الجزيرة:
2025-07-30@17:50:04 GMT

مَن احتلّ فلسطين؟

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

مَن احتلّ فلسطين؟

من احتل فلسطين؟ سيبدو هذا السؤال غريبًا بالنسبة لكم بلا شك، ربما لأن الإجابة في عقولنا حاضرة، وهي "إسرائيل" مباشرةً. ربما يمكنكم أيضًا إضافة الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل.

أنا أفكر في هذا الأمر بشكل مختلف قليلًا؛ دعوني أشرح لكم.

لماذا لا يتم إيقاف إسرائيل؟

جميعنا شاهدنا بِحَيرة عدم قدرة أي دولة على إيقاف إسرائيل عن ارتكابها أكبر المجازر في حق المدنيين في السنوات الأخيرة.

هل يمكن أن تكون إسرائيل قد أسرت الدول التي بإمكانها إيقاف هذه المجزرة؟ في الواقع، كانت هذه أيضًا قناعتي أثناء كتابة المقال. ومع ذلك؛ نقاشي مع المؤرخ والفيلسوف البروفيسور تحسين غورغون، غيَّر وجهة نظري بخصوص المسألة.

مثلًا؛ لنفترض أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كانت تقفت إلى جانب إسرائيل في مجلس الأمن، لماذا لا يمكن لروسيا والصين فعل أي شيء؟ على سبيل المثال، روسيا تسيطر على المجال الجوي في سوريا، ولكن تسمح لإسرائيل باستخدامه لقصف دمشق.

عندما أعيد صياغة السؤال، سنفكر بطريقة مختلفة: هل تريد الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إيقاف إسرائيل حقًا؟

أعتقد أن الإجابة لا. السبب يكمن في النظام الدولي الفاسد الذي يقوم على المصالح المتبادلة.

غزة ليست أول مثال على الإبادة الجماعية

هنالك ردود فعل واسعة على المستوى الدولي حول ما يحصل في غزة؛ لأن المجازر والإبادة الجماعية هنالك تُنقل على البثّ المباشر على مرأى من العالم كله، ولهذا السبب يتمّ إدانة إسرائيل.

روسيا قتلت المدنيين في أفغانستان، والشيشان، وجورجيا، وأخيرًا في أوكرانيا بشكل مماثل. وقتلت الولايات المتحدة مليون شخص في العراق، وأعادت أفغانستان إلى العصر الحجري، وكانت فرنسا مسؤولة عن مقتل 800 ألف شخص في رواندا، ومليون مسلم في الجزائر، دون أن يتدخل أحد لوقفها. وارتكبت بريطانيا جرائم ضد الإنسانية في آسيا وشرق أفريقيا، دون أن ينبس بها أحد، وأحدثت الصين دمارًا في الأرواح في تركستان الشرقية، وتحاصر تايلند. وفي خضم كل هذه الأحداث؛ ما الذي يفعله مجلس الأمن الدولي برأيكم؟ يبدو أن المبدأ الأساسي هو "لا تنتقد جرائمي، لن أنتقد جرائمك".

لا ينبغي أن يلقوا اللوم على إسرائيل وينجوا بجلودهم

لماذا يجب أن نولي هذا اهتمامًا؟

لأن المشكلة ليست مقتصرة على إسرائيل، بل تُرتكب جرائم كبيرة بالتعاون المشترك. فهناك نظام يعمل على تنفيذ الجرائم بالتعاون، ومركزُ هذا النظام هو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. إنه ركيزة النظام الظالم في العالم وطاولة اتخاذ القرارات بشأن جميع الحروب والاستغلال والظلم الذي يحدث في جميع أنحاء العالم.

هل تعتقد أن إسرائيل، في حال توقفت عن الاحتلال والهجمات في المنطقة، سيتراجع نفوذ وقوة الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وفرنسا في المنطقة أم سيزداد؟ سيتراجع. هل هذه الدول ترغب في ذلك؟ لا.

الاحتلال والإرهاب الإسرائيلي هما مصدر جميع المشاكل في الشرق الأوسط، والدول الكبرى تستفيد من هذه البيئة المتوترة.

إسرائيل وسيلة الأرباح الاقتصادية

تواصل إسرائيل احتلال فلسطين وشن هجمات على سوريا، ولبنان، وإيران، مما يزيد من التوتر في المنطقة. وترى الدول المجاورة هذا كتهديد، وتستمر في التسلح، وتشعر بضرورة تكوين تحالفات سياسية مع الدول الكبرى.

في عام 2023؛ قامت الولايات المتحدة بتصدير 40 بالمئة من إجمالي صادرات الأسلحة في العالم، تليها روسيا بنسبة 16 بالمئة، وفرنسا بنسبة 11 بالمئة، والصين بنسبة 5.2 بالمئة.

تحتل 9 دول عربية مراكز متقدمة بين أكبر دول العالم في استيراد الأسلحة، وتعتمد إيران، وسوريا والعراق، ولبنان، ومصر التي ترى هذا التسلح الإسرائيلي تهديدًا لها، على استيراد الأسلحة من روسيا، والصين.

هذا يؤدّي أيضًا إلى تأسيس قواعد عسكرية، وإبرام صفقات تجارية، وتشكيل تحالفات سياسية.

لنفترض أن الأزمة الإسرائيلية قد انتهت، فما هي الأسباب التي ستجعل الدول الكبرى تبيع الأسلحة، وتنشئ قواعد عسكرية، وتجلب سفنها الحربية إلى المياه المتوسطيَّة؟

إذا تخيلنا أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنفق ميزانياتها في التعليم والبنية التحتية والاقتصاد بدلًا من الصناعة العسكرية، فسيظهر مشهد جديد مغاير تمامًا. لكن للأسف، لا ترغب حكومات هذه الدول الإسلامية في ذلك.

لا بد من تغيير بنية مجلس الأمن الدولي

ما أود التأكيد عليه هو أن إسرائيل ليست سوى جزء من هذا الإجرام، فهي مجرمة ولكن لها شركاء في الجريمة، فالدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، شركاء في هذه الجريمة، ومن العوامل المؤسسة للنظام الفاسد في العالم.

وما لم يتغيّر هذا النظام، فإن الاستغلال والاحتلال والإبادة الجماعية ستظل مستمرةَ في جميع أنحاء العالم، من تركستان الشرقية إلى البوسنة، من فلسطين إلى الشيشان، من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى الجزائر.

يجب علينا الآن توجيه تركيزنا نحو هذا النظام الاستغلالي برمته، وجميع الأعضاء فيه. فلسطين أيقظت الوعي العالمي؛ حيث قام كل من يملك ضميرًا بالوقوف في مواجهة الظلم، وقام الشباب بالتمرد في الجامعات. ولكن يجب ألا ننسى هدفنا، وهو معاقبة كل المجرمين.

لا تنسَ أنَّ فلسطين قد تم استعمارها من قبل إسرائيل وخمس دول أخرى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

وزيرة الخارجية الفلسطينية: المؤتمر الدولي بنيويورك يناقش الاعتراف بدولة فلسطين

أكدت وزيرة الخارجية والمغتربين الفلسطينية فارسين أغابيكيان، أن أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حل الدولتين الذي يُعقد اليوم الإثنين، في نيويورك برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، سيناقش الاعتراف بدولة فلسطين، والمطلوب من الدول إجراءات عملية لتجسيد الدولة الفلسطينية.

وأضافت فارسين أغابيكيان، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية وفا أن المؤتمر الذي تستمر أعماله حتى 30 يوليو الجاري جرى تحضيره من خلال 8 لجان انبثقت عنه لصياغة مقترحات تفصيلية في مختلف الملفات، وهناك دولتان أو أكثر مسؤولة عن كل لجنة، وقد كان من المفترض عقده في يونيو الماضي، ويشارك فيه عدد كبير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية، وهيئات الأمم المتحدة المتخصصة، ومنظمات المجتمع المدني، ويمثل دولة فلسطين رئيس الوزراء محمد مصطفى.

وأوضحت أن المؤتمر يناقش ثلاثة مواضوعات هي: الاعتراف بدولة فلسطين، إذ أعلنت فرنسا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، وكذلك مالطا، ومن المحتمل أن تنضم إليهما دول أخرى، آملة أن يتحقق من خلاله عدد من الاعترافات بدولة فلسطين، كما يناقش ما هو مطلوب من الدول كإجراءات عملية لتجسيد الدولة الفلسطينية، ومسؤولية الدول الأوروبية والدول العربية في سبيل تجسيد الدولة، وبذلك تكون هناك رقابة على إيفاء الدول بما التزمت به، إلى جانب أنه ستقدم دولة فلسطين حزمة مشروعات من خلال وزارة التخطيط بالتنسيق مع الوزارات للحصول على التزام من الدول بتنفيذها.

اقرأ أيضاًالخارجية الفلسطينية: نقدر جهود مصر المثمرة لوقف جرائم الإبادة والتهجير وتأمين إدخال المساعدات

الخارجية الفلسطينية تدين «مجزرة المجوعين» في رفح.. وتطالب بوقف فوري للإبادة

الخارجية الفلسطينية: شق محور جديد بـ خان يونس يقطع أوصال القطاع ويعمق الكارثة الإنسانية

مقالات مشابهة

  • البركاني: العالم اليوم مضطربا ومختلا وما يجري في فلسطين واليمن نماذج لإستباحة الحقوق
  • دول جديدة بعد فرنسا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين
  • 15 دولة توجه نداءً لاعتراف جماعي بدولة فلسطين
  • الخارجية الفلسطينية: إعلان مؤتمر نيويورك لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بـ دولة فلسطين
  • عاجل | وزير خارجية فرنسا: 15 دولة توجه نداء جماعيا تعتزم فيه الاعتراف بدولة فلسطين وتدعو مزيدا من الدول للانضمام
  • «الخارجية» الفلسطينية: إعلان مؤتمر نيويورك لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بدولة فلسطين
  • رئيس لجنة تنسيق الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة: إسرائيل تتجاهل الأعراف الدولية
  • FT: العالم خذل الفلسطينيين وتجويع غزة وصمة عار
  • “أمين مجلس التعاون” يدعو جميع الدول إلى الانضمام لتحالف حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية: المؤتمر الدولي بنيويورك يناقش الاعتراف بدولة فلسطين