المسلة:
2025-05-11@19:48:42 GMT

زعزعة الاستقرار

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

زعزعة الاستقرار

7 أغسطس، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

محمد زكي ابراهيـم

من المعلوم أن هناك مرادفات عديدة للحضارة، تدل عليها، أو تفصح عن محتواها، أو تنطق باسمها، ولا يمكن أن تقوم بدونها. ومن أهمها على الإطلاق: الاستقرار. فهو ركن أساس من أركان البقاء، وعنصر هام من عناصر التقدم. وليس ثمة حضارة يمكن أن تقوم في بلد مضطرب، حتى لو كان يحتكم على ثروات طائلة، ومناخ معتدل، وأرض معطاء، ومياه غزيرة، وغير ذلك من الأمور.

ولم تستطع دول كثيرة في هذا العالم أن تنعم بالرفاهية، والعيش الرغيد، إلا بعد أن أرست أسس الاستقرار السياسي. بل إن الديمقراطية التي باتت مدار الحديث في جميع بقاع الأرض، هي إحدى وسائل الاستقرار هذا !

وقد أدركت بلدان شرق آسيا هذه الحقيقة، فنبذت عنها كل ما له صلة بالصراعات السياسية والحدودية والدفاعية، بعد الحرب الكونية الثانية، وانصرفت عنها نحو البناء والتحديث والإعمار.

وكان من أهم أهداف الدولة العبرية التي أقحمت في قلب العالم العربي، الحيلولة دون استقرار المنطقة، ومنع انتقالها إلى طور جديد من أطوار الحضارة. ذلك أن المستعمرين السابقين، وهم يدشنون هذا الكيان الغريب، لم يغب عن بالهم أن العرب لن يقبلوا بهذا الوضع، ولن يرضخوا له. وسيدخلون معه في نزاعات طويلة. وقد داعب حلم الاستقرار زعامات عربية عمدت إلى الخروج من دائرة هذا الصراع. لكنها لم تستطع أن تحقق ما تمنته. فالقبول بوجود نقيض في المنطقة، يوجع الضمير العربي والإسلامي، ويمنعه من الركون إلى الدعة والسكون.

في الآونة الأخيرة بدأ العراق يتجه نحو الاستقرار النسبي، بعد أن هزم السلفيين الجدد، وشتت شملهم، وأخذ يسير بخطى متسارعة نحو معالجة مشاكله المستعصية. ولم يرق مثل هذا الأمر للكثير من الجماعات، التي وجدت فيه مقدمة لفنائها التام. فحينما يدخل المجتمع في دورة جديدة من الوئام، تسود فيه قيم العمل والإنتاج، لا يبقى ثمة مكان للطارئين والعابثين. لأن الحضارة تستأصل أورامها الخبيثة أولاً بأول.

وآخر ما تفتقت عنه عقولهم الصدئة، افتعال الأزمات، مع بلد عربي مجاور، دون مسوغ. ودون أن يصدر عنه ما يعكر صفو العلاقات الثنائية. وكان هو أحد ضحايا الحروب العبثية التي افتعلت في أواخر القرن العشرين. وبدأ التلويح بمسألة إعادة ترسيم الحدود التي جرت بمبادرة دولية في عقد التسعينات. وأخذ الموضوع يثير حمية الأشخاص الذين كانوا يشعرون بالمرارة من هزائم النظام السابق الفادحة. وبدأوا يمنون النفس بصفحة جديدة من اضطراب حبل الأمن، وزعزعة الاستقرار.

إن من الصعب أن نتخيل أن دولة صغيرة مثل الكويت، تقوم بإثارة مواضيع خطرة، مع بلد كبير مثل العراق، وتعمل على استفزاز نزعات عسكرية خامدة فيه. كل ما في الأمر أن هواة التوتر والفوضى، يقومون – إرضاء لنزواتهم الفجة – للتلويح بفصل جديد من الحروب، يدفعون المجتمع والدولة للغرق فيه، باسم الكرامة والوطنية.

ومن الغريب أن تنساق بعض النخب الثقافية إلى هذه المصيدة، وتتحول إلى داعية حرب، تحت عنوان نموت ويحيا الوطن! وليس ثمة تفسير لهذه الظاهرة سوى تخلخل الوعي. مع أن الثقافة الحية لا تزدهر ولا تنمو إلا مع الاستقرار.

فهل سيتاح للعراق أن يتعالى على جراحه، ويشرع في ترميم ما خربته الحروب، وعلاج ما تركته من ندوب، ويسير بخطى واثقة نحو الحضارة، أو سيبقى أسيراً لمثل هذه الجهات الشعبوية الجاهلة إلى أمد غير معلوم؟

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

سفير بلجيكا: نثمن دور مصر لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط

أكد السفير بارت دي جروف سفير بلجيكا بالقاهرة عمق العلاقات المصرية البلجيكية وتطلع بلاده لتطوير التعاون الثنائي مع مصر فى شتى المجالات، مشيدا بالدور المحوري الهام الذي تلعبه مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدفع التنمية والتحديث الشامل في كافه قطاعات الدولة المصرية في الداخل وفي الوقت نفسه العمل على تعزيز الأمن والاستقرار الاقليمي في منطقه الشرق الأوسط .

وقال السفير البلجيكي في مقابلة أجراها مع الإذاعة المصرية إن مصر باعتبارها شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي، فهي بالتالي شريك استراتيجي لبلجيكا. 

وفيما يخص العلاقات الثنائية ، قال السفير البلجيكي: "علاقات مصر مع بلجيكا قوية وراسخة منذ مطلع القرن الماضي ، وعلى سبيل المثال يعد المطور المعماري البارون امبان الذي أنشأ حي مصر الجديدة تجربة ناجحة لتعمير الصحراء المصرية آنذاك وصاحب فكرة الخروج من الحيز العمراني الضيق لمدينة القاهرة القديمة" .

وأضاف: “العاصمة الإدارية الجديدة تشكل نموذجا للانماء العمراني المتطور والمتكامل لمصر المستقبل”، مشيدا بعظمة تخطيط العاصمة الادارية بما يليق بمصر وبمستوى التطور التكنولوجي في إدارة خدماتها وفق أحدث المعايير العالمية. 

وتابع أن هناك دورا كبيرا للبعثات الأثرية البلجيكية العاملة في مصر حاليا والتي بدأت نشاطها منذ عقود وصاحبت تطور نشاط الكشف الأثري منذ بدايه القرن .

وتحدث السفير بارت دي جروف عن زيارة الملكة اليزابيث ملكة بلجيكا لمصر عام ١٩٢٣ وشغفها بالحضارة الفرعونية وزيارتها لمقبرة توت عنخ آمون بعد اكتشافها . مشيرا إلى أن حفيدتها الأميرة اليزابيث ولية العهد قامت بتكرار نفس الزيارة في عام ٢٠٢٣ احتفالا بمرور قرن من الزمان علي زياره جدتها الكبري ، وهو ما يؤشر على أن لمصر مكانة خاصة في وجدان البلجيكيين .

وحول أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين ، قال السفير بارت دي جروف "الآن هناك تعاون كبير بين مصر وبلجيكا ، فمصر تصدر الفاكهة والخضروات وهناك استثمار وتعاون بلجيكي في مجال صناعة الدواء واللقاحات والطاقة النظيفة ومعالجة القمامة ومعالجة المياه وتنقيتها والتعاون والشراكة مع شركات مقاولات عملاقة تساهم في النهضة العمرانية وانشاء المتحف المصري الكبير " . 

وأضاف أن بلجيكا منفتحة على السوق المصري فى توفير قطع الغيار والالات لمصانع النسيج والهيدروجين الأخضر ، وأن المستثمر البلجيكي بات في حساباته الاستثماريه البحث عن فرص الاستثمار والعمل في مصر وبخاصة بعد التطور المذهل الذي شهدته قطاعات البنية التحتية خلال السنوات العشر الماضية وهو تطور فاق الخيال وفاق في سرعة انجازه كافة التقديرات .

كما أثني السفير البلجيكي علي شبكة الطرق الحديثة التي أنشأتها مصر ، مما ساهم في تطوير قطاع السياحة ليتمكن السياح في التنقل بسهولة ويسر بين منتجعات البحر الأحمر والقاهرة والأقصر وأسوان .

وقال السفير دي جروف إن مجالات التعاون السياحي بين مصر وبلجيكا تمتلك آفاقا واسعة ، خاصة أن السياح البلجيكيين يعشقون مصر ويأتون إليها بأعداد كبيرة . 

وأضاف إنه يأمل بالاضافة إلى مجالات التعاون المذكورة أن يشهد التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية المصرية ونظيرتها البلجيكية طفرة كبيرة في الفتره القادمة ..وأردف: إنه يعتقد ان هذا التعاون سيؤدي الى نتائج مبهرة .

وعبر السفير بارت دي جروف عن سعادته بوجوده في القاهرة قائلا: " هذه المدينة العريقة تشهد في كل يوم تطورا جديدا على مستوى البنية التحتية وشبكات النقل والمواصلات المتطورة لتجمع بذلك بين عبق التاريخ وروح الحداثة " .

وحول التوترات العالمية وتعدد بؤر العالم الملتهبة بالصراعات وتأثير ذلك على برامج التنمية الداخلية في دول العالم ، تحدث السفير البلجيكي عن تجربة بلاده وكيف واجهت تحديات كثيرة بعد الثورة البلجيكية في عام 1830 وكيف أصبحت قوة صناعية في القرن التاسع عشر في مجال الصناعات الثقيلة ، وكيف أصبحت ضحية في الحرب العالمية الأولى والثانية عندما اخترق حيادها ثم صارت جزءا هاما ومؤسسا للاتحاد الاوربي وحلف الناتو وأصبحت بروكسل العاصمة مقرا لهاتين المنظمتين الهامتين بعد الحرب العالمية الثانية. 

واعتبر أن مفتاح نجاح الدول في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية العالمية الصعبة هو اللجوء الى تنويع مصادر القوة الاقتصادية فيها ، وقال " لقد غيرت بلجيكا سياستها الصناعية من الاعتماد علي الصناعات الثقيلة عالية التكلفة الى صناعات أكثر تطورا مثل الصناعات الدوائية والصناعات التكنولوجية بالاضافه للصناعات الوسيطة ، وبالطبع الحفاظ على تجاره الماس وصناعة الشكولاته العريقة التي تميزت بها تاريخيا .

يشار إلى أن السفير البلجيكى لدى القاهرة بارت دي جروف لديه تاريخ دبلوماسي حافل وصاحب خبرة عظيمة ، فقد مثل بلاده في فنزويلا ونيجيريا وماليزيا و الهند وكان سفير لها في افغانستان وقطر وخدم في بروكسل في حلف الناتو وعمل كسفير متجول قي الساحل الافريقي وهو حاصل علي دكتوراه في التاريخ.

طباعة شارك مصر بلجيكا البارون

مقالات مشابهة

  • جهاز دعم الاستقرار ينفذ دوريات على الحدود مع تونس لتعزيز الأمن والاستقرار
  • أبوزريبة يبحث الأوضاع الأمنية وخطط تعزيز الاستقرار بالجبل الأخضر
  • برلماني: التوازن بين المالك والمستأجر في الإيجار يحافظ على الاستقرار
  • عاشور: لا تحسن في السيولة أو الأسعار.. وغياب الاستقرار يقوّض كل إصلاح
  • القبض على شخص أفريقي الجنسية يُتاجر بالمخدرات في طرابلس
  • عُمان صوت العقل ونهج الحكمة
  • السيسي وبوتين: أهمية استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط
  • هنو: جناح مصر ببينالي فينيسيا صورة مشرقة لعراقة الحضارة المصرية
  • سفير بلجيكا: نثمن دور مصر لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط
  • حمدالله يكشف كواليس رحيله عن النصر.. فيديو