تهديدات إسرائيلية بلا سقف.. هل تصبح حرب لبنان الثالثة حتميّة؟!
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
ليس سرًا أنّ "جبهة لبنان" تشهد منذ أيام التصعيد الميداني الأعنف منذ بدء الاشتباكات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي في الثامن من تشرين الأول الماضي، أي في اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى"، وهو ما يتجلى في الوتيرة غير المسبوقة للقصف الإسرائيلي الذي يستهدف مناطق لبنانية عدّة، كما يتجلّى أيضًا في العمليات المضادة التي ينفذها "حزب الله"، والتي أدّت إلى اندلاع حرائق بالجملة في الأيام الأخيرة شمال الأراضي المحتلّة.
لكنّ التصعيد الميداني الأخير على طول الجبهة يترافق مع تصعيد آخر سياسي، يبدو بدوره غير مسبوق، من حيث حدّة التصريحات وما تنطوي عليه من تهديدات، وصلت إلى حدّ الدعوات الصريحة إلى "حرق لبنان" كما جاء على لسان كلّ من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي قال إنّ "الوقت حان ليحترق لبنان كلّه" ردًا على هجمات "حزب الله"، وحليفه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي توعّد بإعادة لبنان إلى "العصر الحجري".
أكثر من ذلك، تحدّث سموتريتش عن سيناريو حربيّ يصحّ وصفه بـ"المجنون"، حيث يقوم على دخول بري واحتلال أراضٍ في جنوب لبنان، بالتزامن مع هجوم مدمّر على كلّ البنى التحتية في لبنان، وصولاً إلى إلحاق أضرار جسيمة بما وصفها "عاصمة الإرهاب بيروت"، قائلاً: "علينا أن نخلق وضعًا يكون فيه لبنان منشغلاً في السنوات العشرين المقبلة بجهود إعادة بناء ما يتبقى منه بعد الضربة التي نوجهها إليه"، وفق قوله.
تهديدات "بلا سقف"
من يستمع إلى كلام سموتريتش وبن غفير لا يتولّد دليه انطباع بأن سيناريوهات الحرب على لبنان التي يلوح شبحها في الأفق منذ أشهر، يتعاظم فحسب، بل يشعر بأنها باتت "حتميّة"، ولا سيما أنّ التهديدات مع كلّ ما تنطوي عليه من "جنون وتطرّف"، تبدو "بلا سقف"، علمًا أنّ سموتريتش مثلاً كان واضحًا بقول إنّ الحرب باتت "أمرًا لا مفرّ منه"، وهو ما أرجعه إلى تزايد القصف من جهة لبنان، وتحديدًا من جانب "حزب الله".
ولعلّ هذا بالتحديد ما يفسّر تصاعد التهديدات بهذه الوتيرة غير المسبوقة، فما شهدته "جبهة الشمال" إن جاز التعبير في الأيام الأخيرة، خصوصًا بعد بدء الهجوم الإسرائيلي على رفح، يبدو أقوى من قدرة الإسرائيليين على "تمريره"، ولا سيما بعد اضطرارهم على الاعتراف بخسائر تكبّدوها في أكثر من عملية لـ"حزب الله"، من بينها على سبيل المثال إسقاط المسيّرة من طراز "هيرميس 900"، والتي وصفها الإعلام الإسرائيلي بـ"الأكبر والأغلى".
وإذا كان صحيحًا أنّ ضربات "حزب الله" توسّعت بنتيجة توسيع الجانب الإسرائيلي لقصفه واعتداءاته، التي لم توفّر المدنيّين في الأيام الأخيرة، خصوصًا بعد "إيعاز" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجيشه بـ"توسيع وتكثيف" العمليات ضدّ لبنان، فإنّ مشهد الحرائق الذي كرّسته ضربات اليومين الماضيين كان معبّرًا، وقد دفع زعيم المعارضة مثلا إلى القول إنّ "الشمال يحترق، ومعه أيضًا تحترق قوة الردع الإسرائيلية".
هل أصبحت الحرب حتميّة؟
لا شكّ أنّ مشهد الأيام الماضية على "جبهة الشمال"، معطوفًا على التهديدات "المجنونة" التي تصدّرها وزيرا المالية والأمن القومي، ينذر باشتعال "حرب لبنان الثالثة"، كما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّ السخونة التي تشهدها "الجبهة" تكاد تكون غير مسبوقة منذ تشرين الأول الماضي، رغم أنّ الاشتباكات مرّت بمحطّات صعود وهبوط عدّة، كانت أسهم "الحرب الشاملة" ترتفع في الكثير منها، خصوصًا في ضوء جرائم اغتيال المدنيين والصحفيين.
مع ذلك، يقول العارفون إنّ عوامل عدّة يجدر أخذها بعين الاعتبار عند قراءة هذه التهديدات، أولها أنّ بن غفير وسموتريتش ليسا فعليًا "صاحبا القرار" داخل الحكومة الإسرائيلية، وهما يمثّلان "الجناح اليميني الأكثر تطرّفًا" فيها، علمًا أنّهما من يتصدّيان لكلّ محاولات التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى تنهي الحرب على غزة، ويهدّدان بتفكيك الحكومة في مثل هذه الحال، بل إنّ سموتريتش سبق أن دعا إلى حرب على الضفة أيضًا، وليس فقط على لبنان.
بهذا المعنى، يمكن قراءة تهديدات بن عفير وسموتريتش في سياق "الحرب النفسية" التي يقودانها، وهما اللذان يخوضان "معركة من نوع آخر" في وجه نتنياهو نفسه، من دون أن يعني ذلك أنّ سيناريو الحرب "مُستبعَد بالمطلق" وفق ما يقول العارفون، ولا سيما أنّ "مأزق الشمال" بات يمثّل مشكلة جدّية وحقيقية تتفاقم يومًا بعد آخر، باعتبار أنّ قوة الردع تتآكل أمام ضربات "حزب الله"، في وقت يشترط سكان الشمال "حلاً جذريًا" للعودة إلى مستوطناتهم.
واذا كانت احدث التهديدات التي اطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امس بعملية “قوية” في لبنان أُدرجت ضمن مأزقه السياسي الداخلي فإن ذلك لا يقلل من الدلالات الخطيرة لهذا الانتقال بسقف التهديدات للبنان من وزراء وجنرالات وسياسيين متطرفين إلى رئيس الوزراء واضعاً لبنان في مرتبة الأولية الميدانية التي توازي غزة.
"مجنونة وبلا سقف" تبدو التهديدات الإسرائيلية، والمطلوب من اللبنانيين مقاربتها بجدّية ومسؤولية، لا تزال قاصرة إلى حدّ بعيد! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
محللة إسرائيلية: هناك رقابة عسكرية وإخفاء للمعلومات حول محاولات انتحار الجنود
#سواليف
كشف المحللة الإسرائيلية لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، تشين أرتزي، عن مجموعة من التفاصيل التي تخضع لرقابة شديدة ويمنع الإفصاح عنها أو تسريبها للإعلام.
وأكدت سرور أن “هناك رقابة عسكرية وإخفاء للمعلومات حول #محاولات #الانتحار بين #الجنود #النظاميين و #الاحتياطيين وحجب بيانات الاعتماد على #الأدوية _النفسية بين عناصر #جيش_الاحتلال وعدم الإفصاح عن المشاكل التشغيلية مثل الأعطال، الانضباط، الإرهاق، والتعب”.
وأشارت إلى أن “العاملين في الميدان يعيشون هذا الواقع لكن البيانات تخفى عن الرأي العام”، مؤكدة أنه “يتم تسليط الضوء على الجنود القتلى في الدعاية الرسمية، بينما تحجب قصص الانتحار والمعاناة النفسية، وسط غياب الشفافية حول الأعداد الحقيقية للجنود الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة أو يرفضون العودة للقتال”.
مقالات ذات صلةوقالت إنه “يجري الاعتماد على شهادات الأهالي لكشف الحقائق بسبب سياسة التعتيم العسكري”، مشيرة إلى أن مجلس الحرب يركز على الجوانب العسكرية (الاستراتيجية، الأسلحة، التداعيات الدولية)، لكنه يتجاهل التكاليف النفسية والاجتماعية على الجنود وعائلاتهم.
وأضافت أن “الجنود يرسلون إلى الخطوط الأمامية بعد تدريب قصير وغير كاف، ما يزيد من مخاطر الإصابة النفسية والجسدية، فيما الاحتياطيون يجندون فجأة دون تهيئة، مما يفاقم معاناتهم”.
وتؤكد المحللة الإسرائيلية أن “هناك ارتفاعا في معدلات العنف الاقتصادي، النفسي، الجسدي، الجنسي في العائلات التي يخدم فيها أحد الزوجين أو كليهما في الجيش، مشيرة إلى أن 30% من الأسر التي يخدم فيها الزوجان تعاني من العنف، و24% من هذه الأسر تعرضت لعنف جسدي أو جنسي مقارنة بـ 3% لدى الأسر غير العسكرية”.
وأوضحت أن “غياب تحديث البيانات الرسمية، حيث تعود آخر الإحصاءات إلى 9 أشهر مضت، وأن الدولة تتعامل مع التضحيات العسكرية كعبء عام، لكن التعامل مع تبعاتها يترك للعائلات بشكل فردي، وسط انهيار التضامن الاجتماعي بين الحكومة والإسرائيليين، خاصة مع تهميش معاناة عائلات الجنود والضحايا”.
وأكدت سرور استحالة استمرار الحرب على غزة تحت الظروف الحالية قائلة: “الحرب لا يمكن أن تستمر لمدة عامين بجيش منهك، يعاني من أزمات نفسية وتشغيلية” موضحة أن إهمال التكاليف طويلة المدى (النفسية، التعليمية، المهنية) يهدد استدامة المجهود الحربي.
وأضافت أن الوعود الحكومية غير واقعية مثل تحرير الأسرى وإعادة بناء غزة والنصر الكامل وهي تفتقر إلى آلية تنفيذ واضحة.
وكشفت عن أزمة منهجية في التعامل مع الحرب، حيث أن التركيز على الإنجازات العسكرية يخفي الكوارث الإنسانية، وأن الرقابة تعمق الفجوة بين الواقع والخطاب الرسمي، إضافة إلى أن إهمال الصحة النفسية والاجتماعية للجنود، يهدد تماسك الجيش والجمهور الإسرائيلي، وسط تهرب لحكومة الاحتلال من مسؤولياتها تجاه الإسرائيليين، مما يفاقم الانقسام واليأس.