبت حركة حماس بقرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار الدائم في غزة والانسحاب التام من القطاع.

وأكدت حماس علة عملية "التبادل والإعمار، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم، ورفض أي تغير ديموغرافي أو تقليص لمساحة قطاع غزة، وإدخال المساعدات اللازمة لأهلنا في القطاع".

وأكدت حماس في بيان مقتضب لها عبر "تلغرام" استعدادها "للتعاون مع الإخوة الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة حول تطبيق هذه المبادئ".

وقرر مجلس الأمن الدولي تبني مشروع قرار أمريكيا يدعو لوقف إطلاق النار في غزة وتطبيق غير مشروط للصفقة. واعتمد المجلس القرار بموافقة 14 دولة وامتناع دولة واحدة عن التصويت.

مقالات مشابهة

  • ماذا تقول الاستخبارات الأمريكية عن رؤية يحيى السنوار لموقف حماس في مفاوضات وقف إطلاق النار؟
  • أول تعليق من الاحتلال على رد حماس حول مقترح وقف إطلاق النار
  • أول تعليق من الاحتلال على رد حماس حول مقترح موقف إطلاق النار
  • حركة فتح: الولايات المتحدة هي القادرة على إجبار إسرائيل بوقف إطلاق النار على الشعب الفلسطيني
  • أول تعليق من الفصائل الفلسطينية بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار
  • مسؤول في حماس: تم الرد رسميا على المقترح الأمريكي بشأن اتفاق الهدنة في غزة
  • حماس: نرحب بما تضمنه قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار الدائم في غزة
  • حماس ترحب بقرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار الدائم في غزة والانسحاب التام من القطاع
  • "حماس" ترحب بمضمون قرار مجلس الأمن الدولي بشان وقف إطلاق النار في غزة
  • واشنطن بوست تكشف نقطة الخلاف المركزية في مفاوضات غزة