جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-31@00:41:59 GMT

الاقتصاد و"حادثة الوادي الكبير"

تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT

الاقتصاد و'حادثة الوادي الكبير'

 

 

◄ تفادي حدوث ذلك في المستقبل لا يكون من خلال مراجعة الهيكلة الأمنية فقط بل مراجعة المنظومة بشكل شمولي ومن كل جوانبها

 

خلفان الطوقي

أثارت حادثة الوادي الكبير دهشة واستغراب المُواطنين والمُقيمين، وكل من عرف أو سمع عن عُمان، فكما هو معروف عن سلطنة عُمان أنها بلد السلام وواحة التعايش ونموذج التسامح، والمحطة المختارة للوساطات الإقليمية والعالمية، ومرجعية الحياد السياسي الإيجابي، لكن ما حصل قد حصل، ولطف الله عز وجل غالب، وجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية مُقدرة، وتكاتف ووحدة الصف والموقف من مواطنين ومقيمين هو ما ميَّز الحادثة.

ما حدث هي حادثة نادرة على مجتمع متجانس ومتآلف، مؤمن إيمانًا راسخًا بأهمية اللحمة الوطنية، وعليه -وبالرغم من الأوقات العصيية والصعبة والمؤلمة لعُمان والعمانيين ومن يعيش في هذه الأرض الطيبة- إلا أنَّ هناك دروسا يُمكن الاستفادة منها في الحاضر والمُستقبل، فكما يُقال "رب ضارة نافعة"، فالخير قد يكمن في عمق الشر، ولابد من تحويل أي مصيبة إلى فرص مستقبلية.

الحادثة مؤلمة، وبالرغم من ذلك لابد من الوقوف عليها، وأنْ لا تمر هذه الحادثة الشنيعة مرور الكرام، خاصة وأنها استثنائية في بلد يوصف ببلد "صفر إرهاب"، فبالاضافة إلى معرفة حيثياتها ومسبباتها ومعرفة من يقف وراءها، لابد من التفكير في كيفية تفادي مثل هذه الحوادث في المستقبل.

ولا يكون ذلك من خلال تقييم جانب واحد، كمراجعة الهيكلة الأمنية فقط، بل يكون من خلال مراجعة المنظومة بشكل شمولي ومن كل جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والسلوكية وغيرها من جوانب.

ففي الجانب الاقتصادي على سبيل المثال، لابد من تقييم الوضع الاقتصادي، والفرص المُتاحة للشباب لمُمارسة التجارة، والفرص الوظيفية المتاحة، وإشراكهم في الفرص التدريبية، ومجالات تسهيل الإجراءات، وتطوير القوانين والتشريعات، وتنويع الفرص الاستثمارية داخل المحيط المحلي، وتطوير الدخول المالية الفردية، ومواكبة التطورات للبلدان المحيطة، وجعل السلطنة بلدًا تنافسيًّا بشكل متسارع، وتقييم غيرها من أفكار تخص الشأن الاقتصادي.

وقِسْ على ذلك تقييم بقية نواحي منظومة الدولة ومن جميع جوانبها المختلفة، واقتراح مبادرات فعَّالة تقلل من أخطار العنف والأفكار الضالة؛ فمسؤولية حماية البلد من الأفكار العنيفة هي ليست مسؤولية أمنية فقط، وإنما ترتبط ارتباطًا وثيقا -وبعلاقة طردية- مع بقية أطراف المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، ولا يمكن الاستخفاف بتأثير أي منها، وعلى جميع أجهزة الدولة تقييم الزاوية التي تخصها، ووضعها في الخطة الشاملة التنفيذية الوقائية لتفادي أو تقليل حوادث مؤلمة في المستقبل، وكلما كانت الوقاية مبكرة ومستشرفة للمستقبل، استطاعت البلاد تفادي العلاج المكلف والعواقب الأليمة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تقييم مؤشرات الإجادة المؤسسية

الإجادة المؤسسية تعنى بالكفاءة، والفاعلية، ومرونة العمليات بالمؤسسة الحكومية، وقابليتها للتطوير، ومدى تفاعلها مع المتغيرات التي تؤثر في بيئة العمل الداخلية والخارجية. تطبيق الإجادة المؤسسية على جميع الوحدات الحكومية وخاصة التي تقدم خدمات مباشرة لأفراد المجتمع - بلا شك - يعتبر تطورا في الرغبة الجادة نحو تجويد الأداء الحكومي الذي يغلب عليه، عادة، ضعف الإنتاجية مع تداخل الأدوار والاختصاصات. بيد أن تعميم المؤشرات - التي على أساسها تقاس الإجادة المؤسسية بشكل شمولي للوحدات الحكومية دون التمييز بين قطاعاتها النوعية، ومنها على سبيل المثال: التعليمية والطبية والاقتصادية والأمن الغذائي والاتصالات - قد يضعف من النتائج المرجوة منها مع صعوبة تحديد أثر التحسن أو التطور بشكل يلاحظه المواطن أو متلقي الخدمة.

صحيح أن القطاعات الحكومية قد تتشارك في ملاءمة تطبيقها لبعض من المؤشرات المتعلقة بالإجادة المؤسسية، ولكن أيضا قد تتقاطع معها؛ نظرا لأن خدماتها غير متجانسة. لهذا نجد قطاعات حكومية خاضعة للخدمة المدنية، وأخرى تتمتع بالاستقلال المالي والإداري.

كما أن من أسباب تأخر صدور قانون الوظيفة العامة مطالبة عدد من الوحدات الحكومية بعدم خضوعها للقانون؛ نظرا لأنها ترى أنه قد يتصادم مع رؤيتها في تجويد أعمالها. إضافة لذلك يلاحظ بأن بعضا من الوحدات تختلف في رواتبها وبدلاتها؛ بحجة أن لديها اختصاصات وأهدافا نوعية؛ فكيف اختلفت في سلم الرواتب، وتوافقت في مؤشرات تقييم الإجادة المؤسسية؟ كما أن بعضا من الوحدات الحكومية شغلها الشاغل هو الصعود في المؤشرات الدولية؛ لأن النمو في تلك المؤشرات يتصل بالجوانب التنموية والاقتصادية والمالية، وبالتالي يفترض أن يكون لها مؤشرات بالإجادة المؤسسية تساعدها في الوصول للمستهدفات المحددة في الخطط السنوية المنبثقة من الخطط أو المشاريع الاستراتيجية. كما أنه في تكريم الجهات المتميزة في الإجادة المؤسسية لعام (2024) كانت أغلب الجوائز من نصيب الوحدات الحكومية التي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري لا الوحدات الخاضعة للخدمة المدنية. هذا يدل على أنه كلما منحت الوحدة الحكومية مجالا أوسع من الاستقلالية المالية والإدارية ساعد ذلك في تجويد أدائها الحكومي.

لنأخذ أمثلة على المؤشرات النوعية بالقطاعات الحكومية التي ينبغي أن تكون حاضرة في تقييم الإجادة المؤسسية. في قطاع التعليم المدرسي تبنى المؤشرات على مقدرة الوزارة أو الوحدة الحكومية في تجويد خدماتها التعليمية للطلبة ورفع أدائهم التحصيلي والعلمي بشكل سنوي. كما أنه من الممكن أن تستحدث مؤشرات تتعلق بمدى التحسن في معدلات الرسوب حسب المراحل الدراسية، وخاصة دبلوم التعليم العام الذي يعتبر منعطفا مهما نحو استكمال الدراسة الجامعي؛ حيث شهدت نتائج العام الماضي تفاعلا من أغلب شرائح المجتمع والذين عبروا عن عدم رضاهم عن تلك النسب. أيضا قد يكون مناسبا وضع مؤشرات تقيس الطلبة الذين يلتحقون بالبرنامج الأكاديمي بالمؤسسات التعليمية، ونسبتهم من الذين يجتازون السنة التأسيسية بنجاح. هذا يعطي مؤشرا حول جودة وكفاءة مخرجات التعليم المدرسي.

أيضا هناك مؤشرات للإجادة المؤسسية تتعلق بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي؛ فهناك مؤسسات وجامعات حكومية أهدافها تعليمية وبحثية، وبالتالي من الممكن تقييمها على مدى مقدرتها في تحقيق تلك الأهداف. على سبيل المثال مؤشرات تتعلق بالخريجين وتحدد المدة الزمنية التي يقضيها الطالب حتى يستكمل البرنامج الأكاديمي. أيضا مؤشر أو معدل استبقاء الطلبة والذي يعتبر من المعدلات المهمة التي تقيس نسبة انتقال الطلبة من سنة إلى أخرى، ومعدل ترك الدراسة أو الانسحاب منها. بالنسبة للبحث العلمي؛ إيجاد مؤشر يقيس النشر العلمي والاقتباسات لأعضاء هيئة التدريس. هذه المؤشرات مهمة على المستوى المؤسسي، وأيضا تُقيم المؤسسات التعليمية أو الجامعية عند اعتماد برامجها الأكاديمية من المؤسسات والهيئات الوطنية والدولية. كما أن تلك المؤشرات تعكس كفاءة استخدام الموارد المالية المخصصة للمؤسسة التعليمية، ومن الدول من تستخدم تلك المؤشرات في تحديد الميزانية السنوية للمؤسسة التعليمية.

الجانب الآخر أن القطاعات الاقتصادية ينبغي أن تكون لها أيضا مؤشرات خاصة تقيس كفاءاتها، ومنها: التحكم في معدلات التضخم، وسهولة ممارسة الأعمال، ومؤشر التنويع الاقتصادي، ومؤشر الاستثمار الأجنبي، ومعدل الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. في الجانب الآخر هناك مؤشر تنافسية المحافظات الذي تشرف عليه وزارة الاقتصاد والذي دُشّن نهاية العام الماضي. هذا المؤشر يتسق مع ما أشرنا إليه من ضرورة بناء المؤشرات حسب اختصاصات وأهداف الوحدات الحكومية؛ نظرا لتجانس الخدمات التي تقدمها لأفراد المجتمع. هذا المؤشر موجه للمحافظات؛ لأنها تتشابه أيضا في هياكلها التنظيمية، ولكن تقييم المحافظات حسب مؤشرات الإجادة المؤسسية، وإيجاد مؤشر تنافسية المحافظات الذي يتكون من (61) مؤشرا فرعيا قد يشتت الجهود، ويعمل على تكرار وتداخل العمليات والخطط التنموية بالمحافظات.

بالنسبة لمسار حوكمة الإجادة المؤسسية؛ فالملاحظ أن وزارة العمل هي التي تضع المؤشرات، وهي التي تتابعها وتعمل على تقييم الجهات الحكومية، بينما ينبغي أن تكون هناك جهة محايدة تشرف على آلية اختيار مؤشرات الإجادة المؤسسية؛ لأن وزارة العمل جزء من المنظومة الحكومية التي تقدم خدمات حكومية مباشرة للمواطنين. وبالتالي قد يكون من المناسب أن تكون منظومة الإجادة المؤسسية تحت الإشراف والمتابعة من قبل وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان (2040)؛ كونها الوحدة المختصة بالجودة، وتبسيط الإجراءات، ومتابعة الخدمات التي تقدم للجمهور، ومتابعة تجويد العمل الحكومي ليكون ضمن معايير الجودة الشاملة مع تطبيق أفضل الممارسات الإدارية. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الهيكل التنظيمي لوحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان يتضمن مديرية عامة للجودة والتميز الحكومي.

أيضا يوجد نوع من عدم الدقة عند بناء مؤشرات الإيجاد المؤسسية من حيث إن تلك المؤشرات يجب أن تتجاوز آليات حل الشكاوى، والخدمات التي يستفيد منها المجتمع، وتأهيل قيادات الخط الثاني، ومؤشر التدريب والتأهيل، وعدد الخدمات التي تم تحسينها. وأيضا قياس مؤشر المحافظة على الكفاءات البشرية مع وضع علاقة بين مؤشر تخفيض معدل الاستقالات وبين نجاح منظومة الإجادة المؤسسية قد لا يكون مناسبا؛ لأن انخفاض الاستقالات بالوحدات الحكومية قد يكون سببه الأوضاع الاقتصادية للموظفين الذين يفضلون البقاء في وظائفهم، وأيضا قد يكون تخوف البعض منهم؛ لأن استحقاقات المعاشات حسب منظومة الحماية الاجتماعية لا تشجعهم على الاستقالة وخاصة للذين أكملوا أكثر من عشرين سنة في الخدمة عند صدور القانون.

عليه نقول إن المؤشرات السابقة هي من صميم اختصاصات وأهداف الوحدات الحكومية، وفي حال أن تلك الوحدات لم تستطع رفع مستوى الخدمات لتصل للمستويات المستهدفة؛ فهذا يعكس مستوى الأداء للمسؤولين بتلك الوحدات الحكومية. عليه فإن مؤشرات الإجادة المؤسسية أو التميز الحكومي من الأفضل أن تكون غير تقليدية تعمل على في الإسهام في تحسين جودة الحياة للمواطنين والمجتمع مع الكفاءة والفاعلية في أداء الوحدات الحكومية لاختصاصاتها الأساسية. أيضا العمل على استقطاب الكفاءات البشرية الشابة التي تستشرف المستقبل بتحقيق أعلى قيمة مضافة للموارد المالية.

لا شك أن مؤشرات الإجادة المؤسسية أحدثت أثرا في إعادة صياغة العمل الحكومي بالوحدات الخاضعة لتقييمها، ولكن ينبغي للإجادة المؤسسية أن تعمل على ابتكار مؤشرات مؤسسية مساندة لأهداف الوحدات الحكومية حسب نوعية تلك المهام التي تقوم بها؛ وذلك من أجل توحيد الجهود، وتقليل الازدواجية والتكرار في تقييم الأداء الحكومي بالوحدات الحكومية.

مقالات مشابهة

  • حادثة اعتداء على أب أمام طفليه داخل مرمراي تُشعل غضب الشارع التركي.. التفاصيل كاملة
  • حادثة غرق مأساوية في ساحل جولدمور بعدن: أربعة شبان من كريتر بين الضحايا
  • أخصائي يقدم نصائح لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة خلال الحج ..فيديو
  • مستشار السوداني: إعادة تقييم مجالس إدارات المصارف خطوة استراتيجية لدعم الاقتصاد الوطني
  • بعد أسبوع من حادثة مماثلة.. قتلى وجرحى جراء انفجار مخزن أسلحة للحوثيين شرق تعز
  • أمور لابد للحاج أن يفعلها قبل سفره لأداء الفريضة.. الإفتاء توضح
  • مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن حادثة سرقة ثمانية كيلو ذهب وتوقف المتهمين
  • وكيل وزارة الاقتصاد يطّلع على ما تمّ إنجازه في مشروع التجمع الاقتصادي لسلاسل التبريد بالدقم
  • تقييم مؤشرات الإجادة المؤسسية
  • خريجو «صنّاع المحتوى الاقتصادي»: شكراً أحمد بن محمد لدعمكم مسيرة التطوير