وجّهت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين نداء عاجلا من أجل أوروبا قوية وموحدة، متهمة الأحزاب اليمينية المتطرفة بمحاولة "تدمير" أوروبا، وهي المسؤولة التي يتهمها مؤيدون لفلسطين بدعم الإبادة الجماعية في غزة.

وقالت فون دير لاين (65 عاما)، خلال آخر جولات حملتها لإعادة انتخابها في منصبها، إن "أوروبا الحاضر هدية عظيمة".

وشددت، في كلمة لها خلال الاجتماع الأخير لكتلة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، في ميونخ جنوب ألمانيا، قبيل انتخابات البرلمان الأوروبي، على أنه "لا يمكن التعامل مع الاتحاد الأوروبي كأمر مُسلَّم به".

وحذرت من أن أوروبا "تواجه تحديا لم يسبق له مثيل من جانب الشعبويين والمتطرفين والديماغوجيين"، مستهدفة أحزابا يمينية متطرفة، خصوصا حزب البديل من أجل ألمانيا والتجمع الوطني في فرنسا.

وتابعت فون دير لاين "هؤلاء المتطرفون لديهم شيء واحد مشترك، إنهم يريدون إضعاف أوروبا وتدميرها وتخريبها"، متعهدة بأنها لن تسمح "بحدوث ذلك أبدا".

وتسعى وزيرة الدفاع الألمانية السابقة فون دير لاين إلى ولاية ثانية رئيسة للهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي في الانتخابات المقبلة.

وفي حين تتوقع الاستطلاعات صعودا لليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، سبق لرئيسة المفوضية أن حذرت من أن أصدقاء الرئيس الروسي فلاديمير "بوتين يحاولون إعادة كتابة تاريخنا (…)، سواء تحت ستار الشعبويين أو الديماغوجيين"، عبر الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل "البديل من أجل ألمانيا" في ألمانيا، أو "التجمع الوطني" في فرنسا، أو "الكونفدرالية" في بولندا.

وأكدت رغبتها في تشكيل تحالف واسع لصالح سيادة القانون، ولصالح أوكرانيا، ولصالح أوروبا قوية، حسب قولها.

مذكرة للجنائية الدولية ضد رئيسة المفوضية الأوروبية بتهم التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. هل هي "ورطة دعم إسرائيل غير المشروط"؟#حرب_غزة pic.twitter.com/SYnBLP27E4

— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 30, 2024

احتجاجات من أنصار فلسطين

وقبل ذلك، كانت أورسولا فون دير لاين قد واجهت احتجاجا من داعمي فلسطين أثناء وجودها في مدينة بورتو البرتغالية ضمن حملة انتخابات البرلمان الأوروبي.

وذكرت وكالة الأنباء البرتغالية لوسا، أمس الجمعة، أن نحو 20 شخصا من داعمي فلسطين قطعوا خطاب فون دير لاين في تجمع انتخابي بمدينة بورتو، وهتفوا فلسطين حرة.

ورفع بعض المحتجين الأعلام الفلسطينية، فيما أظهر آخرون أيديهم الملطخة باللون الأحمر، في إشارة رمزية إلى الدماء، موجهينها نحو فون دير لاين التي كانت واقفة على المنصة.

كما رفع عدد منهم لافتة كبيرة كُتب عليها "فون دير لاين لا يمكنك إخفاء تمويلك للإبادة الجماعية"، لكن قوات الشرطة تدخلت لإخراجهم من مكان التجمع الانتخابي.

وعلقت فون دير لاين على الاحتجاجات بقولها "يجب أن تكونوا سعداء لأنكم في بورتو الحرة، وليس في موسكو، لو كنتم في موسكو لدخلتم السجن في غضون دقيقتين".

واستمر المحتجون في مظاهرتهم خارج مكان التجمع، متهمين فون دير لاين بدعم الإبادة الجماعية، وهتفوا "من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة".

وتدخلت الشرطة مجددا خارج مكان التجمع، وقامت باعتقال شخص واحد، وأظهرت مشاهد ملتقطة من مكان الحادث استخدامها القوة لتفريق المحتجين.

تجدر الإشارة إلى أن فون دير لاين تعرضت لاحتجاج أيضا في 4 يونيو/حزيران الجاري بالعاصمة الفنلندية هلسنكي، حيث نعتها مناصرو فلسطين بمجرمة حرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فون دیر لاین

إقرأ أيضاً:

الكلمات وحدها لا تكفي.. لماذا تغير الموقف الأوروبي الآن ضد إسرائيل؟

تشهد الساحة الأوروبية تصاعدا غير مسبوق في وتيرة التحولات السياسية والدبلوماسية تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحولت مواقف القادة الأوروبيين من مجرد الإدانة وتصريحات الشجب إلى تحركات ملموسة تهدد بتغيير ملامح العلاقات مع تل أبيب.

وفي ضوء هذا التحول، برزت في الخطاب الأوروبي دعوات صريحة لفرض حظر على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وتقليص الامتيازات التجارية، بل وتطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة.

وفي الوقت ذاته، تصاعد النقاش حول الاعتراف بدولة فلسطين كخطوة رمزية وإستراتيجية للضغط على إسرائيل وإعادة إحياء مسار حل الدولتين.

وفي تقرير تحليلي نشرتها مجموعة الأزمات الدولية بعنوان "أوروبا تندد بحرب غزة: الكلمات وحدها لا توقف الحرب"، أكدت المجموعة أن هذه التطورات تعكس وعيا أوروبيا متناميا بأن الكلمات وحدها لم تعد كافية لوقف نزيف الدم وتردي الأوضاع في غزة، وأن التحول من مربع الإدانة اللفظية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة أصبح ضرورة ملحة لاختبار جدية أوروبا وقدرتها على التأثير في ميدان السياسة الدولية.

تحولات الموقف الأوروبي

فبعد أشهر من الاكتفاء بالتحذيرات والقلق اللفظي، بدأت عواصم أوروبية عدة اتخاذ مواقف أكثر وضوحا وحزما ضد عدوان جيش الاحتلال، مدفوعة بتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة التي أودت بحياة ما لا يقل عن 54 ألفا، ودفعت أكثر من 2.2 مليون فلسطيني إلى حافة المجاعة.

إعلان

وتقول مجموعة الأزمات في تقريرها إن دولا مثل فرنسا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة وكندا انضمت مؤخرا إلى دول أخرى كإسبانيا وأيرلندا والنرويج في الدعوة العلنية لوقف الحرب، في حين بدأت ألمانيا -التي طالما اتسم موقفها بدعم قوي لإسرائيل- تعبر عن قلق متزايد.

وامتدت التحولات إلى إيطاليا والنمسا، حيث وجه قادتهما رسائل مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعكس تغيرا في المزاج الأوروبي العام.

هذه المواقف التصاعدية جاءت إثر تزايد الانتقادات داخل إسرائيل نفسها لطول أمد الحرب، وتزايد القلق الأوروبي إزاء استخدام المساعدات الإنسانية سلاحا لتجويع الفلسطينيين، وصعوبة تبرير استمرار الهجوم في ظل صور الأطفال الجوعى وتدمير البنية التحتية المدنية بشكل ممنهج.

 "الكلمات لا تكفي"

وجاء في تقرير المجموعة أن أوروبا لم تعد تكتفي بالإدانة اللفظية، بل بدأت فعليا استخدام أدوات ضغط دبلوماسية واقتصادية.

ففي مايو/أيار الماضي، صوّت وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بالأغلبية على مراجعة مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان في اتفاقية الشراكة التجارية، وهي خطوة قد تفتح الطريق لتعليق بعض الامتيازات التجارية والعلمية التي تتمتع بها إسرائيل، كما تستعد بروكسل أيضا لمناقشة خيارات جديدة خلال اجتماع وزراء الخارجية في 23 يونيو/حزيران الجاري.

وعلى المستوى الثنائي، أوقفت المملكة المتحدة "مؤقتا" مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على مستوطنين متشددين، وذلك في الوقت الذي تفكر فيه إسبانيا جديا في حظر تصدير السلاح لإسرائيل.

أما ألمانيا -التي طالما عرفت بدعمها القوي لإسرائيل- فتواجه ضغوطا من داخل البرلمان لوقف صادرات الأسلحة، بينما علقت بريطانيا بعض التراخيص العسكرية.

ورغم أن بعض قادة الدول الأوروبية (مثل المجر والتشيك) رفضوا تنفيذ مذكرات التوقيف الدولية الصادرة بحق نتنياهو ومسؤولين آخرين، فإن تزايد الأصوات المطالبة بعقوبات شخصية أو اقتصادية ضد القادة الإسرائيليين الذين يتورطون في انتهاك القانون الدولي أصبح ملموسا في الخطاب الأوروبي، وهناك توجه لتطبيق هذه المذكرات على أفراد محددين ليكون أكثر عمليا.

إعلان

رمزية الدولة الفلسطينية

وأشارت مجموعة الأزمات إلى بروز الاعتراف بدولة فلسطين كأداة ضغط سياسي ورمزية متزايدة في الوقت الحالي، مع تلويح دول عدة باتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه.

فمع إعلان مالطا وسلسلة من الدول الأوروبية عزمها العمل على الاعتراف بدولة فلسطينية، يكتسب حل الدولتين زخما في المحافل الدبلوماسية في هذا الوقت، ولذلك تستعد فرنسا لاستضافة مؤتمر دولي في الأمم المتحدة لتعزيز حل الدولتين، وهذا التحرك يعد تحديا لحكومة نتنياهو التي ترفض هذا الحل.

ورغم أن الاعتراف الأوروبي لا يكفي لتغيير واقع غزة على الأرض، فإنه يحمل رسالة سياسية قوية ويشكل ضغطا معنويا على إسرائيل، وتبقى الفكرة أن الاعتراف يجب أن يترافق مع خطوات واقعية لوقف الحرب وكبح التوسع الاستيطاني، وليس مجرد إعلان رمزي معزول، حسب ما جاء في تقرير مجموعات الأزمات.

ردود فعل الحكومة الإسرائيلية تعكس قلقا كبيرا من فقدان الامتيازات التجارية مع أوروبا (وكالات) الموقف الإسرائيلي

وعلى الجهة الأخرى، جاء الرد الإسرائيلي على التحولات الأوروبية "حادا واستفزازيا"؛ فقد اتهم نتنياهو كلا من باريس ولندن "بمساعدة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)"، وهدد بضم رسمي لمناطق بالضفة الغربية إذا استمرت الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين.

وفي الوقت ذاته، أكد مسؤولون إسرائيليون أن حكومتهم ليست معنية كثيرا بمواقف أوروبا، لكن التهديدات بعزل دبلوماسي وفرض عقوبات لم تعد محل تجاهل من قبل القادة الإسرائيليين، حسب تحليل مجموعة الأزمات.

وأشار تقرير المجموعة كذلك إلى أن ردود الفعل الإسرائيلية تعكس قلقا كبيرا من فقدان الامتيازات التجارية والتوجه نحو عزلة دولية أعمق، خاصة مع موافقة الحكومة الإسرائيلية مؤخرا على إقامة 22 مستوطنة جديدة، وهو ما يعد أكبر توسع استيطاني منذ 3 عقود.

ويصل تحليل مجموعة الأزمات الدولية للموقف الأوروبي من الحرب الإسرائيلية على غزة إلى أن أوروبا رغم كونها ليست صاحبة التأثير الحاسم المنفرد على القرار الإسرائيلي، فإن مواقفها الأخيرة تفتح الباب أمام تحولات جوهرية في العلاقات مع إسرائيل، وتمنح المجتمع الدولي خيارات ضغط إضافية قد تسهم في وقف الحرب أو الحد من تداعياتها الإنسانية والسياسية، شريطة أن تقترن الأقوال بالأفعال والإجراءات الملموسة على الأرض.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الكلمات وحدها لا تكفي.. لماذا تغير الموقف الأوروبي الآن ضد إسرائيل؟
  • انهيار الحكومة الهولندية بعد انسحاب اليمين المتطرف من الائتلاف
  • استقالة رئيس الوزراء الهولندي بعد انسحاب اليمين المتطرف
  • تقرير| اليمين المتطرف يشعل مشاريع الضم في الضفة المحتلة
  • زعيم اليمين المتطرف في هولندا يعلن انسحابه من الائتلاف الحكومي
  • موعد مباراة ألمانيا ضد البرتغال في نصف نهائي دوري أمم أوروبا والقنوات الناقلة
  • بوركاردت يغادر معسكر منتخب ألمانيا بسبب الإصابة قبل مواجهة البرتغال في دوري أمم أوروبا
  • السعودية: يجب على أوروبا الاعتراف بدولة فلسطين الآن
  • ديمبلي: سان جيرمان يستحق اللقب الأوروبي بعد مشقة ومعارك
  • الإصابة تحرم منتخب ألمانيا من جهود بيسيك في دوري أمم أوروبا