قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، إن التعليم المعاصر منارة تُضيءُ طريقَ الأجيال نحو المستقبل، فهو ليس مجردَ مناهجَ دراسيةٍ واستذكار للمعرفة، بل هو تجربة شاملة تشمل تنمية الشخصية وصقل العقل وتحفيز الإبداع.

وأشارت الصعيدي ـ خلال كلمتها بالمؤتمر الدولي للتعليم المعاصر في العالم الإسلامي، بعنوان: « التعليم المعاصر أساس التنمية المستدامة في العالم الإسلامي» الذي تنظمه جامعة السلطان أحمد شاه الإسلامية ببهانج- ماليزيا ـ إلى أهمية التعليم الذي يعتمد على أساليب حديثة تتسم بالدينامية والتفاعل، ويسعى إلى تخريج جيل من الشباب المتميز، المتسلح بالمهارات اللازمة لمواكبة تطلعات العصر ومواجهة التحديات بثقة وإيجابية، ويشجع على التفكير النقدي، والإبداع العقلي، ويحفز على بناء مجتمعات مزدهرة تعتمد على العلم والمعرفة.


وقالت " إن رحلة العلم والمعرفة رحلة ممتعة ومثيرة تتخللها تجارب تعليميةٌ مفيدة وتحدياتٌ تُشكِّل أساس بناء الذات وتحقيق الأحلام، تمتزج فيها متعة الاكتشاف والإنجاز ، ونستطيع توظيف التعليم المعاصر في إبراز التراث الإسلامي وتفعيله ، ذلك التراث الذي يحمل الفكر المنهجي السليم القادر على إعادة صياغة الخطاب الإسلامي صياغة هادية هادفة راشدة قادرة على استيعاب التنوع والتعدد الإنساني".
وأضافت " إن الخطاب الإسلامي القادر على تجاوز ثنائيات الصراع التي أفرزتها الحضارة المعاصرة ومنطلقاتُها الفكريةُ القادر على الوصول إلى كل العقول وكل القلوب، لا يقف حاجزٌا دونَه لأنه قادرٌ على استيعاب كل الحضارات وكل الثقافات ، بل وكل طبائع البشر المتنوعة".
وأكدت مستشار شيخ الأزهر أنه في ظل التحديات التي تواجه تراثَنا الإسلاميَّ يجب التنبيه على خطورة تناسي سُلَّمِ الأولويات في حياة الأمة، والابتعاد عن همومها، والإنغماس في تجريدات فكرية ذهنية تأمُّلية تؤدي إلى الانصراف عن الواقع والانفصال عن الأمة روحًا وجسدًا؛ مؤكدةً أنه لا بُدَّ من العمل الجاد والدؤوب لاستثمار التعليم المعاصر بوصفه وسيلةً أساسيةً لإبراز التراث الإسلامي وتفعيله ونقله إلى الأجيال الجديدة بأسلوب يتناغم مع روح العصر، لينعكس تفاعلُ الحاضر مع الماضي، وتتجسدَ رُوحُ التجديد والحركة التي تميز الحضارة الإسلامية عبر العصور.
وأوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي أن «التراث الإسلامي» ليس مجرد موسوعة من المعرفة والحكمة، بل هو تراث مصدره الكتاب والسنة، وهما المصدران الأساسيان للفكر والثقافة والمعرفة والحضارة، كما أنه إرثٌ تركه السابقون لتستنير به الأجيال القادمة ويمدَّها بغنى الفكر والثقافة، مشيرةً أن التراث يحمل في طياته عمق فكر تمتد جذوره إلى أصول الإسلام النقية والقيم الإنسانية السامية؛ فهو يعكس تفرد الهوية الإسلامية ويُجسِّد تطلعات المسلمين نحو بناء مجتمعات مزدهرة مبنية على أسس العدل والمساواة والتعاون.
ولفتت إلى أن «التراث الإسلامي» تكمن أهميته في قدرته على توحيد الأمة الإسلامية وتعزيز الانتماء لهويتها الثقافية والدينية، كما أنه يُسهم في تعزيز التواصل الحضاري بين الشعوب والثقافات المختلفة، ويعزز من التفاهم والتسامح بين المجتمعات المتعددة، كما أنه يجسد روح الإبداع والتميز، ويعكس تفوق العقل والروح في سبيل بناء عالمٍ أفضل يسوده السلام والتعايش السلمي بين البشر.
 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التراث الإسلامی

إقرأ أيضاً:

“من الحرية إلى الإعمار”.. ندوة علمية لجامعتي دمشق وغازي عينتاب ‏الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا

دمشق-سانا

نظمت جامعتا دمشق وغازي عينتاب الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا، ندوة علمية تحت عنوان ‏”من الحرية إلى الإعمار: الإمكانيات والتحديات” في ‏إطار تعزيز التعاون الأكاديمي والعلمي بين الجامعات السورية والدولية، ‏وذلك في مركز رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.

وتركزت محاور الندوة على ثلاثة محاور هي: “المعرفة والإرث الثقافي في ‏مسار الإعمار” و”السياسات التعليمية ما بعد الحرب .. الأولويات والتحديات ‏في عملية إعادة البناء” و”أهمية الكفاءات البشرية في مستقبل سوريا”.

وفي الجلسة الافتتاحية التي ترأسها معاون وزير التعليم العالي لشؤون البحث ‏العلمي الدكتور غيث ورقوزق، بحضور رئيس جامعة ‏دمشق الدكتور ‏محمد ‏أسامة الجبان، ومدير العلاقات الدولية والثقافية ‏بالجامعة الدكتور بشار ‏دحدل، شدد الدكتور عيسى العسافين أستاذ علم المعلومات في جامعة دمشق ‏ورئيس جمعية المكتبات والوثائق السورية، على أن “إعادة الإعمار تبدأ بإعادة ‏بناء الإنسان”، مؤكدًا أهمية التراث والمعرفة كثنائية أساسية في عملية ‏النهوض، وأن مخرجات البحث العلمي ومراكز التطوير هي العماد الحقيقي ‏لأي مشروع تنموي.

من جانبه، تحدث الدكتور محمد حسان إدلبي، ممثل مركز تنمية سوريا ‏والمتخصص في بناء المؤسسات والقدرات المؤسسية، عن معوقات تنمية ‏الموارد البشرية في قطاع التعليم العالي، داعيًا إلى تحويل هذه التحديات إلى ‏فرص، وتفعيل دور الخبرات السورية في الخارج للمساهمة في بناء نموذج ‏تنموي محلي وأخلاقي يخدم المجتمع السوري.

كما أشار الدكتور فيصل الحفيان، الأستاذ في جامعة غازي عينتاب التركية، ‏إلى أن الغرض من الندوة إثارة قضية التعمير والعمران وأهمية السياسات ‏التعليمية في مرحلة ما بعد التحرير، وضرورة تطوير الفكر والوعي نحو ‏استعادة مستدامة للمشروع الحضاري العربي الإسلامي.

وفي الجلسة الثانية، أشار رئيس جامعة غازي عينتاب الدكتور شيخموس ‏ديمير، إلى أن هذا اللقاء يمثل انطلاقة جديدة في مسار التعاون بين تركيا ‏وسوريا، مشدداً على أن العلاقة بين البلدين تقوم على وحدة الدم والثقافة.

وأوضح، أن إعادة بناء سوريا مسؤولية مشتركة تتطلب تعاونًا حقيقيًا بين ‏المؤسسات التعليمية والثقافية، لافتاً إلى أن التعليم هو مفتاح التغيير وصناعة ‏المستقبل.

وبيّن ديمير أن التعاون بين جامعة غازي عينتاب وجامعة دمشق، يهدف إلى ‏خلق فضاء علمي مشترك يسهم في تجديد روح الأمة، وأن هذه الندوة هي لتعزيز التعليم وتوسيع الشراكات بما يعود بالنفع على الشعبين.

وتضمنت الندوة مداخلات عديدة قدمها أكاديميون سوريون، منهم الدكتور عماد ‏الدين عضو الهيئة التدريسية في كلية الشريعة بجامعة دمشق، والذي تناول ‏ارتباط الهوية بالسياسات التعليمية، وأهمية ترسيخ التعليم على أسس الكرامة ‏والمعرفة المستقلة.

كما ركزت المداخلات على أن التعليم يمثل الركيزة الأولى في انطلاق عملية ‏إعادة الإعمار، يليه قطاعا العدل والقضاء، ثم توفير الطاقة بتكلفة منخفضة، ‏لما لها من دور أساسي في مرحلة الإدارة الاقتصادية وجذب الاستثمارات.

وفي مداخلات أخرى شدد الحضور على أهمية ضمان حقوق العاملين لبناء ‏اقتصاد حر وسليم، مؤكدين ضرورة تعزيز الفكر المستقل والاستفادة من ‏التراث المادي، إلى جانب إدارة المعرفة عبر آليات فعالة تضمن استدامة ‏التنمية.

وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة فعاليات تهدف إلى بناء شراكات استراتيجية ‏في المجال الأكاديمي والعلمي، وتعد خطوة مهمة في سبيل تعزيز جهود ‏الإعمار من خلال التعاون المعرفي والثقافي بين الجامعات والمؤسسات ‏البحثية في سوريا وتركيا.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • البحوث الإسلامية: الإسلام سبق إلى ترسيخ العلاقة الأخلاقية بين الإنسان والبيئة
  • جولة تفقدية لمستشار رئيس الجمهورية لإدارة مواقع التراث العالمي في مارمينا
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين عن الخدمات المقدمة: ترسّخ مكانة المملكة المرموقة منارةً للإسلام وقلبًا نابضًا للأمة الإسلامية
  • “من الحرية إلى الإعمار”.. ندوة علمية لجامعتي دمشق وغازي عينتاب ‏الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا
  • «أمين البحوث الإسلامية» يتابع جهود وعَّاظ الأزهر في توعية الحُجَّاج بمطار القاهرة
  • طحنون بن زايد يبحث مع مؤسس بلومبيرغ إمكانات الذكاء الاصطناعي في بناء مؤسسات المستقبل
  • أمين البحوث الإسلامية يتابع جهود وعَّاظ الأزهر وواعظاته في توعية الحُجَّاج بمطار القاهرة
  • وزيرة التنمية المحلية: بناء اقتصاد تنافسي يعتمد على الابتكار والمعرفة
  • البحوث الإسلامية يوجّه قافلة للواحات البحرية لتعزيز الوعي الديني والأخلاقي
  • «البحوث الإسلامية» يوجّه قافلة للواحات البحرية بالجيزة لتعزيز الوعي الديني والأخلاقي