تحليل: هل تقوي الضربة الإسرائيلية على الحُديدة عزيمة أنصار الله؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
الحديدة «أ.ف.ب»: سيسهم الهجوم الأول المعلن لإسرائيل على جماعة أنصار الله اليمنيين الذين يتحدّون منذ أشهر ضربات تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا ضدّهم، في تقوية عزيمة هؤلاء، وفق محلّلين.
فالضربة التي وجّهتها إسرائيل السبت لمدينة الحديدة والتي قالت أنصار الله إنها أوقعت ستة قتلى وتسببت باندلاع حريق هائل، ستمنح أنصار الله «رصيدا سياسيا» وفق رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ومؤسسه المشارك، ماجد المذحجي.
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر، يفرض أنصار الله أنفسهم ركنا أساسيا في شبكة حلفاء إقليميين تمتد في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
وشنّ أنصار الله نحو 90 هجوما على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن اعتبارا من نوفمبر. والجمعة اخترقت مسيّرة مفخّخة الدفاعات الجوية الإسرائيلية وأدى انفجارها إلى سقوط قتيل في تل أبيب، ما استدعى الرد الإسرائيلي بضربة لميناء الحديدة.
بعد ساعات على الضربة التي استهدفت الحديدة خرج مئات اليمنيين إلى شوارع صنعاء الخاضعة لسيطرة أنصار الله، ملوّحين بالأعلام الفلسطينية وهاتفين «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل».
واعتبرت أفراح ناصر، المحلّلة في «المركز العربي واشنطن دي سي» أنه «بالنسبة لأنصار الله، تشكّل هذه الهجمات أداة دعائية مهمة. يمكن حشد مؤيديهم عبر تصوير أنفسهم مدافعين بوجه عدوان خارجي جديد».
وقالت ناصر «هذا الأمر يمكنه أن يشكل عامل جذب لمجنّدين جدد وأن يقوي قاعدتهم».
وصمد أنصار الله بالفعل أمام ضربات أمريكية وبريطانية متكرّرة ترمي إلى ردع هجماتهم على سفن الشحن، منذ يناير.
وقال جريجوري يونسن، المدير الشريك في معهد النزاعات المستقبلية التابع لكلية سلاح الجو الأمريكي إن «أكثر ما يريده» أنصار الله هو أن «يظهروا على أنهم يقاتلون التحالف الأمريكي-الصهيوني».
وجاء في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي للخبير في شؤون اليمن أن «هذا الأمر يساعدهم محليا من خلال تقاطع أهدافهم مع القضية الفلسطينية التي تحظى بمناصرة كبيرة في اليمن».
وقالت إليزابيث كيندال، خبيرة الشؤون اليمنية في جامعة كامبريدج إن «الحرب الأهلية الدولية الدائرة في اليمن منذ عقد تظهر أن الضربات العسكرية لا تردع القيادة الحوثية».
ميناء الحديدة الذي يعد نقطة دخول حيوية لواردات الوقود والمساعدات الدولية لمناطق يسيطر عليها أنصار الله في اليمن، بقي إلى حد كبير بمنأى من الحرب. وقال المحلّل السياسي أندرياس كريج، المحاضر في الدراسات الأمنية في كلية كينجز اللندنية، إن الضربة الإسرائيلية «لن تضعف على نحو كبير سلاسل إمداد أنصار الله» بالأسلحة.
وأضاف في تصريح لفرانس برس إن «مكوّنات الصواريخ يمكن تسليمها بطرق مختلفة ولا تتطلب منشآت مرفئية كبرى»، موضحا أن «إيران نوّعت على نحو كبير سلاسل الإمداد وستجد طرقا أخرى» لتسليم مكوّنات الأسلحة التي يمكن تجميعها محليا.
لكن الهجوم الإسرائيلي ستكون له تداعيات على أنصار الله، إذ يمكن أن يعوق واردات نفطية مستقبلية، وقد أثار بالفعل مخاوف من شح في الوقود في خضم أزمة مالية حادة.
الضربة التي دمّرت خزانات للنفط «ستؤدي إلى نقص حاد في الوقود في شمال اليمن، ما سيؤثر على خدمات أساسية على غرار المولدات العاملة بوقود الديزل والتي تمد مستشفيات» بالكهرباء، وفق محمد الباشا، محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي ومقرها الولايات المتحدة.
وقال الباشا لفرانس برس إن «الضرر اللاحق بمحطة الكهرباء في الحديدة وحرّ الصيف الشديد سيفاقمان على نحو كبير معاناة السكان»، مشيرا إلى أن «إعادة الإعمار ستكون مكلفة وستنطوي على تحديات». وقال نيكولاس برامفيلد، الخبير في شؤون اليمن إن الهجوم «ستكون له عواقب إنسانية وخيمة على ملايين اليمنيين العاديين الذين يعيشون في اليمن».
وأشار في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي إلى أن هذا الأمر «لن يرفع أسعار الوقود فحسب بل كل ما يُنقل بواسطة شاحنات».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أنصار الله فی الیمن
إقرأ أيضاً:
ضجيج كبير وردع قليل.. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟
تواصل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) تنفيذ ضرباتها الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية، في إطار معركة "إسناد غزة"، وهو ما يثير تساؤلات بشأن فشل تل أبيب في تحييد هذه الجبهة رغم ضرباتها المكثفة على اليمن.
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن إسرائيل باتت تعاني اختلالا في مفهوم الردع والدفاع، إذ اعتادت تاريخيا أن تكون ضرباتها أكثر ردعا وأثرا وأقل تكلفة، لكن بالأعوام الـ30 الأخيرة باتت تقوم بعملية ردع عبر الاحتلال.
ووفق حديث جبارين لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن إسرائيل تنفذ عمليات في اليمن ذات ضجيج إعلامي وبتكلفة كبيرة، لكن بأثر ردع قليل.
وبناء على ذلك، فإن إسرائيل عالقة بين البعد الإستراتيجي الاستخباراتي، وبين كل ما يريده وزيرا المالية والأمن القومي الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير للحفاظ على توليفة الحكومة.
وأمس الأحد، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية حيوية بصاروخ باليستي فرط صوتي وطائرات مسيّرة، مؤكدا أنهم يعملون على فرض حظر كامل على حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون بعد النجاح في فرض حظر جزئي.
المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية نوعية استهدفت مطار #اللد بمنطقة #يافا المحتلة، ونعمل على فرض حظر كامل للملاحة فيه#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/Vk8FqTvwZu
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 1, 2025
بدوره، يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور إن الحوثيين يرسلون رسالة مفادها بأنهم "يمتلكون القوة الكافية لتوجيه ضربات للاحتلال طالما استمر بارتكاب جرائم الإبادة في قطاع غزة".
إعلانواستبعد الخبير العسكري ما يدعيه الاحتلال بإسقاط الصواريخ اليمنية، مشيرا إلى تقدم الصناعات العسكرية للحوثيين، وأنها "ستثير رعبا، وستصل إلى مستوى إفشال قدرة الاحتلال في اعتراضها".
أما الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فأكد أن ضربات الحوثيين تعد إحدى المشكلات التي تواجهها إسرائيل في غزة، لكنها ليست الوحيدة.
وحسب مكي، فإن هذه الضربات "لا تسبب صدمة لإسرائيل في منظومة الردع فحسب، وإنما بقدرتها في التعامل مع المحيط الخارجي".
وأعرب عن قناعته بأن صواريخ اليمن "سببت أزمة لإسرائيل في نظرتها لنفسها كدولة متفوقة في المنطقة".
وبشأن تداعياتها، قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إن عمليات الحوثيين "تزيد تكاليف العدوان على غزة، وتجعل من الزمن عدوا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومخططه الكبير".
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الحوثيين أطلقوا 43 صاروخا باليستيا من اليمن على إسرائيل، إضافة إلى ما لا يقل عن 10 طائرات مسيرة، منذ استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي.
الجيش الإسرائيلي يصرح باعتراضه صاروخا أطلق من #اليمن، والشرطة الإسرائيلية تقول إنها تقوم بعمليات بحث ميدانية في أعقاب تفعيل صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب والوسط والقدس#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/ZZgzMO4pUn
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 1, 2025
فشل إسرائيليوأعرب عابد الثور عن قناعته بأن إسرائيل "فشلت في ضرباتها ضد منشآت مدنية واقتصادية وحيوية يمنية"، مؤكدا أن هذه الضربات تعد جريمة واضحة.
وأضاف "لو كانت إسرائيل قادرة على فرض حظر بحري وجوي على اليمن لنفذته منذ بداية طوفان الأقصى"، مشيرا إلى أن "الحوثيين يعلمون بنتائج إسناد غزة، وأصروا على ذلك للرد على المجازر".
وعلى مدار الأشهر الماضية، شنت إسرائيل غارات عدة على اليمن، إحداها في السادس من مايو/أيار الماضي، وألحقت أضرارا كبيرة بمطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة على البحر الأحمر.
إعلانوأطلق الحوثيون 17 صاروخا منذ الثاني من الشهر الماضي، أي بمعدل صاروخ كل يومين تقريبا، مما يعطل حركة الطيران ويحدث إرباكا مستمرا في الحركة الطبيعية للإسرائيليين.
من جانبه، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي أن ذهاب إسرائيل إلى تصعيد مع الحوثيين يعني تصعيدا مع إيران، "لذلك تبقى عالقة في جبهة اليمن، دون أي قدرة بسبب العمى الاستخباراتي وغياب الردع الحقيقي".
وجدد تأكيده على أن ضربات الحوثيين لديها تكلفة اقتصادية واجتماعية على إسرائيل.
إستراتيجية واشنطن
ويشأن الدور الأميركي، قال الخبير العسكري إن واشنطن خرجت عسكريا من البحر الأحمر، لكن إسنادها الاستخباراتي واللوجستي لا يزال مستمرا مع إسرائيل.
ولا يمكن للإستراتيجية الأميركية -وفق عابد الثور- أن تتخلى عن إسرائيل، التي "لا تتجاوز قدرتها الإستراتيجية العسكرية بما لا يتخطى فلسطين المحتلة بألف كيلومتر".
في المقابل، قال مكي إن الولايات المتحدة لم تبدِ أي رد فعل سياسي أو عسكري واضح باتجاه ضربات اليمن، مشددا على أن واشنطن يهمها وجود ضغوط على نتنياهو، و"ألا يشعر بالأمان المطلق".
ووفق مكي، فإن المفاوضات بين واشنطن وطهران لن تنعكس على ضربات الحوثيين باتجاه إسرائيل، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقتنع بعد ضربات واشنطن على اليمن بأنه "دخل مستنقعا ومغامرة خاسرة، مما سيعرضه لخسائر أخلاقية وعسكرية".