يمانيون – متابعات
“اليمن هزمت أمريكا، وحان وقت اعتراف واشنطن أنه لا يمكنها أن تكون القوة المطلقة في العالم”.. هذا ما قالته صحيفة “التلغراف” اللندنية المحسوبة على بريطانيا، الحليف الأول للولايات المتحدة .
وأضافت الصحيفة: “يعتقد مهندسو سياسة واشنطن أحياناً أن أمريكا تتمتع بالقوة المطلقة، وأنها قادرة على إجبار العالم بما يرضيها؛ إلا أن هذا الاعتقاد تم دحضه مراراً وتكراراً في اليمن”.
كشف حساب مفتوح
الهزيمة الأضخم عدداً والأشهى صيداً لصنعاء من دول العدوان (أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل”) في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، التي أعلنتها حكومة صنعاء في 19 نوفمبر 2023، استهداف قواتها السفن، التي تحمل علم “إسرائيل”، أو المملوكة لشركات صهيونية في البحر الأحمر، قد تجاوزت 112 قطعة بحرية متنوعة (سفن وزوارق وبارجات وفرقاطات ومدمرات حربية) مستهدفة ،بأكثر من 620 صاروخا باليستيا ومجنّحا وطائرة مسيّرة، في حين تجاوزت الهجمات والغارات العدوانية الأمريكية – البريطانية على اليمن 460 غارة وقصفا بحريا، أرتقى على إثرها 40 شهيدا وجرح 35 آخرون.
ضف إلى سلسلة هزائم دول العدوان، هروب وانسحاب 10 قطع حربية أمريكية، و8 أوروبية من البحر الأحمر؛ خوفا من بطش قوات صنعاء.
عقب إعلان البحرية الأمريكية عملية الانسحاب، علق السيناتور في الكونغرس، دان سوليفان، قائلاً: “غادرت حاملة الطائرات (يو إس إس دوايت أيزنهاور) والمدمرة الحربية (يو إس إس غريفلي) مياه البحر الأحمر مطرودتين بفعل هجمات اليمن”.
فيما وصفت رئيسة العمليات البحرية، الأدميرال ليزا فرانشيتي، تهديدات اليمن لأعضاء الكونغرس بـ”الصعبة للغاية”.
وأقر ضابط البحرية الأمريكية، جيمس دوروسي، بمواجهة قوات بلاده معضلة استراتيجية في اليمن، وفشل عسكري في أول نزال بحري حقيقي تخوضه منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال، في مقال نُشر على موقع “ديفنس انفو”: “انحنت واشطنن لصنعاء”، في إشارة إلى قول المبعوث الأمريكي الخاص باليمن، تيم ليندركينغ: “نؤيد الحل الدبلوماسي؛ لأنه لا يوجد حل عسكري في اليمن”.
حسب دروسي، فإن فشل القوة في إخضاع صنعاء يعد كدمة سوداء بعين الولايات المتحدة وحلفائها.
من وجهة نظر مركز الأمن البحري الدولي (CIMSEC)، تواجه ما تسمى بقوات التحالف الغربي تحدياً جديداً وصعباً في مواجهة الغواصات والمسيّرات اليمنية في البحر الأحمر.. معتبرا المعركة بمثابة اللحظة المحورية، التي تقدم دروساً في الأمن البحري.
وحسب معهد “AGSIW”، فإن الولايات المتحدة تنظر لليمن بعدسة أسوأ مشكلة في تاريخها.. وهذا -من وجهة نظر المعهد- تأكيد صريح بوقوعها بفخ اليمن.
وفي ديسمبر 2023، شكلت واشنطن حلفا عسكريا (حارس الإزدهار) لمواجهة قوات صنعاء المساندة لغزة؛ دفاعا عن حليفتها “إسرائيل”.
موسم حصاد الـ”MQ9″
وأمس الثلاثاء 21 مايو 2024، أسقطت قوات صنعاء طائرة أمريكية من طراز MQ9، هي الخامسة مُنذ بدء معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.
وحسب بيان القوات المسلحة، تم إسقاط طائرة الـMQ9 بصاروخ أرض – جو محلي الصنع، أثناء قيامها بمهمة عدائية في أجواء محافظة البيضاء.
في السياق، لمّحت الهند بإلغاء صفقة شراء طائرات مع أمريكا، في إشارة إلى فشل عمليات طائرة الـ”MQ9″ في اليمن، في حين تعتبر أمريكا الـ”MQ9″ معجزة القرن.
يأتي تلميح حكومة نيودلهي، يوم الأحد 19 مايو 2024، عقب إسقاط سلاح جو صنعاء الطائرة الأمريكية الرابعة من نوع MQ9، مساء خميس الـ16 من مايو 2024، أثناء قيامها بمهمة عدائية في أجواء محافظة مأرب.
وحسب وسائل إعلام محلية بالعاصمة نيودلهي، شدد مسؤولون هنود على ضرورة مراجعة صفقة شراء 30 طائرة MQ9، التي تعوّل الحكومة الهندية عليها في حسم الخلافات الحدودية مع الصين وباكستان.
فاتورة الكيان اللقيط
في ظل استمرار عمليات قوات صنعاء المساندة لغزة، وهزائم دول العدوان، أقرت القناة الـ”12 العبرية”، بتحول اليمن إلى قوة عسكرية وسياسية كبيرة في المنطقة، ولاعب إقليمي يهدد أمن “إسرائيل”.
وقالت: “حققت اليمن إنجازات كبيرة في المعركة البحرية، وكسبت دعم شعوب العالم.. لقد شكلت ترسانتها العسكرية قوة ردع في المنطقة”.
وفق التحليل الاقتصادي لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، فإن هجمات صنعاء على ميناء “أم الرشراش” (إيلات)، وجهت ضربة مؤلمة لاقتصاد “إسرائيل”، يكلفها دفع فاتورة خسائر يومية تزيد عن 10 ملايين دولار.
لم تأتِ اعترافات الإعلام العبري من فراغ، وإنما بعد تلقي “إسرائيل” ضربات موجعة بـأكثر من 211 صاروخا باليستيا ومجنحا ومسيّرة، مُنذ بدء أول عملية هجومية لقوات صنعاء إلى الأراضي المحتلة، في 31 أُكتوبر 2023؛ إسناداً للمقاومة في غزة.
لقد خلفت العمليات اليمنية خسائر كبيرة على الكيان، أبرزها توقف نشاط ميناء “أم الرشراش” (إيلات) عن العمل بنسبة 90 بالمائة، ناهيك عن فاتورة الخسائر اليومية التي تتكبدها “إسرائيل” في ظل فرض قوات صنعاء حظرا بحريا على سفنها والمتوجهة إليها عبر البحرين الأحمر والعربي، وخليج عدن، ومضيق باب المندب، والمحيط الهندي، أجبر شركات الشحن البحري على تغيير مسارها بزيادة مدة الرحلة، وارتفاع تكلفة الشحن بنسبة 250 بالمائة، ناهيك عن انخفاض عائدات الضرائب، وتراجع المستثمرين، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع على المستهلك الصهيوني.
تأثر اقتصاد لندن بنسبة 53%
ونشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية دراسة استقصائية، أجرتها الغرفة التجارية “BCC”، في فبراير 2024، أكدت تأثر أكثر من 53 بالمائة من الشركات والمصنعين وتجار التجزئة في بريطانيا بأزمة البحر الأحمر؛ بسبب ارتفاع أسعار شحن الحاويات بنسبة 300 بالمائة، والنتيجة ارتفاع أسعار السلع على المستهلك.
الخلاصة..
وفق قاعدة “ما قل ودل”، وفي ظل استمرار مسلسل هزائم دول العدوان، وتصاعد أرقام فواتير خسائرها، فأن ما يجب على قادة (أمريكا وحليفاتها) هو التحلي بشيء من الشجاعة، وإعلان الهزيمة رسمياً في معركة ” الفتح الموعود والجهاد المقدس”، في البحر الأحمر ووعداً علينا – نحن اليمنيين – أن لا نشمت فيهم.
-السياسية |صادق سريع
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحر الأحمر دول العدوان قوات صنعاء فی الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن يحسم المعركة .. انكسار أمريكي وتصدّع صهيوني في وجه الصمود اليمني
يمانيون | تحليل خاص
في تطور لافت يعكس تحولات ميدانية واستراتيجية عميقة، باتت اليمن اليوم عنواناً لانكسار الهيبة الأمريكية وتصدّع المشروع الصهيوني في المنطقة. فالمقالات والتقارير التي نشرتها مؤخراً كبرى الصحف العالمية كـ”ذا هيل”، و”هآرتس”، و”الغارديان”، تكشف عن اعتراف غير مسبوق بحجم الفشل الذي مُني به العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن، وتؤكد أن صنعاء لم تكتفِ بالصمود بل تحولت إلى قوة فاعلة قادرة على فرض المعادلات الإقليمية.
هروب أمريكي تحت وقع الصواريخ اليمنية
صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، المعروفة بقربها من دوائر صنع القرار في واشنطن، وصفت الاتفاق الأخير لوقف العدوان الأمريكي على اليمن بأنه “تراجع مُغلّف بالتفاخر”، مشيرة إلى أن واشنطن، وتحديداً إدارة ترامب، وجدت نفسها مضطرة للانسحاب من معركة لم تحقق فيها سوى الخسائر. فالطائرات الأمريكية المسيّرة سقطت، والطائرات المقاتلة فُقدت، والمليارات تبخرت دون مكاسب، فيما بَقيت القوة اليمنية أكثر رسوخاً وتماسكاً.
الكاتب “عمران خالد” اعتبر في مقاله بـ”ذا هيل” أن ترامب، الذي بدأ عهده بتهديد اليمنيين بـ”السحق”، اختتمه بوصفهم بـ”الشجعان”، في انعطافة تكشف اعترافاً كاملاً بالهزيمة. ولعل الأكثر أهمية هو ما خلص إليه المقال: أن الولايات المتحدة تخلّت عن الكيان الصهيوني وتركته وحيداً في ساحة المواجهة، ما زعزع ثقة “إسرائيل” وحلفائها العرب بالدور الأمريكي التقليدي كحامٍ وحليف.
اليمن كابوس تل أبيب: الاعتراف الإسرائيلي بالهزيمة
اللافت أن صحيفة “هآرتس” الصهيونية بدورها أطلقت تحذيراً مباشراً: “لا يوجد أي دولة نجحت في إخضاع اليمنيين، فلماذا تستمر إسرائيل في المحاولة؟”. هذا التساؤل لا يحمل فقط نبرة عجز، بل يكشف عن قناعة متزايدة داخل أروقة الكيان بأن الأدوات التي كانت تُستخدم لإخضاع شعوب المنطقة – كالاغتيالات والقصف المركز – لا تنجح مع شعبٍ يرى في معركته قضية وجود لا مساومة فيها.
الصحيفة نفسها أكدت أن الاغتيالات لن تُجدي نفعاً، وأن العدوان على الحديدة لن يُخضع اليمنيين، بل يزيدهم عزماً، مشيرة إلى أن هذه الحرب لم تكشف فقط صلابة اليمنيين، بل عرّت أيضًا محدودية خيارات تل أبيب، التي باتت عاجزة عن مواجهة تهديد يتجاوز حدود غزة والضفة.
وفي سياق متصل، نقلت وكالة “رويترز” أن دوي صفارات الإنذار عاد ليتردد في مستوطنات “نير عام” والضفة المحتلة، بفعل صواريخ انطلقت من اليمن، لتُضيف اليمن إلى قائمة الجبهات التي باتت تشكّل خطراً مباشراً على “العمق الإسرائيلي”.
الغارديان: اليمن يُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية
أما صحيفة “الغارديان” البريطانية، فقد ذهبت إلى ما هو أبعد من تسجيل الفشل العسكري، لتؤكد أن العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن أسهم – من حيث لا يحتسب منفذوه – في تعزيز الحضور السياسي والعسكري الإقليمي لصنعاء. فبدلاً من تحجيم اليمن، عزز العدوان من استقلالية القرار اليمني، وعمّق صلته بالقضية الفلسطينية، ووسّع دائرة تأثيره في البحر الأحمر.
تقول الصحيفة إن استراتيجية “القصف الجوي” التي انتهجتها واشنطن وتل أبيب أثبتت عجزها، لأن الخصم اليمني – كما وصفته – يمتلك قدرة عالية على التكيّف، وعلى خوض “حرب استنزاف ذكية” تعتمد الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما كسر قواعد الاشتباك التقليدية، وفرض على الخصوم التفكير بطرق جديدة قد تكون أثمانها أعلى.
مفارقة الميدان والسياسة: صنعاء تمسك بزمام المبادرة
رغم الحصار، ورغم القصف المستمر، تؤكد التقارير الغربية الثلاثة أن صنعاء لا تزال صاحبة اليد العليا ميدانياً. فالقدرة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ، وتسيير المسيّرات، وضرب الأهداف الحيوية في البحر الأحمر والمحيط الإقليمي، لم تتأثر بأي ضربة جوية، ما يشي بأن اليمن نجح في بناء منظومة دفاع وهجوم مرنة وغير تقليدية.
والأهم من كل ذلك، أن حضور صنعاء لم يعد يقتصر على الميدان العسكري، بل بدأ يتمدد إلى المشهد السياسي الإقليمي، كقوة تُحسب لها الحسابات، لا سيّما بعد أن أصبحت لاعباً أساسياً في معادلة الدفاع عن غزة وفلسطين، وبات صوتها يُسمع في أروقة القرار السياسي العربي والدولي.
تحولات جذرية في العلاقة الأمريكية الصهيونية
ما كشفته “ذا هيل” من “استثناء إسرائيل” من اتفاق وقف إطلاق النار بين اليمن وأمريكا، يكشف تصدعاً في المحور التقليدي (الأمريكي – الصهيوني). فلم تعد المصالح متطابقة، بل أصبحت متضادة في بعض اللحظات، وهذا ما يُقلق تل أبيب التي تشعر بأن واشنطن قد تنسحب فجأة، كما انسحبت من أفغانستان، وها هي تفعل في اليمن.
من جهتها، تتساءل “هآرتس”: هل يدفع ترامب نتنياهو لعقد صفقة مع اليمنيين كما فعل هو؟ في إشارة واضحة إلى أن تل أبيب باتت تفكر بعقلية المضطر لا المنتصر، وبأنها قد تجد نفسها مدفوعة للحوار مع قوة كانت حتى الأمس القريب تُصنفها كـ”عدو هامشي” أو مجرد وكيل إقليمي.
اليمن الجديد: من الضحية إلى صانع التحولات
ما يجري اليوم هو تحوّل عميق في موقع اليمن ضمن الخارطة الجيوسياسية للمنطقة. لم تعد صنعاء مجرد عاصمة تُقصف، بل باتت منصة لإطلاق الرسائل الصاروخية والسياسية على السواء. وهي اليوم تتحدث بلغة المنتصر، فيما يتحدث خصومها بلغة الدفاع والتبرير والخسائر.
هذا التحوّل لم يكن ليحدث لولا استراتيجية الردع المتصاعدة، والصمود الشعبي والسياسي، والقدرة على المزاوجة بين القوة والموقف الأخلاقي الداعم لقضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين.
ويمكن القول إن ما شهده العالم في الأشهر الماضية لم يكن مجرد معركة عابرة، بل محطة فاصلة في تاريخ الصراع الإقليمي. اليمن، الذي اعتقدت واشنطن وتل أبيب أنه الحلقة الأضعف، تحوّل إلى ساحة كسر هيبة. واليوم، تقف أمريكا و”إسرائيل” أمام واقع جديد: لا يمكن كسر اليمن بالقوة، ولا يمكن عزل صنعاء عن محيطها العربي والإسلامي.
لقد أصبحت صنعاء رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، وربما سيشهد التاريخ هذه المرحلة بأنها اللحظة التي بدأ فيها الانهيار الحقيقي لهيبة الإمبراطورية الأمريكية والصهيونية في قلب المنطقة.