ماذا يعني انحسار شهية الأجانب في أدوات الدين المصرية؟
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
شهدت شهية المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية تراجعًا ملحوظًا خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي. فقد سجل صافي مشتريات الأجانب من أذون وسندات الخزانة المصرية 99.7 مليار جنيه، أي ما يعادل ملياري دولار، مقابل 471.4 مليار جنيه، أي ما يعادل 9.8 مليار دولار، في مارس الماضي.
هل يعني هذا الانخفاض تراجعاً في شهية المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية؟ أم أنها مجرد استراحة بعد فترة نشاط مكثف؟ لكن لا يمكن تجاهل الأثر الذي قد يكون للظروف الاقتصادية العالمية والمحلية على اهتمام المستثمرين.
وفي هذا السياق، يثير توجه الحكومة المصرية مجدداً نحو استقطاب المال الساخن تساؤلات حول استراتيجيتها المالية، خاصة بعد تأكيدها على دراسة مخاطر المال الساخن قبل عامين. هل هذه الخطوة هي استجابة لظروف اقتصادية محلية صعبة أم هي جزء من استراتيجية جديدة لجذب الاستثمارات؟
دلالات تراجع شهية الأجانب
يُشير تراجع شهية الأجانب إلى انخفاض جاذبية السوق المصرية للاستثمار في أدوات الدين، مما قد يُؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض على الحكومة.
وقد يُعكس هذا التراجع مخاوف المستثمرين من مخاطر اقتصادية في مصر، مثل ارتفاع معدلات التضخم، أو انخفاض قيمة الجنيه المصري.
وبحسب خبراء ومراقبين قد يكون هذا التراجع ناتجًا عن تغييرات في سياسة الاستثمار لدى المستثمرين الأجانب، مثل تحويل الأموال إلى أسواق أخرى أكثر جاذبية.
يُعدّ ارتفاع معدلات التضخم في مصر التي يحاول البنك المركزي كبح جماحه بأسرع وتيرة ممكنة، أحد أهمّ العوامل التي تُثني المستثمرين عن الاستثمار في أدوات الدين، فإنّهم يُفضلون الحصول على عائد يفوق معدل التضخم.
ما هي تأثيرات هذا التراجع على الاقتصاد المصري؟
ورأى خبراء أن ارتفاع تكاليف الاقتراض: يُؤدي تراجع شهية الأجانب إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض على الحكومة، مما قد يُؤدي إلى زيادة العجز المالي.
ضغوط على الجنيه المصري: قد يُؤدي تراجع الاستثمارات الأجنبية إلى ضغوط على الجنيه المصري، مما قد يُؤدي إلى انخفاض قيمته.
تأثير على المشروعات: قد يُؤدي تراجع الاستثمارات إلى نقص في التمويل للمشروعات، مما قد يُؤثر سلبا على النمو الاقتصادي.
شهدت مصر منذ اتفاقية رأس الحكمة وتحرير سعر الصرف في آذار/ مارس الماضي تدفقا قويا لاستثمارات الأجانب فى الدين الحكومى بعد تأمين تدفقات نقدية بقيمة بأكثر من 50 مليار دولار من صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي وجهات أخرى داعمة.
"الحكومة لم تتعلم الدرس"
أعرب الباحث الاقتصادي، حافظ الصاوي، عن اعتقاده أن "تراجع شهية المستثمرين الأجانب يعود لاعتبارات استثمارية بحتة ويمكن اعتبرها مجرد استراحة بعد فترة نشاط مكثف، وجزء كبير منها كان دعم خارجي لزيادة التدفقات الدولارية، واستمرارها بكميات كبيرة يؤشر على استمرار أزمة شح العملة الصعبة وينذر بعودة مخاطر الخروج من السوق في أي وقت".
ورأى في حديثه لـ"عربي21": أن "مصر عادت مجددا لدائرة الأموال الساخنة، ولم تتعلم الدرس رغم مراجعتها الأخيرة لسياستها المالية في هذا الصدد، وشهد السوق المصري خروج الأموال الساخنة عدة مرات منذ ثورة يناير في 2011 وتكررت في أعوام 20118 و 2020، وآخرها كان في 2022 وكانت أكثرها تأثيرا حيث خرجت أموال للمستثمرين الأجانب العاملين في الدين الحكومي المصري بما يتراوح بين 18 و20 مليار دولار".
وحذر الصاوي من "العودة إلى الاعتماد على الأموال الساخنة وسياسة تدوير المال أو "تلبيس الطواقي" لأن هدفها الأساسي هو شراء أذون وسندات تخص الديون الحكومية، سعيا وراء سعر فائدة أعلى في سوق ما، دون غيره من الأسواق، لتستفيد من فرق سعر الفائدة، وعادة ما تتسم بسرعة الدخول والخروج من الأسواق، وهو ما يحدث حالة من الإرباك، وخاصة عند خروجها، لما تحدثه من ضغط على الطلب على النقد الأجنبي".
انحسار الشهية وإعادة التقييم
أرجع الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، تراجع حجم الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين إلى "استفادة المستثمرين من الشغف الكبير للحكومة المصرية في استعادة المستثمرين الأجانب وتحرير سعر الصرف بما يقارب 50 جنيها لكل دولار، ومنح عائد تجاوز 32% ولذلك اشتروا بكميات كبيرة خلال شهر مارس الماضي للاستفادة من تلك المزايا، ولا يزال هناك تخوف لدى المستثمرين في العودة إلى البورصة المصرية إلى حين استقرار الأوضاع".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "إلا أن تراجع العائد إلى نحو 26% واستمرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار حول 48 جنيها جعل جزء كبير من المستثمرين غير راض بالأرقام الجديدة؛ لأنهم كانوا يعولون على فائدة أعلى وتحرك سعر الصرف للاستفادة من فرق التحويل لكن الجنيه ظل ثابتا حول الرقم الذي أشرنا إليه، وبالتالي فإن المستثمرين في مرحلة تقييم الوضع ليس من ناحية العائد والمخاطر معا".
ورأى الولي أن "تراجع الأموال الساخنة ليس مؤشرا إيجابيا على زيادة التدفقات الدولارية إلى مصر لأنها لا تزال بحاجة إلى المزيد منها والدليل على ذلك إعادة مبادرة تسوية موقف المغتربين من التجنيد ورفعها بنسبة 40% ومد فترة تحصيل تحويلات المصريين في مبادرة سيارات المغتربين، واستمرار عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك بالسالب، ولم توفر البنوك العملة لكل قطاعات المستوردين، وفي النهاية لا يمكن أن نحكم على أي استقرار مالي بعد مرور شهرين من بدء الانفراجة وفي ظل عدم توفر بيانات مالية حديثة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية الجنيه مصر السيسي الجنيه المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المستثمرین الأجانب الأموال الساخنة مما قد ی قد ی ؤدی
إقرأ أيضاً:
معلومات تكشف تفاصيل ’’خيانة’’ أَجهضت قبل أن تتحرك
في ظل معركة مصيرية يخوضها الشعب اليمني للعام الحادي عشر في وجه العدوان الخارجي، يتجدد الخطر الداخلي المتمثل في القوى السياسية المرتهنة للخارج، التي ما تزال تلعب دورًا تخريبيًا خطيرًا، في محاولة يائسة منها لتفكيك الجبهة الوطنية وزعزعة الأمن والاستقرار من الداخل.يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
يكشف هذا التقرير أبعاد تلك التحركات التخريبية، المدعومة من دول العدوان، وفي مقدمتها الإمارات، التي كثفت مؤخراً جهودها لتحريك مواقف مناهضة من قيادات حزبية في الداخل، في المؤتمر الشعبي العام، كما يسلط التقرير الضوء على محاولات إثارة الفتن من قبل المرتزقة والعملاء، عبر أدوات إعلامية واستخباراتية وتحريضية.
وفي المقابل، يعرض التقرير كيف نجحت الأجهزة الأمنية، في التصدي لتلك المؤامرات بحكمة واقتدار، مستفيدة من الوعي الشعبي المتقدم الذي كان صخرة تحطمت عليها مشاريع الاختراق والانقسام.
القوى السياسية المرتهنة للخارج .. أدوات لتمزيق الداخل
تحولت بعض القوى السياسية ، التي كانت يومًا تُحسب على المشهد السياسي، إلى أذرع لأجهزة استخبارات دولية، تعمل وفق أجندات مرسومة في الرياض وأبو ظبي وواشنطن، هذه الأحزاب لا تمارس السياسة، بل تنفذ مشاريع تخريب ممنهجة تهدف إلى ضرب وحدة الصف الوطني، والتشكيك في مؤسسات الدولة، وإثارة الفوضى في المناطق الآمنة، ومحاولة افتعال أزمات اقتصادية وإعلامية لتأليب الشارع، وبث خطاب مناطقي وطائفي لإعادة إنتاج التقسيم، وكذلك دعم تحركات احتجاجية مشبوهة بتمويل خارجي.
ورغم انكشاف دورها، تواصل هذه الأطراف العمل تحت عناوين العمل السياسي، بينما هي في حقيقتها واجهات مرتزقة تعمل على تفكيك اليمن من الداخل.
الدور الإماراتي في استمالة فصيل من المؤتمر الشعبي العام في الداخل
كثّفت الإمارات خلال الفترة الأخيرة محاولاتها لاختراق فصيل من المؤتمر الشعبي العام في الداخل اليمني، وتشير تقارير سياسية إلى أن أبو ظبي عرضت إغراءات مالية ضخمة، وأعطت وعود بدعم سياسي وإعلامي مقابل مواقف ناعمة تجاه العدوان، لكنها لم تستطع تحقيق شيء نتيجة الموقف الشعبي الواعي لكل المؤامرات والالتزام بخيار الصمود والاصطفاف مع الوطن في معركة التحرر والاستقلال.
هذا الفشل الإماراتي كشف عجز أدوات العدوان عن فهم تعقيدات الداخل اليمني، واستخفافهم بصلابة القوى الوطنية التي أصبحت أكثر تحصينًا ووعيًا بعد سنوات المواجهة.
تحذير السيد القائد للمرتزقة والعملاء
في خطاب وطني قوي وواضح، أطلق السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) تحذيرًا صريحًا للمرتزقة والعملاء في الداخل والخارج، مشددًا على أن أي تورط في مساعدة العدو بأي شكلٍ من الأشكال يُعد خيانة صريحة، وأن الشعب اليمني لن يتسامح مع من يبيعون وطنهم أو يعملون كأدوات بيد المعتدين، مخاطباً كل من تسول له نفسه الوقوف مع العدو الإسرائيلي من كل أدوات الخيانة والغدر والإجرام، بأن موقف الشعب سيكون حازما مع أدوات الخيانة والغدر.
هذا التحذير لم يكن مجرد موقف عابر، بل جاء في سياق تصاعد التحركات المشبوهة المرتبطة بالعدو، التي حاولت استغلال مناخ الصمود لإشعال الفتنة أو التسلل مجددًا إلى المشهد السياسي من بوابة المعارضة الداخلية الموجّهة خارجيًا.
هذا التحذير مثّل فاصلًا سياسيًا وأمنيًا واضحًا، يضع الخطوط الحمراء أمام أي جهة تفكر في الانحراف عن مسار الصمود الوطني، ويؤكد أن اليمن في مرحلة لا تحتمل المساومة على الكرامة والسيادة.
تأييد شعبي واسع .. وتفويض للقيادة
لاقى هذا الموقف تأييدًا شعبيًا واسعًا في مختلف المحافظات اليمنية، حيث عبّر الشعب اليمني في كل المحافظات الحرة عن دعمه الكامل لهذا التوجه، موجهين التحذير لكل من تسول له نفسه من أدوات الخيانة لإثارة الفوضى والفتنة لإضعاف مواقفه المبدئية والجهادية في مواجهة العدو الأمريكي والإسرائيلي والإسناد للشعب الفلسطيني وأكدت أن الخونة يجب أن يُحاسبوا مهما كانت أسماؤهم أو خلفياتهم، وأن القيادة مخوّلة باتخاذ القرار المناسب في حماية البلاد من أي اختراق داخلي، مؤكدين أن مرحلة المجاملة قد انتهت، وحان وقت الحسم مع من يقفون في صف المعتدي، هذا التفويض الشعبي يعكس التحامًا قويًا بين القيادة والشعب، ويثبت أن اليمن ليس فقط صامدًا أمام العدوان الخارجي، بل محصن داخليًا من أي اختراق أو ارتداد، مهما كانت أدواته أو شعاراته.
الدور الأمني الواعي
لعبت الأجهزة الأمنية دورًا محوريًا في إحباط كل المؤامرات الداخلية، متسلحة بالجاهزية الميدانية العالية، والرصد الدقيق لتحركات المرتزقة والعملاء، وتولي زمام المبادرة في التفكيك السريع للخلايا التخريبية.
وقد جاء هذا الأداء الأمني ثمرة مباشرة لتوجيهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، الذي شدد في خطاباته على ضرورة حماية الجبهة الداخلية وحمايتها من الاختراق، وتعزيز وعي المواطن بخطورة الحرب الناعمة، وكذلك مواجهة الحملات الإعلامية بالحقيقة والوعي والتماسك.
وكانت النتيجة واضحة حيث انكشفت مخططات الخارج، وعودة الرهان الشعبي على الدولة والمؤسسة الأمنية كصمام أمان للجبهة الداخلية.
خاتمة:
ما يجري اليوم في اليمن هو صراع بين مشروعين، مشروع وطني تحرري مستقل تقوده قيادة حكيمة، وشعبٌ واعٍ يلتف حولها؛ ومشروع استعماري يحاول تفكيك الداخل بأدوات سياسية مأجورة وأحزاب مرتهنة.
ومع كل فشل جديد يسجله العدوان، يتأكد أن رهان الخارج على المرتزقة قد انتهى، وأن رهان الداخل على وعيه وأمنه وقيادته بات أكثر رسوخًا، ومن هنا، فإن الشعب اليمني ماضٍ بثقة في طريق التحرر الكامل من التبعية والهيمنة، مهما اشتدت المؤامرات وتنوعت أدواتها.