أزمات عدن.. دلالات عودة التوافق بين الحوثيين والإصلاح الإخواني
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد الخسائر الأخيرة التي مني بها حزب التجمع اليمني للإصلاح (ذراع الإخوان في اليمن) خلال السنوات القليلة الماضية على يد قوات العمالقة الجنوبية في عدد من المحافظات الجنوبية، التي كشفت فساد عناصر الحزب الإخواني ومساعيها للسيطرة على ثروات ومقدرات اليمن خاصة المحافظات الاستراتيجية الغنية بالموارد النفطية كـ"شبوة وحضرموت"، وفي ضوء لك اتجه الحزب الإخواني بشكل علني للتوافق مع الميليشيا الحوثية بذريعة التعاون لحل أزمة الكهرباء التي يعاني منها المواطنيين في العاصمة المؤقتة عدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
توافق حوثي إخواني
وهذا التوافق كشفه نائب وزير الخارجية الحوثي «حسين العزي» في 15 مايو 2024، مشيرًا إلى أن صنعاء أبرمت ما أسماه بـ"توافق أخوي" مع حزب الإصلاح اليمني في مأرب حول فتح الطرق وعن دعم صنعاء مبادرة بشأن كهرباء عدن، زاعما أن صنعاء لم تتردد في دعم فكرة تزويد كهرباء عدن بحاجتها من نفط مأرب، ومضيفاً بأن صنعاء ستبقى تدعم كل جهد يشاطرها الانتماء للبلاد ولديها من الروح الخلاقة ما يكفي لرأب الصدع وتمتين الجبهة اليمنية.
وبناءً عليه، فإن هذا التوافق له وجهتين، الأولى بالنسبة للحوثيين فهم يحاولون الادعاء بأن زعيمهم «عبدالملك الحوثي» وحكومته حريصين على تعزيز التعاون مع أي جهة في الأراضي اليمنية من أجل تخفيف معاناة المواطنين وتحقيق السلام الاجتماعي ورفع المعاناة عن كاهل أبناء اليمن، وتحقيق المصالح العليا للشعب اليمني.
مساعي إخوانية
وبالنسبة للحزب الإخواني، فإن اقترابه من الميليشيا الحوثية يأتي دوماً في اوقات معينة يحاول من خلالها إثبات حضوره ووجوده على المشهد اليمني في محاولة لحشد أية مكاسب، وهذه المرة تأتي محاولات الحزب الإخواني بالتزامن مع حراك إقليمي ودولي للدفع نحو عملية سلام شامل في اليمن، وإعادة مفاوضات خارطة الطريق الأممية التي توقفت جراء أحداث التصعيد في البحر الأحمر، وعليه يسعى الحزب لتسويق نفسه كدولة خصوصاً بعد صعود حلفائه جماعة الحوثي الانقلابية وتنظيم القاعدة الإرهابي، وفي الوقت ذاته، فإن الإخوان في اليمن يتخوفون من القضاء عليهم خاصة في حال نجحت المفاوضات السعودية الحوثية برعاية الأمم المتحدة في التوصل لحل بشأن الأزمة اليمنية التي دخلت عامها العاشر.
عملة واحدة
وحول دلالات إعلان الحوثيين التوافق مع حزب الإصلاح الإخواني وتشكيل جبهة موحدة لحل أزمات اليمن، يقول الدكتور «محمود الطاهر» الباحث السياسي اليمني، أن الإخوان والحوثيين وجهان لعملة واحدة يتاجرون بالإسلام والوطنية للوصول إلى أهدافهم، أو لكسب تأييد شعبي، وتصريحاتهم تنم على حقدهم على التكتل الموجود الان المتمثل بمجلس القيادة الرئاسي.
ولفت «الطاهر» في تصريح خاص لـ «البوابة نيوز» أن هذا الإعلان قد لا يجد صدى من أحد خاصة الحكومة الشرعية، نظراً لأن الإخوان معروفين بخداعهم، وسبق وتسلموا السلطة عام 2012، ولكنهم لم يستطيعوا نقل اليمن إلى بر الأمان بل أدخلوا الحوثي وهادنوا، وحتى عندما كان هناك تحالفًا عربيا للقضاء على الحوثي، كان الإخوان يبيعون لهم الأسلحة ويزودوهم بالمعلومات، وكثير من الأحيان سلموا لهم المناطق.
مصالح متبادلة
ومن جهته، يقول «هشام النجار» الباحث في الحركات الإسلامية، في تصريح خاص لـ «البوابة نيوز» أن هناك ترويكا بين القاعدة والإخوان والحوثيين في اليمن وهناك مصالح متبادلة وتوزيع ادوار بينهم لتحقيق مصالحهم مجتمعة من جهة ولتشكيل توازن على الأرض بين كيانات سنية وشيعية تجمعها تبعيتها لإيران وهي القاعدة في شبه الجزيرة العربية والإخوان والحوثيين لمواجهة تحديات مرحلة مختلفة تماما في ظل توسع المواجهات الإقليمية واضطلاع الحوثيين بمهمة تعطيل الملاحة في البحر الأحمر مع إسناد داخلي من قبل الإخوان والقاعدة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحوثي حزب الإصلاح الإخواني عدن الحكومة الشرعية البحر الاحمر فی الیمن
إقرأ أيضاً:
البدريون قادمون من صنعاء ... ستكتشف السعودية كما اليمن أنها الخاسر الأكبر من مخرجات لا تفهم الجغرافيا
الحوثيون لايعملون بعشوائية التحالف، ولا برخاوة الشرعية وغبائها، بل يشتغلون منذ أكثر من 11 سنة على بناء جيل عقائدي خاص بهم، عملوا على إنشاء منظومة تعليمية موازية (غير المدارس الحكومية التي عبثوا بمناهجها)، أبرزها مايُعرف بـ"مدارس البدر" نسبة لبدر الدين الحوثي، وهي مدارس داخلية مغلقة لايُقبل فيها الطالب إلا وفق معايير مشددة، ويمكث فيها الدارس ثمان سنوات؛ يتلقى خلالها منهج خاص خارج إطار التعليم الرسمي، لايشمل أي علوم حديثة، لكنها تصنع فرد مبرمج على الولاء المطلق والفكر الواحد والعداء المستحكم للآخر، إضافة إلى التدريب العسكري على مختلف أنواع الأسلحة..
في صنعاء وحدها، هناك 28 مركز ديني وشرعي خاص، تتبع منهج الجماعة وملازمها، تعمل بوتيرة واحدة، بعضها داخل مساجد كبرى مثل جامع الصالح (الذي حُوّل إلى جامع الشعب) ويضم معسكر داخلي دائم، وهناك عشرات المراكز المماثلة في بقية المحافظات والمديريات والعُزل المختلفة، والمحصلة أكثر من 250 ألف شاب كلهم تحت سن العشرين تخرجوا حتى الآن من هذه المراكز، لايعرفون الفيزياء ولا التاريخ ولا اللغات، لكنهم مبرمجون عقائدياً ومدربون عسكريا، ومؤهلون للتعامل مع كل أشكال السلاح..
نحن لانتحدث عن جيل متدين فحسب، ولسنا أمام مخرجات تعليمية عادية، وهذه ليست مجرد أرقام، بل جيل مبرمج بطريقة لاتترك أي مجال للتسامح أو التعايش، عبارة عن ألغام وقنابل فكرية موقوتة، مخرجات يصعب التعايش معها مستقبلاً، لأنها نشأت على أفكار لاترى الآخر إلا كخصم يجب إخضاعه أو استئصاله، ويتعاملون مع الخلاف الفكري أو السياسي كما لو كان كفر يستحق الاجتثاث..
خريجوا تلك المراكز لم يتم اعدادهم لخدمة الجماعة سياسيا أو عسكريا فقط، بل تم تشكيلهم وتلقينهم والاعتناء بهم ليكونوا الوقود العقائدي لأي صراع طويل الأمد، يعبث بالتاريخ ويتجاوز حدود الجغرافيا..
هذا المشروع الذي يحتفل بتخرج دفعاته سنوياً منذ 11 سنة، يقابله فشل الشرعية الذريع؛ ليس في مواجهته فقط، بل انها قدّمت النقيض، تركت المدارس تنهار، والطلاب يتسربون، والمعلمين يتذمرون بلا مرتبات، يُذلون في طوابير المساعدات، دون خطة بديلة أو دعم جاد لمواجهة التجريف العلمي الذي يتم في صنعاء وبقية المحافظات التابعة للحوثيين، لم تكن هناك أي محاولة لبناء مشروع مضاد، لافي التعليم ولا في الإعلام ولا في الوعي العام، بل إنها لم تنجح في أي قطاع اتجهت إليه، ووقفت عاجزة أمام أخطر معركة تخوضها الأمم؛ معركة بناء الإنسان.
أما التحالف، وعلى رأسه السعودية، فقد تورطت في معركة بلا أفق محدد، وأصبح التراخي، وإطالة أمد الحرب، وغياب أي مشروع وطني أو تربوي مقابل، بمثابة شيك على بياض للحوثيين بتنفيذ برنامجهم التربوي والعقائدي بكل أريحية، والنتيجة أن المنطقة برمتها ستدفع ثمن هذه "المرحلة الرخوة من تاريخ اليمن" التي تحوّل فيها الحوثيون من مجرد جماعة ميليشيا مسلحة؛ إلى مدرسة قتالية وماكينة تربية مغلقة، تُنتج مقاتلين عقائديين مؤمنين بمشروع لايعترف بالحدود ولا بالشراكة ولا بالاختلاف، وستكتشف السعودية، كما اليمن، أنها الخاسر الأكبر من هذه المخرجات، التي ستكون في الغد القريب أدوات صراع، لا أدوات تعايش..
لقد أثبتت الحرب أن الخطر لايكمن في الجبهات فقط، بل في المدارس والمناهج والمراكز العقائدية، ومن يُهمل هذه الجبهة، ويفشل في خوض هذه المعركة، سيُهزم وسيفقد المعركة كلها، حتى لو انتصر عسكرياً، لأن من يُشكل العقول، يحصد المصير ويتحكم بالمستقبل..