تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الباحث في الشأن الدولي، محمد صادق، إنه ما زالت الفوضى السياسية والأمنية تسيطر على المشهد السياسي في السودان، حيث تتصاعد الخلافات، في الوقت الذي تنقسم فيه القوى والأحزاب السياسية.


وأضاف صادق، خلال لقائه على قناة "الحدث"، أنه يتم طرح المبادرات الدولية في محاولة لتسوية الأزمة، في حين يستمر الشعب السوداني في مُعاناته الشديدة.

وتابع صادق، أن الانقسامات تفاقمت في شرق السودان بفعل الخلافات بين المؤيدين والمعارضين أتباع الحركة الإسلامية، ما أضاف طبقة جديدة من التوتر إلى المشاكل القائمة في هذه المنطقة، إذ يعيش شرق السودان بشكل أساسي في حالة من التشظي والتدهور.


وأوضح صادق، أنه كان قد أصدر وزير شؤون مجلس الوزراء، المكلف عثمان حسين، قراراً بإعفاء، والي كسلا، وأن هذه الإقالة  جاءت نتيجة تصاعد خلافاته مع الناظر سيد محمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة ، المحسوب على التيار الاسلامي.


وتطرق إلى إصدار مجلس السيادة قرارًا بإنهاء مهام واليي القضارف وكسلا، وتكليف اللواء محمد أحمد حسن بولاية القضارف، واللواء الصادق محمد الأزرق بولاية كسلا، فيما تم تعيين اللواء المتقاعد محمد العجب واليًا على ولاية سنار، واللواء المتقاعد مبارك حسن واليًا للولاية الشمالية.


وأكد أن الخلافات الداخلية ظهرت في السودان بشكل واضح من خلال قرار صدر، الأسبوع الماضي، الذي يتضمن إقالة وزير الخارجية المكلف، علي الصادق، وتعيين نائبه حسين عوض لتولي المهام بدلاً عنه، بالإضافة إلى إقالة ولاة كسلا والقضارف.

وأكد أن الاشتباكات المسلحة تستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مدن بالبلاد، وأنه خلال الأونة الأخيرة، اشتدت الخلافات بين قادة الجيش نتيجة تصاعد نفوذ الحركة الإسلامية داخل الجيش، وأن هذا الارتفاع في دور الإسلاميين أعاد إلى الأذهان فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، ونظامه المرتبط بهم، الذي اندلع ضده الاحتجاج الشعبي بشكل عام.


وأشار إلى أن الكل يُصر على استبعاد الإسلاميين من المشهد السياسي، ومعاقبة الضباط المنتمين للتيار الإسلامي في حال تلقيهم توجيهات من خارج قيادة الجيش.


وحذر من خطر تفاقم "المقاومة الشعبية المسلحة" التي تعمل بشكل مستقل عن قيادة الجيش، مشددا على ضرورة عدم استغلال المعسكرات العسكرية من قِبل أي حزب سياسي، في الوقت الذي أكد فيه على أن شعارات هذه المجموعات لا تعبر عن وحدة القوات المسلحة.

وأشار إلى أن انتشار الميليشيات المسلحة تزيد من حدة الصراعات وتؤجج نار الحرب.


ولفت إلى أن  هناك أيضًا رغبة شديدة من قبل الشعب في إبعاد الإسلاميين عن المشهد السياسي والصراعات بشكل عام.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاشتباكات المسلحة الجيش السوداني التيار الإسلامي الدعم السريع

إقرأ أيضاً:

الملازم أول (م) محمد صديق إبراهيم: لا يبالي على أي شق كان للوطن مصرعه

الملازم أول (م) محمد صديق إبراهيم: لا يبالي على أي شق كان للوطن مصرعه (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
روعت طوائف كبيرة من السودانيين بمقتل الملازم أول (معاش) محمد صديق إبراهيم، على يد “الدعم السريع” يوم الـ18 من مايو الماضي، عند مصفاة الجيلي شمال الخرطوم. وصدم الناس الفيديو الذي بثته العناصر التي قتلته، محاطاً بهم ينال الصفع من يدهم. وكان الصفع لأنه لم يجب عن سؤالهم وعن كيف وجدهم ووقع في أسرهم. وتوقعوا كلمة راضية منه عنهم. ولكنه قال “في أية ناحية؟” وصارت عبارته وسماً طغى في الوسائط. وليست هذه مرة صديق الأولى التي يصدر فيها عن يقين شجاع في وجه الزعزعة عن عبارة تسري مسرى النار في الهشيم كما سنرى.
وانتاب الروع لمقتل صديق من على ضفة القوات المسلحة التي ضحى بجانبها، ومن هم على ضفة “الدعم السريع”، أو بين ذلك قواماً بمن فيهم الإسلاميون. ومرد ذلك لأن سيرة الضابط مذ لمع اسمه في ثورة ديسمبر2018 تقاطعت مع هذه الطوائف جميعاً، فلا تملك أي منها إلا أن تواطئ طوراً من سيرته القصيرة الحافلة. فكان أيقونة الثورة على نظام “دولة الإنقاذ” وجيشها، بما في ذلك قوات “الدعم السريع”، واستشهد في صف الجيش ضد “الدعم السريع”. فاستنفد المواقف جميعاً.
وسطع نجم صديق في ثالث يوم لاعتصام الحراك ضد حكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشير (1989-2019) أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم في التاسع من أبريل (نيسان) 2019. فخرج في قلة من الضباط ليحول دون الاعتداء على المعتصمين ممن تربص بهم الجيش و”الدعم السريع”، لإنهاء حشدهم بأي سبيل. وتحقق لهم ذلك في ليلة من رمضان قبيل العيد (الثاني من يونيو 2019)، فأوسعوهم ترويعاً وقتلاً أمام بوابات القيادة العامة. ووقف صديق وسط الحشد المروع الذي عشم من اعتصامه أن يخرج من الجيش من يرجح كفة ميزان القوى لصالحه، ليكون الواحد الذي يشكل أغلبية. وناشد صديق في كلمته إخوانه من شباب القوات المسلحة أن يخرجوا لإعلاء كلمة الحق والوقوف إلى جانب الشعب. وعلت الهتافات من حوله إلى عنان السماء “سودانا فوق فوق سودانا فوق. استلمها أنت (أي خذ بزمام الأمر)” ليرد صديق بأنهم لم يخرجوا لاستلام السلطة، وإنما لحماية المعتصمين، وأن يظلوا في وقفتهم تلك حتى يسقط النظام. وجاء بالعبارة التي خلدته في ذاكرة الثورة “الرهيفة تنقد” من أدب الفروسية السودانية. أي أن النظام لو وجد وهناً فينا فلينفذ منه ويقضي علينا، ولكن هيهات.
وبالطبع، لم يسعد الجيش بـ”تمرد” صديق. ولم يحل انتصار الثورة في الـ19 من أبريل 2019 دون إحالته للتقاعد في فبراير (شباط) 2020، في كشف ضم ضباطاً آخرين وقفوا مع المعتصمين بصورة أو أخرى. وردت “لجان المقاومة” على ذلك الإجراء بحق صديق، بموكب “رد الجميل” الذي قدم مذكرة إلى مجلس السيادة بمطلب إصلاح القوات المسلحة وإعادة صديق ورفاقه إلى مواقعهم فيها. وبرر الجيش قراره بحق صديق ببيان قال فيه، إنه كان خالف قوانين الخدمة بالقوات المسلحة ولوائحها. وذكر له اعتداءه على أفراد من الشرطة بقسمها بحي الحاج يوسف الشعبي حيث يسكن. وكان صديق قد أمر سائق حافلة بأن يتوجه إلى قسم الشرطة ليفتح بلاغاً ضده لرفعه قيمة التذكرة دون مبرر. ولما لم تقبل منه الشرطة البلاغ، أو ماطلت، اشتبك معهم، فأخذوه إلى القيادة العامة بعدما اتضح لهم أنه أحد منسوبيها. وفي حديث لـ”الجزيرة” قال صديق إن الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان جنح لإعادته بعد أن أثار عليهم تضريج موكب “رد الجميل” بالدم الثائر، حتى قرر مجلس الأمن والدفاع فتح تحقيق في ملابساته. وأضاف أن دولة الإنقاذ العميقة التي لا تزال ذات سطوة هي التي تقف وراء إحالته إلى المعاش. وزاد أن البرهان اعتذر له عن الإجراء بحقه، لأنه لم ير كشف الإحالات إلا بعد صدوره. وعرض عليه العودة إلى الخدمة. فاستنكر محمد عليه ألا يعرف عن إحالته إلى المعاش، وهو الذي لا يقع شيء في الجيش دون علمه كقائد عام، ورفض العرض.
ولم يسمع أحد عن صديق منذ إحالته إلى المعاش واضطراب أحوال الثورة التي انتهت بالانقلاب على حكومتها الانتقالية في الـ25 من أكتوبر 2022، واندلاع الحرب بين القوات المسلحة وقوات “الدعم السريع” في الـ15 من أبريل 2023. ولكنه ظهر على فيديو بتاريخ الثاني من ديسمبر 2023 ليعلن من بلدته شندي في ولاية نهر النيل قراره الاستنفار إلى جانب القوات المسلحة، بعد أن فشل في العودة إليها من باب نفرة الضباط المعاشيين، التي نادت لها هي نفسها لتعزيز صفوفها. فقال إنه اتصل بعد اندلاع الحرب بالفرقة السابعة في القيادة العامة لاستيعابه ضابطاً في خدمة الحرب، فردوه لأن الأمر ما احتاج بعد، وسيستدعونه متى اتفق لهم ذلك. ثم لبى استدعاء نفرة الجيش لضباطه المعاشيين للعودة إلى الخدمة. فبلغ لوحدته التاسعة من سلاح المظلات بقاعدة وادي سيدنا، فانتظر 90 يوماً أبلغوه بعدها أن القيادة العامة لم توافق على إنزاله طابوراً في حين أذنوا لغيره بالعشرات. فانفعل وقال لرئيس شعبة في القيادة إن “على الوطن السلام إن كنتم تملكون صكوك الوطنية توزعونها بالاسم على الناس”. وقال إن “الفات مات، ونحن ولاد الليلة”، فاعتبر نفسه منذ اليوم الثاني من ديسمبر 2024 مستنفراً ضمن قوات المقاومة الشعبية كرجل سوداني، قبل أن يكون ضابطاً.
وبدا أنه على خلاف مع الجيش في التزامه الدفاع عن مواقعه، والامتناع عن الهجوم على مواقع “الدعم السريع”. وقال إما كان الجيش رجالاً مهاجمين أو “علي الطلاق” ستخرج القوى الوطنية من كل فج في البلد، إما رفعوا راية السودان أو سقطوا شهداء. وقال إن دعوة “لا للحرب” دعوة عاطلة، لأنه لم يتفق لها أين الحق في هذه الحرب، وأين الباطل. وأضاف أن حث أهلها للجيش على الجلوس إلى التفاوض لا يليق والأموال نهب “الدعم السريع” والنساء أسرى. وتوجه إلى البرهان بشيء من الإنذار، فقال إنه إن لم يغير خطته حتى الأول من يناير 2024 بالهجوم على “الدعم السريع”، (في مقابل خطة الدفاع المتبعة)، في كل منطقة بالسودان، سيكون هو أول من يخرج من شندي في الهجوم على مصفاة الجيلي، التي يحتلها “الدعم السريع”. فهو جاهز. فإذا طلعت القوات المسلحة للهجوم في أول يناير كان معها، وإذا قعدت لن يكون من القاعدين. وسيأتي يوم أول يناير وسيرى الناس قراره “والله لو فضلت أنا بس محمد صديق، وأعوذ بالله من كلمة أنا، أطلع من شندي وأهاجم المصفاة”. وعاد إلى عبارته الأثيرة “والرهيفة تنقد”.
ليس صعباً تصور الإرباك الذي أحدثه مصرع صديق في خطاب الحرب القائمة. فعابر للضفاف مثله يزلزل سدنتها بين واقف مع الجيش أو واقف ضده، حتى لا نقول مع “الدعم السريع”. فقل من الكتاب من ذكر له المأثرتين. فمن مع الجيش في ضفة الحرب ذكر له استشهاده بيد “الدعم السريع” في حين غض المناوئون للجيش حتى عن ذكر وقفته مع الثورة التي ينسبونها لأنفسهم، لأن ذكرها لا يستقيم مع مصرعه في ركب الجيش. وهناك من أطلق العنان يخيط المأثرتين معاً، مجازفاً كيفما اتفق.
ونواصل

الملازم أول (م) محمد صديق إبراهيم: لا يبالي على أي شق كان للوطن مصرعه (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
روعت طوائف كبيرة من السودانيين بمقتل الملازم أول (معاش) محمد صديق إبراهيم، على يد “الدعم السريع” يوم الـ18 من مايو الماضي، عند مصفاة الجيلي شمال الخرطوم. وصدم الناس الفيديو الذي بثته العناصر التي قتلته، محاطاً بهم ينال الصفع من يدهم. وانتاب الروع لمقتل صديق من على ضفة القوات المسلحة التي ضحى بجانبها، ومن هم على ضفة “الدعم السريع”، أو بين ذلك قواماً بمن فيهم الإسلاميون. ومرد ذلك لأن سيرة الضابط مذ لمع اسمه في ثورة ديسمبر2018 تقاطعت مع هذه الطوائف جميعاً، فلا تملك أي منها إلا أن تواطئ طوراً من سيرته القصيرة الحافلة. فكان أيقونة الثورة على نظام “دولة الإنقاذ” وجيشها، بما في ذلك قوات “الدعم السريع”، واستشهد في صف الجيش ضد “الدعم السريع”. فاستنفد المواقف جميعاً.
فتجد من الفريقين من أخذ بجانب من مأثرته وتغاضى عن جانبها الآخر. فامتدح الصحافي ضياء البلال، الذي لم يتفق مع ثورة ديسمبر، لصديق وقفته بشمم أمام استجواب قتلته، وقال إن اسمه سيخلد وذكره “بأحرف من نور في صحائف التاريخ وسجلات البطولة وأناشيد المجد كرمز سوداني أصيل غير قابل للنسيان”. ولم يأت ضياء نفسه، طالما عد صديق رمزاً سودانياً أصيلاً، بذكر وقفته الأخرى مع ثورة ديسمبر كرمز أصيل للسودان. ولم ينس ضياء نوع الكسب من استشهاده، فقال “فمن عليائه الماجدة، سيفتح الباب واسعاً لجحافل المستنفرين من كل حدب وصوب، ليقفوا جبالاً راسخة في وجه المتآمرين والكائدين والعملاء”، كأن لم تكن له هذه الوقفة العلياء في يوم آخر ليس ببعيد. وكأنه قابل للقسمة إلى شجاعتين. واتبع الصحافي الإسلامي عادل الباز محرر “الأحداث” ضياء في محو وقفة صديق المشهودة في القيادة، ليركز على بسالته في وجه المحققين القتلة من “الدعم السريع”. فقال إن عبارة صديق “من ياتو ناحية؟” حين سألوه كيف وجد “الدعم السريع” وهو في قبضتهم “ستبقى هذه الكلمات طويلاً بذاكرة الشعب السوداني”. ولم تطرأ للباز صنوها “محل رهيفة تنقد”. وخاض نيابة عن صديق في النواحي التي وجدها عند “الدعم السريع” وكلها شرور وآثام. ولو كان ذكر لصديق مأثرته في القيادة لما اختلفت “الدعم السريع” في يومها عن أمسها.
واتفق القياديان في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم)، ياسر عرمان ورشا عوض على غض الطرف عن وقفته في القيادة العامة التي جعلته أيقونة لثورة ديسمبر. وهذا من المستغرب ممن يعتقد أن الجيش، والفلول من ورائه، بيتوا العزم على القضاء على ثورة ديسمبر واستعادة دولة الإسلاميين. فقال عرمان، بعد إدانة قتل صديق أسيراً بيد “الدعم السريع” إنه “ضابط شجاع له رمزية عند الطرف الذي يقاتل معه”. ولم تذكر رشا هي الأخرى وقفة صديق في القيادة العامة. واستنكرت في فقرتها الأولى الإهانة التي تعرض لها كأسير من “الدعم السريع”، لتتوافق مع عرمان في أن إهانة الأسرى فاشية في جيشنا. فقال ياسر “نعلم تماماً أن الجيش ارتكب جرائم مماثلة”. وتوسعت رشا في ارتكاب منظومتنا العسكرية من جيش ودعم وأمن واستخبارات الجيش جرائم مماثلة. واقتصرت تلك الإهانات مع ذلك على القوات المسلحة من دون “الدعم السريع”. وبدا لي أنها وياسر تغاضيا عن سيرة صديق الأولى مع الثورة، لأن استشهاده في صف الجيش، مما لا يتفق ورأيهما فيه من لدن خروج “الدعم السريع” من رحمه، ورهن نفسه للإسلاميين الذين لم يدخروا وسعاً في كسر شوكة الثورة لاستعادة نظامهم المباد. لقد كان مصرع صديق على الجهة الخاطئة من التاريخ وكفى.
ووجد بعض الكتاب من خصوم الجيش مخرجاً قريباً من الاحتيال في تثبيت وقفة صديق الأيقونية في اعتصام القيادة العامة للجيش، ومصرعه مع ذلك على جانب الجيش، الذي يقف الكاتب ضده في هذه الحرب. فقال الكاتب عمر التجاني إن صديق “ضحية الإسلاميين”، فكانوا احتاجوا بعد الهزائم التي تكبدوها من “الدعم السريع” إلى استنفار غرروا به الشباب، بينما أمنوا لأولادهم العيش الرطيب في غير السودان. فانتهوا بعد لسع الهزائم إلى أن الحرب بحاجة “إلى رفع الروح المعنوية لعامة الشعب بتقديم ضحية، وتكون شخصية تثير في الناس حفيظة حب الوطن”، وزيادة الحقد على “الدعم السريع”. وكان قدر صديق أن يكون تلك الضحية مع أنه إنما “قدم نفسه فداء الوطن، وليس برنامجاً دعائياً للحركات الإسلامية البغيضة”. واستنكر عمر ذهاب البرهان، وهو من جاء بقتلته “الدعم السريع” إلى ميدان السياسة، للعزاء في صديق، فهو من دفع به ليلقى ربه للمتاجرة بدمه. وختم قائلاً للبرهان “لعلمك أن الشهيد من صلب الشعب الثائر ضدكم، وضدك شخصياً. الشهيد ليس منكم فيكفي أن تبيعوا وتشتروا دماء الشهداء”. وهكذا ثبت عمر الفضل لصديق في القيادة بأن جعل من مقتله نفسه امتداداً لبسالته التي استثمر الجيش والإسلاميون بمصرعه فيها.
وخلافاً لمن تقدم، وجدت من ثبت لصديق المأثرتين معاً بلا مراوغة حولهما أو ارتباك. فاتفق للصحافي الإسلامي راشد عبد الرحيم والإعلامي عثمان ذو النون أن صديق صاحب مأثرتين في القيادة كما في الحرب. فقال ذو النون “إنه رمانة التغيير، باستشهاده وكان لا يزال على سكة ثورة ديسمبر. فاختار صديق الموت، ولكن الشهادة اختارته”. ولم يكن راشد صريحاً قاطعاً في تثبيت المأثرتين وكفى لأنه جنح إلى تصفية نوع حزازة على الثوريين لا الثورة. فقال إن صديق وقف بقوة مع قناعاته عند اعتصام القيادة، ثم وقف باسلاً مرة أخرى في الحرب، وهو “ينسلخ عن دوائر الخيانة الداعية إلى السلام والتمرد”. وكأن صديق صحح “مسار ثورة ديسمبر بأنها ثورة ينبغي أن تكون مع الوطن وجيشه”. ومهما يكن من استثمار راشد لاستشهاد صديق على الجانب الذي يؤثر، فإنه لم يجزئه – كما رأينا من الصحافيين – فعل فيما مر بنا.
القول باستشهاد صديق في هذه الحرب على سكة ثورة ديسمبر في قول ذو النون وراشد، فكرة مزعزعة لأوتاد من جعلوا الثورة والحرب نقيضين، فإما إلى هذه وإما إلى تلك. فرأينا كيف أربكهم صديق الذي كان في الثورة والحرب معاً في شرطهما، ولكن بقراره وشجاعته نفسها. لم ينقطع عند جانب يتبتل في محرابه. رمى لا يبالي على أي شق كان للوطن مصرعه.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة حقيقة وجود السودان بين العالمين
  • الملازم أول (م) محمد صديق إبراهيم: لا يبالي على أي شق كان للوطن مصرعه
  • أول تحرك لمحافظ المهرة بعد انتشار مقاطع لـ”تعذيب يمنيين على يد الجيش العماني”
  • هل إجراءات كورونا اختراع؟ فاوتشي اعترف وصعق العالم
  • المقاومة وفلسطين ومواضيع متنوعة في مهرجان شعري باتحاد الكتاب العرب
  • تقرير دولي: القوة البحرية للولايات المتحدة تراجعت أمام الضربات اليمنية
  • البرهان يؤكد عزم القوات المسلحة القضاء على المليشيا الإرهابية وأعوانها
  • السودان.. مستشفى الفاشر الرئيسي يخرج عن الخدمة
  • مصطفى بكري: الفريق أول محمد زكي.. رجل المواقف الوطنية
  • دراسة أمريكية حول انتشار إنفلونزا الطيور في الجهاز التنفسي للأبقار الحلوب