خلف جدران سجون الاحتلال، تمكنت كلمات الأسير الفلسطينى باسم خندقجى من أن تعبر آلاف الأميال، ليصل بخياله إلى حلمه، الذى منعه منه ظلم المحتل الإسرائيلى، ليحصد جائزة «البوكر» العالمية، فى دورتها الـ17 لعام 2024، رغم أنف جلاديه، ليضرب المثل من جديد أمام عشرات الآلاف من الأسرى فى سجون الاحتلال للتمسّك بالأمل، وعدم التخلى عن أحلامهم.

«أديب»: كأنه تحرّر من الأسر

أديب خندقجى، شقيق «باسم»، وصف شعور العائلة بعد فوز أخيه بجائزة «البوكر» العالمية للرواية، بأنه أدخل السرور والسعادة على قلوب جميع أفراد الأسرة، وقال: «شعور رائع جداً، كأن باسم تحرر من سجون الاحتلال الإسرائيلى، فهى فرحة لا توصف، وشعور لا يمكن الحديث عنه».

وأضاف «أديب» لـ«الوطن»، أن رواية «قناع بلون السماء» صدرت عام 2022، عن دار الآداب فى لبنان، وتم إصدار عدد من الطبعات منها فى كل من مصر والجزائر وتونس، وتابع بقوله إنه، حتى الآن، لا توجد أى وسيلة اتصال مع شقيقه «باسم»، حتى بتم إبلاغه بفوزه بالجائزة العالمية المرموقة، مشيراً إلى أن «باسم» تم اعتقاله فى عام 2004، ويواجه ثلاثة أحكام بالسجن المؤبّد.

«نضال»: أخى يكتب عن خياله لتخفيف آلام الاعتقال

أما نضال خندقجى، الشقيق الآخر للروائى الأسير «باسم»، فقال إن خبر فوز رواية «قناع بلون السماء» كان مفرحاً للعائلة، موضحاً أن الجميع كان فى حالة سيئة، نتيجة عدم معرفة أى أخبار عن «باسم»، منذ بدء العدوان على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى.

ولفت «نضال» فى حديثه لـ«الوطن»، إلى أن الرواية الفائزة بجائزة «البوكر» مرّت بعدة مراحل صعبة، إلا أن إصرار «باسم» وحبّه الشديد للكتابة، لم يمنعاه من إنهائها، إذ بدأ كتابتها داخل السجن، واستطاع إخراجها من المعتقل أول مرة عن طريق الرسائل، وتمت طباعة نسخة تجريبية من الرواية وإدخالها إلى «باسم» فى السجن، ضمن كتاب أو رواية ثانية وهمية، وكانت تصل إليه بصعوبة شديدة، حتى يمكنه مراجعتها وتصحيح ما بها من أخطاء فى الطباعة.

وأضاف أن شقيقه يختلف عن غيره من الكتاب الآخرين الذين تعرّضوا للاعتقال فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، مؤكداً أنه اختار أن يكتب عن خياله، الذى يخفّف عنه الألم، بدلاً من توثيق معاناته خلف قضبان سجون الاحتلال.

وأوضح أن العائلة كانت تحاول قدر الإمكان مساعدته لنشر أعماله، حيث تمتلك العائلة مكتبة فى مدينة نابلس بالضفة الغربية، وهى من أقدم المكتبات فى فلسطين، وهى مكتبة شعبية تهتم بنشر أدب الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال، وتمتلك مكتبة «العم صالح» حق الطبعة الخاصة من الرواية فى فلسطين.

وأشار «نضال» إلى أن عائلة «خندقجى» تعيش فى مدينة نابلس، وتعرّضت لكثير من المضايقات مع بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، بالإضافة إلى الاعتداءات المتكرّرة فى مختلف مناطق الضفة الغربية.

ولفت إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت شقيقته، ومكثت 12 يوماً فى الحجز، قبل أن يتم الإفراج عنها لاحقاً، وذكر أن شقيقه يحرص على أن يُظهر حبه لعائلته من خلال إهدائه بعض رواياته إليها.

وأوضح فى هذا الصدد: «فى رواية قناع بلون السماء، الإهداء كان لعمه وعمته، وإهداء خسوف بدر الدين لوالده الحاج صالح، وفى باقى الروايات لصديقه أحمد وإخوته».

وأضاف أن «باسم» كان عمره 20 عاماً، عندما اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلى، قبل أن ينهى دراسته الجامعية، وأمضى نصف عمره خلف قضبان سجون الاحتلال، إلا أنه لم يتوقف يوماً عن الكتابة لفلسطين: «كان دائماً يقول، قبل اعتقاله وأثناء دراسته، يجب أن يكون حب الوطن حباً وحشياً لا يرحم».

«أمانى»: الاحتلال حاول كسر أقلامه لتجريده من شريكه الوحيد

أمانى خندقجى، شقيقة «باسم»، تصف المعاناة والظروف القاسية التى مر بها أخوها حتى يطلق العنان لكلماته إلى خارج سجون الاحتلال الإسرائيلى، إذ تعرّض لمنعه من الكتابة أكثر من مرة، واعتاد جلادوه على مصادرة أدواته وكسر أقلامه، التى تُعد شريكه الوحيد خلف القضبان، ولكنهم لم يكسروا لديه الأمل فى استكمال رحلة الإبداع، والوصول بكتاباته إلى العالمية.

وتابعت «أمانى» بنبرة فخر لفوز أخيها بالجائزة من بين 133 مرشحاً، بقولها: إن «هذا الفوز الغالى لم يكن سهلاً أبداً».

وأضافت أن «باسم» تعرّض للتعذيب والإجراءات التعسّفية من قِبل الاحتلال، منذ معرفتهم بترشيح الرواية لجائزة «البوكر»، فأكثروا من ممارساتهم الوحشية والقمعية ضده، منذ وصول الخبر إليهم، وتم عزله انفرادياً لمدة 12 يوماً، وكبّلوا يديه وقدميه لمدة 12 ساعة يومياً، كما تعرّض لحملة تحريض على قتله من اليمين المتطرف الإسرائيلى، بقيادة وزير الأمن الداخلى، إيتمار بن غفير، معربة عن قلقها على أخيها، الذى يتعرّض للظلم كثيراً، بعد فوزه بجائزة بحجم «البوكر» العالمية.

أما خالد أديب خندقجى، عمّ الروائى «باسم»، فقال لـ«الوطن» لحظة سماعه خبر فوز ابن أخيه بجائزة «البوكر»، إنه شعر بالفخر لقُدرة باسم على الصبر، رغم كل القيود التى تمنعه عن ممارسة حياته بسهولة.

وأضاف أنه كان خارج فلسطين عندما علم بفوز ابن أخيه بالجائزة، لكنه شعر بفرحة الفوز، كأن «باسم» أصبح يتمتّع بالحرية فى سماء العالم، رغم القيد والحبس، وقال: «نُهدى هذا الإنجاز إلى أهالينا فى غزة من الشهداء والصابرين على مواجهة الظروف الصعبة».

وتحدّث «خالد» عن الليلة الأخيرة، التى التقى فيها «باسم» قبل 20 عاماً، والتى تم خلالها اعتقاله من داخل منزله، قائلاً: «فى ذلك الوقت، كان باسم يدرس فى الفرقة الثالثة للصحافة فى جامعة النجاح الوطنية فى نابلس، وحتى الآن لم يستطع رؤيته مرة أخرى».

وأشار إلى أن «باسم» هو أكبر أبناء أخيه، ومن أسوأ الفترات التى مرت بهم كعائلة، عندما توفى والده وهو أسير فى سجون الاحتلال، ولم تتح له الفرصة لوداعه الأخير.

وعلق تيمور خندقجى، ابن عم الأسير «باسم»، بقوله إن «خبر فوزه بجائزة البوكر جعلنا نشعر بأن باسم ما زال بيننا»، واصفاً لحظة علمه بفوز ابن عمه بالجائزة العالمية، بأنها «من أجمل اللحظات المؤثرة والمفعمة بالفرح والبهجة».

وتابع «تيمور» قائلاً لـ«الوطن»، إن والدة «باسم» علمت بخبر فوز ابنها بجائزة «البوكر»، وانفعلت تلقائياً بفرحة وسعادة، لتكون من أجمل اللحظات التى لا تُنسى، ولكن ينقصها شىء واحد، وهو رؤية ابنها «باسم» حراً خارج سجون الاحتلال.

وأضاف «تيمور» أن اختيار لجنة التحكيم لرواية ابن عمه للفوز بجائزة «البوكر»، من بين 133 مرشحاً آخرين، يعنى أن اللجنة استمتعت بكلمات «باسم»، التى كتبها خلف قضبان سجون الاحتلال، ووصف ابن عمه بأنه «الرجل الذى نفخر به، فقد صنع من قيود سجانيه وجلاديه قلماً، يكتب به كل معانى الحياة، وجسّد بكلماته جسراً للحرية رغم قيده».

وتابع أن «ثقة العائلة فى باسم كانت تُجبرنا على أن نشجعه على ما يفعله، أما بالنسبة لتوقعاتنا فكانت فى محلها، لأننا توقعنا أن يحصل على الكثير من الجوائز منذ عدة أعوام، أو أن أن ينال هذا العمل الرائع فى أدب السجون جائزة قيمة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل الأسرى الفلسطينيين الاحتلال الإسرائیلى فى سجون الاحتلال لـ الوطن إلى أن

إقرأ أيضاً:

بياستري يسعى لتعزيز فرصه في الفوز بجائزة المجر الكبرى

بودابست «أ.ف.ب»: يعود الأسترالي أوسكار بياستري إلى مسرح أول فوز له في سباق جائزة المجر الكبرى هذا الأسبوع، ساعيا إلى توسيع فارق النقاط في سباق اللقب على بطولة العالم للفورمولا واحد مع زميله في فريق ماكلارين البريطاني لاندو نوريس، ويتقدم السائق الأسترالي البالغ من العمر 24 عاما والذي حقق ستة انتصارات من 13 مرحلة حتى الآن هذا العام، بفارق 16 نقطة عن نوريس، لكنه يدرك جيدا المخاطر المحتملة التي تنتظره.

وقال بياستري: "أتطلع الى العودة إلى حيث حققت فوزي الأول، إنها مدينة رائعة وحلبة رائعة وعطلة نهاية أسبوع ممتعة، لذا ستكون تجربة رائعة، ولكن بمجرد دخولنا إلى السيارات والحلبة، سيُنسى كل ذلك".

وجاء فوزه العام الماضي بفضل أوامر الفريق، بعد أن انتزع الصدارة من نوريس الذي انطلق من المركز الأول، في البداية، تراجع خلال توقفات الصيانة، طلب فريق ماكلارين من نوريس إعادة مركزه إليه، مانحا إياه انتصاره الأول بطريقة جعلت البريطاني يشعر بالظلم.

هذه المرة، يسعى نوريس إلى ضمان فوزه لنفسه لتقليص فارق النقاط مع بياستري، وحل نوريس ثانيا في بلجيكا، حيث تجاوزه بياستري بعد انطلاقة متعثرة على حلبة جافة متأثرة بالأمطار، وكان أداؤه أقل ثباتا من سائق ملبورن المعتاد.

وتم تسليط الضوء على أخطائه الطفيفة، بينما نادرا ما يرتكب بياستري، المتزن، أخطاء، لا يستبعد حدوث سيناريو مماثل هذا الأسبوع مع سيطرة ماكلارين بعد تحقيقها 10 انتصارات واستهدافها فوزها رقم 200 قبل بدء عطلة الصيف في الفورمولا واحد.

بعد العواصف المطرية على حلبة سبا فرانكورشان عالية السرعة، تُمثل حلبة هنجارورينج، الواقعة على بعد 25 كلم شمال العاصمة، تحديا مختلفا تماما مع مسار متعرج وبطيء وآخر مستقيم يطلق عليه اسم "موناكو بلا حواجز".

كما تقدم الحلبة أجواء مختلفة تماما، حيث يتوقع أن تكون دافئة ومشمسة جدا، على الرغم من وجود تهديدات بالعواصف الرعدية، مما يجعلها تحديا فنيا ملتويا للفرق والسائقين.

انضم السباق إلى روزنامة بطولة العالم عام 1986 عندما كان السفر خلف الستار الحديد إلى أوروبا الشرقية لا يزال يعتبر مغامرة، ولكن أول سباق جائزة كبرى مجري أُقيم قبل 50 عاما في نيبليغيت، وهي حديقة في بودابست.

ويحتاج البريطاني لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مرات وسائق فيراري، بشدة إلى عطلة نهاية أسبوع جيدة مع منصة تتويج بعد "لحظة لا تُنسى" كما وصف تجربته البلجيكية، وهو الذي يحمل الرقم القياسي في الفوز على حلبة هنجارورينج في ثماني مرات، كما حقق الانطلاق من المركز الأول تسع مرات، وهو رقم قياسي أيضا.

قد تكون هذه فرصته لتأمين منصة التتويج الأولى مع فريقه الجديد فيراري وتخفيف بعض الضغط عن فريق مارانيلو.

لكن الحلبة تشتهر بالعديد من الانتصارات المفاجئة، وغالبًا ما تكون انتصارات أولى، ويتذكرها أيضًا بطل العالم مرتين الإسباني فرناندو ألونسو، سائق أستون مارتن الذي كان في الثانية والعشرين من عمره عندما أصبح أصغر سائق ينطلق من المركز الأول ويفوز بسباق جائزة كبرى عام 2003.

وتبع ذلك فوزه بلقب السائقين بعد عامين وأصبح أصغر بطل عالم في هذه الرياضة آنذاك، في حلبة حصد فيها البريطاني نايجل مانسل اللقب أيضا عام 1992، وسيكون سباق نهاية هذا الأسبوع هو الثاني والعشرون في المجر لألونسو، وهو رقم قياسي للسائق الاسباني.

سيخوض ماكس فيرستابن، بطل العالم أربع مرات، سباقه رقم 200 مع فريقه ريد بول. فاز الهولندي في عامي 2022 و2023، لكنه لم يعد يتمتع بتفوق على منافسيه.

مقالات مشابهة

  • عائلة كاملة بين ضحايا الإبادة المتوصلة في غزة.. القصف الوحشي لم يهدأ
  • موسكو ..فرض قيود على استقبال وإقلاع الطائرات بمطاري ساراتوف و تامبوف
  • ختام مسابقات الشطرنج في مونديال الرياضات الإلكترونية
  • بياستري يسعى لتعزيز فرصه في الفوز بجائزة المجر الكبرى
  • نجم ليفربول يفوز بمليون ين ياباني.. ما السبب؟
  • هدير عبدالرازق رد سجون..فجور وزواج عرفي وفيديوهات جنسية وعلقة موت
  • بسبب التعذيب.. استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال
  • احصائية رسمية: أكثر من 10,800 فلسطيني معتقل لدى العدو الصهيوني
  • هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين: أكثر من 10 آلاف معتقل في سجون الاحتلال
  • إبراهيم شعبان يكتب: مجاعة غزة وتسونامي الدولة الفلسطينية