أصحاب الهمم.. قصص ملهمة في ذاكرة التحدي
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
استأثر طلبة الإمارات من فئة أصحاب الهمم بالأضواء خلال تصفيات الدورة الثامنة من تحدي القراءة العربي على مستوى الدولة، وصولاً إلى الحفل الختامي وتتويج الفائزين، وكانوا نماذج تحتذى في قوة الإرادة والمثابرة والثقة بالنفس.
كشفت المنافسة بين الثلاثة الأوائل على مستوى الدولة عن مستويات لافتة في الاجتهاد والتحصيل والقراءة المكثفة المعمقة، والقدرة على الاستيعاب، والتعبير عن الأفكار بدقة كبيرة.
بإرادة لا تلين، استطاع الطالب سليمان خميس سليمان الخديم من الصف الخامس في مجمع زايد التعليمي بدبا الفجيرة، التغلب على تحديات عدة، وعقبات واجهته منذ الولادة، لكنه لم يستسلم، وهو اليوم صاحب المركز الأول في الدورة الثامنة من تحدي القراءة العربي على مستوى دولة الإمارات في فئة أصحاب الهمم.
قرأ سليمان 350 كتاباً متنوعاً، وعمل بجد واجتهاد، ما مكنه من تحقيق هدفه والظفر باللقب الغالي.
يقول سليمان خميس الخديم: «ولدت في دبا الفجيرة، وأنا أعاني شللاً في أطرافي السفلية، كما واجهت صعوبة في النطق، وخاصة في بعض مخارج الحروف، ولكن بفضل دعم أسرتي استطعت التغلب على هذه الإعاقة».
إرادة لا تليناسمها غاية، وليس لغاياتها سقف.. هي الطالبة غاية زين الله الكربي من الصف التاسع في مدرسة الباهية المشتركة بأبوظبي، صاحبة المركز الثاني في الدورة الثامنة من تحدي القراءة العربي على مستوى دولة الإمارات في فئة أصحاب الهمم.
قرأت غاية 50 كتاباً، وطموحها دائماً المركز الأول.
عانت غاية زين الله الكربي منذ ولادتها بسبب الجلوكوما «الماء الأزرق» وهو ما سبب لها ضعفاً في البصر، لكنه لم يقف حائلاً أمام طموحاتها وغاياتها.
تقول غاية: كبرت وبنيت شخصية قوية قارئة متحدثة، ومن هواياتي القراءة والكتابة والاطلاع وحب السفر للتعرف إلى الحضارات الأخرى، وهذه هي مشاركتي الثالثة في تحدي القراءة العربي.
درس في الإصراريقدم الطالب عبد الرحمن علي آل علي من الصف السابع في مجمع زايد التعليمي - قطاه في الشارقة، نموذجاً ملهماً في قوة الإرادة، وقد استحق أن يكون من بين نخبة أبطال الإمارات في فئة أصحاب الهمم خلال تصفيات الدورة الثامنة من تحدي القراءة العربي على مستوى الدولة، حيث حل في المركز الثالث.
عانى عبد الرحمن ضعفاً حاداً في بصره، لكنه عاش طفولته مثل أقرانه ومارس هواياته المفضلة كالقراءة وكرة القدم، وكان يقضي بعضاً من وقت فراغه في ممارسة الألعاب الإلكترونية.
وعلى الرغم من معاناته بسبب ضعف البصر، استطاع عبد الرحمن قراءة 40 كتاباً خلال مشاركته في الدورة الثامنة من تحدي القراءة العربي.
يقول عبد الرحمن آل علي إنه لم يَسْلَم من التنمر من بعض زملائه في المدرسة، والتحدي الأكبر الذي واجهه هو عدم قدرته على الجري بسرعة بسبب مشكلته البصرية.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات أصحاب الهمم تحدي القراءة العربي الإمارات فئة أصحاب الهمم عبد الرحمن
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: شرائح القراءة
أنشد إسحاق الموصلي بيتين هما:
هل إلى نظرة إليك سبيل.. فيروى الصدى ويشفى الغليلُ
إن ما قل منك يكثر عندي.. وكثير ممن تحب القليلُ
فقال له الأصمعي: لمن تنشد، فقال لبعض الأعراب، فقال هذا والله هو الديباج الخسرواني، لكن إسحاق رد: بل هما لليلتهما، فقال الأصمعي: لا جرم، والله إن آثار الصنعة والتكلف بينٌ عليهما.
وهنا نرى حال التذوق وارتباطه بالسياق الثقافي، ففي زمن الأصمعي كانت تسود الرغبة في ثقافة التدوين والرواية وهذه مهنةٌ ثقافية جليلة صنعت لنا ذاكرة عظيمة في الشعر والحكايات، ولولا ذلك الجهد لضاعت ذاكرة العرب ولم نرث عن الماضي هذه الثروة العظيمة التي خلدها لنا المدونون، ومنهم الأصمعي، ولذا فقد طرب الأصمعي لذلك الخبر الشعري المذهل الذي نقله إسحاق الموصلي عن بعض الأعراب، ولكن حين تبين للأصمعي أن اللؤلؤة التي جلبها الصياد ليست حقيقيةً، ومن ثم تحولت لتصبح محاراً، وخاب ظنه بلؤلؤته التي لم تعد أعرابية كما ظن ابتداءً، وهنا تهشمت الذاكرة وذابت الدهشة، والدهشة في عمقها هي حال ذاكرة تبحث لها عن سياق تتموضع فيه كما نتحرك باتجاه رائحة القهوة أو رائحة خبز الأم (وهنا يحضر محمود درويش)، لكن لو اكتشفنا أن الرائحة مزورةٌ وليست أصيلةً فهنا تحدث الخيبة، وينقلب الحكم من إعجاب ودهشة إلى حس بليد لا يغني توق الروح لذاكرة بعيدة تم استحضارها فجاءة.
وهذا يشير إلى أن أنظمة الاستقبال، ومعها أنظمة الحكم على أي نص نستقبله، فأنت تستقبل النكتة بغير ما تستقبل مقولةً فلسفية، والذهن معهما يتصرف بناء على مفهوم (أفق التوقع)، وهو أحد مفاهيم نظرية الاستقبال، وكذلك ما نفعله، مجتمعياً، بين أن نتحدث مع سيدة كبيرة في السن أو شاب مراهق، وبمجرد حضور إحدى هاتين الشخصيتين يتغير الخطاب ومصطلحات الخطاب، وما هو متوقع منا في الحالين، فنحن نتنازل عن مقعدنا في الطيارة مثلاً من أجل السيدة الكبيرة بمثل ما نتوقع من مراهق شاب أن يتجنب مزاحمتنا في الركوب في حافلة السفر، وإن لم يفعل تذمرنا منه، وكذلك هي حالنا مع النصوص وأنظمة التوقع.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض