يتواصل في السعودية حتى السبت الرابع من مايو/أيار الجاري عرض "زرقاء اليمامة"، وهي "أول أوبرا سعودية والأكبر باللغة العربية".

العرض بدأ في مركز الملك فهد الثقافي بالعاصمة الرياض في 25 أبريل/نيسان الماضي، ويصدح فيه أوبراليون عالميون بالنص العربي "زرقاء اليمامة".

ويتغنى بعضهم للمرة الأولى بلغة الضاد، من خلال "أول أوبرا سعودية والأكبر باللغة العربية"، وهي من إنتاج هيئة المسرح والفنون الأدائية، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

والعرض عبارة عن لوحة فنية درامية، تستنطق التاريخ وتستعيد أحداثا في العصر الجاهلي (ما قبل الإسلام، أي ما قبل القرن السابع الميلادي)، لعنزة بنت لقمان بن عاد، وهي امرأة ذات عيون زرقاء جمعت حدة البصر والبصيرة، ولُقبت بـ"زرقاء اليمامة".

وعنزة امرأة حكيمة من قبيلة جديس، أنذرت قومها من غزو وشيك، لكنهم لم يصدقوها واتهموها بالخرف، فباغتهم الأعداء وقضوا عليهم، فباتت قصتها متوارثة يُضرب بها المثل.

تشويق وتراجيديا

وعرض "زرقاء اليمامة" من تأليف الشاعر والكاتب السعودي صالح زمانان، وتأليف الموسيقى للملحن الأسترالي لي برادشو، والمخرج هو السويسري الإيطالي دانييل فينزي باسكا.

ويؤدي المقطوعات الموسيقية أوركسترا دريسدن سينفونيكر والجوقة الفلهارمونية التشيكية، وأسهمت مصممة الأزياء جيوفانا بوزي وفريقها في تصميم أزياء تعكس روح الأوبرا والجماليات البصرية لعصر ما قبل الإسلام.

واستوحى لي برادشو المقطوعة الموسيقية من عناصر في الموسيقى العربية والتراث السعودي، إذ أمضى شهورا في المملكة للتعرف إلى تراثها الموسيقي.

وتزخر القصة بتشويق وتراجيديا، مما أعطى الكورال والأوركسترا مجالا واسعا لخطف اهتمام الجماهير الطامحة لعيش تجربة ثقافية مختلفة تجمع بين المأثور الراسخ والفن الشامخ.

تفاصيلٌ مُبهرة لقصةٍ خالدة ????????

لحجز التذاكر ????️ https://t.co/Wi2iLCYJkB#أوبرا_زرقاء_اليمامة#هيئة_المسرح_والفنون_الأدائية pic.twitter.com/W9wgzAAoBv

— هيئة المسرح والفنون الأدائية (@MOCPerformArt) April 30, 2024

وتؤدي الأوبرا أسماء عالمية بارزة منهم مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي، التي تعلمت العربية خصيصا لأداء دور "زرقاء اليمامة".

كما يشارك في العرض الفنانون أليكساندر ستيفانوفسكي، وأميليا وورزون، وسيرينا فارنوكيا، وباريد كاتالدو، وجورج فون بيرغن، والمواهب السعودية خيران الزهراني، وسوسن البهيتي، وريماز عقبي، والعشرات من المؤدين السعوديين.

ويبلغ عدد الممثلين الإضافيين في العمل نحو 100 وحوالي 12 طفلا، في حين يبلغ عدد عازفي الأوركسترا 62.

ومشيدة بـ"زرقاء اليمامة"، قالت سوسن البهيتي، لصحيفة "الوطن" السعودية الأربعاء، إن "الأوبرا منشأها إيطالي، فنجد محتوى كبيرا من الأوبرا باللغة الإيطالية، وكذلك الألمانية والفرنسية والروسية، وبفخر يمكننا القول اليوم باللغة العربية".

إقبال على الأوبرا

وعبر "زرقاء اليمامة"، تهدف هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية، وفق بيان سابق، إلى التعريف بالتراث الثقافي السعودي والعربي، وتوظف التراث الموسيقي والاستعراض لرفع إقبال الجمهور على فن الأوبرا.

كما تسعى إلى تعزيز الحراك الثقافي، وإبراز المواهب الوطنية، وتعزيز التبادل الثقافي الدولي، بوصفه أحد أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة.

وضمن قطاعات عديدة أخرى، تولي السعودية أهمية للثقافة والفنون، لتنويع وتوسيع مصادر الدخل، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، ضمن "رؤية المملكة 2030".

وحسب الرئيس التنفيذي للهيئة سلطان البازعي، في تصريح صحفي، فإن "زرقاء اليمامة" ثمرة عمل استمر سنوات، جرى فيها تطوير كل تفاصيله باهتمام بالغ.

وأضاف أن هذا العمل يجسد مأساة دامية، ويصور التاريخ القديم، ويرمز في الوقت نفسه لأحزان الإنسان المعاصر في العالم، دون أن يخلو من طيف الأمل، الذي يبشر بغد مزدهر.

وتنتشر دور الأوبرا في مدن عربية، منها القاهرة ودمشق ومسقط ودبي، وتبني السعودية حاليا دار أوبرا على أحدث طراز، في إطار إعادة تطوير منطقة الدرعية التاريخية المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة "اليونسكو".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات هیئة المسرح والفنون الأدائیة باللغة العربیة زرقاء الیمامة

إقرأ أيضاً:

جمال عاشور يكتب: من خشبة الأوبرا إلى قلب الناس

في لحظة فارقة من عمر الفن في مصر، قررت دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، أن تتحرك.. أن تخرج من عزلة القاعات المغلقة، وأن تواجه الحقيقة البسيطة: الجمهور لن يأتي إذا لم يشعر أن الفن يخصه.

المهرجان الصيفي لدار الأوبرا، الذي بدأ على المسرح المكشوف في القاهرة، وينتقل غدًا لأول مرة إلى استاد الإسكندرية، ليس مجرد حدث عابر، بل هو علامة تحول في وعي المؤسسة الثقافية الأولى في البلاد. أن تذهب الأوبرا إلى الناس لا أن تنتظرهم، أن تتقاطع مع حياتهم لا أن تظل مشروطة بالبطاقات والدعوات.

تغير المكان، وتغيرت الرؤية، يجعل الأوبرا لم تعد حكرًا على فئة، بل بدأت تقول صراحة: "كلنا جمهور، وكلنا معنيون بالجمال".

نقل الحفلات إلى استاد رياضي قد يبدو للبعض صادمًا، أو "أقل من مكانة الأوبرا"، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، الأوبرا لا تفقد قيمتها حين تقترب من الناس، بل تكسب حضورًا جديدًا وتأثيرًا أوسع، لا يليق بالفن أن يبقى مختبئًا خلف الستار، والفنان الحقيقي لا يخاف من اتساع المساحة، بل يحتضنها.

ليالٍ غنائية تشارك فيها أسماء محبوبة من جمهور واسع، مع تذاكر مخفضة، وتنظيم جيد، ومشاركة فنانين من أجيال مختلفة.. كل ذلك يقول شيئًا واحدًا: الثقافة حين تنزل إلى الشارع، تصبح حياة.

ما تحتاجه الأوبرا الآن هو ألا تكتفي بهذا المهرجان، بل أن تبني عليه، وتكرر التجربة في محافظات أخرى، وتعيد اكتشاف دورها الوطني لا كمكان للحفلات، بل كمنصة حية تُخاطب الناس بلغتهم، في أماكنهم، وبأحلامهم.

إن كنا نريد عودة الفن إلى موقعه الطبيعي في وجدان الناس، فلنبدأ من هنا: من المدرجات، من المسارح المفتوحة، من فكرة بسيطة تقول إن الفن لا يعيش في الأبراج، بل في الشوارع التي تمشي فيها الحياة.

طباعة شارك دار الأوبرا المصرية المهرجان الصيفي لدار الأوبرا استاد الإسكندرية

مقالات مشابهة

  • بني يونس يرعى حفل منتدى حلاوة الثقافي لتكريم حافظات القرآن .. صور
  • عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات «تراثك ميراثك»
  • وزارة السياحة ومصلحة الآثار تبحثان سبل حماية وصون التراث الثقافي
  • قرعة كأس الخليج للشباب.. السعودية وقطر في المجموعة الأولى
  • الهند تهدم منازل آلاف العائلات المسلمة الناطقة باللغة البنجالية
  • «الشارقة للتراث» يبحث سبل تعزيز صون الموروث الثقافي مع زنجباز
  • المهرجان الصيفي 2025
  • جمال عاشور يكتب: من خشبة الأوبرا إلى قلب الناس
  • المركز الثقافي في عجلتون نعى زياد الرحباني: أثره باقٍ فينا
  • بينهم أوبرا وينفري وبيونسيه.. ترامب: يجب محاكمة هاريس بتهمة دفع أموال لمشاهير مقابل تأييدها