تواجه السعودية "اللحظة الأكثر خطورة" في إعادة تشكيل اقتصادها الذي يتعرض للاختبار بعد أن أدت مشروعات تحولية عملاقة إلى عجز في الميزانية وديون متزايدة، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ".

وبعد 8 سنوات من كشف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن رؤية 2030، وهي خطة لإعادة تشكيل الاقتصاد لمرحلة ما بعد النفط، فإن تعليق بعض المشروعات وتخفيض الإنفاق على مشروعات أخرى "تكشف عن ضغوط مالية على المملكة".

وكانت الوكالة الأميركية ذاتها ذكرت، نقلا عن أشخاص مطلعين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، الأسبوع الماضي، أن السعودية تعمل على تخفيض الإنفاق على بعض أكبر مشروعاتها التنموية، وتعليق خطط أخرى.

ومع عجز الميزانية لستة أرباع سنوية متتالية، باتت السعودية أكبر مصدر للديون الدولية في الأسواق الناشئة. 

وفشل قرار الرياض بخفض إنتاج النفط، مع أعضاء آخرين في تحالف "أوبك بلس" عام 2023، بزيادة عائدات تصدير الخام بشكل كبير.

بعد مشاريع الـ 1.25 تريليون دولار.. "تحول في أولويات السعودية" قالت وكالة "بلومبرغ" إن من المرجح أن تخفض المملكة العربية السعودية مليارات الدولارات من الإنفاق على بعض أكبر مشاريعها التنموية، وتعليق خطط أخرى، في الوقت الذي تكافح فيه المملكة للتعامل مع حجم التحول الاقتصادي الضخم.

وقال الخبير الاقتصادي في "بنك أوف أميركا كورب" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جان ميشيل صليبا، "إن الرؤية تواجه اختبارا للواقع وهناك تعديلات يجري اتخاذها". 

وأضاف: "إنها علامة على النضج. لا أعتقد أنها علامة على أن الرؤية تنحرف عن مسارها".

ووجدت مجموعة "غولدمان ساكس" أن درجة المخاطر السيادية للمملكة - وهو مقياس يأخذ في الاعتبار المقاييس المالية والحوكمة كانت الأكثر تراجعا بعد إسرائيل، بين الأسواق الناشئة، خلال النصف الأول من العام. 

كذلك، توصل تصنيف "مورغان ستانلي" في يونيو إلى نتيجة مماثلة، إذ كانت المملكة من بين "المتخلفين الرئيسيين".

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض ميزان الحساب الجاري - وهو أوسع مقياس للتجارة والاستثمار - إلى ما يقرب من الصفر في عام 2024، ويتحول إلى العجز ابتداء من العام المقبل، بعدما سجل فائضا بنحو 13 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022.

وقال جاستن ألكسندر، مدير "خليج إيكونوميكس"، محلل في شركة "غلوبال سورس بارتنرز" الاستشارية، إن "أكبر مخاوفي أن يؤدي ارتفاع الإنفاق إلى عجز هيكلي كبير، وليس مؤقتا أو دوريا".

ورغم أن حصة الدين الحكومي إلى الناتج الاقتصادي لا تزال منخفضة وفقا للمعايير الدولية، فقد ارتفعت من 1.5 بالمئة في عام 2014 وهي في طريقها إلى تجاوز 31 بالمئة بحلول نهاية العقد، وفقا لصندوق النقد الدولي.

وقال ألكسندر إن السعودية قد تتعرض لمزيد من التدقيق في سوق السندات، ومن شركات التصنيف الائتماني إذا ارتفعت النسبة "بسرعة أكبر من المتوقع".

وجمعت الحكومة والكيانات السعودية الأخرى، بما في ذلك البنوك وصندوق الثروة السيادي وشركة النفط العملاقة "أرامكو"، أكثر من 46 مليار دولار من السندات الدولارية واليورو حتى الآن هذا العام. 

وهذا يعني أن السعودية حلت محل الصين باعتبارها المصدر الأكثر غزارة بأسواق السندات الدولية من الدول النامية، وفقا للبيانات التي جمعتها "بلومبيرغ".

وكان الاستثمار المباشر الأجنبي بطيئا في التحقق خارج قطاع النفط والغاز، مما يجعل من الصعب على ولي العهد تحويل طموحاته إلى حقيقة، بحسب "بلومبيرغ".

وتريد الحكومة السعودية جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنويا بحلول عام 2030، وهو رقم أكبر بثلاث مرات تقريبا مما حققته المملكة على الإطلاق. 

وبلغت التدفقات الاستثمارية الأجنبية نحو 2.5 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2024، وفقا لبيانات الحكومة، وهو جزء بسيط من هدف هذا العام.

وفي عام 2023، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 12.3 مليار دولار فقط، أي أقل بنسبة 60 بالمئة من دولة الإمارات المجاورة، وهي اقتصاد أصغر بكثير، وفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

مشروعات "تستنزف الأموال".. الطموحات السعودية تواجه ضغوطا مالية قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن السعودية ماضية في خططها الطموحة لتطوير اقتصادها لكنها تواجه "ضغوطا" مالية مع تراجع حجم الأموال لدى صندوق الثروة، و"اعتدال" أسعار النفط بما لا يلبي طموحات المملكة

وقال كبير خبراء اقتصادات الأسواق الناشئة لدى " بلومبرغ إيكونوميكس"، زياد داود، "إن أكبر عقبة تواجه السعودية لا تزال تتمثل في اعتمادها المستمر على النفط".

ورغم أن المملكة حاولت رفع الأسعار من خلال تحالف "أوبك بلس"، فإن العرض المتوفر من أماكن أخرى أعاق هذا الجهد، حسبما ذكر داود.

وتحتاج السلطات، حسبما قال داود، إلى الإنفاق للحفاظ على الاقتصاد في حالة جيدة وإرضاء السكان، ولكن بتحفظ يكفي لاحتواء عجز الميزانية.

ورغم كل الضغوط التي تواجه المشروعات التحولية العملاقة، فإن ولي العهد السعودي عازم على تحقيق أهدافه، حتى لو اتخذت شكلا مختلفا.

وقالت الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، كارين يونغ، "لقد أصبح التحول مؤسسيا الآن".

وتابعت: "إن عملية التنويع الأكبر جارية على قدم وساق، ولا أرى فرصة كبيرة للتراجع".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

مجموعة أوبك+ تتجه نحو تسريع زيادة إنتاج النفط بشكل أكبر

اتفقت ثماني دول أعضاء في مجموعة أوبك+ على زيادة الإنتاج بواقع 548 ألف برميل يوميا في آب/ أغسطس المقبل، ارتفاعا من 411 ألف برميل يوميا كانت في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو وتموز/ يوليو، بحسب ما أفاد مصادر لوكالة "رويترز".

ومن المرجح أن تتفق مجموعة أوبك+ على تسريع وتيرة زيادة إنتاج النفط بشكل أكبر اليوم السبت، في أول اجتماع لها منذ أن قفزت أسعار النفط ثم تراجعت في أعقاب الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على إيران.

وتضخ المجموعة نحو نصف النفط العالمي، وقلصت الإنتاج منذ عام 2022 لدعم السوق، إلا أنها سلكت اتجاها مغايرا هذا العام لاستعادة حصتها في السوق وسط دعوات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمجموعة بضخ المزيد للمساعدة في إبقاء أسعار البنزين منخفضة.


وقالت مصادر مطلعة على المناقشات قبل الاجتماع المقرر السبت: إن المجموعة اتفقت بوجه عام على زيادة الإنتاج بنحو 550 ألف برميل يوميا في آب/ أغسطس ارتفاعا من زيادات شهرية بلغت 411 ألف برميل يوميا وافقت عليها لشهور أيار/ مايو وحزيران/ يونيو وتموز/ يوليو و138 ألف برميل يوميا في نيسان/ أبريل.

ومن المقرر أن تجتمع ثماني دول من أعضاء أوبك+، هي السعودية وروسيا والإمارات والكويت وعمان والعراق وقازاخستان والجزائر، عبر الإنترنت لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج لشهر آب/ أغسطس. 

وبدأت الدول الثماني إلغاء أحدث شريحة لخفض الإنتاج البالغة 2.2 مليون برميل يوميا منذ نيسان/ أبريل، ثم سرعت وتيرة الزيادات في أيار/ مايو وحزيران/ ويونيو وتموز/ ويوليو، على الرغم من ضغط الإمدادات الإضافية على أسعار الخام.

وجاء تسريع الوتيرة بعد ضخ بعض أعضاء أوبك+، مثل قازاخستان والعراق، كميات نفط تجاوزت حصصهم المقررة مما أثار غضب الأعضاء الآخرين الملتزمين بالتخفيضات.

وعاد إنتاج قازاخستان إلى النمو الشهر الماضي ووصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.


ونقلت الوكالة عن مصادر أن أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء منهم روسيا، تتطلع إلى توسيع حصتها في السوق على خلفية زيادة الإمدادات من منتجين آخرين مثل الولايات المتحدة.

وحتى الآن، أعلنت أوبك+ زيادة الإنتاج بواقع 1.37 مليون برميل يوميا بين نيسان/ أبريل  وتموز/ يوليو، وهو ما يمثل 62 بالمئة من شريحة تخفيضات الإنتاج البالغة 2.2 مليون برميل يوميا التي تعمل المجموعة على إلغائها.

ولا تزال أوبك+ تطبق شريحتين أخريين من التخفيضات التي تصل إلى 3.66 مليون برميل يوميا.

مقالات مشابهة

  • السعودية ترفع أسعار النفط لآسيا رغم زيادة إنتاج أوبك+
  • وزير الإعلام: نعمل على إعادة هيكلة الإعلام ضمن الوزارات ليكون قادراً على التواصل مع الجمهور
  • تحديات تواجه "حزب أمريكا" بقيادة إيلون ماسك.. النظام الانتخابي الأمريكي أكبر العقبات
  • أكبر 6 تحديات تواجه حزب إيلون ماسك الجديد
  • منصة المساعدات السعودية تكشف عن أعلى الدول تلقّيًا للمساعدات من المملكة حتى الآن
  • «أنت بتهدم الكوادر».. طارق يحيي يوجه رسالة لـ جون إدوارد بشأن إعادة هيكلة الزمالك
  • مجموعة أوبك+ تتجه نحو تسريع زيادة إنتاج النفط بشكل أكبر
  • "أرامكو" السعودية تتّجه لبيع خمس محطات طاقة ضمن خطة لجمع مليارات الدولارات
  • كاليفورنيا تواجه أكبر حرائق العام وتخشى صيفا خطرا
  • الأهلي يبدأ إعادة هيكلة شاملة استعدادًا لموسم 2025-2026.. ورحيل 14 لاعبًا يلوح في الأفق