آخر هذه التطورات كان ما كشفه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأسبوعية الأخيرة، الخميس الماضي، فيما يتعلق بتفاصيل استهداف السفينة "توتور" التي تتبع شركة يونانية انتهكت قرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلّة، حَيثُ أوضح القائد أن مجاهدي البحرية اليمنية تمكّنوا من الصعود على متن السفينة وتفخيخها وتفجيرها بعد استهدافها بزورق مسيَّر وصواريخ وطائرات مسيَّرة.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن تفخيخ سفينة بعد استهدافها، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن تنفيذ هجوم بزوارق مسيرة؛ وهو ما يشير إلى أن العمليات البحرية اليمنية انتقلت بالفعل إلى مستويات أعلى؛ مِن أجلِ تشديد الحصار البحري على الكيان الصهيوني.

وقد وزع الإعلام الحربي الأسبوع الماضي مشاهدَ غيرَ مسبوقة وثّقت عن قرب شدة انفجار الزوارق اليمنية المسيرة لحظة إصابتها للسفينة، وهو توثيقٌ يثبتُ قدرة القوات البحرية اليمنية على الانتشار في مسرح العمليات البحرية والاقتراب من السفن برغم التواجد المكثّـف للقطع الحربية والطائرات الأمريكية والبريطانية والأُورُوبية.

وكشف الإعلام الحربي، الجمعة، أن الزورق المسيَّرَ الذي تم استخدامه في الهجوم هو من نوع "طوفان-1" مُشيراً إلى أنه زورق هجومي يحمل رأسًا حربيًّا يزن 150 كيلوجرامًا، ويمتازُ بسرعة عالية وقدرة كبيرة على المناورة والتخفي، حَيثُ تصل سرعته إلى 35 ميلًا بحريًّا في الساعة.

وأكّـد الإعلام الحربي أن الزورقَ يُستخدَمُ ضد الأهداف البحرية القريبة (الثابتة والمتحَرّكة).

ونشر الإعلام الحربي مشاهدَ عرضت لأول مرة إجراءَ تجربة ناجحة لاستخدام زورق "طوفان-1" ضد هدف بحري، وقد أظهرت المشاهد أن الزورق يتحَرّك بشكل متعرج أثناء توجّـهه نحو الهدف؛ وهو ما يجعل محاولةَ اعتراضِه صعبةً، كما أظهرت قوتَه الانفجارية الكبيرةَ التي تجعل منه سلاحًا تدميريًّا ضد الأهداف البحرية القريبة.

ويمثل الكشف عن زورق "طوفان-1" المسيَّر بعد الهجوم النوعي المدمّـر على سفينة "توتور"، تأكيدًا واضحًا على مضي القوات المسلحة اليمنية في تثبيتِ معادلات المرحلة الرابعة من التصعيد على ميدان المواجهة ووضع الشركات المتورطة في التعامل مع العدوّ الصهيوني أمام حقيقة الخطرِ الكبير الذي يواجه سفنها وحقيقة زيف كُـلّ الوعود والدعايات الأمريكية والبريطانية بشأن حماية هذه السفن.

إخفاقٌ أمريكي معلَن: آيزنهاور تستعد للمغادرة:

تصعيد نوعية وشدة العمليات البحرية اليمنية المساندة لغزة دفع أكثرَ بالفشل الأمريكي والبريطاني إلى الواجهة، حَيثُ أفاد موقع المعهد البحري الأمريكي (يو إس إن أي نيوز) بأنه من المقرّر أن تغادرَ حاملة الطائرات "آيزنهاور" البحر الأحمر وسيتم تعويضها بحاملة طائرات أُخرى تتواجد في المحيط الهادئ قد تكون "يو إس إس روزفيلت"، مُشيراً إلى أن "آيزنهاور" ستنتقل إلى البحر المتوسط بعد انتشارِها لأكثرَ من ثمانية أشهر في البحر الأحمر، ومن ثَمَّ ستعودُ إلى الولايات المتحدة.

وكان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد كشف في كلمته يوم الخميس الماضي عن تنفيذِ عملية استهداف ثالثة لحاملة الطائرات الأمريكية "آيزنهاور" الأسبوع الماضي، مُشيراً إلى أنه تمت "مطارَدة" الحاملة خلال العملية.

وستسلط مغادرةُ "آيزنهاور" الضوء على فشل البحرية الأمريكية في مهمة الحد من العمليات البحرية اليمنية المساندة لغزة، حَيثُ فشلت حاملة الطائرات ومجموعتها "الضاربة" من المدمّـرات والسفن الحربية في تحقيق أي ردع، بل تصاعدت العمليات اليمنية، وتعرضت القطع الحربية الأمريكية والبريطانية والأُورُوبية نفسها لهجمات أجبرتها على الهروب وتغيير طريقة انتشارها؛ وهو ما يعني أن استبدال "آيزنهاور" لن يغيِّرَ أيَّ شيء.

هذا أَيْـضاً ما أكّـده تقريرٌ جديدٌ نشرته صحيفة "واشنطن بوست" السبت، أكّـدت فيه أن "الحملة الأمريكية لم تردع الحوثيين" بحسب وصفتها، مشيرة إلى أن "الهجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر أكّـدت قدرة اليمنيين على تشكيل تهديد مستدام".

وأشَارَت الصحيفة الأمريكية إلى أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك "ترسانةَ أسلحة تتطور بشكل متزايد"، لافتة إلى أنه جرى خلال هذا الشهر فقط "إغراق سفينة وإشعال النار في أُخرى".

وأضافت أن مقاتلي القوات المسلحة اليمنية "الذين يعملون على الأرض وفي الماء، أطلقوا أسراباً من الطائرات بدون طيار على السفن الحربية الأمريكية، ونشروا قارباً يتم التحكم فيه عن بُعد ومليئاً بالمتفجرات".

وقالت: إن اليمنيين "تعلَّموا كيفيةَ تعديل الأسلحة القديمة وتصنيع أسلحة جديدة، ليصبحوا أولَ مجموعة تستخدم الصواريخ الباليستية المضادة للسفن لضرب أهداف بحرية، وفقًا لكبار القادة العسكريين الأمريكيين".

ونقلت الصحيفة عن جيرالد فيرستاين، السفير الأمريكي السابق في اليمن قوله: إنه "لا يمكنُ إعاقةُ قدرة (اليمنيين) على بناء قدراتهم".

وَأَضَـافَ فيرستاين: "لقد زادت قدراتهم بالتأكيد منذ أن بدأوا حملتهم، لطالما كان لديهم الحافز لمواصلة هذه الهجمات، فقد أثبتوا أن لديهم القدرةَ على القيام بذلك".

وأوضحت أنه منذ بدء العمليات اليمنية "سجَّل البنتاغون أكثرَ من 190 هجومًا على سفن عسكرية أمريكية أَو سفن تجارية قبالة سواحل اليمن، بما في ذلك ما يقرب من 100 هجوم منذ بدء موجات الضربات الجوية الأمريكية في يناير".

ونقلت عن السيناتور مايك راوندز قوله: إن "التكنولوجيا المحسَّنة جعلت أنظمتهم أكثرَ دقة" في إشارة إلى تطور القدرات اليمنية، مُضيفاً أن "كل نوع من أنواع الأنظمة المختلفة لديه قدراته الخَاصَّة، وهو أكثر تقدُّمًا مما كان عليهم أن يبدؤوا به".

 

*المسيرة نت  

 

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: العملیات البحریة البحریة الیمنیة الإعلام الحربی إلى أن

إقرأ أيضاً:

صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة

 

مع إعلان صنعاء الانتقال إلى المرحلة الرابعة من عمليات الحصار البحري ضد كيان الاحتلال، تدخل المواجهة العسكرية فصلاً أكثر جرأة في سياق تصعيد متدرّج بدأ مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتنامى على مراحل اتّسمت بالتوسع المدروس في بنك الأهداف. حيث تعتبر هذه المرحلة تراكم عملياتي تصاعدي، انتقل من استهداف السفن المرتبطة مباشرة بموانئ الاحتلال، إلى فرض معادلة عقابية شاملة تشمل كل شركة تواصل التعامل مع تلك الموانئ، أيّاً كانت جنسيتها أو وجهة سفنها.

وتشمل المرحلة الجديدة رصد واستهداف السفن التابعة لكبرى شركات الشحن البحري في العالم، مثل ميرسك، CME، Hapag-Lloyd، Evergreen وغيرها. لا يقتصر التهديد على السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، بل يشمل كل سفينة مملوكة لشركات تتعامل تجارياً مع تلك الموانئ، أينما وجدت. وقد بدأ الرصد الفعلي للسفن العاملة في خطوط الإمداد بين موانئ المتوسط الشرقي والموانئ المحتلة، إضافة إلى ناقلات النفط المرتبطة بعمليات التزويد اليومي لكيان الاحتلال.

كما تحرص صنعاء على توثيق عملياتها كمشاهد عملية إغراق السفن ومنها ما كان متجهاً إلى ميناء إيلات. وعلى الرغم من أن الميناء مغلق منذ أشهر، إلا أن التصعيد الأخير يستهدف توسيع نطاق الحظر ليشمل ميناءي حيفا وأسدود، وهو ما يُعد تطوراً استراتيجيا في عمق البحر الأبيض المتوسط.

المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجد نفسها أمام خصم لا يتبع نمطاً تقليدياً في التموضع أو الاستهداف. كما أن البنية غير المركزية لعمليات صنعاء، واعتمادها على التضاريس الجغرافية والانتشار المرن، يقلل من فعالية الضربات الجوية، ويجعل الرد الإسرائيلي أقرب إلى المعاقبة الرمزية منها إلى الفعل الرادع. ويقول الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم، إلى أن عدم وجود قواعد عسكرية دائمة أو منشآت حساسة واضحة للاستهداف في اليمن، فضلاً عن فاعلية الأجهزة الأمنية لدى صنعاء، جعل كل محاولات الرد الإسرائيلية أقرب إلى محاولة “إرباك” داخلية دون مكاسب عملياتية.

الولايات المتحدة، التي حاولت في الأشهر الماضية تنفيذ ضربات استباقية ضد أهداف في اليمن، فشلت بدورها في ردع صنعاء أو إيقاف عملياتها البحرية. الموجة الأولى من الضربات الأميركية لم تحقق أي أثر استراتيجي يُذكر، بل تسببت أحياناً في تقوية سردية صنعاء داخلياً، باعتبارها طرفاً يتعرض للعدوان بسبب موقفه السياسي من غزة.

المفارقة أن صنعاء، رغم التفاوت الهائل في الإمكانيات العسكرية مقارنة بواشنطن أو تل أبيب، استطاعت الحفاظ على نسق عملياتي مستمر، بل ورفع سقف التصعيد على مراحل، ما يدل على أن الردع الأميركي لم يعد كافياً في التعامل مع الجهات الفاعلة غير التقليدية في المنطقة.

بالتوازي مع هذا المسار العسكري، يتكرّس تحوّل سياسي لا يمكن تجاهله. فالحكومة في صنعاء، التي وُصفت لسنوات بأنها غير شرعية أو متمردة، باتت تبني اليوم شرعية وظيفية وميدانية نابعة من قدرتها على التأثير الفعلي في موازين الصراع، ليس فقط داخل اليمن، بل في الإقليم. نجاحها في فرض معادلة ردع بحرية، والتزامها بخطاب سياسي منضبط لم يكن يوماً مجرد دعاية، منحها مساحة أكبر من الحضور السياسي والإعلامي في ملفات تتجاوز الحدود الوطنية.

هذه التحولات لا تعني بالضرورة الاعتراف الدولي الرسمي، لكنها تشير إلى واقع سياسي جديد يتشكل في المنطقة، طرفه الأساسي قوى تصاعدت بفعل مراكمة القوة الذاتية، وتماسك الخطاب، وفعالية الأداء العملياتي، لا بفعل التسويات أو الرعاية الدولية.

في مرحلة يشتد فيها الضغط على غزة، تبدو صنعاء كطرف يحافظ على تصعيد ميداني مباشر ضد كيان الاحتلال دون تراجع، ودون أن تنجح محاولات الاحتواء أو الردع في كبحه. التصعيد الأخير لا يعكس فقط تصميماً عسكرياً، بل يشير إلى قدرة استراتيجية على توسيع المساحات التي تستنزف الكيان، وفرض معادلات جديدة في عمق البحر، وسط غياب فعّال لأي رد مكافئ. وإذا استمرت هذه الدينامية، فإن موازين الصراع البحري في شرق المتوسط قد تكون على موعد مع مرحلة أكثر اضطراباً، لا يمكن احتواؤها بالخطاب وحده، ولا بالقصف من الجو.

 

مقالات مشابهة

  • مجلس النواب يبارك مضامين خطاب قائد الثورة ويؤيد المرحلة الرابعة من التصعيد
  • مجلس النواب يبارك المرحلة الرابعة من التصعيد دعما لغزة
  • اليمنيون يباركون اعلان المرحلة الرابعة ويؤكدون جاهزيتهم لمواجعة أي عدوان
  • اللواء القادري: لدينا من المفاجآت بالمرحلة الرابعة ما يردع غطرسة العدو
  • الحوثي: إسنادنا لغزة مستمر وسنستهدف سفن أي شركة تتعامل مع العدو
  • البحرية الأمريكية تعلن تحطم طائرة مقاتلة تابعة لها في وسط كاليفورنيا
  • صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة
  • البحرية اليمنية…إنقاذٌ إنساني في قلب المعركة، ورسالة رادعة من عمق البحر
  • القوات اليمنية تنفذ 3 عمليات ضد الاحتلال بـ5 طائرات مسيرة
  • القوات المسلحة اليمنية تعلن تنفيذ ثلاث عمليات نوعية ضد أهداف إسرائيلية بطائرات مسيّرة