لماذا ترفض الجزائر الحكم الذاتي للصحراء المغربية؟
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
بقلم: نزار بولحية
وهل هناك ما يضطرها أصلا لأن تبرر قرارا من قراراتها السيادية؟ أليس لها مطلق الحرية في أن تأخذ الموقف الذي تراه مناسبا؟ قد يحاجج البعض. لكن هل يمكن أن تكون لدولة ما حرية أخذ موقف قد لا يمس فقط بدولة جارة، بل يؤثر أيضا حتى على الإقليم بأسره؟ الإشكال هو أن الجزائر التي ما فتئت تكرر في كل مناسبة بأنها ليست طرفا من أطراف النزاع الصحراوي، وأنها تقبل بما يقبل به أصحاب الشأن، ما زالت ترفض وبشدة طرح العرض المغربي بالحكم الذاتي للصحراء على طاولة النقاش.
من المؤكد أن هناك جدارا عاليا وسميكا يفصل بين الجزائريين، والمقترح الذي قدمته الرباط إلى الأمم المتحدة منذ ما يقرب من عشرين عاما، لكن ماذا لو حدثت ثغرة غير منتظرة في ذلك الجدار، وخرج غدا، على سبيل المثال، زعيم البوليساريو إبراهيم غالي مع مجموعة من رفاقه من قادة الجبهة، ليقرأ على الصحافيين البيان التالي: بعد تجربة طويلة امتدت لأكثر من خمسة عقود حاولنا فيها بشتى الأساليب العسكرية والدبلوماسية أن نصل لهدفنا، استنتجنا اليوم أنه لا مفر لنا من أن نحكم العقل بدلا من القوة والتهديد، ونراجع أنفسنا قبل كل شيء ونقوم بنقدنا الذاتي ونعترف بالاخطاء التي ارتكبناها على مدى السنوات الماضية، ونقر، ومن باب الحرص على مصلحة الصحراويين أولا، والرغبة في حقن الدماء، وإزالة كل العقبات والعوائق التي تقف أمام تحقيق وحدة ورفاه واستقرار دول وشعوب المنطقة المغاربية، بأن المقترح المغربي للحكم الذاتي للصحراء بات يمثل بالنسبة لنا الحل العملي والواقعي والتوافقي والنهائي الأفضل لمشكل الصحراء؟
ربما قد لا تبدو تلك الفرضية واقعية بنظر البعض، وربما قد يقول عنها آخرون إنها ليست منطقية بالمرة، فلن يكون من الممكن بالنسبة لأفراد قضوا ردحا كبيرا من أعمارهم في الدفاع عن فكرة الانفصال، أو الاستقلال، أن يحيدوا عنها بسهولة وبعد سنوات طويلة من تشبثهم بها، لأن ذلك سوف يعني وببساطة، أنهم سيحفرون قبورهم بأيديهم، ولن يكون مستبعدا ساعتها النظر إلى تصرفهم على أنه نوع من الخيانة، ويكونون بالتالي عرضة لانقلاب داخلي يعصف بهم، لتوجه إليهم وعلى الفور تهم العمالة للمخزن، وهو المصطلح الذي درجت أدبيات البوليساريو على استخدامه باستمرار، في إشارة إلى النظام المغربي، لكن إن حدث ذلك فهل سيحصل فقط بعد تلقي ضوء أخضر من الجزائر؟ أم أنه سيأتي في سياق مبادرة ذاتية من شق ما داخل البوليساريو؟ ثم كيف سيكون رد فعل الجزائريين في ذلك الوقت؟ وهل أنهم سيتقبلون وبسهولة ما قد يترتب على ذلك الوضع من نتائج؟ لقد بعث رئيسهم الخميس الماضي رسالة إلى غالي بمناسبة عيد الأضحى، جدد له فيها دعم بلاده «الكامل» لما وصفه «بكفاح الشعب الصحراوي الشقيق، وتمسكه بحقه المشروع في تقرير المصير، الذي تقره الشرعية الدولية ويتطلع إليه الشعب الصحراوي الشقيق التواق إلى الحرية والكرامة»، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الرسمية، لكنه قال في مارس الماضي، وفي مقابلة مع وسائل إعلام محلية أن «الشيء الذي يمكن أن أقوله حول القضية في حد ذاتها – أي الصحراوية- إنها قضية عادلة وهي موجودة على طاولة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، ونتمنى أن تصل إلى نهايتها.. وهي ليست موجهة لا ضد أشقائنا المغاربة، ولا ضد أي طرف آخر. وبالنسبة لنا فهذه القضية هي قضية تصفية استعمار، ويوجد حلها إن شاء الله، لأنه لو نستخدم العقل عوض أن نستخدم التهديد والقوة، فإنه سيوجد هناك حل»، وهنا مربط الفرس، فالإشكال الحقيقي يبقى في تحديد طبيعة ذلك الحل. ومن ثم فهل سيكون التأكيد الدائم على الدعم الكامل لما يعتبره الجزائريون حقا للصحراويين في تقرير المصير، بمثابة السيف المسلط على رقاب قادة البوليساريو الذي يمنعهم من الحركة، ويجعلهم غير قادرين على التراجع عن مواقفهم المعروفة من تلك القضية، بغض النظر عن التطورات الإقليمية والدولية التي يعرفها الملف الصحراوي؟ ربما قد يقول البعض إن هناك مبالغة ما، ومن الجهتين وإن هناك تهوينا وتقزيما لدور الجبهة وتصويرا لقادتها، وكأنهم دمى تحركها الجزائر مقابل تضخيم دور الأخيرة، وتقديمها على أنها صاحبة القرار الأول والأخير، في المسألة الصحراوية، لكن ألا توفر الجزائر لذلك التنظيم المسلح كل شيء تقريبا، بدءا بالارض التي يستقر عليها وصولا إلى أبسط الحاجيات والمتطلبات التموينية، وانتهاء بالدعم العسكري والدبلوماسي الواسع وغير المحدود؟ فهل سيكون من الوارد في تلك الحالة أن يملك قادة البوليساريو قرارا منفصلا، أو مستقلا عن القرار الجزائري، وأن تكون لهم خياراتهم وتصوراتهم للمشكل الصحراوي منفصلة عن خيارات وتصورات الجزائر؟ وقد يرد آخرون وما المطلوب من الجانبين فعله حتى تثبت استقلالية الجبهة؟ هل على البوليساريو أن يغادروا الجزائر مثلا ويرفضوا الدعم والمساعدات التي تقدمها لهم؟ وفي تلك الحالة ما البدائل والخيارات التي ستكون موجودة أمامها في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الحالية؟ وما الأطراف أو القوى التي يمكن أن تدخل على الخط تبعا لذلك؟ ثم ما الذي يتعين على الجزائر أن تقوم به، وهي التي كانت توصف في وقت من الأوقات بانها كعبة الثوار، وبنت خطابها الرسمي على دعم الشعوب والحركات الثورية؟ هل عليها مثلا أن تقطع الصلة نهائيا بالبوليساريو؟ لعل الأمر أبسط من ذلك بكثير فبوسع الجزائر والجبهة إن أرادتا ذلك بالطبع أن تجريا استفتاء شفافا وحقيقيا داخل مخيمات تندوف حول الخيار الذي يفضله السكان، وتعرفا بالتالي إن كان مقترح الحكم الذاتي يبدو مقبولا بنظر هؤلاء أم لا. وربما لن ينطبق هنا على الجانبين مثل البيضة والدجاجة وأيهما سبقت الأخرى، لكن من الواضح جدا أن مشروع الحكم الذاتي يتعارض إلى حد كبير مع مصالحهما، ولنتخيل فقط مغربا أغلق ملفا ظل يستنزف لعقود طويلة جل ثرواته وموارده، ألن يشكل في ذلك الوقت تحديا بالنسبة للدول المغاربية؟ ثم ألا تلتقي مثل تلك الهواجس مع مصالح بعض الفئات داخل الجزائر وداخل البوليساريو، التي ترى أن حفاظها على مواقعها وامتيازاتها يرتبط إلى حد كبير ببقاء ذلك الملف مفتوحا من دون التوصل إلى أي حل واقعي ونهائي له؟ قطعا لن يعد رضوخا للمغرب أن يعدل الجزائريون من موقفهم من الصحراء لان الخاسر الوحيد حينها لن يكون غير أعداء البلدين.
كاتب وصحافي من تونس
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
زين تبدأ تطبيق نظام التوثيق الإلكتروني الذاتي للخطوط المدفوعة مُسبقاً (eKYC)
صراحة نيوز- في إطار جهودها الحثيثة لتبّني التحول الرقمي وتوفير خدمات رقمية متطورة تسهم في الارتقاء بتجربة الزبائن وتلبي تطلعاتهم، واستمراراً لمساهماتها في مجال الاستدامة البيئية وتبني حلول رقمية للمساهمة في الحد من الأثر البيئي لعملياتها؛ أعلنت شركة زين الأردن عن تطبيق نظام التوثيق الإلكتروني الذاتي “اعرف المشترك إلكترونياً” (eKYC) الخاص بتوثيق عقود اشتراكات خطوط المكالمات والإنترنت المدفوعة مُسبقاًبالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين Euronovate السويسرية الرائدة، وشريكها المحلي Business Consult.
وتُجسّد هذه الخطوة ريادة الشركة لسوق الاتصالات المحلي ودورها المحوري كداعم رئيسي لتطوير البنية التحتية الرقمية في المملكة والتزامها الراسخ من خلال توفير حلول متقدمة تلبي احتياجات الأفراد والشركات والمؤسسات، بمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم عبر توفير تجربة رقمية متكاملة لمشتركيها وزبائنها من أصحاب الاشتراكات المدفوعة مُسبقاً، كما تعكس حرص الشركة على الابتكار والتميز في تقديم الخدمات الرقمية الاستثنائية لكافة زبائنها، كما تنسجم هذه الخطوة مع رؤية التحديث الاقتصادي للتحول الرقمي وتسهم في بناء منظومة رقمية متطورة أكثر كفاءة واستدامة.
ويتيح نظام التوثيق الإلكتروني الذاتيeKYC)) لكافة الزبائن تفعيل خطوطهم الجديدة ذاتياً المدفوعة مُسبقاً عبر كافة قنوات البيع التابعة لشركة زين مثل معارض الشركة، ومتجر زين الإلكتروني eshop.jo.zain.com حيث تتسم عملية التفعيل بالبساطة والسرعة والأمان مما يساعد في توفير الجهد والوقت، ويتم التحقق من الهوية إلكترونياً باستخدام هوية الأحوال المدنية الأردنية أو الهوية الرقمية “سند” أو جواز السفر، كما سيتمكّن مشتركو زين من أصحاب الخطوط المدفوعة مُسبقاً الحصول على نسخة إلكترونية من عقودهم الموثقة من خلال إرسالها من قِبل شركة زين الأردن إلى أرقام خطوطهم، الأمر الذي يعزز من مرونة الاستخدام ويواكب تطلعات المشتركين فيما يخص التحول الرقمي.
ويُسهم تطبيق نظام التوثيق الإلكتروني الذاتي وعلى كافة المستويات لا سيّما المستوى التشغيلي في تحسين كفاءة العمليات بشكل ملموس، حيث تم تقليل الوقت اللازم لتفعيل الخطوط بنسبة تتراوح بين 30 و40% ، فيما أسهم في رفع معدلات التحول الرقمي بنسبة 12% عبر القنوات الإلكترونية منذ بدء تطبيقه خلال العام 2024 وحتى اليوم.
وعلى المستوى البيئي الذي توليه شركة زين الأردن اهتماماً خاصاً -كون التغيّر المناخي يُمثل تحدياً بيئياً واقتصادياً واجتماعياً- فتنعكس هذه الخطوة إيجاباً على جهود زين في تحقيق الاستدامة؛ وباعتبارها أولى الشركات الأردنية التي تنبّهت للأثر البيئي في عملياتها، بدأت الشركة في أتمتة عملياتها منذ عدّة أعوام سابقة عبر تقليل استخدام الورق والاعتماد على العقود الإلكترونية والشاشات الرقمية، فمن خلال هذا النظام تعمل زين على تقليل الاعتماد على المُستندات الورقية، حيث وفّرت الشركة أكثر من 2.5 مليون ورقة سنوياً، مما أسهم في الحفاظ على نحو 312 شجرة، والذي نتج عنه تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 170,000 كغم وتوفير أكثر من 2.5 مليون لتر من المياه، بالإضافة إلى الحد من توليد ما يقارب 12 طناً من النفايات الورقية حتى اليوم، الأمر الذي يرسّخ التزام الشركة بالمساهمة في الحِفاظ على البيئة وتقليل أثر عملياتها على المناخ لضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة، حيث تعمل الشركة منذ أعوام وانطلاقاً من استراتيجيتها في الاستدامة 2020-2025 على اعتماد مُمارسات صديقة للبيئة، كخفض استهلاك الموارد الطبيعية واستبدالها بالاعتماد على توظيف الحلول الرقمية التي تدعم الاقتصاد الأخضر.
في إطار التزامها بتطويع عملياتها التشغيلية بما يتماشى مع استراتيجيتها لإدارة الاستدامة، وضمن جهودها المتواصلة لتعزيز الممارسات البيئية المستدامة ونشر الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، تواصل شركة زين الأردن تنفيذ سلسلة من المبادرات النوعية التي تُجسد التزامها البيئي، فقد نجحت الشركة في الحد من استهلاك المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بنسبة تجاوزت 50% في جميع عملياتها، من خلال تطبيق ممارسات بيئية تقلّل من الأثر البيئي داخل بيئة العمل وبين الموظفين، وعبر الخدمات المقدّمة لزبائنها، كما واصلت زين جهودها الرامية إلى حماية البيئة البحرية من خلال مشاركتها لأربع مرات في حملة تنظيف جوف البحر الأحمر في مدينة العقبة، بالتعاون مع شركة مشروع البحر للتوعية الخيرية “ProjectSea” وشركة أبو شقرة التجارية، حيث تم استخراج 80 كيلوغراماً من النفايات، ووصل مجموع ما تم جمعه خلال مشاركات زين المتتالية إلى أكثر من 280 كيلوغراماً من المخلفات البلاستيكية والمعدنية وشِباك الصيد القديمة، فيما حرصت على فصل النفايات لإعادة تدويرها.
وتسعى زين بشكل مستمر إلى ترسيخ ثقافة العمل التطوعي، وتشجيع أفراد المجتمع على تبنّي الممارسات الصديقة للبيئة، وتنمية الحس بالمسؤولية البيئية ودعم الجهود الوطنية في التصدي لتحديات التغير المناخي للحفاظ على البيئة وتعزيز جودة الحياة، وتواصل الشركة جهودها لحماية البيئة من خلال عقد شراكات فاعلة مع عدد من الجهات المحلية، من بينها اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع الجمعية الملكية لحماية الطبيعة لتمويل مشروع استدامة شجرة الأردن الوطنية “الملّول” في محمية غابات اليرموك، حيث عملت الشركة على إعادة تأهيل مساحة ضمن المحمية وتحسين حالة الأشجار المتدهورة وإصلاح النظام الأيكولوجي من خلال تمويلها وتزويدها بشجرة الملول، وتخصيص منطقة داخل المحمية تحمل اسم “زين” تمّت زراعتها بـ 250 شجرة، كما تواصل زين دعمها للمزارعين الأردنيين الأقل حظاً من خلال مشاركتها في مشروع القافلة الخضراء بالتعاون مع الجمعية العربية لحماية الطبيعة، والذي يهدف إلى تمكين المزارعين اقتصادياً وتحسين مستواهم المعيشي من خلال ضمان دخل مستدام واستعادة قدراتهم الإنتاجية، حيث بلغ عدد المزارعين المدعومين حتى اليوم 55 مزارعاً. وبالإضافة إلى ذلك تواصل زين وبشكل دوري زراعة غابتها الكائنة في منطقة ثغرة عصفور بمحافظة جرش، بالتنسيق مع وزارة الزراعة ومديرية الحراج، في خطوة تعكس التزامها العميق بالحفاظ على الغطاء النباتي ودعم التنوع الحيوي في الأردن، حيث وصل العدد الإجمالي للأشجار التي قامت الشركة بزراعتها حتى اليوم ضمن برامجها ومبادراتها في مختلف محافظات ومناطق المملكة إلى 18,750 شجرة، فيما تطلق الشركة باستمرار حملات توعوية عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي تتناول العديد من المواضيع البيئية، وتهدف من خلالها إلى نشر الوعي وتعزيز الممارسات المستدامة بين أفراد المجتمع، وبما يُسهم بترسيخ ثقافة الحفاظ على البيئة وتحفيز تغيير السلوك تجاه الموارد الطبيعية.