بغداد اليوم - متابعة

ازدادت في السنوات الأخيرة، عادة إعطاء الأطفال أدوات رقمية كي يسيطروا على ردة أفعالهم حيال العواطف، تحديداً حينما تكون سلبية.

وتقترح دراسة جديدة نشرت اليوم الثلاثاء (9 تموز 2024)، أن إعطاء الموبايل أو اللوح الإلكتروني (تابلت) للطفل حينما يدخل في نوبة غضب يفسد قدرته على التعامل مع مشاعره.

وبحسب الدراسة، إذا دأب الوالدان على استخدام الأدوات الإلكترونية بغية تهدئة أطفالهم، فقد يخلِّف ذلك مشكلات في قدرة الأطفال بالسيطرة على العواطف، وربما يولد مشكلة في إدارة حالات الغضب لديهم خلال مراحل لاحقة من حياتهم.

ووفق الباحثة، يتعلم الأطفال أشياء كثيرة عن السيطرة على الذات، أي الاستجابات العاطفية والذهنية والسلوكية خلال أوضاع معينة، خلال السنوات الأولى من أعمارهم.

وأوردت الدكتورة فيرونيكا كونوك، المؤلفة الرئيسة للدراسة والباحثة في "جامعة أيوتفوس لوراند" بهنغاريا، أن "نوبات الغضب لا تُشفى بالأدوات الرقمية. يجب أن يتعلم الأطفال بأنفسهم كيفية التعامل مع مشاعرهم السلبية. وكذلك يحتاجون إلى المساعدة من والديهم خلال تلك العملية من التعلم، وليس مساعدة أداة رقمية".  

وأضافت، "في هذه الدراسة أظهرنا أنه إذا قدَّمَ الآباء الأدوات الرقمية باستمرار إلى أطفالهم بغية تهدئة أو وقف نوبة غضب انتابتهم، لا يتعلم الأبناء كيفية السيطرة على مشاعرهم. ويؤدي ذلك إلى مشكلات أكثر حدةً في السيطرة على العواطف خلال مراحل لاحقة في الحياة، خصوصاً مشكلات السيطرة على الغضب".

وفي عام 2020، أجرى البحاثة تقييماً للوالدين في عائلات ما يزيد على ثلاثمئة طفل تراوحت أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات، وتابعوا حالتهم خلال العام الذي تلا ذلك التقييم.

وأكمل الآباء استمارات لتقييم حالة الطفل، وكذلك مدى استعمال الوالدين للوسائط الرقمية.

وبحسب معطيات تلك الدراسة، حينما تزايدت وتيرة استعمال الآباء للتكنولوجيا في السيطرة على مشاعر أطفالهم، أظهر الأخرون قدرات أقل في التعامل مع الغضب والإحباط، خلال السنة التي تلت بداية التقييم.

وكذلك أظهر الأطفال الذين أُعطُوا بشكل متكرر أدوات إلكترونية حينما عانوا مشاعر سلبية، أنهم أقل قدرة في التوصُّل إلى اختيار استجابة مقصودة ومسيطر عليها، فيما أكثروا من اختيار الردود الأوتوماتيكية.

ونُشرت الدراسة في مجلة "آفاق الطب النفسي للأطفال والمراهقين" Frontiers in Child and Adolescent Psychiatry. وبينت أيضاً أن تضاؤل مهارات التعامل مع الغضب في عمر مبكر، يعني أيضاً أن أولئك الأطفال قد قُدمت لهم أدوات رقمية بصورة متكررة كوسيلة للتعامل مع المشاعر.

وأضافت د. كونوك، "ليس من المفاجئ أن يلجأ الآباء إلى الوسائل الرقمية للسيطرة على الحالات العاطفية حينما يعاني أطفالهم مشكلات في ضبط المشاعر. في المقابل، أبرزت دراستنا أن تلك الاستراتيجية قد تؤدي إلى مفاقمة مشكلات موجودة في الأصل".

ويقترح البحاثة أن يعمل خبراء الصحة على تقديم معلومات عن الكيفية التي تمكن الآباء من مساعدة أطفالهم في التعامل مع عواطفهم، من دون إعطائهم هاتفاً ذكياً أو لوحاً رقمياً (تابلت).

وإضافة إلى ذلك، ذكرت الباحثة في "جامعة شِربروك" بكندا والمشرفة الرئيسة على الدراسة، البروفيسورة كارولين فيتزباتريك، أنه "غالباً ما نرى الآباء وقد لجأوا إلى استعمال الألواح الرقمية أو الهواتف الذكية كي يشتتوا انتباه الطفل حينما يكون مضطرباً. ويُخلب الأطفال بالمحتوى الرقمي، ما يجعله طريقة سهلة في وقف نوبات الغضب، وهو أمر فاعل على المدى القصير".

واستطردت فيتزباتريك، "إذا تزايد وعي الناس بأن الوسائل الرقمية ليست بالأدوات الملائمة في شفاء نوبات الغضب، فستستفيد صحة الطفل العقلية والنفسية، وتتحسن حالته العامة".

المصدر: اندبندنت


المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: السیطرة على التعامل مع

إقرأ أيضاً:

اعتراف إسرائيلي بالفشل الإعلامي في التعامل مع تبعات حرب غزة

أكدت مراسلة إسرائيلية تعمل في صحف عالمية، أنه "في الوقت الذي تملأ فيه صور الأزمة الإنسانية في غزة عناوين الصحف العالمية، تجد تل أبيب نفسها ليس فقط تحت وطأة الانتقادات، بل أيضا معزولة".

وأوضحت المراسلة دانييلا غرينباوم في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية وترجمته "عربي21"، أن "الدعم الدولي تآكل منذ فترة طويلة، وأصبح خارج نطاق السيطرة، وهذه المرة، تفقد إسرائيل ثقة حلفائها الأقدم والأكثر موثوقية وهم يهود الشتات، وصناع القرار في الغرب، والصحفيين والمتحدثين الذين دافعوا عنها مرارا وتكرارا".

ولفت غرينباوم التي تعمل مع صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال، إلى أنّ "هذه الخسارة كلّفت الإسرائيليين أثمانا كبيرة، لأننا لسنا أمام مشكلة صورة، بل مشكلة استراتيجية، لأنني قلقة مما يحصل لإسرائيل على مستوى العالم، سواء على صعيد التعثّر في ساحة المعركة، أو في تراجع صورتها في أوساط الرأي العام العالمي، وقلوب من دعموها على مرّ السنين حول العالم".

وأشارت إلى أنني "كشخصية إعلامية، ومن هذا المنظور المهني، من الصعب وصف مدى عمق الإحباط، وحتى الغضب في بعض الأحيان، في مواجهة الإخفاقات المتكررة للدعاية الاسرائيلية، وهذه ليست مجرد أخطاء معزولة، بل مشاكل هيكلية تسبب أضرارا جسيمة وغير ضرورية لها، ومن المؤكد أن الحكومة تتحرك في المقام الأول وفقاً لمصالح الرأي العام الداخلي، لكن القرار بإهمال المجال الإعلامي الدولي بشكل شبه كامل، خاصة أثناء صراع عسكري يجري أمام الكاميرات، يشير إلى قِصَر نظر شديد".

وأوضحت أن "الاستجابة الغريزية المتمثلة في أن "العالم يكرهنا دائمًا" قد تكون مُرضِية عاطفياً، لكنها كارثية من الناحية التكتيكية، وعندما يبدأ الحلفاء المقربون بالابتعاد عن دولة إسرائيل، فإن العواقب ليست رمزية فحسب، بل تعني فقدان النفوذ السياسي، وتراجع الدعم العسكري، وإضعاف الهوية الثقافية، وتضرر المكانة الدولية، وكل ذلك يضرّ بشكل مباشر بالإسرائيليين الذين يفترض أن تحميهم حكومتهم، لأنها لا تخسر سرديتها الإعلامية في مواجهة معارضيها، بل تتخلى ببساطة عن هذه الساحة برمّتها".



وأكدت أن "هيكلية التعامل الاسرائيلية مع وسائل الإعلام في الحكومة عبارة عن فوضى عارمة، لا يوجد متحدث رسمي كبير وفصيح وجذاب يتحدث للجمهور العالمي، وبدلاً من ذلك، يتم تعيين ضباط في الجيش بشكل متكرر لإدارة الحملات الإعلامية، وكأن السيطرة على العمليات الحربية تتحول تلقائياً إلى قدرة معلوماتية، كما يتم استبعاد المتخصصين في مجال الاتصالات العاملين في مختلف الوزارات الحكومية، أو تحييدهم، أو ببساطة إبقاءهم في مناصب قصيرة للغاية بحيث لا يتمكنون من العمل بشكل فعال".

وأضافت أن "الإخفاق الاعلامي الاسرائيلي ليس مردّه مشكلة ميزانية، بل مشكلة أولويات، والحلول بسيطة ومتاحة ورخيصة تتمثل بتعيين متحدث رسمي واحد، محترف، لديه خبرة في وسائل الإعلام الدولية، ويملك سلطة حقيقية للتحدث نيابة عن الدولة في وسائل الإعلام العالمية، شخص فصيح، يعرف لغة ونبرة وسياقات الخطاب الدولي الثقافية، ليس جنرالا ولا سياسيا، بل متحدث رسمي لتوحيد نظام المعلومات".

وانتقدت ما يحصل من "إصدار كل جهة بيانات إعلامية منفصلة، سواء مكتب رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية، والجيش، وأحيانا بيانات متناقضة، وخلال هذه الفترة، هناك حاجة لإقامة خط موحد ومنسق ومرن، وإنشاء فريق سريع واحترافي يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، قادر على الاستجابة في الوقت الفعلي، بدل انتشار المعلومات المضللة في غضون دقائق، فيما ترد الدولة، إن ردّت أصلا، بعد تأخير لعدة أيام".

وأكدت أن "الضرر حدث بالفعل، ولم تعد الدولة تتحدث باللغة التي يفهمها العالم، وفي الممارسة العملية، فإن معظم الجمهور لا يفهم ما تريده الدولة، مما يخلق الارتباك، والاغتراب، وأحيانا حتى العداء، وإن الصمت التام من جانب الحكومة تجاه محنة الأطفال والمدنيين في غزة مثير للصدمة، لأنه لا يتعلق فقط بمجرد خطأ أخلاقي، بل خطأ استراتيجي، لأن التعاطف مع المعاناة الإنسانية ليس ضعفًا، بل قيادة".

وأشارت أنه "لا أحد يدعي أن حملة إعلامية إسرائيلية ستوقف الحرب، لكن الفشل في تفسير وتوضيح وتأطير الواقع يسمح لمنتقدي إسرائيل بملء الفراغ، وهم يفعلون ذلك، وهذه ليست مجرد مشكلة علاقات عامة، بل مسألة مسؤولية، حيث استثمرت الحكومة كل جهودها في الساحة العملياتية، لكنها تخلت تماما عن الساحة الأيديولوجية، وهكذا تراكم الثمن، وبات مؤلماً، وحان الوقت لأن تتوقف الدولة عن التعامل مع الدعاية الإعلامية وكأنها مجرد مساحيق تجميل أو ترف، بل جبهة معركة، وفي الوقت الحالي، لا يوجد جنود عليها".

مقالات مشابهة

  • في ثوان .. خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل وتسجيل القراءة
  • فيروس سي بين حديثي الولادة.. خطر صامت يهدد آلاف الأطفال سنويًا
  • حينما كان للروايات شأن
  • كيفية سداد فاتورة الكهرباء بالموبايل في 2025
  • هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟
  • "اليونيسف" تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • دراسة تحذر من اقتناء الأطفال دون 13 عاما للهواتف الذكية
  • اليونيسف تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • اعتراف إسرائيلي بالفشل الإعلامي في التعامل مع تبعات حرب غزة
  • الصين تُغري الآباء بـ1500 دولار لكل طفل لمواجهة أزمة المواليد