مجاهدي خلق الإيرانية تكشف خط الإمداد العسكري المقدم لـالحوثيين في اليمن
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
كشف تقرير أعدته "منظمة مجاهدي خلق" -وهي أبرز حركة معارضة في إيران- معلومات مهمة عن خط الإمداد العسكري المقدم من إيران لصالح ميليشيا الحوثي الإرهابية، وكذا شبكة القيادات الإيرانية المسؤولة عن إدارة الشأن العسكري في اليمن".
التقرير الذي نشرته "فوكس نيوز ديجيتال" سلط الضوء على الدعم الإيراني المستمر للحوثيين في اليمن، وعن المسؤولين عن النشاط العسكري في اليمن، عن كيفية توفير الأسلحة والتدريب للعناصر الحوثية، مما يعزز من قدراتها العسكرية ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
وأظهرت المعلومات التي قدمتها منظمة "مجاهدي خلق" حقيقة الدعم المقدم من إيران، وهو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى توسيع نفوذها في المنطقة وتعزيز موقفها ضد القوى الإقليمية والدولية المنافسة. كما أن نشر التقرير يأتي في ظل تصاعد الضغط الدولي على إيران الملالي بسبب برامجها النووية ودعمها للجماعات المسلحة في عدة دول.
مواقع تهريب
بحسب ما تم تقديمه من أدلة ومعلومات من قبل "منظمة مجاهدي خلق" الإيرانية، يستخدم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ميناء مدينة "جاسك لإرسال معدات عسكرية إلى الحوثيين في اليمن. حيث يعد الميناء نقطة ارتكاز لعمليات تهريب الأسلحة بما فيه من الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية والألغام المضادة للسفن ومعدات الرادار وأنظمة الاتصالات التي وصلت للحوثيين في اليمن.
وأشارت المنظمة إلى أن ميناء جاسك واحد من العديد من المواقع التي يستخدمها "فيلق القدس" لشحن الأسلحة وتهريبها إلى الحوثيين. كما يضم الموقع أيضا مخازن أسلحة وصواريخ تم استخدامها لاستهداف إسرائيل. وأظهرت المعلومات المقدمة أن الدعم العسكري الكبير المقدم للحوثيين يتم استغلاله في الهجمات الراهنة ضد السفن التجارية بالبحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية.
وفي 27 مايو 2020، قالت منظمة مجاهدي خلق إنه تم تجهيز بارجة "محملة بأسلحة خفيفة" متوجهة إلى الحوثيين من موقع على بعد ميلين من مدينة جاسك الساحلية.
كما أشارت المنظمة الإيرانية المعارضة إلى أن أرصفة بهمن، وهي مجموعة من "حوالى 80 أو 90" ميناءً سريًا تم بناؤها على طول الخليج وساحل بحر عمان بناءً على أوامر من خميني عام 1982، لا تزال "خارج مراقبة إيران". وتقول مجاهدي خلق إن أرصفة بهمن تستخدم كوسيلة لتهريب النفط والبتروكيماويات وشحن الأسلحة إلى الوكلاء، بمن في ذلك الحوثيون.
أساليب الشحن
وقدمت منظمة "مجاهدي خلق الإيرانية" العديد من الأساليب التي يستخدمها فيلق القدس التابع لحرس النظام الإيراني لشحن مجموعة متنوعة من الأسلحة وإيصالها إلى الحوثيين في شمال اليمن، مشيرة إلى أن "الحرس الإيراني" مارس ضغوطا على بعض أصحاب القوارب المحليين لنقل الأسلحة إلى قوارب الحوثيين على بعد 10 أميال قبالة سواحل اليمن.
وفي مناسبات أخرى، أفادت منظمة مجاهدي خلق أن إيران قد تقوم بشحن مواد إلى اليمن بعد "التوقف في البلدان الأفريقية".
وأوضح التقرير أن إيران تخفي أحيانًا الأسلحة داخل الرفارف، وهي "ممتصات الصدمات الكبيرة التي تمنع السفن من الاصطدام بالأرصفة وغيرها من العوائق". كما ذكرت منظمة مجاهدي خلق أن المصدات كانت مثبتة تحت سطح الماء في مكان محدد مسبقًا، "وتم التقاطها بواسطة سفينة ثانوية باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المدمج".
وفي أحيان أخرى، تم ربط الرفارف بقوارب إيرانية. في 13 أغسطس 2019، وقالت منظمة مجاهدي خلق إن مصدات “يصل طولها إلى ستة أمتار تم ربطها بسفينة في رصيف بوشهر قبل يومين من المغادرة” إلى جزيرة لاوان في الخليج.
وأضافت منظمة مجاهدي خلق: "تم إخفاء أسلحة ومعدات عسكرية داخل هذه المصدات"، لكن الجماعة ليس لديها معلومات عن الوجهة النهائية للشحنة.
إشراف إيراني مباشر
بالإضافة إلى توفير الأسلحة للحوثيين، أوضحت منظمة مجاهدي خلق أن إيران تدرب الحوثيين على استخدام الأسلحة عالية التقنية، وساعدت الحوثيين على التطور من قوة متناثرة إلى قوة عسكرية تقليدية من خلال تدريب الأفراد العسكريين الحوثيين.
وبحسب التقرير المقدم، يتولى اللواء عبد الرضا شهلائي، المعروف أيضا باسم "الحاج يوسف"، مسؤولية الإشراف على التنسيق مع الحوثيين. ويساعده العميد اسماعيل قاآني والجنرال محمد رضا فلاح زاده، المعروف أيضًا باسم "أبو باقر"، وأبو فاطمة.
وتؤكد منظمة مجاهدي خلق أيضًا أن مجلس الأمن القومي الإيراني يحدد المبادئ التوجيهية للتدخل اليمني والتصعيد، وأن الولي الفقیه علي خامنئي هو المسؤول في نهاية المطاف عن وضع اللمسات النهائية والموافقة على القرارات المتعلقة بالشؤون السياسية والعسكرية في اليمن.
وأشارت إلى أن بعض الصواريخ التي بحوزة الحوثيين يتم تصنيعها من قبل منظمة الصناعات الجوية والفضاء، والتي فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليها. ومن بين الصواريخ الباليستية التي تمتلكها ترسانة البلدين، الصاروخ الإيراني شهاب 3، الذي يطلق عليه الحوثيون اسم "طوفان".
ويظهر تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية أيضًا بقايا ما يعتقدون أنه صاروخ كروز للهجوم الأرضي من طراز باوه، والذي أطلق عليه الحوثيون اسم “قدس -4”.
محاسبة فيلق القدس
وحث علي صفوي، من لجنة الشؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومقرها باريس، المجتمع الدولي على "محاسبة فيلق القدس التابع لحرس النظام الإيراني على استغلال الحوثيين لزعزعة استقرار المنطقة".
وقال صفوي لشبكة فوكس نيوز ديجيتال، إن تصنيف الحرس الإيراني ككيان إرهابي، كما فعلت الولايات المتحدة في عام 2019، "لن يعوق بشكل كبير قدرة الحرس الإيراني على استخدام الشركات الواجهة للتهرب من العقوبات وتمويل أنشطته الخبيثة ووكلائه فحسب، بل سيعوق بشكل كبير عمليات عملائها أيضًا في الغرب.
والأهم من ذلك، قال صفوي "إن ذلك سينقل رسالة قوية إلى الشعب الإيراني مفادها أن القوة الرئيسية المسؤولة عن قمع انتفاضاته معترف بها عالميًا ككيان إرهابي، وبالتالي إضفاء الشرعية على المقاومة ضدها".
وفي مقابلة أجريت معه في فبراير مع شبكة سي بي إس، أكد نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، نائب الأدميرال براد كوبر، أن أفراد الحرس "يخدمون جنبًا إلى جنب” مع الحوثيين داخل اليمن، "ويقدمون لهم المشورة ويقدمون معلومات عن الأهداف".
وأكد تقرير شبكة فوكس نيوز أن صعوبة إعاقة الدعم المقدم للحوثيين تتأكد من خلال مستويات القيادة الإيرانية المشاركة في الحفاظ على العلاقات الإيرانية الحوثية.
وقد تم فرض عقوبات على خامنئي وشهلائي وقاآني وفلاح زاده ورشيد من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية. وعرضت وزارة العدل مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن شهلائي لدوره في التخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن العاصمة، ودوره في التخطيط لهجوم في العراق قتل فيه خمسة جنود أمريكيين وأصيب ثلاثة آخرون.
وتزايدت العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد إيران على مر السنين اعترافا بدور إيران في تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط. وفي أبريل، أوضحت وزيرة الخزانة جانيت يلين أن الوزارة "استهدفت أكثر من 600 فرد وكيان مرتبطين بنشاط إيران الإرهابي، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وتمويلها لحماس والحوثيين وحزب الله والميليشيات العراقية".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: منظمة مجاهدی خلق إلى الحوثیین فیلق القدس فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
العلاقات المصرية الإيرانية.. إلى أين؟
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
مُنذ زمن ليس بالقصير، وكل الحريصين على تطوير العلاقات العربية- الإيرانية يعتقدون أن المدخل الأساس لذلك يتطلب نمطًا من العلاقات المُتقدِّمة بين مصر وإيران.
غير أن تلك الرغبة تصطدم دائمًا بجُملة من التعقيدات والتناقضات وأحيانًا بالخيارات الاستراتيجية التي قد لا تكون مفهومة لدى البعض. وبطبيعة الحال، ترى بعض القوى الإقليمية والدولية أن مصلحتها تكمُن في التعامل مع المحيط العربي بالمفرَّق، وتعتبر إضعاف مصر مهمةً مباشرة؛ سواء صرّحت بذلك علنًا أو تجلّى ذلك في ممارساتها العملية.
أما مصر، بصرف النظر عن طبيعة نظامها السياسي، فترى أن مهامها القومية جزء لا يتجزأ من مهامها الوطنية. ومرة أخرى، وبصرف النظر عن طبيعة المقاربات السياسية التي قد يُتفق معها أو يُختلف، فإنها في نهاية المطاف تُدرك أن التاريخ قد حمّلها أعباء الآمال العربية، وإن شذّت في مرحلة معينة عن هذا التوجّه، وقد تلَّقت بسبب ذلك كثيرًا من الانتقادات. ومع ذلك، فإنَّ الجميع- حتى من اختلف معها سياسيًا- يُجمعون على ضرورة الحفاظ على مكانتها التاريخية. وفي ظل تسارع الأحداث وتبدّل المواقف، يبدو أن الطرفين المصري والإيراني، باتا يُدركان أهمية استعادة علاقاتهما الطبيعية.
ورغم أن الفجوة لا تزال واسعة، فإن مشتركًا جديدًا قد يكون دافعًا حقيقيًا لهذه الرغبة المستجدة، وقد يفتح أمامها آفاقًا واسعة. وتحديدًا ما يُحدث في سوريا يدفع باتجاه هذا التقارب؛ فالنظام السوري الجديد، المُعادي لإيران، لا يُبدي وُدًّا تجاه مصر أيضًا، ما يجعل القاهرة وطهران تلتقيان ضمنيًا على أرضية الشعور بالقلق ذاته. هذا الإحساس المشترك تُعزّزه ممارسات بعض الحلفاء الإقليميين لمصر، الذين بدأوا في الانفتاح على النظام السوري الجديد دون اعتبار للتحفُّظات المصرية؛ مما يبعث برسائل مُقلقة للقاهرة، ولا يدور الحديث هنا عن مُعطيات آنية لا تزال بحاجة إلى وقت طويل لإعادة صياغتها بشكل نهائي؛ بل عن استشراف أبعادها على المدى البعيد.
وقد بدأت إرهاصات أولية تتشكّل، قد تُنبئ بالكثير من المفاجآت إذا سارت الأمور في مسارها الطبيعي دون عوائق؛ إذ لا يُمكن تصور توقف نتائجها عند هذا الحد، وفي حين أن إيران فقدت في المشرق العربي حليفًا استراتيجيًا ذا تأثير كبير، ولم تعد تعوِّل كثيرًا على معظم الأنظمة العربية المشرقية، فإن هذه الحيثيات تفرض نفسها على الطرفين، وتجعل من تطوير العلاقة بينهما- أي طهران والقاهرة- أمرًا حتميًا.
لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه: ما شكل العلاقات المقبلة؟ وما مضمونها وحدودها؟
لا شك أن إيران تستطيع أن تتفهم علاقات متوازنة خارج الفضاء العربي، أمَّا علاقة مُشابِهة داخل هذا الفضاء، فغالبًا ما تكون على حساب قُطر عربي آخر، خصوصًا أن الأمة العربية، حتى هذه اللحظة، لا تمتلك مشروعًا أو حتى رؤية مشتركة لمواجهة معضلات واقعها، وتواصل البحث عن حلول خارج سيادتها وتطلعات شعوبها؛ الأمر الذي يجعلها عرضة للتجاذبات. وهذا في العمق، سيتطلب من مصر ذات الالتزامات القومية، جهدًا أكبر مما يتطلب من إيران، التي تعرِف مصالحها بدقة، وتتمكن من توظيف علاقاتها الإقليمية والدولية بشكل إيجابي في خدمة أهدافها.
وهذه ليست نقيصة؛ بل ميزة تُحسب لها؛ كون سياساتها تنبُع من إرادة مُستقلة وتسير وفق رؤية تخدم مصالحها. وبالطبع، هناك من يصرخون من التدخل الإيراني في الشؤون العربية، إلّا أن هذا العويل لا يبدو مُبرَّرًا ومُقنعًا. ولو سلّمنا بهذا المنطق، فما الذي يجعل إيران أو غيرها من القوى الإقليمية قادرة على التدخل في شؤون أمة تعدادها 10 أضعاف إيران، وتمتلك كل تلك الطاقات الاقتصادية، لولا وجود خلل بنيوي في طبيعة النظام العربي الذي يستدعي التدخل الأجنبي لتدمير أقطاره واحدة تلو الأخرى؟!
علاوة على ذلك، فإن مصر لا تمتلك، حتى اليوم، استراتيجية واضحة؛ الأمر الذي أظهرها بصورة مُخالِفة لما هو مُختزَن عنها في الوجدان العربي، وبيدها أوراق سياسية عديدة يُمكن تفعيلها بعيدًا عن خيار السلاح. هذه الواقعية الشديدة مُرتبطة بوعيٍ دقيقٍ لطبيعة الاستهداف الذي تتعرض له الأمة العربية في هذه المرحلة المُعقَّدة.
والمباحثات الأخيرة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني في القاهرة مع القيادة المصرية وُصفت بـ"الإيجابية"، وقد تناولت- كما هو معلن في الإعلام- جملةً من القضايا التي لدى الطرفين، تتضمن مواقف ورؤى.
ورغم تنوُّعها يُمكن حصر أهمها في ملفين اثنين؛ الأول: الملف النووي الإيراني؛ حيث إن الموقف المصري من هذا الملف هو موقف مبدئي، ينطلق من ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط بأكملها من الأسلحة النووية، ولا يرى في السلاح النووي الإسرائيلي مُبرِّرًا لامتلاك غيره هذا السلاح، مهما كانت الأسباب.وفي هذا الإطار، فإن دعم الحوار والحلول السلمية، يُمثل جوهر ما تطلبه إيران من مصر.
أما الملف الثاني، فهو فيما يتعلق بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني وفك الحصار؛ فهو موقف يتطابق جوهريًا مع الموقف الإيراني. وفي هذه النقطة تحديدًا، فإن الموقفين متقاربان إلى درجة التماثل، على الرغم من أن طهران أقرب إلى التيار الإسلامي، بينما تتمسك القاهرة بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية، إلّا أن البراغماتية الإيرانية المعروفة بمرونتها، قادرة على التقاط مواقف مشتركة، خاصةً إذا كانت ضمن توجه دولي عام.
لقد حاولنا أن نُضيء، ولو بشكل عام، على بعض المُعوِّقات والصعوبات التي تواجه تطوُّر العلاقات الثنائية، في ضوء الواقع الراهن والمُتغيِّرات الجارية، ورؤية كل طرف لدوره وحدود فعله. أما الآفاق المستقبلية، فستُحدِّدها طبيعة التحديات المُقبلة التي يُواجِهها الطرفان.
رابط مختصر