أكدت مراسلة إسرائيلية تعمل في صحف عالمية، أنه "في الوقت الذي تملأ فيه صور الأزمة الإنسانية في غزة عناوين الصحف العالمية، تجد تل أبيب نفسها ليس فقط تحت وطأة الانتقادات، بل أيضا معزولة".

وأوضحت المراسلة دانييلا غرينباوم في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية وترجمته "عربي21"، أن "الدعم الدولي تآكل منذ فترة طويلة، وأصبح خارج نطاق السيطرة، وهذه المرة، تفقد إسرائيل ثقة حلفائها الأقدم والأكثر موثوقية وهم يهود الشتات، وصناع القرار في الغرب، والصحفيين والمتحدثين الذين دافعوا عنها مرارا وتكرارا".



ولفت غرينباوم التي تعمل مع صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال، إلى أنّ "هذه الخسارة كلّفت الإسرائيليين أثمانا كبيرة، لأننا لسنا أمام مشكلة صورة، بل مشكلة استراتيجية، لأنني قلقة مما يحصل لإسرائيل على مستوى العالم، سواء على صعيد التعثّر في ساحة المعركة، أو في تراجع صورتها في أوساط الرأي العام العالمي، وقلوب من دعموها على مرّ السنين حول العالم".

وأشارت إلى أنني "كشخصية إعلامية، ومن هذا المنظور المهني، من الصعب وصف مدى عمق الإحباط، وحتى الغضب في بعض الأحيان، في مواجهة الإخفاقات المتكررة للدعاية الاسرائيلية، وهذه ليست مجرد أخطاء معزولة، بل مشاكل هيكلية تسبب أضرارا جسيمة وغير ضرورية لها، ومن المؤكد أن الحكومة تتحرك في المقام الأول وفقاً لمصالح الرأي العام الداخلي، لكن القرار بإهمال المجال الإعلامي الدولي بشكل شبه كامل، خاصة أثناء صراع عسكري يجري أمام الكاميرات، يشير إلى قِصَر نظر شديد".

وأوضحت أن "الاستجابة الغريزية المتمثلة في أن "العالم يكرهنا دائمًا" قد تكون مُرضِية عاطفياً، لكنها كارثية من الناحية التكتيكية، وعندما يبدأ الحلفاء المقربون بالابتعاد عن دولة إسرائيل، فإن العواقب ليست رمزية فحسب، بل تعني فقدان النفوذ السياسي، وتراجع الدعم العسكري، وإضعاف الهوية الثقافية، وتضرر المكانة الدولية، وكل ذلك يضرّ بشكل مباشر بالإسرائيليين الذين يفترض أن تحميهم حكومتهم، لأنها لا تخسر سرديتها الإعلامية في مواجهة معارضيها، بل تتخلى ببساطة عن هذه الساحة برمّتها".



وأكدت أن "هيكلية التعامل الاسرائيلية مع وسائل الإعلام في الحكومة عبارة عن فوضى عارمة، لا يوجد متحدث رسمي كبير وفصيح وجذاب يتحدث للجمهور العالمي، وبدلاً من ذلك، يتم تعيين ضباط في الجيش بشكل متكرر لإدارة الحملات الإعلامية، وكأن السيطرة على العمليات الحربية تتحول تلقائياً إلى قدرة معلوماتية، كما يتم استبعاد المتخصصين في مجال الاتصالات العاملين في مختلف الوزارات الحكومية، أو تحييدهم، أو ببساطة إبقاءهم في مناصب قصيرة للغاية بحيث لا يتمكنون من العمل بشكل فعال".

وأضافت أن "الإخفاق الاعلامي الاسرائيلي ليس مردّه مشكلة ميزانية، بل مشكلة أولويات، والحلول بسيطة ومتاحة ورخيصة تتمثل بتعيين متحدث رسمي واحد، محترف، لديه خبرة في وسائل الإعلام الدولية، ويملك سلطة حقيقية للتحدث نيابة عن الدولة في وسائل الإعلام العالمية، شخص فصيح، يعرف لغة ونبرة وسياقات الخطاب الدولي الثقافية، ليس جنرالا ولا سياسيا، بل متحدث رسمي لتوحيد نظام المعلومات".

وانتقدت ما يحصل من "إصدار كل جهة بيانات إعلامية منفصلة، سواء مكتب رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية، والجيش، وأحيانا بيانات متناقضة، وخلال هذه الفترة، هناك حاجة لإقامة خط موحد ومنسق ومرن، وإنشاء فريق سريع واحترافي يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، قادر على الاستجابة في الوقت الفعلي، بدل انتشار المعلومات المضللة في غضون دقائق، فيما ترد الدولة، إن ردّت أصلا، بعد تأخير لعدة أيام".

وأكدت أن "الضرر حدث بالفعل، ولم تعد الدولة تتحدث باللغة التي يفهمها العالم، وفي الممارسة العملية، فإن معظم الجمهور لا يفهم ما تريده الدولة، مما يخلق الارتباك، والاغتراب، وأحيانا حتى العداء، وإن الصمت التام من جانب الحكومة تجاه محنة الأطفال والمدنيين في غزة مثير للصدمة، لأنه لا يتعلق فقط بمجرد خطأ أخلاقي، بل خطأ استراتيجي، لأن التعاطف مع المعاناة الإنسانية ليس ضعفًا، بل قيادة".

وأشارت أنه "لا أحد يدعي أن حملة إعلامية إسرائيلية ستوقف الحرب، لكن الفشل في تفسير وتوضيح وتأطير الواقع يسمح لمنتقدي إسرائيل بملء الفراغ، وهم يفعلون ذلك، وهذه ليست مجرد مشكلة علاقات عامة، بل مسألة مسؤولية، حيث استثمرت الحكومة كل جهودها في الساحة العملياتية، لكنها تخلت تماما عن الساحة الأيديولوجية، وهكذا تراكم الثمن، وبات مؤلماً، وحان الوقت لأن تتوقف الدولة عن التعامل مع الدعاية الإعلامية وكأنها مجرد مساحيق تجميل أو ترف، بل جبهة معركة، وفي الوقت الحالي، لا يوجد جنود عليها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة العالمية الفشل غزة الاحتلال العالم الفشل حرب الابادة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مقترح إسرائيلي لتوحيد المعارضة في 3 كتل لمواجهة الائتلاف الحاكم وإزاحة حكومة نتنياهو

يواجه الاحتلال أزمة داخلية متفاقمة تعصف بالائتلاف الحكومي المتطرفة، تزامنا مع بحث الإسرائيليين عن بدائل لقيادة الحكومة، رغم عدم ظهور المعارضة بصورة قوية.

وذكر الرئيس السابق لجمعية المراسلين الأجانب في تل أبيب٬ دان بيري٬ أن "تل أبيب تعيش واحدة من أخطر الفترات في تاريخها، ورغم ذلك فإن المعارضة تشهد ذات الروتين، وتستمر الكتلة الممتدة من اليسار إلى اليمين المعتدل، وتمثل أغلبية واضحة من الجمهور، في الانقسام، ونشر الفوضى، حيث يتنافس ستة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء على جذب الانتباه، وهم: يائير لابيد، بيني غانتس، غادي آيزنكوت، يائير غولان، أفيغدور ليبرمان، وربما نفتالي بينيت".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "لكل من هؤلاء جمهوره الخاص، لكن بهذه الطريقة، من المستحيل خلق الزخم والوضوح الذي يسمح بتحقيق النصر على الائتلاف اليميني لإنهاء الكارثة التي تسمى حكم نتنياهو، لأنه إذا لم تتجمع كتلة التغيير حول هيكل واضح مع مرشح متفق عليه، فقد تكرر كارثة عام 2022، عندما هبطت بعض القوى السياسية لما دون نسبة الحسم، وأهدرت نحو 250 ألف صوت، وعاد نتنياهو للسلطة على طبق من ذهب، وبدأ العمل على تدمير الدولة".

وأشار أن "الأزمة الحالية التي تعصف بالدولة أزمة أخلاقية، واستراتيجية، ووجودية، والانتخابات المقبلة ستحدد ما إذا كانت قادرة على إنقاذ نفسها من زعيم سيفعل أي شيء للبقاء في السلطة، لأنه في مواجهة الاتهامات والعزلة الدولية، أحبط اتفاقات وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن من أجل الحفاظ على التحالف الذي يريد حرباً بين "يأجوج ومأجوج"، وأخّر اتفاقيات السلام، ومنع الدولة من الخروج من الجحيم السياسي والأمني، ويعمل باستمرار على تعزيز الانقلاب القانوني الذي من شأنه تحويلها إلى نظام شمولي".

وأكد أن "المعارضة لا تعمل بما فيه الكفاية لمنع الحكومة الحالية من سن قوانين من شأنها أن تمنح المتشددين الأرثوذكس مزيدا من الامتيازات، وتخلق دولة ثنائية القومية، وزيادة الفجوة مع يهود العالم، والفساد مستشري، مما يؤكد أننا لسنا أمام رجل يميني، بل زعيم يريد تمزيق الدولة، ولذلك يبحث الجمهور عن بديل، دون أن يعثر عليه".

وأضاف أن "الرد على هذه الحكومة لا يجب أن يكون بالضرورة في قائمة موحدة، لأن محاولة ربط حزب ميرتس السابق، مع ليبرمان، أو بينيت، لن تؤدي لتنفير الناخبين فحسب، بل ستؤدي لفقدان الثقة على نطاق واسع، وبدلاً من ذلك، ينبغي لكتلة التغيير أن تعتمد نموذجاً أكثر واقعية وتطوراً يتمثل بثلاث قوائم، كل منها تستهدف جمهورها المميز، بالتنسيق الكامل، مع وجود مرشح رئيسي متفق عليه".


وشرح قائلا إن "القائمة الأولى تتمثل بالكتلة اليسارية بقيادة يائير غولان، التي تستهدف التقدميين والشباب وأنصار حقوق الإنسان، والثانية هي الكتلة المركزية برئاسة لابيد وغانتس وإيزنكوت، الذين يتحدثون للناخبين الوسطيين، وأصحاب الدولة، وكل من سئم من فوضى حكومة نتنياهو، أما الثالثة فهي كتلة الوسط اليمينية بقيادة بينيت وليبرمان، التي تستطيع استقطاب الأصوات من اليمين العلماني والليبرالي والطائفي الذي سئم من بن غفير وسموتريتش".

وأشار أن "هذا التقسيم عبر ثلاث قوائم، وليس سبعة، ليس ضعفاً، بل قوة، لأنه يسمح لكتلة التغيير بتعظيم الأصوات وفقًا لجمهور مستهدف مختلف، دون فقدان الشعور بالهدف المشترك، إنه تقسيم استراتيجي، وليس تكتيكي، وكي ينجح هذا الأمر، يتعين علينا أن نحدد مسبقاً من هو المرشح لمنصب رئيس الوزراء، لأن الجمهور يريد أن يعرف من يصوتون له".

وختم بالقول إن "ذلك يتطلب عقد اجتماع لمدة يومين في مكان مغلق، يأتي كل زعيم فصيل مع مساعد واحد، يقدم كل مرشح لمدة ساعتين سبب وجوب قيادته، ونختار آلية استطلاع رأي موحدة، ونتحقق من الأكثر ملاءمة للقيادة، ونتفق مسبقًا على المرشح الذي يحظى بأعلى مستوى من الدعم".

مقالات مشابهة

  • ترامب: لا نوافق على اعتراف بريطانيا بـ الدولة الفلسطينية
  • كاتب إسرائيلي: تجويع غزة لا يمكن تبريره للعالم
  • مقترح إسرائيلي لتوحيد المعارضة في 3 كتل لمواجهة الائتلاف الحاكم وإزاحة حكومة نتنياهو
  • غوغل تعترف بالفشل في تحذير 10 ملايين شخص من زلزال تركيا
  • إحباط إسرائيلي: التجويع في غزة وضغوط العالم لوقف الحرب تدفعنا للزاوية
  • الحكومة اليمنية: فيلم صالح شهادة دامغة على بشاعة الحوثيين وحقيقة مشروعهم الدموي
  • فتح: الهدنة الإنسانية مجرد استهلاك إعلامي .. والاحتلال يواصل جرائمه
  • كويكب YR4يهدد القمر بدل الأرض وناسا تحذر من تبعات غير مباشرة
  • اعتراف إسرائيلي بـالهزيمة في الساحة الإعلامية بسبب تأثير الإبادة والتجويع