مع احتفالات الدولة المصرية بالذكرى السنوية لعيد العمال والذي يتوافق مع الاول من مايو من كل عام، تأتي الدولة بطرح استشرافي جديد ليؤكد الرؤية المستقبلية للدولة المصرية والتي تسعى لتأسيس وتنشئة أجيال جديدة قادرة على مواكبة التقدم العلمي والتقني عبر التطبيقات الحديثة لتكنولوجيا المستقبل والتي تمثل تغيرا هائلا في الفكر العمالي والذي ظل يعتمد لفترات طويلة على الاعمال اليدوية والحرفية التقليدية حتى داهمنا التطور التقني والتحولات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي مما كان لزاما على الإدارة المصرية من التفاعل معه عبر العديد من الرؤى المستقبلية الفاعلة.
ولعل اهتمام القيادة السياسية المصرية بالتحول والتوسع في المجال الصناعي مع التركيز على زيادة المكون المحلي في الصناعات المصرية والذي تجاوز نسبة 70% وهو ما يمثل بوادر إيجابية لدخول الدولة عصر الصناعات المتقدمة مع تأكيد الرئيس السيسي لمسألة ضرورة الترابط بين التعليم التقني وسوق العمل وهو ما يطرح توجها حديثا للدولة في التركيز على التعليم الرقمي ومقررات التكنولوجيا والتي صارت نهجا أساسيا في أدبيات التعليم في كافة الدول المتقدمة.
وفي هذا الإطار طرحت الدولة المصرية مبادرة رائدة للتعلم التكنولوجي الحديث وهى مبادرة أبدأ والتي تتسم بالتفاعل مع مخرجات سوق العمل وتنشئة الطلاب على العلوم الصناعية التكنولوجية والتقنية من خلال المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية والتي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال "الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة" في 29 أكتوبر 2022، كمبادرة تعمل بشكل أساسي على دعم وتعميق الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في توطين التنمية والابتكار بقطاع الصناعة لبناء اقتصاد متنوع وقادر على المنافسة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030.
ولا شك أن هذه المبادرة انما تنطلق من رؤى القيادة السياسية لتفعيل ودعم الصناعة المصرية من خلال تقديم الدعم لأصحاب المصانع لتذليل كافة العقبات، مثل تسهيل الإجراءات وتقنين الأوضاع، بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة والمعنية بحل المشكلات، لمعاودة الإنتاج في حالة المصانع المخالفة أو المتعثرة، أو التوسع في حالة المستثمرين. وهو الامر الذي يرتبط مباشرة بتطوير العنصر البشري من خلال تنفيذ استراتيجية لتحسين الصورة الذهنية وتغيير النظرة المجتمعية النمطية تجاه التعليم الفني والعمالة الفنية، بالتعاون والتكامل مع كافة المؤسسات المعنية بالتعليم الفني والتدريب المهني لتحقيق الاستدامة من خلال تطوير مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني التابعة للدولة واعتمادها طبقًا للمعايير الدولية. وهو ما يعني أهمية تضافر الجهود بين وزارات التعليم والشئون الاجتماعية والقوى العاملة من خلال وضع استراتيجية تكاملية لمخرجات سوق العمل التقنية وفقا للمبادرة.
جملة القول، إن مبادرة أبدأ هي مبادرة تفاعلية تهدف في مقامها النهائي إلى تطوير القطاع الصناعي المصري من خلال تدشين تعليم فني تقني حديث مع الربط بمخرجات سوق العمل الى جانب السعي نحو تمكين القطاع الخاص بالتكامل مع جهود الدولة لخلق كيانات اقتصادية قوية قادرة على المنافسة عالميًا. وهو بالطبع ما يسهم في تحقيق رؤية مصر المستقبلية في قطاع الصناعة من خلال التوسع في الصناعات الحديثة، وتعزيز شعار "صنع في مصر". وهو ما تهدفه القيادة السياسية من هذه المبادرة الهامة لمستقبل مصر.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
غرفة تجارة وصناعة عُمان.. 50 عامًا من الإنجاز والتطور
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
تُعدُّ غرفة تجارة وصناعة عُمان من أبرز المؤسسات الاقتصادية في سلطنة عُمان؛ حيث شهدتْ 50 عامًا من النمو والتطور المستمر، ورغم التحديات الكثيرة التي مر بها الاقتصاد وتأثَّر فيها القطاع الخاص، إلّا أنَّ هناك الكثير من الإنجازات التي مرَّت بها الغرفة خلال هذه الفترة الزمنية المهمة؛ فهناك 50 عامًا من تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية، فقد أدَّت غرفة تجارة وصناعة عُمان دورًا حيويًّا في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية على المستوى المحلي والدولي؛ من خلال الزيارات المتبادلة مع الغرف التجارية وتنظيم الفعاليات والمعارض التجارية والمؤتمرات.
واستمرَّ تطوُّر دور الغرفة بجميع دوائرها بدعم روح ريادة الأعمال بتشجيع الشباب العُماني على الابتكار وبناء الشركات الناشئة؛ من خلال تقديم الدعم والموارد اللازمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ومن الأدوار الأخرى التي لعبت فيها الغرفة دورًا كبيرًا؛ هي: تطوير البنية الأساسية الاقتصادية؛ وذلك بالمساهمة مع الجهات الحكومية في تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن جانب آخر، فإنَّ تعزيز التعليم والتدريب كان هاجسًا ولا يزال لتطوير ودعم المؤسسات المتوسطه والصغيرة ورواد الأعمال؛ حيث نظَّمت الغرفة برامج تدريبية وتعليمية لتطوير مهارات العمالة المحلية، وتعزيز قدراتها لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
ومن الأدوار الرئيسية التي لعبتها الغرفة، ولا تزال تضعها أولوية، هي الدفاع عن مصالح الأعمال؛ فقد شهدت الغرفة تطورًا في دورها في الدفاع عن مصالح الشركات والمؤسسات الاقتصادية؛ سواءً على المستوى الوطني أو الدولي؛ من خلال التعاون مع الحكومة في وضع السياسات واللوائح التي تدعم القطاع التجاري والصناعي، وكذلك بحث وتقديم الحلول لها في الأزمات الاقتصادية، وعلى المستوى الخارجي بتعزيز التجارة الخارجية وتقديم الدعم للشركات العُمانية لتوسيع نطاق عملها على المستوى الدولي.
ومن التحديات المستقبلية التي نتوقَّعها، وقد حرصت الغرفة على تبني السيطرة عليها، والحد من آثارها؛ هي: التكنولوجيا والابتكار؛ فمع التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا، يجب على الغرفة مواكبة هذه التغييرات، وتقديم الدعم للشركات للاستفادة من الابتكارات الجديدة مع توجه البلاد إلى التنمية المستدامة، ووجود العديد من التحديات البيئية والاقتصادية؛ فتقوم الغرفة على العمل مع الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز النمو الاقتصادي بشكل مستدام ومسؤول.
وذلك لن يتأتَّى إلا بتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد من أجل بيئة أعمال صحية ومزدهرة، وستظل غرفة تجارة وصناعة عُمان عاملاً رئيسيًّا في تعزيز النمو الاقتصادي وتطوير الأعمال في السلطنة، ومع الاستمرار في التعاون والابتكار، فإنها ستستمر في الإسهام في تحقيق التقدم والازدهار على المستوى الوطني والدولي.