فشل تمديد آلية إدخال المساعدات يعرض حياة الملايين في إدلب للخطر!
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
تقول الأمم المتحدة إن حوالي 85 بالمئة من مساعداتها لشمال غرب سوريا تمر عادة عبر باب الهوى
منذ 11 يوليو / تموز الماضي، فشل مجلس الأمن الدولي في محاولاته المتكررة لتجديد تفويض إدخال المساعدات عبر باب الهوى الحدودي بين محافظة إدلب في سوريا وتركيا.
مختارات ألمانيا تحبس سورياً للاشتباه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية بعد الفيتو الروسي- كيف تصل المساعدات للملايين في سوريا؟بعد فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إيصال المساعدات إلى شمال غرب سوريا، بات مستقبل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا من تركيا مقلقا بشكل كبير، لكن هل يوجد بدائل أخرى أمام المنظمات المعنية؟
الأمم المتحدة ترفض شروط دمشق لنقل المساعدات عبر الحدودأبدت الأمم المتحدة قلقها حيال "شروط غير مقبولة" وضعتها دمشق لاستخدام معبر باب الهوى الحدودي لإيصال مساعدات إنسانيّة حيويّة إلى ملايين السكّان في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا.
رغم معارضة دمشق ورفض 11 دولة وامتناع 62 أخرى عن التصويت، قررت الأمم المتحدة إنشاء مؤسسة مستقلة تحت رعاية المنظمة الدولية تكون معنية بـ"جلاء مصير ومكان جميع المفقودين" في سوريا، والذين يقدر عددهم بـ100 ألف شخص.
وبعد نقض روسيا مشروع قرار في مجلس الأمن لتمديد آلية الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر الحدود لمدة تسعة أشهر، أعلنت الحكومة السورية السماح باستخدام المعبر لمدة ستة أشهر. لكن التفويض الذي منحته السلطات السورية تضمن "شرطين غير مقبولين"، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وهما عدم التواصل مع كيانات "مصنفة إرهابية" و"إشراف" منظمات أخرى على الأنشطة الأممية. كما تشترط أن تشرف اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري، التابع للنظام، على توزيع المساعدات. وتبعاً لذلك، لم تستأنف القوافل الأممية استعمال المعبر منذ انتهاء تفويض مجلس الأمن الدولي في 10 تموز/يوليو.
وصفت الأمم المتحدة الشرطين بـ"غير المقبولين". وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن على الأمم المتحدة وشركائها أن "يستمروا في التواصل مع الجهات الحكوميّة وغير الحكومية المعنيّة، وهو أمر ضروري من الناحية التشغيليّة لإجراء عمليّات إنسانيّة آمنة وبلا عوائق". واعتبر أن الطلب الثاني "لا يتوافق مع استقلاليّة الأمم المتحدة، كما أنه ليس عملياً، لأنّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري ليسا موجودَين في شمال غرب سوريا".
تقول الأمم المتحدة إن حوالي 85 بالمئة من مساعداتها لشمال غرب سوريا تمر عادة عبر باب الهوى، مما يجعل هذا المعبر شريان حياة بالنسبة لسكان المنطقة.
بداية تعاون بين النظام السوري والأمم المتحدة في الشمال؟تحذيرات من "تسييس" المساعدات
واجهت جهود مجلس الأمن لتأمين المساعدات إلى الأجزاء التي سيطر ويسيطر عليها الثوار معارضة من روسيا والصين: في عام 2014، نجح المجلس في تسليم المساعدات من تركيا والعراق والأردن عبر أربع نقاط عبور حدودية منفصلة إلى مناطق المعارضة. لكن روسيا والصين نجحتا في تقليص عدد المعابر المصرح بها والاقتصار على معبر باب الهوى فقط، وتم تقصير مدة التفويض إلى ستة أشهر فقط، عوضاً عن 12 شهراً كما كان الوضع في البداية.
وتقول روسيا وسوريا إن العملية تنتهك سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية. وتقولان إنه ينبغي إيصال المزيد من المساعدات من داخل البلاد، مما يثير مخاوف المعارضة من خضوع الغذاء والمساعدات الأخرى لسيطرة الحكومة.
وتنبّه منظمات عدة إلى مخاطر مترتبة على السماح لدمشق بوضع يدها على إدخال المساعدات، خشية تسييسها وحرمان المحتاجين منها. وشددت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي من كبرى المنظمات العاملة في إدلب والمناصرة لتمديد العمل بآلية المساعدات عبر الحدود، على مسؤولية مجلس الأمن في "حماية السوريين أينما كانوا، وضمان عدم تعريض الأرواح للخطر".
ونبّهت منظمة ميد غلوبال التي تدير عيادات ومستشفيات وبرامج تلقيح في إدلب إلى أن "نقل السيطرة على باب الهوى، الذي يتدفق عبره الغذاء والدواء وحليب الأطفال... من طرف محايد (الأمم المتحدة)، إلى نظام ذبح شعبه وشرد نصف عدد السكان، سيؤدي إلى مزيد من الموت والمعاناة بين المدنيين الأبرياء وسيطلق أزمة لاجئين" جديدة.
أسفر الزلزال المدمر عن مقتل أكثر من 6000 شخص في سوريا وحدها، وفقاً للأمم المتحدة.
الزلزال زاد الطين بلة!
لكن في الواقع، وبعيداً عن الصراعات السياسية، شكل باب الهوى شرياناً حيويّاً لدخول المساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون، يعيشون في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة في إدلب ومحيطها. ويحتاج هؤلاء، وفق الأمم المتحدة، إلى مساعدات إنسانيّة للاستمرار بعد سنوات من النزاع والانهيار الاقتصادي وتفشي الأمراض وفقر متزايد فاقمه الزلزال. وضرب زلزال مدمر بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر شمال سوريا وجنوب تركيا في شباط/فبراير من هذا العام، مما أسفر عن مقتل أكثر من 6000 شخص في سوريا وحدها، وفقاً للأمم المتحدة.
اضطر الآلاف للنزوح من جديد في إدلب وفي سوريا بشكل عام، بينما وجد نازحون سابقون يعيشون في المنطقة الحدودية أنفسهم مضطرين للعودة إلى سوريا، إما لمساعدة أسرهم في إعادة بناء حياتهم أو لأن الزلزال دمر ما بنوه في تركيا طيلة السنوات الماضية.
س.س/م.ب/خ.س (أ ب، أ ف ب، رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: شمال غرب سوریا المساعدات عبر الأمم المتحدة عبر باب الهوى مجلس الأمن عبر الحدود فی سوریا فی إدلب
إقرأ أيضاً:
وسط تحديات الحروب وقوانين الهجرة وتقليص المساعدات الأمم المتحدة تعيد تقييم استراتيجيتها الخاصة باللاجئين
جنيف"أ ف ب": في ظلّ تصاعد النزاعات المسلحة، وتسييس قوانين اللجوء، وتقليص المساعدات الدولية، تعتزم الأمم المتحدة إعادة تقييم استراتيجياتها المتعلقة باللاجئين بدءا من بعد غد في جنيف.
خلال اجتماع لاستعراض التقدّم المحرز في المنتدى العالمي للاجئين، والذي يستمر حتى الأربعاء لربط منتديات 2023 و2027، ستناقش الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأكاديميون إنجازات السنوات الأخيرة، وسيعملون على طرح حلول جديدة.
ومن المتوقع أيضا الإعلان عن التزامات الجهات المانحة خلال هذا الاجتماع الذي يأتي في وقت تواجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أزمة عميقة، إذ خلال عشر سنوات تضاعف تقريبا في مختلف أنحاء العالم عدد النازحين قسرا، والذي قُدّر بنحو 117,3 مليون شخص عام 2025، بينما يتراجع التمويل الدولي للمساعدات بشكل حاد، لا سيما منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
فالتخفيضات التي أجرتها واشنطن والتي كانت تُساهم سابقا بأكثر من 40% من ميزانية المفوضية، معطوفة على القيود المفروضة على الميزانية في دول مانحة رئيسية أخرى، أجبرت المنظمة على الاستغناء عن أكثر من ربع موظفيها منذ بداية العام، أي نحو 5 آلاف موظف.
وقال رئيس قسم الميثاق العالمي للاجئين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نيكولاس براس للصحفيين "إنه ليس وقت التراجع، بل وقت تعزيز الشراكات وتوجيه رسالة واضحة للاجئين والدول المضيفة بأنّهم ليسوا وحدهم".
ارتفع عدد الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من الاضطهاد والنزاعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والاضطرابات الخطرة في النظام العام عام 2024، ليصل إلى رقم قياسي بلغ 123,2 مليون لاجئ ونازح داخلي وطالب لجوء.
في نهاية عام 2024، كان ما يزيد قليلا عن ثلث هؤلاء الأشخاص من السودانيين (14,3 مليون)، والسوريين (13,5 مليون)، والأفغان (10,3 ملايين)، والأوكرانيين (8,8 ملايين).
وأكد براس أنّ "الدعم المقدّم للاجئين مستمر في مختلف أنحاء العالم"، مشيرا إلى أنّ "ثلثي الأهداف" التي حُددت في المنتدى العالمي الأخير عام 2023 "قد تحققت أو في طريقها إلى التحقق".
- تقاسم المسؤولية غير متكافئ -
بحسب مفوضية اللاجئين، اعتمدت عشر دول قوانين جديدة تسمح للاجئين بالعمل منذ عام 2019، ما مكّن أكثر من نصف مليون شخص من الاستفادة. كما عززت عشر دول أخرى أنظمة اللجوء لديها، من بينها تشاد التي اعتمدت أول قانون لجوء في تاريخها.
لكن في تقرير حديث، أشار رئيس المفوضية فيليبو غراندي، إلى أن "هذا العام شهد انخفاضا حادا في التمويل"، لافتا إلى أن "الحلول الحالية لا تزال بعيدة كل البعد عن تلبية الاحتياجات العالمية".
وأكد أنّ "التقدّم الذي تحقق بصعوبة مهدد بشكل خطر"، داعيا إلى "تجديد الإرادة السياسية، وتوفير تمويل مستدام، وتعزيز التعاون المتعدد الأطراف المتماسك".
وأشار براس إلى أن "الوضع العالمي يتدهور وسط نزاعات مستمرة، وخسائر قياسية في صفوف المدنيين، وتزايد الانقسامات السياسية، مما يُفاقم نزوح السكان ويُرهق النظام بشدة".
ولاحظت المفوضية أن تقاسم المسؤولية لا يزال غير متكافئ، فالدول التي لا تملك سوى 27% من الثروة العالمية تستضيف 80% من لاجئي العالم. وأكدت المنظمة حديثا أنّ ثلاثة أرباع النازحين يعيشون في بلدان معرضة بشدة أو بشكل بالغ لمخاطر المناخ.
وبدءا من بعد غد الاثنين، ستركز المحادثات بين نحو 1800 مشارك مع 200 لاجئ، على خمسة محاور: التمويل المبتكر، والإدماج، وسبل آمنة إلى بلدان ثالثة، وتحويل مخيمات اللاجئين إلى مستوطنات إنسانية، والحلول طويلة الأمد.
وستُعقد فعاليات جانبية تُركز على حالات النزوح الكبرى، بما في ذلك تلك المتعلقة بسوريا والسودان وأزمة لاجئي الروهينغيا.
ويأتي هذا الاجتماع بعد فترة وجيزة من الإعلان الجمعة عن تعيين الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيسا جديدا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وسيتولى صالح مهامه في يناير خلفا لغراندي الذي أمضى عشر سنوات على رأس المفوضية.