حظيت رسالة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج لمجلس القيادة الرئاسي، بمتابعة واسعة من قبل مراقبين ونشطاء مدنيين وسياسيين اعتبروا مضمون رسالة المبعوث تدخلا سلبيا في المعركة الاقتصادية التي تخوضها الحكومة الشرعية مع مليشيا الحوثي وأذرعها المصرفية لوقف عبثها بالقطاع المصرفي.

عدد كبير من النشطاء والمراقبين مستمرون لليوم الثالث على التوالي بكتابة تدوينات ومنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمن انتقادات حادة لتدخل المبعوث الأممي في محاولة لإثناء البنك المركزي عن قراراته الأخيرة بإلزام البنوك التجارية بنقل مقراتها من مناطق سيطرة المليشيا الحوثية إلى العاصمة عدن، وقراراته العقابية بحق البنوك المخالفة.

كما خرجت مظاهرات شعبية في عدد من المحافظات المحررة، داعمة لقرارات البنك المركزي في عدن، ومنددة بتدخل المبعوث الأممي هانس جوندبرج في مطالبة مجلس القيادة الرئاسي بوقف هذه القرارات أو تأجيل تنفيذها إلى نهاية أغسطس القادم.

وعلى الرغم من أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني أبدى تفهماً للطلب الأممي، ووضع شروطاً واضحة للقبول بالانخراط في حوار اقتصادي مع الحوثيين، إلا أن المعلقين رأوا في خطاب المبعوث الأممي "تدخلاً لصالح الحوثيين"، وأنه كان ينبغي له اتخاذ موقف حازم عندما أقدمت الجماعة على خلق انقسام نقدي، ونهب أصول البنوك ورواتب الموظفين، واستهداف تصدير النفط من المناطق المحررة.

وقال الكاتب والصحفي صالح البيضاني: إن أي مساعٍ أممية لإقناع الحكومة الشرعية بالتراجع عن القرارات التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن، يجب أن يسبقها على الأقل انتزاع موافقة الحوثيين بالتراجع عن الإجراءات الأحادية التي قامت بها الميليشيات طوال السنوات الماضية، ومنها -على سبيل المثال- منع تداول العملات الصادرة عن البنك المركزي في عدن، وإقامة نقاط جمارك وضرائب حوثية على خطوط التماس بين المحافظات المحررة وتلك الواقعة تحت سيطرة الميليشيا. 

وكتب الناشط عبدالعزيز اليافعي في تدوينة على موقع إكس، إن أي تراجع عن هذه القرارات يعتبر انتحارا، واصفا القرارات بالواجب الوطني والديني تفرضه المصلحة الوطنية لحفظ حقوق الشعب. فيما قال الناشط أحمد المصباحي إن المبعوث الأممي جروندبرج "يضغط من أجل إيقاف قرارات البنك المركزي في عدن، ومع ذلك لم نجده يضغط من أجل تسليم رواتب الموظفين في مناطق الحوثيين المنهوبة من الحوثي منذ ثماني سنوات".

تدخل سلبي

وفي رأي متسق، ترى القاضية إشراق المقطري، أنه من غير المنطقي تدخلات المبعوثَين الأمميَّين السابق والحالي، التي تصب دائماً في مصلحة الحوثي. وقالت: "كلما ‏اتخذت الشرعية قراراً سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، سارع المبعوث بإيقافها"، والضغط عليها بإرسال الخطابات والزيارات، "في حين أنه يصمت ويستسلم لأي إجراء أو تصعيد أمني أو عسكري أو اقتصادي تقوم به جماعة الحوثي فيه مساس بحقوق وكرامة وسلامة اليمن واليمنيين واليمنيات".

واستغربت المقطري تبرير المبعوث جروندبرج تدخله السلبي بأنه "مرتبط بدوافع إنسانية ولأن الإجراءات ستضر باليمنيين". وقالت: "‏للأسف ليس هناك أسوأ مما يعيشه فقراء وضحايا اليمن اليوم، ولم تعد هناك أسوأ من حال مثل هذه".

وأضافت: "بالتأكيد فإن لدى المبعوث الحالي وفرقه المختلفة معرفة تامة بالوضع اللاإنساني واللاطبيعي لليمن، خصوصاً في السنوات الأخيرة، مع إغلاق أكثر التجار مشروعاتهم في مناطق الحوثيين، بسبب المُصادرَات والنهب والاعتقالات، ووصل الأمر إلى المنظمات الإنسانية والتنموية المحلية والدولية"، منبّهة إلى أن "التدخل الأممي من خلال المبعوث يجب أن يكون في صالح عدم تقوية طرف، وإتاحة الفرصة للناس في أخذ حقوقهم ممن ينتهكها، ومنها الحقوق الاقتصادية، لا المساهمة في دعمه اقتصادياً وإضعاف المواطنين والمواطنات".

الضغط على الحوثي

من جانب آخر يعتقد الصحافي المتخصص في الاقتصاد فاروق مقبل، أن المبعوث الأممي والأمم المتحدة يمكن أن يكونا أكثر جدوى وفائدة للشعب اليمني من خلال الضغط على الحوثيين للتوقف عن محاربة الطبعة النقدية الجديدة، ورفع الحظر عن تداولها، ووقف قانون منع التعاملات البنكية، والتوقف عن التدخل في عملها، ويجزم بأن ذاك الخيار هو الأكثر جدوى لكل يمني والأقل تكلفة.

أما الناشط فارس حسان، فيقدم قراءة مختلفة لرسالة جروندبرج، ويتهم الأمم المتحدة بإعاقة عملية تحرير مدينة الحديدة غرب اليمن وإنقاذ الحوثيين من خلال فرض اتفاق استوكهولم في ديسمبر عام 2018، ويعتبر حضور المنظمة الدولية "معرقلاً" لتنفيذ قرارات البنك المركزي اليمني، الهادفة لإصلاح القطاع المصرفي.

ويرى حسان أن من شأن تطبيق تلك القرارات أن يجعل هذه البنوك بعيدة عن سطوة الحوثيين. وطالب مجلس القيادة الرئاسي بعدم الانسياق لرسالة المبعوث الأممي التي يطلب فيها تأجيل تنفيذ تلك القرارات. واستغرب من أن الأمم المتحدة لم تمارس أي ضغط على الحوثيين عندما منعوا تصدير النفط.

مظاهرات شعبية 

إلى ذلك، دعا نشطاء مناهضون لمليشيا الحوثي للخروج في مسيرات شعبية لتأييد قرارات البنك المركزي في عدن. وكتب الإعلامي المعروف أحمد المسيبلي تدوينة تدعو إلى الخروج في مسيرات شعبية "تنطلق (السبت) في مارب و(الاثنين) في تعز ومحافظة الحديدة، دعما لقرارات البنك المركزي ورفضا لأي تدخلات أو ضغوطات أممية خبيثة، ورفضا لمساعي المبعوث الأممي للتحكم بقرارات الجمهورية اليمنية وتدخلاته السافرة بها، ومنعا للقفز على الإرادة الشعبية، والتحذير من أي تراجع عن القرارات المنقذة للشعب والوطن من العبث الحوثي الإيراني، ومنعا لانهيار الوطن كليا.

وخرج المشاركون في المسيرات الشعبية إلى شارع البنوك بمدينة مأرب، وفي تعز إلى شارع جمال- جولة العواضي، بعد حملة شعبية على موقع إكس تحت وسم: 

#قرارات_البنك_إرادة_شعبية

#اليمنيون_مع_قرارات_البنك_المركزي


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: قرارات البنک المرکزی البنک المرکزی فی عدن القیادة الرئاسی المبعوث الأممی

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي الروسي يحذر: الاقتصاد يواجه خطر الركود وسط ضغوط الحرب

حذر البنك المركزي الروسي في أحدث إصدار من تقرير الصادر هذا الشهر، من أن الاقتصاد الروسي قد يتعرض للركود نتيجة ضغوط الحرب المستمرة. وأشار البنك، المعروف بحذره الشديد، إلى أن النمو الذي شهدته البلاد خلال العامين الماضيين بفعل الإنفاق الدفاعي الكبير، قد تباطأ بشكل ملحوظ هذا العام مع ارتفاع معدلات التضخم والفائدة.


وخلال مشاركته في مؤتمر الاستثمار السنوي "Russia Calling"، توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتراوح نمو الاقتصاد بين 0.5% و1% خلال 2025، رغم أن النمو في الربع الثالث كان شبه معدوم، وتراجع في الربع الأول من العام إلى أقل من الصفر عند تعديل البيانات. ورغم محاولته تهدئة المخاوف، أقر بوتين بوجود مشاكل اقتصادية حقيقية.


ووصف بوتين عجز الميزانية المتوقع للثلاث سنوات المقبلة بأنه "معتدل"، مؤكدًا أن الميزانية صممت لتقليل المخاطر الخارجية وزيادة حصة الإيرادات غير النفطية والغازية، وأن المالية العامة مستقرة، مع تمويل الالتزامات الاجتماعية والدفاعية والتنموية بالكامل. وأضاف أن التجربة غير التقليدية للبنك المركزي ساعدت على خفض التضخم بشكل أسرع من المتوقع، متوقعًا وصوله إلى نحو 6% بحلول نهاية ديسمبر، وهو أدنى من توقعات الحكومة والبنك المركزي، واصفًا ذلك بـ"إنجاز كبير لعام 2025".


ومع ذلك، حذر البنك المركزي من أن وتيرة النمو المرتفعة التي شهدها الاقتصاد بسبب الإنفاق العسكري، قد تؤدي قريبًا إلى الركود في حال عدم إجراء إصلاحات هيكلية أو إعادة توجيه الموارد بعيدًا عن قطاع الدفاع. وأكد البنك أن النمو السريع في السنوات الماضية قائم على عوامل غير مستدامة، تشمل الإنفاق العسكري المرتفع، وقيود سوق العمل، واستغلال طاقة الإنتاج القصوى، مما قد يدفع الاقتصاد نحو "الاحتراق الزائد" بدلًا من التنمية طويلة الأجل.


وأشار البنك إلى أن النمو في 2023 اعتمد بشكل كبير على الطلب على السلع العسكرية والتحفيز المالي، محذرًا من أن هذا المعدل لا يمكن الحفاظ عليه إلى الأبد دون مخاطر اختلالات كبرى في الاقتصاد الكلي. كما لفت التقرير إلى أن الاقتصاد الروسي قريب من استنزاف الطاقة الإنتاجية المتاحة، مع تضاعف القيود بسبب نقص العمالة وارتفاع توقعات التضخم.


وأوضح التقرير أن تعبئة القدرة الإنتاجية المتبقية والقوى العاملة عبر الطلبات الحكومية والتجنيد العسكري يخفي نقاط ضعف جوهرية، مشيرًا إلى أن النمو الحالي قد يؤدي إلى الركود إذا لم تتحقق مكاسب إنتاجية أو استثمارات خاصة في القطاعات المدنية.


وبين التقرير أن الأجور ارتفعت، لكن الإنتاجية لا تزال محدودة، ما يرفع مخاطر التضخم، مع توقف النمو الإنتاجي أو تباطؤه خلال العامين الأخيرين، خاصة مع تفاقم قيود القدرة الإنتاجية ونقص اليد العاملة. وأكد البنك أن النمو القائم على العمالة والتمويل الحكومي وليس على الابتكار والاستثمار الرأسمالي يعرض الاقتصاد للركود على المدى المتوسط.


وتوقع البنك أن تستمر الضغوط التضخمية على الرغم من التقدم الحالي، داعيًا إلى الحفاظ على سياسة نقدية صارمة. وأشار إلى أن رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 2% اعتبارًا من يناير سيزيد من الضغوط التضخمية، ما قد يضطر البنك إلى رفع الفائدة مجددًا من 16.5%.


كما حذر التقرير من "إزاحة الموارد" بسبب الإنفاق الدفاعي الكبير والدعم الحكومي للقطاعات المحددة، مؤكّدًا أن الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وتحديث البنية التحتية المدنية ضروري لتجنب الوقوع في فخ الركود. وأشار البنك إلى أن الاقتصاد تحول نحو الإنتاج العسكري غير المنتج، وأن الاستثمار الخاص في القطاعات المدنية لا يزال محدودًا.

طباعة شارك البنك المركزي الروسي الاقتصاد الروسي ارتفاع معدلات التضخم والفائدة مؤتمر الاستثمار السنوي Russia Calling الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

مقالات مشابهة

  • رسوم التحويل على إنستاباي بعد قرار البنك المركزي الأخير بشأن الفائدة
  • بعد تباطؤ التضخم الشهر الماضي.. هل يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة قبل نهاية 2025؟
  • تعرف إلى أسعار الفائدة على شهادات الادخار في بنك مصر والبنك الأهلي قبل اجتماع البنك المركزي
  • سوريا وما يثار حول إطلاق عملة رقمية جديدة.. البنك المركزي يرد
  • بانخفاض 10 قروش .. سعر الدولار في البنك المركزي يوم الخميس
  • البنك المركزي التركي يخفض الفائدة 150 نقطة أساس
  • البنك المركزي التركي يخفض سعر الفائدة إلى 38%
  • البنك المركزي الروسي يحذر: الاقتصاد يواجه خطر الركود وسط ضغوط الحرب
  • بعد قرار الفيدرالي الأمريكي.. موعد اجتماع البنك المركزي القادم
  • بعد قرار الفيدرالي الأمريكي.. هل سيخفض البنك المركزي سعر الفائدة؟