في مديح مظاهرات الطلبة الأمريكيين.. كنت ممن احتلوا كولومبيا سنة 1968 ولي الفخر
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
بليك فليتوود
ترجمة: أحمد شافعي
يحق للطلبة المتظاهرين اليوم في جامعة كولومبيا أن يفخروا بأنهم يواجهون المذابح المروعة لعشرات الآلاف في غزة ـ ومنهم النساء والأطفال ـ ويسلطون الضوء عليها.
يحق لهم، وللطلبة في شتى الجامعات الأمريكية، أن يكونوا موضع احتفاء، لما أبدوا من شجاعة، ومثالية، وتعاطف مع أكثر من ثلاثين ألف مدني يتعرضون للقتل بلا شفقة بقنابل ورصاصات صنعت في أمريكا.
لقد كانت هجمة السابع من أكتوبر على إسرائيل شنيعة وغير مسبوقة، أدانها الجميع وحق لهم أن يدينوها. لكن رد الفعل الإسرائيلي المغالى فيه، بقتل المدنيين الفلسطينيين دونما تمييز وإحالة مدن عن بكرة أبيها إلى ركام، قد أدين هو الآخر من أغلب الأمريكيين الذين طالبوا بوقف إطلاق النار وإنهاء المجزرة.
يرى ثلث الأمريكيين أن ما تقوم به إسرائيل يرقى إلى الإبادة الجماعية وأن منع المساعدات الإنسانية الذي يفضي إلى تجويع جماعي عمدي أمر يتنافى مع الإنسانية.
وأغلب الأمريكيين لا يقرون مظاهرات الطلبة، لكنهم خاضعون لتأثير ما يسمعون ويرون في الإعلام الأساسي الذي يدعم حتما الوضع القائم ويشوه متظاهري اليوم بوصفهم بالعنف ونصرة حماس. فالمؤسسة عموما لا تعجبها الفوضى.
ولطالما جهر الطلبة الجامعيون على مدار التاريخ بالحقائق التي يعزف كبارهم عادة عن الجهر بها أو يخشونه. ولدى هؤلاء الطلبة بوصلة أخلاقية عميقة يحدث أن يتجاهلها الآخرون في أنفسهم.
فالطلبة الجامعيون في المقام الأساسي هم الذين يتحركون بشجاعة بناء على قناعاتهم، وينهضون مخاطرين بأجسامهم ومستقبلهم المهني ليسلطوا الضوء على قضايا مهمة متعلقة بحقوق الإنسان التي تتعرض لانتهاكات فاضحة.
وما يحدث كثيرا أن ينساه الأمريكيون الكبار والساسة هو أن مظاهرات الطلبة في الجامعات الأمريكية هي منذ أمد بعيد التي يثبت التاريخ صوابها، وذلك نمط تكرر مرارا على مدار عمري البالغ ثمانين عاما.
لقد قال السيناتور روبرت كينيدي لطلبة كولومبيا سنة 1964 «إن أشد أماكن الجحيم التهابا مدخر لمن يلزمون في أوقات الأزمات الأخلاقية الحياد».
في عام 1968، احتللت قاعة هاملتن ومكتب رئيس الجامعة في (المكتبة الدنيا) لمدة أسبوع. لم أمارس العنف، ونحن معشر الطلبة لم نمارس تخريبا أو تدميرا. وأرجعنا لوحة قيمتها ملايين الدولارات إلى حرم الجامعة حفاظا عليها.
هل فعلت ما ينافي القانون؟ بالقطع. تجاوزت. هل كانت قضيتنا تبرر أفعالنا (وقضيتنا هي الفصل العنصري المستمر وامتهان السود ووفاة ثلاثة ملايين نفس في فيتنام، والتمويل المؤسسي البحثي لآلة حرب فيتنام المميتة). بالقطع كانت قضيتنا تبرر أفعالنا.
هل غيرت مظاهراتنا الخارجة على القانون أي شيء؟ الإجابة نعم قاطعة.
إنني أومن بأننا معشر المتظاهرين الطلبة أنقذنا آلاف الأنفس وجعلنا العالم أفضل مما كان.
انتشرت مظاهراتنا المناهضة لحرب فيتنام المناصرة لحقوق الإنسان انتشار النار في الهشيم، في أرجاء أمريكا والعالم. فقد أنشأت المظاهرات في نهاية المطاف مناخا أعان على تقوية إنهاء هذه الحرب غير الضرورية قبل سنين مما كانت لتنتهي في ظروف أخرى. كانت لتزهق مئات آلاف الأنفس لكن مظاهرات الطلبة أنقذتها.
كانت سنة 1968 نقطة تحول، أطلقت شرارة الحماس لعمل مشترك انتشر في العالم. فكان ذلك زمن ربيع براج، ثم شهد الصيف مظاهرات حاشدة في بولندا وتشيكوسلوفاكيا ضد الهيمنة السوفييتية، وفي فرنسا ضد حرب الجزائر، وفي المكسيك ضد الطبقة الإقطاعية الحاكمة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
لكن الإرث الحقيقي لاضطرابات عام 68، أي الإرث المستمر حتى مظاهرات الطلبة الآن، هو فكرة مستمرة مفادها أن التغيير ممكن حين لا يهاب الطلبة الجهر برفض أوضح أخطائنا.
وهذه فكرة تبعث القوة، فكرة أن على الطلبة التزاما وواجبا بأن يتحدوا السلطة، ويشككوا في الافتراضات، ويغتنموا إمكانية إحداث التغيير الاجتماعي المطلوب.
هل ثمة تماثلات بين ما جرى سنة 1968 وما يجري في 2024؟ في رأيي نعم.
يقول متظاهرو اليوم إنهم استلهموا مباشرة تراث النشاط السياسي الطويل، والمضطرب في كثير من الأحيان، في الولايات المتحدة: أي مظاهرات الحقوق المدنية في أوائل الستينيات، وحركة بيركلي لحرية التعبير، والمظاهرات المناهضة لحرب فيتنام، وحركة حقوق المرأة.
لماذا لا تكون جميع مظاهرات الطلبة سلمية؟ لأن المظاهرات السلمية التامة، في كثير من الأحيان، لا تنجح، ويسهل تماما تجاهلها.
لقد ظل السود طوال سنين يتظاهرون ضد أبشع أعمال التفرقة العنصرية. ولم تحدث نقطة التحول في تلك المسألة الأخلاقية الحرجة إلا حينما جلس أربعة طلاب جامعيين سود البشرة بشكل خارج على القانون في مطعم مخصص للبيض فقط وولورث في جرينسبورو، بولاية كارولاينا الشمالية. وبعد ستة أشهر من ذلك بدأ المطعم في تقديم خدماته للسود. فالمظاهرات غايتها الهدم.
ومن المؤكد أن المظاهرات الراهنة سلمية. فما من صور لمتظاهرين يعتدون على طلبة آخرين. وما من ضرر حقيقي أو تخريب، وبرغم تكسير بعض النوافذ، لم يهدم أي مبنى. وكان كثير من طلبة كولومبيا المتظاهرين يهودا. وغالبية المتظاهرين المناصرين للفلسطينيين لا كانوا ولا سيكونون يوما داعمين لحماس.
إقامة الخيام تظاهر سلمي. الهتاف بـ«فلسطين حرة» ليس معاديا للسامية، حتى لو ارتأى البعض أن يفسروه هذا التفسير. لا شك أن بعض الناس لا يرتاحون إليه. لكن هذا التفسير العدواني والتسلح بمعاداة السامية يفضي غالبا إلى عنف وصراعات عند مواجهة الطلبة أو استدعاء الشرطة لهم. ولم تكن إدانة الرئيس بايدن للعنف المنتشر ـ والذي لم يحدث فعلا ـ إلا عملا سياسيا لا أثر له إلا تأجيج النار.
استدعاء قوات تنفيذ القانون ذات الأسلحة الثقيلة لم ينجح في بيريكلي سنة 1964، أو كولومبيا سنة 1968، أو هارفارد سنة 1969، أو ولاية كنت سنة 1970 التي انتهت بمصرع أربعة من الطلبة. ذلك يأتي دائما بنتائج عكسية، ويحقق مزيدا من الاهتمام بالمتظاهرين. لقد ارتاعت مينوش شفيق رئيسة جامعة كولومبيا عند مطالبة أعضاء في الكونجرس ومانحين يهود برأسها، فاستدعت شرطة مكافحة الشغب، وأثارت المتظاهرين في مئة وخمسين كلية في أرجاء البلد.
في عام 1968 لم تتوقف المظاهرات مع التخرج في الربيع. وفي صيف هذا العام، مع توافر الوقت والمكان للاشتباك ستعج العاصمة واشنطن والجامعات والمؤتمرات السياسية وقاعات المدينة والمسيرات بالناشطين.
يجب أن تتبنى أمريكا تراثها الطويل من مظاهرات الطلبة. فذلك جزء من عظمة بلدنا، وسبق أن ساعد في أن نكون بلدا أكثر إنصافا ومساواة وديمقراطية. ومظاهرات الجامعات هي أحدث تجليات حرية التعبير، ووسيلة لتقوية الحركات الاجتماعية التقدمية التي تجسد أرفع القيم الأمريكية.
بليك فليتوود كاتب ومحرر سابق في نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مظاهرات الطلبة
إقرأ أيضاً:
عاجل- الحكومة تؤكد استعدادها لتذليل العقبات أمام المستثمرين الأمريكيين وتوفير الخدمات خلال إجازة عيد الأضحى
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة ملتزمة بتوفير كل سبل الدعم والتيسيرات اللازمة لضمان نجاح عمل الشركات والمستثمرين الأمريكيين في مصر، مشددًا على أهمية استمرار التعاون بين الجانبين لتعزيز الاستثمارات ودعم القطاع الخاص، بما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
الحكومة تجهز لاستقبال عيد الأضحى وتوفير الخدمات للمواطنينوخلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، الذي ترأسه الدكتور مصطفى مدبولي اليوم، تقدم بأصدق التهاني إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، والشعب المصري، وأعضاء الحكومة، وكافة مسؤولي الأجهزة التنفيذية، بمناسبة حلول أول أيام شهر ذي الحجة واقتراب عيد الأضحى المبارك، داعيًا المولى عز وجل أن يعيد هذه المناسبة بالخير واليمن على مصر والأمتين العربية والإسلامية.
عقيلة صالح يدعو إلى دعم دولي ومحلي لتشكيل الحكومة الجديدة ويحذر من الفوضى في حال التأخير الحكومة: مستمرون في تقليل «ديون مصر الخارجية» وتقوية الاقتصاد لتحسين معيشة المواطنوفي هذا السياق، شدد رئيس الوزراء على ضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة من قبل أجهزة الدولة المختلفة للاستعداد لفترة الإجازات المقبلة، وضمان توفير الخدمات للمواطنين، مع تجهيز الحدائق والمتنزهات والمواقع السياحية والأثرية لاستقبال الزوار خلال عطلة عيد الأضحى. كما وجه بضرورة استعداد المرافق الخدمية لتلبية احتياجات المواطنين خلال هذه الفترة.
تشديد الرقابة على الأسواق وتوفير السلع الأساسيةوجه مدبولي باستمرار عمل الشوادر والمعارض والمنافذ الثابتة والمتنقلة لتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة، مع التركيز على مبادرة "سوق اليوم الواحد" وتوسيع نطاقها لتغطية المزيد من المناطق في المحافظات. كما كلف بتشكيل فرق عمل ميدانية لتكثيف الرقابة على الأسواق والمحال التجارية، والتأكد من توافر السلع الرئيسية للمواطنين.
وشدد رئيس الوزراء على وزراء التموين والتجارة الداخلية، والزراعة واستصلاح الأراضي، والبترول والثروة المعدنية، إلى جانب المحافظين، باتخاذ كل ما يلزم لضمان توافر السلع الاستراتيجية والمواد البترولية، خاصة في المناطق الساحلية، مع تكثيف الرقابة اليومية خلال الإجازات لضمان تلبية احتياجات المواطنين.
مصر ترحب بالاستثمارات الأمريكية وتقدم التسهيلات للمستثمرينانتقل رئيس الوزراء للحديث عن النشاطات الاقتصادية الأخيرة، مشيرًا إلى استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي لوفد من رجال الأعمال الأمريكيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي، وكذلك لقاءاته مع رئيسة غرفة التجارة الأمريكية، ورئيس مجلس الأعمال الأمريكي المصري، ورئيس شركة "أباتشي"، إلى جانب ممثلي الشركات الأمريكية الكبرى.
وأوضح مدبولي أن الرئيس أكد استعداد الدولة المصرية للتعاون مع مجتمع الأعمال والمستثمرين الأمريكيين في كافة المجالات الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، مع تطلع مصر لإنشاء منطقة صناعية أمريكية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاح هذا المشروع.
كما شدد رئيس الوزراء على أن الحكومة ترحب بالاستثمارات الأمريكية، وتعمل على تقديم الدعم الكامل لتذليل العقبات أمام الشركات والمستثمرين، بما يعزز الثقة بين الجانبين، ويسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
مصر تواصل دعم قطاع الطاقة والاستثمار الأجنبيوأشار مدبولي إلى لقاءات الرئيس مع قيادات كبرى الشركات العالمية في قطاع الطاقة، ومنها الرئيس التنفيذي لشركة "شل"، حيث تم التأكيد على حرص مصر على تطوير مناخ الاستثمار، وتذليل العقبات أمام المستثمرين، وضمان سداد مستحقات الشركات لتعزيز الثقة.
كما أشار إلى لقائه مع نائب رئيس شركة "إكسون موبيل" العالمية لشؤون الاستكشاف، مؤكدًا استعداد الحكومة لتقديم كل الدعم والحوافز الممكنة لتسريع عمليات الحفر في منطقتي الامتياز "كايرو" و"مصري"، بما يحقق المصلحة المشتركة ويعزز التعاون مع الشركاء الدوليين.
وفي ختام الاجتماع، شدد رئيس الوزراء على التزام الحكومة بمواصلة التعاون مع الشركاء الدوليين في قطاع الطاقة، وتقديم كافة التسهيلات لضمان الاستفادة من الفرص الواعدة المتاحة في هذا القطاع الحيوي، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.